كِتَابُ أُمِّ الْقَوَاعِدِ وَمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقَائِدِ
الصالحين :: الفقه :: الفقه المالكي
صفحة 1 من اصل 1
كِتَابُ أُمِّ الْقَوَاعِدِ وَمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقَائِدِ
( كِتَابُ أُمِّ الْقَوَاعِدِ وَمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقَائِدِ )
ذَكَرَ النَّاظِمُ فِي هَذِهِ التَّرْجَمةِ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسِ، وَهِيَ: الشَّهَادَتَانِ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقَائِدِ، فَبَدَأَ بِذِكْرِ الْعَقَائِدِ وَبَرَاهِينهَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ
جمِيعَهَا مُنْدَرِجٌ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ؛
وَلَمَّا كَانَتْ بَقِيَّةُ الْقَوَاعِدِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا، وَلَا يَصِحُ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا بَعْدَ وُجُودِهَا كَمَا يَقُولُ بَعْدُ: (... وَهْيَ الشَّهَادَتَانِ شَرْطُ الْبَاقِيَاتْ سَمَّاهَا أُمَّ الْقَوَاعِدِ: أَيْ شَرْطًا شَرْعِيًّا لِصِحَّةِ بَقِيَّةِ الْقَوَاعِدِ، كَمَا أَنَّ وُجُودَ الْأُمِّ شَرْطٌ عَادِيٌّ فِي وجُودِ الْوَلَدِ .
ل؛
الصِّفَاتُ الْوَاجِبَةُ لِلَّهِ تَعَالَى
الصِّفَاتُ الْوَاجِبَةُ لِلَّهِ تَعَالَى
قَوْلُهُ:
(14) يَجِبُ لِلَّهِ الْوُجُودُ وَالْقِدَمَ كَذَا الْبَقَاءُ وَالْغِنَى الْمُطَلَقُ عَمْ
(15) وَخُلْفُهُ لِخَلْفِهِ بِلَا مِثَالُ وَوَحْدَةُ الذَّاتِ وَوَصْفِ وَالْفِعَالُ
(16) وَقدْرَةٌ إِرَادَةٌ عِلْمٌ حَيَاةً سَمْعٌ كَلَامٌ بَصَرُ ذِي وَاجِبَاتُ
لَمَّا ذَكَرَ النَّاظِمُ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِ الاِعْتِقَادِ أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى بِالصِّفَاتِ الَّتِي نَصَبَ الدَّلِيل عَلَيْهَا وَاجِبَةٌ، شَرَعَ هُنَا فِي ذِكْرِ تِلْكَ الصِّفَاتِ، وَقَسَّمَهَا كَغَيْرِهِ إِلَى ثَلَاثَةِأَقسام
(1) قسم وَاجِبٌ فِي حَقِّهِ تَعَالَى : بِمَعْنَى أَنَّ وَصْفَهُ تَعَالَى بِهِ وَاجِبٌ عَقْلاً لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ عَدَمُهُ، وَهِيَ التِي ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ الثَّلَاثَةِ.
(2) وَقِسم مُسْتَحِيلٌ عَلَيْهِ تَعَالَى : بِمَعْنَى أَنَّ وَصْفَهُ تَعَالَى بِهِ مُحَالٌ عَقلًا لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ وُجُودُهُ، وَهُوَ ضِدُّ الصِّفَاتِ الْوَاجِبَةِ، وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ: (وَيَسْتَحِيلُ ضِدُّ هَذِهِ الصَّفَات *...
الْأَبْيَاتِ الثَّلَاثَةَ أَيْضًا.
(3) وَقِسْمٌ جَائِزٌ فِي حَقِّهِ تَعَالَى: بِمَعْنَى أَنَّ وَصْفَهُ تَعَالَى بِهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مُسْتَحِيلٍ، بَلْ يُجوزُ الْعَقْلُ أَنْ يُوصَفَ بِهِ تَعَالَى وَأَنْ لَا يُوصَفَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (يَجُوزُ فِي حَقِّهِ فِعْلُ الْمُمْكِنَاتْ ....) البَيْتَ.
فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ الذِي تَعَرَّضَ لَهُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ صِفَةً:
الْأُولَى: (الْوُجُودُ): فَوَصْفُهُ تَعَالَى بِالْوُجُودِ وَاجِبٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ عَدَمُهُ؛ قَالَ فِي شَرْحِ الصُّغُرَى": وَفِي عَدْ الْوُجُودِ صِفَةً عَلَى مَذْهَبِ الْأَشْعَرِيِّ تَسَامُح، لِأَنَّهُ عِنْدَهُ: عَيْنُ الذَّاتِ لَيْسَ بِزَائِدِ عَلَيهَا، وَالذَّاتُ لَيْسَتْ بِصِفَةٍ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْوُجُودُ تُوصَفُ بِهِ الدَّاتُ فِي اللَّفْظِ فَيُقَالُ: ذَاتُ مَوْلَانَا مَوْجُودَةٌ، صَحْ أَنْ يُعَدَّ صِفَةً عَلَى الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ جَعَلَ الْوُجُودَ زَائِدًا عَلَى الذَّاتِ كَالْإِمَامِ الرَّازِي، فَعَدُّهُ مِنَ الصِّفَاتِ صَحِيحٌ لَا تَسَامُحَ فِيهِ.
الثَّانِيَةُ: (الْقِدَمُ): وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ سَلْبِ الْعَدَمِ السَّابِقِ عَلَى الْوُجُودِ؛
فَهُوَ تَعَالَى مَوْجُودٌ كَمَا مَرَّ، وَبَعْدَ اتصَافِهِ تَعَالَى بِالْوُجُودِ: وُجُودُهُ قَدِيمٌ:
أَي لم يَكُنْ مَعْدُومًا ثُمَّ وُجِدَ فَيَكُونُ وُجُودُهُ مَسْبُوفًا بِعَدَه، بَلْ لَمْ يَزَلْ تَعَالَى
مَوْجُودًا، هَذَا مَعْنَى الْقِدَمِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ؛
أَمَّا إِذَا أُطلِقَ فِي حَقِّ الْحَادِثِ كَقَوْلِنَا: هَذَا بِنَاءٌ قَدِيمٌ، فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ طول مدة
وُجُودِهِ وَإِنْ كَانَ حَادِثًا مَسْبُوفًا بِعَدَم.
الثَّالِثَةُ: (الْبَقَاءُ): وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ سَلْبِ الْعَدَمِ اللَّاحِقِ لِلْوُجُودِ؛
فَهُوَ تَعَالَى مَوْجُودٌ كَمَا تقدم وَلَا يَلْحَقُ وُجُودَهُ عَدَمٌ، بَلْ هُوَ تَعَالَى بَاقٍ لَا يَنْعَدمُ
الرَّابِعَةُ: (الْغِنَى الْمُطْلَقُ) وَهُوَ قِيَامُهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ، أَيْ بِذَاتِهِ: فَلَا يَفْتَقِرُ: لِشَيء مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَلَا لِمَحَلَّ، أَيْ ذَاتِ سِوَى ذَاتِهِ يُوجَدُ فِيهَا كَمَا تُوجَدُ الصِّفَةُ في الْمَوْصُوفِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِلصِّفَاتِ، وَهُوَ تَعَالَى ذَاتٌ مَوْصُوفٌ بِالصِّفَاتِ
(1) وَلَيْسَ هُوَ تَعَالَى بِصِفَةٍ كَمَا تَدْعِيهِ النَّصَارَى
(2) وَلَا يَفْتَفِرُ أَيْضًا تَعَالَى إِلَى مُخَصِّص أَيْ فَاعِلٍ يُخَصِّصُهُ بِالْوُجُودِ: لَا فِي ذَاتِهِ، وَلَا في صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، لِوُجُوبِ الْوُجُودِ وَالْقِدَمِ وَالْبَقَاءِ لِذَاتِهِ تَعَالَى وَالجَمِيعِ صِفَاتِهِ؛
وَإِنَّمَا يَحتَاجُ إِلَى الْمُخَصَّص مَنْ يَقْبَلُ الْعَدَمَ، وَمَوْلَانَا جَلّ وَعَزَّ لَا يَقْبَلُهُ،
أ) فَبِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إِلَى الْمَحَل أَيْ ذَاتٍ أُخْرَى لَزِمَ كَوْنُهُ تَعَالَى ذَاتَا لَا صِفَةٌ،
ب) وَبِعَدَمِ افْتِقَارِهِ تَعَالَى إِلَى الْمُخَصْصِ لَزِمَ أَنَّ ذَاتَهُ تَعَالَى لَيْسَتْ كَسَائِرِ الذَّوَاتِ الْمُفْتَفِرَةِ إِلَى الْفَاعِلِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى حَلَّ أَيْضًا؛
الْقِيَامُ بِالنَّفْسِ عِبَارَةٌ عَنِ الْغِنَى الْمُطْلَقِ) كَمَا عَبَرَ بِهِ النَّاظِمُ، وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ إِلَّا لِمَوْلَانَا جَلَّ وَعَزَّ قَالَ تَعَالَى: يَأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاهُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الحميد ) (فاطر (١٥)
و(عم) في آخر البيتِ الأَوَّلِ مُخَفَّفَ الميم لِلْوَزْنِ حَالٌ مُؤَكَّدَةٌ مِنَ الْغِنَى)، وَأَصْلُهُ: عَامَّا فَحُذِفَتْ أَلِفُهُ الْأُولَى كَمَا حُذِفَ مِنْ بَرُ) وَأَصْلُهُ: بَارٌ وَحُذِفَتِ الثَّانِيَةُ وَرْقِفَ عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ.
الْخَامِسَةُ : مُخَالَفَتُهُ تَعَالَى لِلْحَوَادِثِ: أَيْ لَا يُمَائِلُهُ تَعَالَى شَيْءٌ مِنْهَا: لَا فِي ذَاتِهِ تَعَالَ، وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ تصير ) الشورى ٢١)
الْسَادِسَةُ: (الْوَحْدَانِيَّةُ) أَيْ لَا ثَانِيَ لَهُ تَعَالَى فِي: ذَاتِهِ، وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَلَا فِي افَعاله
أ) فذاته تعالى واحدة اي لَيْسَتْ مُرَكَّبَةً مِنْ أَجْزَاء كَذَوَاتِنَا؛ وَبَعْدَ كَوْنِهَا غَيْرَ مركبة ليس ثم في الوُجُودِ ذَاتٌ أُخْرَى غَيْرَ مُرَكَّبَةٍ تُتماثلُ ذَاتَهُ تَعَالَى
ب) وَصِفَاتُهُ تَعَالَى وَاحِدَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى مَثَلًا: وَاحِدٌ، لَيْسَ لَهُ ثَانِ
يماثلُهُ: لا قَائِمًا بِذَاتِهِ تَعَالَى، وَلَا قَائِمًا بِذَاتِ أُخْرَى؛
ج) وَأَفْعَالُهُ تَعَالَى وَاحِدَةٌ بِمَعْنَى أَنْ لَيْسَ فِي الوُجُودِ مَنْ لَهُ تَأثير في شيئ من الْأَشْيَاءِ مِثْلُ مَا لِمَوْلَانَا جَلْ وَعَز.
السَّابِعَةُ( الْقُدْرَةُ): وَهِيَ صِفَةٌ يَتَأَنَّى بِهَا إِيجَادُ الْمُمْكِن وَإعْدَامُهُ عَلى وفق الْإِرَادَةِ أَي يَتَيَسِّرُ بِهَا إِخْرَاجُ كُلِّ مُمكِينِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، وَإِخْرَاجُهُ مِنَ الوُجُو إلَى الْعَدَمِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُمْكِنُ جِرْمًا أَوْ عَرَضًا، مُكْتَسَبَا لِلْحَيَوَانِ أَوْ غَيْرَ مُكتسب
الثَّامِنَةُ : (الْإِرَادَةُ): وَهِيَ صِفَةٌ بَتَأَنَّى بِهَا تَخصِيصُ الْمُمْكِينِ بِبَعْضٍ مَا يَجُوزُ عَليه وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُمْكِنَاتِ نِسْبَتُهَا إِلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى حَد سَوَاءٍ، فَلَوْ اختصت بِوُجُودِ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ لَزِمَ الْعَجْزُ، فَإِذَا لَا بُدَّ لِتَخْصِيصِ بَعْضِ الْمُمْكِتَاتِ بِالْوُقُوعِ دُونَ مُقَابِلِهِ مِنْ صِفَةٍ أُخْرَى، وَلَيْسَ إِلَّا صِفَةَ الْإِرَادَةِ
التَّاسِعَةُ (الْعِلْمُ): وَهُوَ صِفَةٌ يَنْكَشِفُ بِهَا الْمَعْلُومُ عَلَى مَا هُوَ بِهِ انكشَافا لا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ بِوَجْهِ مِنَ الْوُجُوهِ؛ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَاتِ": يَعْنِي بِالْمَعْلُومٍ كُلَّ ما يَصِحُ أَنْ يُعْلَمَ، وَهُوَ كُلُّ وَاجِبٍ وَكُلُّ مُسْتَجِيلٍ وَكُلُّ جَائِزه
وَمَعْنَى يَنْكَشِفُ: أَي يَتَّضِحُ ذَلِكَ المَعْلُومُ لِمَنْ قَامَتْ بِهِ تِلْكَ الصِّفَةُ وَيَتَمير عَنْ غَيْرِهِ اتَّضَاحًا لَا خَفَاءَ مَعَهُ؛ وَهَذَا تُخْرِجُ لِلظَّنْ، وَالشَّكُ، وَالْوَهْمِ، فَإِنَّ الاحْتِمَالَ
الْوَاقِعَ فِيهَا يَمْنَعُ مِنِ انْكِشَافِ ذَلِكَ الْمَظْلُونِ، وَالْمَشْكُوكِ، وَالْمَوْهُومِ، وَيُوجِبُ لَهُ خَفَّاءٌ قِفْ عَلَى تمام شَرْحِهِ هَذَا الْحَدْ فِي الْكَبِير".
الْعَاشِرَةُ (الْحَيَاةُ): وَهِيَ صِفَةٌ تُصَحُحُ لِمَنْ قَامَتْ بِهِ أَنْ يَتَّصِفَ بِالْإِدرَاكِ؛
بِمَعْنَى أَنَّهَا شَرْطَ عَقليٌّ لِلْإِدْرَاكِ، يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا عَدَمُ الْإِدْرَاكِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا وُجُودُ الْإِدْرَاكِ وَلَا عَدَمُهُ، بِدَلِيلِ النَّائِمِ مَثَلًا.
الْحَادِيةَ عَشَرَ وَالثَّانِيَةُ عَشَرَ (الشيعُ والبَصر) : قَالَ فِي الْمُقَدِّمَات". والشيع الأزل: صفَةٌ ينكشف بها كل موجود على ما هو به انكِشَانفا يُباينُ سَوَاه ضَرُورَةٌ وَالْبَصَرُ مِثْلُهُ، وَالْإِدْرَاكُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ مِثْلُهُما اه
فسمعة تعالى وبصره ليسا كسمعنا وبصرك اللذين لا يتعلقان الا ببعض الموجودات، فسمعُنَا إِنَّمَا يتعلق بالأصوات على وجه مخصوص منعدم البعد والسر جدا، وبصرنَا إِنَّمَا يتعلق بالأجسام والوانها وكونها في جهة خصوصية مخصوصةٍ ، وَأَمَّا سَمْعُ مَوْلَانَا جَلّ وَعَزَّ وبصرة فيتعلقان بكل موجود
(1) قديما كان أَوْ حَادِثًا،
ب) ذَاتَا كَانَ أَوْ صِفَةٌ وُجُودِيَّة،
ج) أَوْ أَلْوَانًا أَوْ أَكْوَانَا، أو غير ذلك
الثَّالِثَةَ عَشَرَةَ وَهِيَ فِي ترتيب النظم الثانية عشرة( الكلام): قَالَ فِي "المقدمات
وَالْكَلَامُ الْأَزليُّ هُوَ: الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالذَّاتِ المُعَبر عَنهُ بِالْعِبَارَاتِ الـمختلفات المباينُ لِجِنسِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ الْمُنَزَّهُ: عَنِ الْبَعْضِ وَالكُل.و القديم وَالتَّأْخِيرِ، وَالسُّكُوتِ، وَاللَّحْنِ وَالْإِعْرَابِ وَسَائِرِ أَنواع التَّغَرَاتِ الـمتعلف بما يتعلَّق بِهِ الْعِلْمُ مِنَ الْمُتَعَلَّقَاتِ، اهـ.
فكَلَامُهُ تَعَالَى لَيْسَ كَكَلَامِنَا فِي كَوْنِهِ: بِالْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَالسِّر و الجهر
والتقديم والتأخير، وَبِالْعَربية أو غيرها من سائر اللغات، بل هو تعالى موصوف بِالْكَلَامِ الْقَدِيمِ الَّذِي لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا بِصَوْتٍ، وَلَا يُوصَفُ بِسرُ وَلَا بجهر ولا بغير ذلِكَ مِنْ سَائِرٍ صِفَاتٍ كَلَامِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَيُعَبر عَنْ كَلَامِهِ تَعَالَى بِعِبَارت مختلفة كَالتَّوْرَاة وَالْإِنجِيلِ، وَالزَّبُور وَالْفُرْقَانِ
ولَيْسَتْ هَذِهِ عَيْنَ كَلَامِهِ تَعَالَى، لأَنَّهَا بِالحُرُوفِ وَالأَصْوَاتِ، وَإِنَّمَا هي دالة على كلام الله القديم، فأطلق عليها كلام الله من باب تسمية الدال باسم المدلول انظر بقية الكلام في "الكبير".
. (التنبيهات)
. الأول: تكلم الناظم في البيت الثالث من هَذِهِ الآيَاتِ عَلَى صِفَاتِ المعاني وهِيَ كُلُّ صِفَةٍ مَوْجُونَةٌ في نَفْسِهَا، وَلم يتكلم على الصفات المعنوية وهي كونه تَعَالَى: قَادِرًا، وَمُرِيدًا، وَعَالِمًا، وَحَيَّا، وَسَمِيعًا، وَبَصِيرًا، ومتكلما وذلك و الله اعْلَمُ بِنَاءً عَل مَذْهَب الإمام الأشعري مِنْ نَفْيِ الْحَالِ، وَأَنَّهُ لا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْوُجُودِ والعدم، فالدابتُ عِندَهُ مِنَ الصَّفَاتِ التي تَقُومُ بِالذَّاتِ إِنَّمَا هُوَ صِفَاتُ الْمَعَانِي، أَمَّا السنوية قيادة عن قيام تِلْكَ الصَّفَاتِ بِالدَّاتِ، لَا أَنَّ لَهَا ثُبُوتًا فِي الْخَارِجِ عَنِ الذِّهْنِ؛ وَأَمَّا عَل مَذهَبِ غَيْرِهِ مَنْ بَرَى ثبُوتَية الْأَحْوَالِ وَهِيَ صِفَاتٌ ثبوتِيَّةٌ لَيْسَت بموجب ولا معدومة تقوم لموجود فَتَكُونُ هَذِهِ الصَّفَاتُ الْمَعْنَوِيَّةُ صِفَاتِ ثَابِتَةً قائمة بذاته فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا؛
وَعَلَ كُلِّ فَصِفاتُ الْمَعَانِي أَصْل لِلصَّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّة؛ لأنَّ الإِتصَافَ بِالْمَعْنَوِيَّةِ فرع الاتصاف بالمعاني، أي باعتبار التعقل لا بِاعتِبَارِ التَّأَخْرِ فِي الزَّمَانِ فَاتصَافُ محل مِنَ الْمَحَالُ بِكَوْنِهِ قَادِرًا مَثَلًا فَرْع عنْ قِيَامِ الْقُدْرَةِ بِهِ وَكَذَا بِغَيْرِهِ.
وَصِفَاتُ الْمَعَانِي عِلَلٌ لِلصَّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ، وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّة نَاشِئةٌ عَنِ الْمَعَانِ فَالْمَعْنَوِيَّةُ آثَارٌ لَهَا فَتَكُونُ الْمَعْنَوِيَّةُ حَادِثَةٌ كَسَائِرِ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، بَلِ المرَادُ أَنَّ صِفَاتِ الْمَعَانِي مَلْزُومَةٌ لِلْمَعْنَوِيَّةِ، وَالْمَعْنَوِيَّةُ لَازِمَةٌ لها
* وَصِفَاتُ الْمَعَانِي مُخْتَلَفٌ فِيهَا:
1) نَفَاهَا الْمُعْتَزِلَةُ وَأَثْبَثُوا أَحْكَامَهَا: وَهِيَ الْمَعْنَوِيَّةَ وَقَالُوا: تَجبُّ لَهُ تَعَالَى لِذَاتِهِ، وَلَا تُعَلَّلُ بِصِفَاتِ الْمَعَانِي كَمَا هُوَ فِي الشَّاهِدِ؛
2) واثبتها أهل السنة
وَالْمَعْتَوِيَّةُ مُجْمَع عَلَيْهَا حَتَّى عِنْدَ مَنْ قَالَ بِنَفْيِ الْحَالِ كَمَا مَرَّه وَيَلْرَمُ مَنْ قَالَ بِنَفْيِ صِفَاتِ الْمَعَانِي نَفْيُ أَحْكَامِهَا، أَيْ لَازِمِهَا وَهِيَ الْمَعْتَوِيَّةُ
وَتَفَي الْمَعْتَوِيَّةِ كُفر.
فَإِنْ قُلْنَا: لَازِمُ الْقَوْلِ يُعَدُّ قَوْلًا كَفَّرْنَا مَنْ نَفَى الْمَعَانِي، وَإِلَّا فَلَا.
الثاني : صِفَاتُ الْمَعَانِي بِاعْتِيَارِ تَعَلَّقِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى قِسْمَيْنِ:
(1) قسم لا يَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ وَهُوَ الْحَيَاةُ، أَيْ لَا تَقْتَضِي زَائِدَا عَلَى الْقِيَامِ بِمَحَلها و انما هِيَ شَرْطٌ فِي الإِدرَاكِ كَمَا تَقَدَّمَ
(2) وَقِسمْ يَتَعَلَّقُ وَهُوَ سَائِرُهَا، وَالْمُتَعَلِّقُ مِنَ الصِّفَاتِ: هُوَ مَا يَقْتَضِي أَي يَطلُبُ لِذَاتِهِ زَائِدًا عَلَى الْقِيَامِ بِمَحَلِّهِ
فَالْقُدْرَةُ تَفْتَضِي زَائِدًا عَلَى الْقِيَامِ وَهُوَ الْمَقْدُورُ الَّذِي يَتَأَنَّى بِهَا إِيجَادُهُ وَإعْدَامُهُ
وَالْإِرَادَةُ تَفْتَضِي لِذَاتِهَا مُرَادًا يَتَخَصَّصُ بِهَا؛
وَالْعِلْمُ يَقْتَضِي مَعْلُومًا يَنْكَشِفُ بِالْعِلْمِ؛
وَالْكَلَامُ يَقْتَضِي مَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ؛
وَالسَّمْعُ يَقْتَضِي مَسْمُوعًا؛
وَالْبَصَرُ يَقْتَضِي مُبْصَرًا؛
فَمُتَعَلَّقُ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْمُمْكِنَاتُ دُونَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحِيلَاتِ؟
إِلَّا أَنَّ جِهَةَ تَعَلُّقِهِمَا بِالْمُمْكِنَاتِ مُخْتَلِفَةٌ:
(أ) فَالْقُدْرَةُ : صِفَةٌ تُؤَثر فِي إِيجَادِ الْمُمْكِينِ وَإِعْدَامِهِ؟
ب) وَالْإِرَادَةُ: صِفَةٌ تُوَتْرُ فِي اخْتِصَاصِ أَحَدٍ طَرَفِي الْمُمْكِينِ مِنْ وُجُودِ وَعَدَمٍ، أَوْ
طُولٍ أَوْ قِصَرٍ وَنَحْوِهَا بِالْوُقُوعِ بَدَلًا عَنْ مُقَابِلِهِ؛
وَمَعَ ذَلِكَ فَتَأْثِيرُ الْقُدْرَةِ فَرْعُ تَأثِيرِ الْإِرَادَةِ، إِذْ لَا يُوجِدُ تَعَالَى مِنَ الْمُمْكِنَاتِ أَوْ
يُعْدِمُ بِقُدْرَتِهِ إِلَّا مَا أَرَادَ سُبْحَانَهُ وُجُودَهُ أَوْ إِعْدَامَهُ؛
وَتَأْثِيرُ الْإِرَادَةِ عَلَى وَفْقِ الْعِلْمِ فَكُلُّ مَا عَلِمَ تَعَالَى أَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ أَوْ لَا يَكُونُ فَذَلِكَ مُرَادُهُ تَعَالَى؛
وَلَا تَتَعَلَّقُ الْقُدْرَةُ بِوَاجِبٍ أَوْ مُسْتَجِيل:
أ) لِأَنَّ تَعَلَّقَهُمَا بِالْوَاجِبِ:
1) إِنْ كَانَ لإِعْدَامِهِ فَعَدَمُهُ مُحال، إذِ الْفَرْضُ أَنَّهُ وَاجِبٌ لَا يَقْبَلُ الْعَدَمَ،
2) وَإِنْ كَانَ لِإِيجَادِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ ؛
ب) وَكَذَا تَعَلَّقُهُمَا بِالْمُسْتَحِيلِ :
(1) إِنْ كَانَ لِإِيجَادِهِ فَوُجُودُهُ مُحالٌ ،
2) وَإِنْ كَانَ لِإِعْدَامِهِ فَمِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ أَيْضًا؛
وَمُتَعَلَّقُ الْعِلْمِ كُل وَاجِبٍ وَجَائِز وَمُسْتَحِيلٍ، فَعِلْمُ اللهِ مُتعلق بِجَمِيعها،
. * وَكَذَا الْكَلَامُ الْأَزَليُّ مُتَعَلَّقَهُ: الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ بِمَعْنَى أَنَّهُ دَالٌ عَلَيْهَا كُلَّهَا وَمُتَعَلَّقَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ: الْمَوْجُودَاتُ كُلُّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ جَائِزَةٌ مَنَ مُعَلِّقِهِمَا وَمُتَعَلَّقِ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهِ؟ (أ) فَتَزيدُ الْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ: يَتَعَلَّقِهِمَا بِالْمَعْدُومِ وَالْمُمْكِنِ؛ ب) وَيَزِيدُ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ : بِتَعَلُّقِهِمَا بِالْمَوْجُودِ الْوَاجِبِ : كَذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ ج) وَيَشْتَرِكُ الْقِسْمَانِ فِي تَعَلُّقِهِمَا بِالْمَوْجُودِ الْمُمْكِن.
الثَّالِثُ: هَذِهِ الصِّفَاتُ التِي ذَكَرَهَا النَّاظِمُ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامِ
(الْقِسْمُ الْأَوَّلُ): يُسَمَّى صِفَةً نَفْسِيَّةٌ وَهِيَ الْوُجُودُ وَالصَّفَةُ النَّفْسِيةُ فِي الْحَالُ الْوَاجِبَةُ لِلذَّاتِ مَا دَامَتْ الذَّاتُ غَيْرَ مُعَلَّلَةٍ بِعِلَّةٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ قَدِيمَةً كَالْوُجُودِ لِمَوْلَانَا جَلَّ وَعَزَّ، أَوْ حَادِثَةٌ كَالتَّحَيْرُ لِلْجِرْمِ مَثَلَاءِ
وَقَوْلُهُمْ: غَيْرَ مُعَلَّلَةٍ بِعِلَّةٍ هُوَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْوَاجِبَةِ، وَاحْتَرَزُوا بِهِ مِنَ الصُّفَاتِ المَعْنوِيَّةِ لِأَنَّهَا مُعَلَّلَةٌ بِقِيَّامٍ صِفَاتِ الْمَعَانِي
(الْقِسْمُ الثَّانِي): يُسَمَّى صِفَاتِ السَّلُوبِ وَهِيَ خَمْسٌ :
1) الْقِدَمُ،
(2) وَالْبقَاء
3) وَالْقِيَامُ بِالنَّفْسِ،
(4) وَالْمُخَالَفَةُ لِلْحَوَادِثِ،
(5) وَالْوَحْدَانِيَّةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لان كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا سَلَبَتْ وَنَفَتْ عَنْهُ تَعَالَى أَمْرًا لَا يَلِيقُ بِهِ.
* (الْقِسْمُ الثَّالِثُ): يُسَمَّى صِفَاتِ الْمَعَانِي، وَهِيَ سَبْعُ:
1) الْقُدْرَةُ
2) وَالْإِرَادَةُ،
3) وَالْعِلْمُ
4) وَالْحَيَاةُ،
5) وَالسَّمْعُ
6) وَالْبَصَرُ ،
7) وَالْكَلَامُ؛
وَصِفَاتُ الْمَعَانِي هِي كُل صِفَةٍ مَوْجُودَةٍ فِي نَفْسِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ قَدِيمَةٌ كهذه
السَّبْعِ، أَوْ حَادِثَةٌ كَبَيَاضِ الْجِرْمِ وَسَوَادِهِ.
وَبَقِيَ عَلَى النَّاظِمِ مِنْ أَقْسَامِ صِفَاتِهِ تَعَالَى ثَلَاثَةٌ:
اَلْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْهَا الصِّفَاتُ الْمَعْنَوِيَّةُ اللَّازِمَةُ لِصِفَاتِ الْمَعَانِي، وَهِيَ كَوْنُهُ تَعَالَى: 1) قَادِرًا،
2) وَمُرِيدا
3) وَعَالِمًا،
4) وَحَيًّا
5) وَسَمِيعًا،
6) وَبَصِيرًا،
7)وَمُتَكَلِّمًا، كَمَا تَقَدَّمَ.
الثَّانِي: صِفَاتُ الْأَفْعَالِ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ صُدُورِ الْمُمْكِنَاتِ عَنِ الْقُدْرَةِ
وَالْإِرَادَةِ، وَهِيَ حَادِثَةٌ.
الثَّالِثُ : الصَّفَاتُ الْجَامِعَةُ لِسَائِرِ أَقْسَامِ الصِّفَاتِ:
1) كَالْأُلُوهِيَّةِ،
2)وَالْكِبْرِيَاءِ،
3) وَالْعَظَمَةِ.
قَوْلُهُ:
(14) يَجِبُ لِلَّهِ الْوُجُودُ وَالْقِدَمَ كَذَا الْبَقَاءُ وَالْغِنَى الْمُطَلَقُ عَمْ
(15) وَخُلْفُهُ لِخَلْفِهِ بِلَا مِثَالُ وَوَحْدَةُ الذَّاتِ وَوَصْفِ وَالْفِعَالُ
(16) وَقدْرَةٌ إِرَادَةٌ عِلْمٌ حَيَاةً سَمْعٌ كَلَامٌ بَصَرُ ذِي وَاجِبَاتُ
لَمَّا ذَكَرَ النَّاظِمُ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِ الاِعْتِقَادِ أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى بِالصِّفَاتِ الَّتِي نَصَبَ الدَّلِيل عَلَيْهَا وَاجِبَةٌ، شَرَعَ هُنَا فِي ذِكْرِ تِلْكَ الصِّفَاتِ، وَقَسَّمَهَا كَغَيْرِهِ إِلَى ثَلَاثَةِأَقسام
(1) قسم وَاجِبٌ فِي حَقِّهِ تَعَالَى : بِمَعْنَى أَنَّ وَصْفَهُ تَعَالَى بِهِ وَاجِبٌ عَقْلاً لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ عَدَمُهُ، وَهِيَ التِي ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ الثَّلَاثَةِ.
(2) وَقِسم مُسْتَحِيلٌ عَلَيْهِ تَعَالَى : بِمَعْنَى أَنَّ وَصْفَهُ تَعَالَى بِهِ مُحَالٌ عَقلًا لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ وُجُودُهُ، وَهُوَ ضِدُّ الصِّفَاتِ الْوَاجِبَةِ، وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ: (وَيَسْتَحِيلُ ضِدُّ هَذِهِ الصَّفَات *...
الْأَبْيَاتِ الثَّلَاثَةَ أَيْضًا.
(3) وَقِسْمٌ جَائِزٌ فِي حَقِّهِ تَعَالَى: بِمَعْنَى أَنَّ وَصْفَهُ تَعَالَى بِهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مُسْتَحِيلٍ، بَلْ يُجوزُ الْعَقْلُ أَنْ يُوصَفَ بِهِ تَعَالَى وَأَنْ لَا يُوصَفَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (يَجُوزُ فِي حَقِّهِ فِعْلُ الْمُمْكِنَاتْ ....) البَيْتَ.
فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ الذِي تَعَرَّضَ لَهُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ صِفَةً:
الْأُولَى: (الْوُجُودُ): فَوَصْفُهُ تَعَالَى بِالْوُجُودِ وَاجِبٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ عَدَمُهُ؛ قَالَ فِي شَرْحِ الصُّغُرَى": وَفِي عَدْ الْوُجُودِ صِفَةً عَلَى مَذْهَبِ الْأَشْعَرِيِّ تَسَامُح، لِأَنَّهُ عِنْدَهُ: عَيْنُ الذَّاتِ لَيْسَ بِزَائِدِ عَلَيهَا، وَالذَّاتُ لَيْسَتْ بِصِفَةٍ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْوُجُودُ تُوصَفُ بِهِ الدَّاتُ فِي اللَّفْظِ فَيُقَالُ: ذَاتُ مَوْلَانَا مَوْجُودَةٌ، صَحْ أَنْ يُعَدَّ صِفَةً عَلَى الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ جَعَلَ الْوُجُودَ زَائِدًا عَلَى الذَّاتِ كَالْإِمَامِ الرَّازِي، فَعَدُّهُ مِنَ الصِّفَاتِ صَحِيحٌ لَا تَسَامُحَ فِيهِ.
الثَّانِيَةُ: (الْقِدَمُ): وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ سَلْبِ الْعَدَمِ السَّابِقِ عَلَى الْوُجُودِ؛
فَهُوَ تَعَالَى مَوْجُودٌ كَمَا مَرَّ، وَبَعْدَ اتصَافِهِ تَعَالَى بِالْوُجُودِ: وُجُودُهُ قَدِيمٌ:
أَي لم يَكُنْ مَعْدُومًا ثُمَّ وُجِدَ فَيَكُونُ وُجُودُهُ مَسْبُوفًا بِعَدَه، بَلْ لَمْ يَزَلْ تَعَالَى
مَوْجُودًا، هَذَا مَعْنَى الْقِدَمِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ؛
أَمَّا إِذَا أُطلِقَ فِي حَقِّ الْحَادِثِ كَقَوْلِنَا: هَذَا بِنَاءٌ قَدِيمٌ، فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ طول مدة
وُجُودِهِ وَإِنْ كَانَ حَادِثًا مَسْبُوفًا بِعَدَم.
الثَّالِثَةُ: (الْبَقَاءُ): وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ سَلْبِ الْعَدَمِ اللَّاحِقِ لِلْوُجُودِ؛
فَهُوَ تَعَالَى مَوْجُودٌ كَمَا تقدم وَلَا يَلْحَقُ وُجُودَهُ عَدَمٌ، بَلْ هُوَ تَعَالَى بَاقٍ لَا يَنْعَدمُ
الرَّابِعَةُ: (الْغِنَى الْمُطْلَقُ) وَهُوَ قِيَامُهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ، أَيْ بِذَاتِهِ: فَلَا يَفْتَقِرُ: لِشَيء مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَلَا لِمَحَلَّ، أَيْ ذَاتِ سِوَى ذَاتِهِ يُوجَدُ فِيهَا كَمَا تُوجَدُ الصِّفَةُ في الْمَوْصُوفِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِلصِّفَاتِ، وَهُوَ تَعَالَى ذَاتٌ مَوْصُوفٌ بِالصِّفَاتِ
(1) وَلَيْسَ هُوَ تَعَالَى بِصِفَةٍ كَمَا تَدْعِيهِ النَّصَارَى
(2) وَلَا يَفْتَفِرُ أَيْضًا تَعَالَى إِلَى مُخَصِّص أَيْ فَاعِلٍ يُخَصِّصُهُ بِالْوُجُودِ: لَا فِي ذَاتِهِ، وَلَا في صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، لِوُجُوبِ الْوُجُودِ وَالْقِدَمِ وَالْبَقَاءِ لِذَاتِهِ تَعَالَى وَالجَمِيعِ صِفَاتِهِ؛
وَإِنَّمَا يَحتَاجُ إِلَى الْمُخَصَّص مَنْ يَقْبَلُ الْعَدَمَ، وَمَوْلَانَا جَلّ وَعَزَّ لَا يَقْبَلُهُ،
أ) فَبِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إِلَى الْمَحَل أَيْ ذَاتٍ أُخْرَى لَزِمَ كَوْنُهُ تَعَالَى ذَاتَا لَا صِفَةٌ،
ب) وَبِعَدَمِ افْتِقَارِهِ تَعَالَى إِلَى الْمُخَصْصِ لَزِمَ أَنَّ ذَاتَهُ تَعَالَى لَيْسَتْ كَسَائِرِ الذَّوَاتِ الْمُفْتَفِرَةِ إِلَى الْفَاعِلِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى حَلَّ أَيْضًا؛
الْقِيَامُ بِالنَّفْسِ عِبَارَةٌ عَنِ الْغِنَى الْمُطْلَقِ) كَمَا عَبَرَ بِهِ النَّاظِمُ، وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ إِلَّا لِمَوْلَانَا جَلَّ وَعَزَّ قَالَ تَعَالَى: يَأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاهُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الحميد ) (فاطر (١٥)
و(عم) في آخر البيتِ الأَوَّلِ مُخَفَّفَ الميم لِلْوَزْنِ حَالٌ مُؤَكَّدَةٌ مِنَ الْغِنَى)، وَأَصْلُهُ: عَامَّا فَحُذِفَتْ أَلِفُهُ الْأُولَى كَمَا حُذِفَ مِنْ بَرُ) وَأَصْلُهُ: بَارٌ وَحُذِفَتِ الثَّانِيَةُ وَرْقِفَ عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ.
الْخَامِسَةُ : مُخَالَفَتُهُ تَعَالَى لِلْحَوَادِثِ: أَيْ لَا يُمَائِلُهُ تَعَالَى شَيْءٌ مِنْهَا: لَا فِي ذَاتِهِ تَعَالَ، وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ تصير ) الشورى ٢١)
الْسَادِسَةُ: (الْوَحْدَانِيَّةُ) أَيْ لَا ثَانِيَ لَهُ تَعَالَى فِي: ذَاتِهِ، وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَلَا فِي افَعاله
أ) فذاته تعالى واحدة اي لَيْسَتْ مُرَكَّبَةً مِنْ أَجْزَاء كَذَوَاتِنَا؛ وَبَعْدَ كَوْنِهَا غَيْرَ مركبة ليس ثم في الوُجُودِ ذَاتٌ أُخْرَى غَيْرَ مُرَكَّبَةٍ تُتماثلُ ذَاتَهُ تَعَالَى
ب) وَصِفَاتُهُ تَعَالَى وَاحِدَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى مَثَلًا: وَاحِدٌ، لَيْسَ لَهُ ثَانِ
يماثلُهُ: لا قَائِمًا بِذَاتِهِ تَعَالَى، وَلَا قَائِمًا بِذَاتِ أُخْرَى؛
ج) وَأَفْعَالُهُ تَعَالَى وَاحِدَةٌ بِمَعْنَى أَنْ لَيْسَ فِي الوُجُودِ مَنْ لَهُ تَأثير في شيئ من الْأَشْيَاءِ مِثْلُ مَا لِمَوْلَانَا جَلْ وَعَز.
السَّابِعَةُ( الْقُدْرَةُ): وَهِيَ صِفَةٌ يَتَأَنَّى بِهَا إِيجَادُ الْمُمْكِن وَإعْدَامُهُ عَلى وفق الْإِرَادَةِ أَي يَتَيَسِّرُ بِهَا إِخْرَاجُ كُلِّ مُمكِينِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، وَإِخْرَاجُهُ مِنَ الوُجُو إلَى الْعَدَمِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُمْكِنُ جِرْمًا أَوْ عَرَضًا، مُكْتَسَبَا لِلْحَيَوَانِ أَوْ غَيْرَ مُكتسب
الثَّامِنَةُ : (الْإِرَادَةُ): وَهِيَ صِفَةٌ بَتَأَنَّى بِهَا تَخصِيصُ الْمُمْكِينِ بِبَعْضٍ مَا يَجُوزُ عَليه وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُمْكِنَاتِ نِسْبَتُهَا إِلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى حَد سَوَاءٍ، فَلَوْ اختصت بِوُجُودِ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ لَزِمَ الْعَجْزُ، فَإِذَا لَا بُدَّ لِتَخْصِيصِ بَعْضِ الْمُمْكِتَاتِ بِالْوُقُوعِ دُونَ مُقَابِلِهِ مِنْ صِفَةٍ أُخْرَى، وَلَيْسَ إِلَّا صِفَةَ الْإِرَادَةِ
التَّاسِعَةُ (الْعِلْمُ): وَهُوَ صِفَةٌ يَنْكَشِفُ بِهَا الْمَعْلُومُ عَلَى مَا هُوَ بِهِ انكشَافا لا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ بِوَجْهِ مِنَ الْوُجُوهِ؛ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَاتِ": يَعْنِي بِالْمَعْلُومٍ كُلَّ ما يَصِحُ أَنْ يُعْلَمَ، وَهُوَ كُلُّ وَاجِبٍ وَكُلُّ مُسْتَجِيلٍ وَكُلُّ جَائِزه
وَمَعْنَى يَنْكَشِفُ: أَي يَتَّضِحُ ذَلِكَ المَعْلُومُ لِمَنْ قَامَتْ بِهِ تِلْكَ الصِّفَةُ وَيَتَمير عَنْ غَيْرِهِ اتَّضَاحًا لَا خَفَاءَ مَعَهُ؛ وَهَذَا تُخْرِجُ لِلظَّنْ، وَالشَّكُ، وَالْوَهْمِ، فَإِنَّ الاحْتِمَالَ
الْوَاقِعَ فِيهَا يَمْنَعُ مِنِ انْكِشَافِ ذَلِكَ الْمَظْلُونِ، وَالْمَشْكُوكِ، وَالْمَوْهُومِ، وَيُوجِبُ لَهُ خَفَّاءٌ قِفْ عَلَى تمام شَرْحِهِ هَذَا الْحَدْ فِي الْكَبِير".
الْعَاشِرَةُ (الْحَيَاةُ): وَهِيَ صِفَةٌ تُصَحُحُ لِمَنْ قَامَتْ بِهِ أَنْ يَتَّصِفَ بِالْإِدرَاكِ؛
بِمَعْنَى أَنَّهَا شَرْطَ عَقليٌّ لِلْإِدْرَاكِ، يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا عَدَمُ الْإِدْرَاكِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا وُجُودُ الْإِدْرَاكِ وَلَا عَدَمُهُ، بِدَلِيلِ النَّائِمِ مَثَلًا.
الْحَادِيةَ عَشَرَ وَالثَّانِيَةُ عَشَرَ (الشيعُ والبَصر) : قَالَ فِي الْمُقَدِّمَات". والشيع الأزل: صفَةٌ ينكشف بها كل موجود على ما هو به انكِشَانفا يُباينُ سَوَاه ضَرُورَةٌ وَالْبَصَرُ مِثْلُهُ، وَالْإِدْرَاكُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ مِثْلُهُما اه
فسمعة تعالى وبصره ليسا كسمعنا وبصرك اللذين لا يتعلقان الا ببعض الموجودات، فسمعُنَا إِنَّمَا يتعلق بالأصوات على وجه مخصوص منعدم البعد والسر جدا، وبصرنَا إِنَّمَا يتعلق بالأجسام والوانها وكونها في جهة خصوصية مخصوصةٍ ، وَأَمَّا سَمْعُ مَوْلَانَا جَلّ وَعَزَّ وبصرة فيتعلقان بكل موجود
(1) قديما كان أَوْ حَادِثًا،
ب) ذَاتَا كَانَ أَوْ صِفَةٌ وُجُودِيَّة،
ج) أَوْ أَلْوَانًا أَوْ أَكْوَانَا، أو غير ذلك
الثَّالِثَةَ عَشَرَةَ وَهِيَ فِي ترتيب النظم الثانية عشرة( الكلام): قَالَ فِي "المقدمات
وَالْكَلَامُ الْأَزليُّ هُوَ: الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالذَّاتِ المُعَبر عَنهُ بِالْعِبَارَاتِ الـمختلفات المباينُ لِجِنسِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ الْمُنَزَّهُ: عَنِ الْبَعْضِ وَالكُل.و القديم وَالتَّأْخِيرِ، وَالسُّكُوتِ، وَاللَّحْنِ وَالْإِعْرَابِ وَسَائِرِ أَنواع التَّغَرَاتِ الـمتعلف بما يتعلَّق بِهِ الْعِلْمُ مِنَ الْمُتَعَلَّقَاتِ، اهـ.
فكَلَامُهُ تَعَالَى لَيْسَ كَكَلَامِنَا فِي كَوْنِهِ: بِالْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَالسِّر و الجهر
والتقديم والتأخير، وَبِالْعَربية أو غيرها من سائر اللغات، بل هو تعالى موصوف بِالْكَلَامِ الْقَدِيمِ الَّذِي لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا بِصَوْتٍ، وَلَا يُوصَفُ بِسرُ وَلَا بجهر ولا بغير ذلِكَ مِنْ سَائِرٍ صِفَاتٍ كَلَامِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَيُعَبر عَنْ كَلَامِهِ تَعَالَى بِعِبَارت مختلفة كَالتَّوْرَاة وَالْإِنجِيلِ، وَالزَّبُور وَالْفُرْقَانِ
ولَيْسَتْ هَذِهِ عَيْنَ كَلَامِهِ تَعَالَى، لأَنَّهَا بِالحُرُوفِ وَالأَصْوَاتِ، وَإِنَّمَا هي دالة على كلام الله القديم، فأطلق عليها كلام الله من باب تسمية الدال باسم المدلول انظر بقية الكلام في "الكبير".
. (التنبيهات)
. الأول: تكلم الناظم في البيت الثالث من هَذِهِ الآيَاتِ عَلَى صِفَاتِ المعاني وهِيَ كُلُّ صِفَةٍ مَوْجُونَةٌ في نَفْسِهَا، وَلم يتكلم على الصفات المعنوية وهي كونه تَعَالَى: قَادِرًا، وَمُرِيدًا، وَعَالِمًا، وَحَيَّا، وَسَمِيعًا، وَبَصِيرًا، ومتكلما وذلك و الله اعْلَمُ بِنَاءً عَل مَذْهَب الإمام الأشعري مِنْ نَفْيِ الْحَالِ، وَأَنَّهُ لا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْوُجُودِ والعدم، فالدابتُ عِندَهُ مِنَ الصَّفَاتِ التي تَقُومُ بِالذَّاتِ إِنَّمَا هُوَ صِفَاتُ الْمَعَانِي، أَمَّا السنوية قيادة عن قيام تِلْكَ الصَّفَاتِ بِالدَّاتِ، لَا أَنَّ لَهَا ثُبُوتًا فِي الْخَارِجِ عَنِ الذِّهْنِ؛ وَأَمَّا عَل مَذهَبِ غَيْرِهِ مَنْ بَرَى ثبُوتَية الْأَحْوَالِ وَهِيَ صِفَاتٌ ثبوتِيَّةٌ لَيْسَت بموجب ولا معدومة تقوم لموجود فَتَكُونُ هَذِهِ الصَّفَاتُ الْمَعْنَوِيَّةُ صِفَاتِ ثَابِتَةً قائمة بذاته فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا؛
وَعَلَ كُلِّ فَصِفاتُ الْمَعَانِي أَصْل لِلصَّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّة؛ لأنَّ الإِتصَافَ بِالْمَعْنَوِيَّةِ فرع الاتصاف بالمعاني، أي باعتبار التعقل لا بِاعتِبَارِ التَّأَخْرِ فِي الزَّمَانِ فَاتصَافُ محل مِنَ الْمَحَالُ بِكَوْنِهِ قَادِرًا مَثَلًا فَرْع عنْ قِيَامِ الْقُدْرَةِ بِهِ وَكَذَا بِغَيْرِهِ.
وَصِفَاتُ الْمَعَانِي عِلَلٌ لِلصَّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ، وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّة نَاشِئةٌ عَنِ الْمَعَانِ فَالْمَعْنَوِيَّةُ آثَارٌ لَهَا فَتَكُونُ الْمَعْنَوِيَّةُ حَادِثَةٌ كَسَائِرِ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، بَلِ المرَادُ أَنَّ صِفَاتِ الْمَعَانِي مَلْزُومَةٌ لِلْمَعْنَوِيَّةِ، وَالْمَعْنَوِيَّةُ لَازِمَةٌ لها
* وَصِفَاتُ الْمَعَانِي مُخْتَلَفٌ فِيهَا:
1) نَفَاهَا الْمُعْتَزِلَةُ وَأَثْبَثُوا أَحْكَامَهَا: وَهِيَ الْمَعْنَوِيَّةَ وَقَالُوا: تَجبُّ لَهُ تَعَالَى لِذَاتِهِ، وَلَا تُعَلَّلُ بِصِفَاتِ الْمَعَانِي كَمَا هُوَ فِي الشَّاهِدِ؛
2) واثبتها أهل السنة
وَالْمَعْتَوِيَّةُ مُجْمَع عَلَيْهَا حَتَّى عِنْدَ مَنْ قَالَ بِنَفْيِ الْحَالِ كَمَا مَرَّه وَيَلْرَمُ مَنْ قَالَ بِنَفْيِ صِفَاتِ الْمَعَانِي نَفْيُ أَحْكَامِهَا، أَيْ لَازِمِهَا وَهِيَ الْمَعْتَوِيَّةُ
وَتَفَي الْمَعْتَوِيَّةِ كُفر.
فَإِنْ قُلْنَا: لَازِمُ الْقَوْلِ يُعَدُّ قَوْلًا كَفَّرْنَا مَنْ نَفَى الْمَعَانِي، وَإِلَّا فَلَا.
الثاني : صِفَاتُ الْمَعَانِي بِاعْتِيَارِ تَعَلَّقِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى قِسْمَيْنِ:
(1) قسم لا يَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ وَهُوَ الْحَيَاةُ، أَيْ لَا تَقْتَضِي زَائِدَا عَلَى الْقِيَامِ بِمَحَلها و انما هِيَ شَرْطٌ فِي الإِدرَاكِ كَمَا تَقَدَّمَ
(2) وَقِسمْ يَتَعَلَّقُ وَهُوَ سَائِرُهَا، وَالْمُتَعَلِّقُ مِنَ الصِّفَاتِ: هُوَ مَا يَقْتَضِي أَي يَطلُبُ لِذَاتِهِ زَائِدًا عَلَى الْقِيَامِ بِمَحَلِّهِ
فَالْقُدْرَةُ تَفْتَضِي زَائِدًا عَلَى الْقِيَامِ وَهُوَ الْمَقْدُورُ الَّذِي يَتَأَنَّى بِهَا إِيجَادُهُ وَإعْدَامُهُ
وَالْإِرَادَةُ تَفْتَضِي لِذَاتِهَا مُرَادًا يَتَخَصَّصُ بِهَا؛
وَالْعِلْمُ يَقْتَضِي مَعْلُومًا يَنْكَشِفُ بِالْعِلْمِ؛
وَالْكَلَامُ يَقْتَضِي مَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ؛
وَالسَّمْعُ يَقْتَضِي مَسْمُوعًا؛
وَالْبَصَرُ يَقْتَضِي مُبْصَرًا؛
فَمُتَعَلَّقُ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْمُمْكِنَاتُ دُونَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحِيلَاتِ؟
إِلَّا أَنَّ جِهَةَ تَعَلُّقِهِمَا بِالْمُمْكِنَاتِ مُخْتَلِفَةٌ:
(أ) فَالْقُدْرَةُ : صِفَةٌ تُؤَثر فِي إِيجَادِ الْمُمْكِينِ وَإِعْدَامِهِ؟
ب) وَالْإِرَادَةُ: صِفَةٌ تُوَتْرُ فِي اخْتِصَاصِ أَحَدٍ طَرَفِي الْمُمْكِينِ مِنْ وُجُودِ وَعَدَمٍ، أَوْ
طُولٍ أَوْ قِصَرٍ وَنَحْوِهَا بِالْوُقُوعِ بَدَلًا عَنْ مُقَابِلِهِ؛
وَمَعَ ذَلِكَ فَتَأْثِيرُ الْقُدْرَةِ فَرْعُ تَأثِيرِ الْإِرَادَةِ، إِذْ لَا يُوجِدُ تَعَالَى مِنَ الْمُمْكِنَاتِ أَوْ
يُعْدِمُ بِقُدْرَتِهِ إِلَّا مَا أَرَادَ سُبْحَانَهُ وُجُودَهُ أَوْ إِعْدَامَهُ؛
وَتَأْثِيرُ الْإِرَادَةِ عَلَى وَفْقِ الْعِلْمِ فَكُلُّ مَا عَلِمَ تَعَالَى أَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ أَوْ لَا يَكُونُ فَذَلِكَ مُرَادُهُ تَعَالَى؛
وَلَا تَتَعَلَّقُ الْقُدْرَةُ بِوَاجِبٍ أَوْ مُسْتَجِيل:
أ) لِأَنَّ تَعَلَّقَهُمَا بِالْوَاجِبِ:
1) إِنْ كَانَ لإِعْدَامِهِ فَعَدَمُهُ مُحال، إذِ الْفَرْضُ أَنَّهُ وَاجِبٌ لَا يَقْبَلُ الْعَدَمَ،
2) وَإِنْ كَانَ لِإِيجَادِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ ؛
ب) وَكَذَا تَعَلَّقُهُمَا بِالْمُسْتَحِيلِ :
(1) إِنْ كَانَ لِإِيجَادِهِ فَوُجُودُهُ مُحالٌ ،
2) وَإِنْ كَانَ لِإِعْدَامِهِ فَمِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ أَيْضًا؛
وَمُتَعَلَّقُ الْعِلْمِ كُل وَاجِبٍ وَجَائِز وَمُسْتَحِيلٍ، فَعِلْمُ اللهِ مُتعلق بِجَمِيعها،
. * وَكَذَا الْكَلَامُ الْأَزَليُّ مُتَعَلَّقَهُ: الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ بِمَعْنَى أَنَّهُ دَالٌ عَلَيْهَا كُلَّهَا وَمُتَعَلَّقَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ: الْمَوْجُودَاتُ كُلُّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ جَائِزَةٌ مَنَ مُعَلِّقِهِمَا وَمُتَعَلَّقِ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهِ؟ (أ) فَتَزيدُ الْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ: يَتَعَلَّقِهِمَا بِالْمَعْدُومِ وَالْمُمْكِنِ؛ ب) وَيَزِيدُ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ : بِتَعَلُّقِهِمَا بِالْمَوْجُودِ الْوَاجِبِ : كَذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ ج) وَيَشْتَرِكُ الْقِسْمَانِ فِي تَعَلُّقِهِمَا بِالْمَوْجُودِ الْمُمْكِن.
الثَّالِثُ: هَذِهِ الصِّفَاتُ التِي ذَكَرَهَا النَّاظِمُ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامِ
(الْقِسْمُ الْأَوَّلُ): يُسَمَّى صِفَةً نَفْسِيَّةٌ وَهِيَ الْوُجُودُ وَالصَّفَةُ النَّفْسِيةُ فِي الْحَالُ الْوَاجِبَةُ لِلذَّاتِ مَا دَامَتْ الذَّاتُ غَيْرَ مُعَلَّلَةٍ بِعِلَّةٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ قَدِيمَةً كَالْوُجُودِ لِمَوْلَانَا جَلَّ وَعَزَّ، أَوْ حَادِثَةٌ كَالتَّحَيْرُ لِلْجِرْمِ مَثَلَاءِ
وَقَوْلُهُمْ: غَيْرَ مُعَلَّلَةٍ بِعِلَّةٍ هُوَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْوَاجِبَةِ، وَاحْتَرَزُوا بِهِ مِنَ الصُّفَاتِ المَعْنوِيَّةِ لِأَنَّهَا مُعَلَّلَةٌ بِقِيَّامٍ صِفَاتِ الْمَعَانِي
(الْقِسْمُ الثَّانِي): يُسَمَّى صِفَاتِ السَّلُوبِ وَهِيَ خَمْسٌ :
1) الْقِدَمُ،
(2) وَالْبقَاء
3) وَالْقِيَامُ بِالنَّفْسِ،
(4) وَالْمُخَالَفَةُ لِلْحَوَادِثِ،
(5) وَالْوَحْدَانِيَّةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لان كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا سَلَبَتْ وَنَفَتْ عَنْهُ تَعَالَى أَمْرًا لَا يَلِيقُ بِهِ.
* (الْقِسْمُ الثَّالِثُ): يُسَمَّى صِفَاتِ الْمَعَانِي، وَهِيَ سَبْعُ:
1) الْقُدْرَةُ
2) وَالْإِرَادَةُ،
3) وَالْعِلْمُ
4) وَالْحَيَاةُ،
5) وَالسَّمْعُ
6) وَالْبَصَرُ ،
7) وَالْكَلَامُ؛
وَصِفَاتُ الْمَعَانِي هِي كُل صِفَةٍ مَوْجُودَةٍ فِي نَفْسِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ قَدِيمَةٌ كهذه
السَّبْعِ، أَوْ حَادِثَةٌ كَبَيَاضِ الْجِرْمِ وَسَوَادِهِ.
وَبَقِيَ عَلَى النَّاظِمِ مِنْ أَقْسَامِ صِفَاتِهِ تَعَالَى ثَلَاثَةٌ:
اَلْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْهَا الصِّفَاتُ الْمَعْنَوِيَّةُ اللَّازِمَةُ لِصِفَاتِ الْمَعَانِي، وَهِيَ كَوْنُهُ تَعَالَى: 1) قَادِرًا،
2) وَمُرِيدا
3) وَعَالِمًا،
4) وَحَيًّا
5) وَسَمِيعًا،
6) وَبَصِيرًا،
7)وَمُتَكَلِّمًا، كَمَا تَقَدَّمَ.
الثَّانِي: صِفَاتُ الْأَفْعَالِ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ صُدُورِ الْمُمْكِنَاتِ عَنِ الْقُدْرَةِ
وَالْإِرَادَةِ، وَهِيَ حَادِثَةٌ.
الثَّالِثُ : الصَّفَاتُ الْجَامِعَةُ لِسَائِرِ أَقْسَامِ الصِّفَاتِ:
1) كَالْأُلُوهِيَّةِ،
2)وَالْكِبْرِيَاءِ،
3) وَالْعَظَمَةِ.
عدل سابقا من قبل خيرالدين في الثلاثاء نوفمبر 29, 2022 10:38 pm عدل 1 مرات
الصِّفَاتُ الْمُسْتَحِيلَةُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى
الصِّفَاتُ الْمُسْتَحِيلَةُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى
قَوْلُهُ:
(17) وَيَسْتَجِيلُ ضِدُّ هَذِهِ الصَّفَاتُ العَدَمُ الْحُدُوتُ ذَا للحَادِان
(18) كَذَا الْفنَا وَالِافْتِقَارُ عُدَّهُ وَأَنْ يُمَاثَلَ وَنَفْي الوحدة
(19) عَجْرٌ كَرَاهَةٌ وَجَهْلْ وَمَمَاتُ وَصَمَمُ وَبكُمُ عَمّى صمات
هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي:
وَهُوَ الذي يَسْتَحِيلَ وَصْفَهُ تَعَالَى بِهِ، وَذَلِكَ ثَلاثة عشر
أَيْضًا كَعَدَدِ الْوَاجِبَاتِ، لِأَنَّها أَضْدَادُهَا، وَرَتَّبَ رضي الله عنه هَذَا الْقِسْمَ عَلَى الْأَوَّلِ الواجب
1) فَ الْعَدَمُ : ضِدُّ الْوُجُودِ
2) وَالْحُدُوتُ: ضِدُّ الْقِدَمِ
3) وَالْفَنَاءُ: ضد البقاءِ
4) وَالافتِقَارُ: ضِدُّ الْغِنَى
5) وَالْمُمَاثَلَةُ لِلْحَوَادِثِ ضِد مُخَالَفَتِهِ لَها:
6) نفر الْوَحْدَةِ: ضِدُّ الْوَحْدَانِيَّةِ: في الذَّاتِ، وَالصِّفَاتِ، وَالْأَفْعَالِ، كَمَا مَرَّ؛
7) وَالْمَعْرُ ضِدُّ الْقُدْرَةِ؛
وَالْكَرَاهَةُ: ضِدُّ الْإِرَادَةِ وَذَلِكَ بِحَيْثُ يَفْعَلُ تَعَالَى فِعْلًا وَهُوَ كَارِها له أَي غَيْرُ مُرِيدٍ لَهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا إِيجَادُهُ تَعَالَى الْفِعْلَ مَعَ كَرَاهَتِهِ لَهُ أَيْ نهيه عنه فَجَائِز ؛
9) وَالْجَهْلُ: ضِدُّ الْعِلْمِ، وَيَدْخُلُ فِي الْجَهْلِ الظَّنُّ، وَالشَّكُ، وَالْوهم وَالنِّسْيانُ، وَالنَّوْمُ، وَكَوْنُ الْعِلْمِ نَظَرِيَّا، وَنَحْو ذَلِكَ، لِمُنَافَاتِهَا الْعِلْمَ كَمُنَافَاةِ الجهل و
10) وَالْمَمَاتُ: ضِدُّ الْحَيَاةِ؛
11) وَالصَّمَمُ: ضِدُّ السَّمْع؛
12) وَالْبكَم ضد الْكَلَامِ؛
13) وَالْعَمَى : ضِدُّ الْبَصَرِ.
قَوْلُهُ: (ذَا لِلْحَادِثَاتِ) الْإِشَارَةُ لِلْعَدَمِ وَالْحدُوثِ عَلَى مُرَاعَاةِ مَا ذُكِرَ. وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ إِنَّمَا يُوصَفُ بِهِمَا الْحَادِثُ لَا الْقَدِيمُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
قَوْلُهُ: (صُمَاتْ) لُغَةٌ فِي الصَّمْتِ، وَكَأَنَّهُ عَنَى:
أ) بِالْبَكَمِ عَدَمَ الْكَلَام أَمَا بِوُجُودٍ آفَةٍ تَنَعُ مِنْهُ،
ب) وَبِالصَّمْتِ كَوْنَهُ بِالْخُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ، لِأَنَّ المُتَكَلَّمَ بِالحروف وقتَ نُطْقِهِ بِحَرْفٍ صَامِتٌ عَنْ حَرْفٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْكَلَامِ فِي الجُمْلَةِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
فَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى الْأَمْرَانِ مَعًا:
(1) عَدَمُ الْكَلَامِ رَأْسًا،
2) وَكَوْنُ كَلَامِهِ: بِحَرْفٍ، أَوْ صَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ صِفَاتِ كَلَامِ الْمَخْلُوقَاتِ.
قَوْلُهُ:
(17) وَيَسْتَجِيلُ ضِدُّ هَذِهِ الصَّفَاتُ العَدَمُ الْحُدُوتُ ذَا للحَادِان
(18) كَذَا الْفنَا وَالِافْتِقَارُ عُدَّهُ وَأَنْ يُمَاثَلَ وَنَفْي الوحدة
(19) عَجْرٌ كَرَاهَةٌ وَجَهْلْ وَمَمَاتُ وَصَمَمُ وَبكُمُ عَمّى صمات
هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي:
وَهُوَ الذي يَسْتَحِيلَ وَصْفَهُ تَعَالَى بِهِ، وَذَلِكَ ثَلاثة عشر
أَيْضًا كَعَدَدِ الْوَاجِبَاتِ، لِأَنَّها أَضْدَادُهَا، وَرَتَّبَ رضي الله عنه هَذَا الْقِسْمَ عَلَى الْأَوَّلِ الواجب
1) فَ الْعَدَمُ : ضِدُّ الْوُجُودِ
2) وَالْحُدُوتُ: ضِدُّ الْقِدَمِ
3) وَالْفَنَاءُ: ضد البقاءِ
4) وَالافتِقَارُ: ضِدُّ الْغِنَى
5) وَالْمُمَاثَلَةُ لِلْحَوَادِثِ ضِد مُخَالَفَتِهِ لَها:
6) نفر الْوَحْدَةِ: ضِدُّ الْوَحْدَانِيَّةِ: في الذَّاتِ، وَالصِّفَاتِ، وَالْأَفْعَالِ، كَمَا مَرَّ؛
7) وَالْمَعْرُ ضِدُّ الْقُدْرَةِ؛
وَالْكَرَاهَةُ: ضِدُّ الْإِرَادَةِ وَذَلِكَ بِحَيْثُ يَفْعَلُ تَعَالَى فِعْلًا وَهُوَ كَارِها له أَي غَيْرُ مُرِيدٍ لَهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا إِيجَادُهُ تَعَالَى الْفِعْلَ مَعَ كَرَاهَتِهِ لَهُ أَيْ نهيه عنه فَجَائِز ؛
9) وَالْجَهْلُ: ضِدُّ الْعِلْمِ، وَيَدْخُلُ فِي الْجَهْلِ الظَّنُّ، وَالشَّكُ، وَالْوهم وَالنِّسْيانُ، وَالنَّوْمُ، وَكَوْنُ الْعِلْمِ نَظَرِيَّا، وَنَحْو ذَلِكَ، لِمُنَافَاتِهَا الْعِلْمَ كَمُنَافَاةِ الجهل و
10) وَالْمَمَاتُ: ضِدُّ الْحَيَاةِ؛
11) وَالصَّمَمُ: ضِدُّ السَّمْع؛
12) وَالْبكَم ضد الْكَلَامِ؛
13) وَالْعَمَى : ضِدُّ الْبَصَرِ.
قَوْلُهُ: (ذَا لِلْحَادِثَاتِ) الْإِشَارَةُ لِلْعَدَمِ وَالْحدُوثِ عَلَى مُرَاعَاةِ مَا ذُكِرَ. وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ إِنَّمَا يُوصَفُ بِهِمَا الْحَادِثُ لَا الْقَدِيمُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
قَوْلُهُ: (صُمَاتْ) لُغَةٌ فِي الصَّمْتِ، وَكَأَنَّهُ عَنَى:
أ) بِالْبَكَمِ عَدَمَ الْكَلَام أَمَا بِوُجُودٍ آفَةٍ تَنَعُ مِنْهُ،
ب) وَبِالصَّمْتِ كَوْنَهُ بِالْخُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ، لِأَنَّ المُتَكَلَّمَ بِالحروف وقتَ نُطْقِهِ بِحَرْفٍ صَامِتٌ عَنْ حَرْفٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْكَلَامِ فِي الجُمْلَةِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
فَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى الْأَمْرَانِ مَعًا:
(1) عَدَمُ الْكَلَامِ رَأْسًا،
2) وَكَوْنُ كَلَامِهِ: بِحَرْفٍ، أَوْ صَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ صِفَاتِ كَلَامِ الْمَخْلُوقَاتِ.
عدل سابقا من قبل خيرالدين في الثلاثاء نوفمبر 29, 2022 10:41 pm عدل 5 مرات
رد: كِتَابُ أُمِّ الْقَوَاعِدِ وَمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقَائِدِ
الصَّفَاتُ الْجَائِزَةُ فِي حَفْهِ تَعَالَى
قوله
(20) يجورُ فِي حَقهِ فِعْلُ الْمُمْكِنَاتُ**بِأَسْرِهَا وَتَرْكُهَا فِي الْعَدْعَاتُ
هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْجَائِزُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ ذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْقَائِمَةِ بِهَا، وَهُوَ فِعْلُ كُلِّ مُمكِنٍ أَوْ تَرْكُهُ فِي الْعَدَمِ فكُلُّ مُمكِن يَصِحُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ:
1) لا يجبُ عَلَيْهِ تَعَالَى فِعْلُهُ،
2) وَلَا يَسْتَحِيل عَلَيْهِ تَعَالَى تَرْكُهُ؛ بَلْ يَفْعَلُ مِنْهُ مَا أَرَادَ تَعَالَى، وَيَتْرُكُ مَا أَرَادَ سُبْحَانَهُ، وَذَلِكَ كَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ، وَالْإِمَاتةِ وَالْإِحْيَاءِ، وَبَعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَفِعْلِ الصَّلَاحِ وَالْأَصْلَحِ لِلْخَلْقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى بِصِفَاتِ الْأَفْعَالِ التِي هِيَ أَثَرُ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ كَمَا مَرَّ.
قوله
(20) يجورُ فِي حَقهِ فِعْلُ الْمُمْكِنَاتُ**بِأَسْرِهَا وَتَرْكُهَا فِي الْعَدْعَاتُ
هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْجَائِزُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ ذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْقَائِمَةِ بِهَا، وَهُوَ فِعْلُ كُلِّ مُمكِنٍ أَوْ تَرْكُهُ فِي الْعَدَمِ فكُلُّ مُمكِن يَصِحُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ:
1) لا يجبُ عَلَيْهِ تَعَالَى فِعْلُهُ،
2) وَلَا يَسْتَحِيل عَلَيْهِ تَعَالَى تَرْكُهُ؛ بَلْ يَفْعَلُ مِنْهُ مَا أَرَادَ تَعَالَى، وَيَتْرُكُ مَا أَرَادَ سُبْحَانَهُ، وَذَلِكَ كَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ، وَالْإِمَاتةِ وَالْإِحْيَاءِ، وَبَعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَفِعْلِ الصَّلَاحِ وَالْأَصْلَحِ لِلْخَلْقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى بِصِفَاتِ الْأَفْعَالِ التِي هِيَ أَثَرُ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ كَمَا مَرَّ.
رد: كِتَابُ أُمِّ الْقَوَاعِدِ وَمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقَائِدِ
(الْبَقَاءُ): وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ سَلْبِ الْعَدَمِ اللَّاحِقِ لِلْوُجُودِ؛
فَهُوَ تَعَالَى مَوْجُودٌ كَمَا تقدم وَلَا يَلْحَقُ وُجُودَهُ عَدَمٌ، بَلْ هُوَ تَعَالَى بَاقٍ لَا يَنْعَدمُ
ثمانية لا تفنى ولكنها قابلة للفناء بمشيئة الله
المخلدات أو المخلوقات التي لا تفنى بمشيئة الله طبعا, فهي
الإمام جلال الدين السيوطي
فقال
ثمانية حكم البقاء يعمها ** من الخلق والباقون في حيز العدم
هي العرش والكرسي نار وجنة ** وعجب وأرواح كذا اللوح والقلم
1ـ العرش لا يفنى لأن الله عز وجل مستو عليه إستواء يليق بجلاله، قال
تعالى :{الرّخمن على العرش استوى }
2_الكرسي فقد روى الحاكم في مستدركه من حديث ابن
عباس رضي الله عنهما قال : " الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر
قدره إلا الله تعالى"
قال الذهبي في التلخيص حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم و
قال الإمام ابن القيم في قصيدته
" الكافية الشافية في الإنتصار للفرقة الناجية
والعرش والكرسي لا يفنيهما *** أيضا وإنهما لمخلوقان
3+4_وأما الجنة والنار فيكفي في عدم فنائهما قول الإمام أبي جعفر
الوراق الطحاوي في كتابه المشهور
الذي يعتبر مرجع أهل السنة والجماعة في أمور العقيدة والمسمى
العقيدة الطحاوية "
فقال والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان ,وإن الله تعالى
خلق الجنة والنار قبل الخلق ,
وخلق لهما أهلا فمن شاء منهم إلى الجنة فضلا منه ,ومن شاء منهم إلى
النار عدلا منه
قال الإمام ابن القيم في نوننيته
وكل يعمل لما قد فرغ له وصائر إلى ما خلق له
5_وأما العجب فهو عجب الذنب أو عجب الظهر و قد قال فيه رسول الله
"ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عجب الذنب ومنه
يركب الخلق يوم القيامة " متفق عليه
وفي حديث آخر قال:"إن في الإنسان عظما لا تأكله الأرض أبدأ،
قالوا أي عظم هو؟ قال: عجب الذنب" رواه مسلم من حديث أبي هريرة
الله عنه
*****
وكذاك عجب الظهر لا يبلى بل منه تركب خلقة الانسان
:{كل من عليها فان}
وفي الحديث الشريف :{كل ابن آدم يفنى إلا عجب الذنب)
ولا تعارض بينهما لأن الحديث خاص والآية عامة، فيكون عجب الذنب
مستثنى من الفناء والعدم كما يستثنى عرش الرحمن والجنة والنار باتفاق
السلف وأهل السنة
6 _وأما الروح فقد روى الإمام مالك في الموطأ والنسائي ابن ماجة في
السنن والإمام أحمد
في مسنده كلهم من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول
الله" إنما نسمة المؤمن طير تعلق بشجر الجنة حتى يرجعه الله تبارك
وتعالى إلى جسده يوم يبعثه الله
ونسمة المؤمن روحه, قال الإمام ابن القيم في نوننيته :
وكذلك الأرواح لا تبلى كما *** تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان
فالشأن للأرواح بعد فراقها *** أبدانها والله أعظم شأن
إما عذاب او نعيم دائم*** قد نعمت بالروح والريحان
8+7_و أما اللوح والقلم فقد روى البخاري في صحيحه من حديث عمران
بن حصين الطويل وفيه
أن النبي قال: "كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء،
وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض"
قال الحافظ ابن حجر أن المراد بالذكر هنا: هو اللوح المحفوظ,
و ذكر الإمام السيوطي في " الدر المنثور " من حديث ابن عباس رضي الله
عنهما أنه قال:
" خلق الله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عام فقال للقلم قبل أن يخلق
الخلق:
اكتب علمي في خلقي، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ".
قال الإمام ابن القيم في نونيته :
وكتابة القلم الشريف تعقبت *** ایجاده من غير فصل زمان
لقا براه الله قال أكتب كذا *** فغدا بأمر الله ذا جريان
فجرى بما هو كائن أبدا الى*** يوم الميعاد بقدرة الرحمن
قال تعالى : إنك ميت وإنهم ميثون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم
تختصمون
فكل شيء يفنى ممن أوجب الله علية الفناء إلا الأشياء التي كتب الله لها
البقاء
والله تعالى أعلم
فَهُوَ تَعَالَى مَوْجُودٌ كَمَا تقدم وَلَا يَلْحَقُ وُجُودَهُ عَدَمٌ، بَلْ هُوَ تَعَالَى بَاقٍ لَا يَنْعَدمُ
ثمانية لا تفنى ولكنها قابلة للفناء بمشيئة الله
المخلدات أو المخلوقات التي لا تفنى بمشيئة الله طبعا, فهي
الإمام جلال الدين السيوطي
فقال
ثمانية حكم البقاء يعمها ** من الخلق والباقون في حيز العدم
هي العرش والكرسي نار وجنة ** وعجب وأرواح كذا اللوح والقلم
1ـ العرش لا يفنى لأن الله عز وجل مستو عليه إستواء يليق بجلاله، قال
تعالى :{الرّخمن على العرش استوى }
2_الكرسي فقد روى الحاكم في مستدركه من حديث ابن
عباس رضي الله عنهما قال : " الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر
قدره إلا الله تعالى"
قال الذهبي في التلخيص حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم و
قال الإمام ابن القيم في قصيدته
" الكافية الشافية في الإنتصار للفرقة الناجية
والعرش والكرسي لا يفنيهما *** أيضا وإنهما لمخلوقان
3+4_وأما الجنة والنار فيكفي في عدم فنائهما قول الإمام أبي جعفر
الوراق الطحاوي في كتابه المشهور
الذي يعتبر مرجع أهل السنة والجماعة في أمور العقيدة والمسمى
العقيدة الطحاوية "
فقال والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان ,وإن الله تعالى
خلق الجنة والنار قبل الخلق ,
وخلق لهما أهلا فمن شاء منهم إلى الجنة فضلا منه ,ومن شاء منهم إلى
النار عدلا منه
قال الإمام ابن القيم في نوننيته
وكل يعمل لما قد فرغ له وصائر إلى ما خلق له
5_وأما العجب فهو عجب الذنب أو عجب الظهر و قد قال فيه رسول الله
"ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عجب الذنب ومنه
يركب الخلق يوم القيامة " متفق عليه
وفي حديث آخر قال:"إن في الإنسان عظما لا تأكله الأرض أبدأ،
قالوا أي عظم هو؟ قال: عجب الذنب" رواه مسلم من حديث أبي هريرة
الله عنه
*****
وكذاك عجب الظهر لا يبلى بل منه تركب خلقة الانسان
:{كل من عليها فان}
وفي الحديث الشريف :{كل ابن آدم يفنى إلا عجب الذنب)
ولا تعارض بينهما لأن الحديث خاص والآية عامة، فيكون عجب الذنب
مستثنى من الفناء والعدم كما يستثنى عرش الرحمن والجنة والنار باتفاق
السلف وأهل السنة
6 _وأما الروح فقد روى الإمام مالك في الموطأ والنسائي ابن ماجة في
السنن والإمام أحمد
في مسنده كلهم من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول
الله" إنما نسمة المؤمن طير تعلق بشجر الجنة حتى يرجعه الله تبارك
وتعالى إلى جسده يوم يبعثه الله
ونسمة المؤمن روحه, قال الإمام ابن القيم في نوننيته :
وكذلك الأرواح لا تبلى كما *** تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان
فالشأن للأرواح بعد فراقها *** أبدانها والله أعظم شأن
إما عذاب او نعيم دائم*** قد نعمت بالروح والريحان
8+7_و أما اللوح والقلم فقد روى البخاري في صحيحه من حديث عمران
بن حصين الطويل وفيه
أن النبي قال: "كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء،
وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض"
قال الحافظ ابن حجر أن المراد بالذكر هنا: هو اللوح المحفوظ,
و ذكر الإمام السيوطي في " الدر المنثور " من حديث ابن عباس رضي الله
عنهما أنه قال:
" خلق الله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عام فقال للقلم قبل أن يخلق
الخلق:
اكتب علمي في خلقي، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ".
قال الإمام ابن القيم في نونيته :
وكتابة القلم الشريف تعقبت *** ایجاده من غير فصل زمان
لقا براه الله قال أكتب كذا *** فغدا بأمر الله ذا جريان
فجرى بما هو كائن أبدا الى*** يوم الميعاد بقدرة الرحمن
قال تعالى : إنك ميت وإنهم ميثون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم
تختصمون
فكل شيء يفنى ممن أوجب الله علية الفناء إلا الأشياء التي كتب الله لها
البقاء
والله تعالى أعلم
الصالحين :: الفقه :: الفقه المالكي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى