سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس..
لا يزال هذا المتهوك المهدار يبث جهالاته في كلماته الشهرية...وينشر غسيله المفضوح بين المفتونين ببهريج ترهاته...بل ولا يرعوي عن الافتراء جهارا نهارا على سادته الأشاعرة؟!...وسنبين للقارىء الباحث عن الحق عبر هذه السلسلة مدى مصداقية هذا المبتلى مع دعاويه العريضة بالتحلي بالنزاهة العلمية في كلماته وبحوثه...
قال الدكتور الوهابي فركوس في صدد الرد على منتقديه بعد الضجة الأخيرة (المفتعلة!) إثر كلمته الشهرية التي طعن فيها في عقيدة السواد الأعظم من أمة التوحيد المرحومة، ما نصه: ((وكذا غيرُه مِنْ فطاحلِ #علماء_الكلام، شَهِدوا على أَنفُسِهم #بالتِّيه_والحيرة_والشَّكِّ؛ حتَّى #رجع_أكثرُهم_إلى_مذهب_السَّلف: كالجُوَيْنيِّ والرازيِّ #والغزَّاليِّ، #وغيرهم_كثير. قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية كما في «مجموع الفتاوى» (٤/ ٧٣): «وهذا #أبو_حامدٍ_الغزَّاليُّ ـ مع فرط ذكائه وتألُّهِه، ومعرفتِه بالكلام والفلسفة، وسلوكِه طريقَ الزُّهد والرِّياضة والتَّصوُّف ـ ينتهي في هذه المسائلِ إلى الوقف والحيرة، ويُحيلُ ـ في آخِرِ أمره ـ على طريقة أهل الكشف، وإِنْ كان ـ بعد ذلك ـ #رجع إلى_طريقة_أهل_الحديث، #وصنَّف: «#إلجام_العوامِّ_عن_علم_الكلام»))(1)؟!...
وطبعا مقصود هذا الدكتور الوهابي برجوع الإمام حجة الإسلام الغزالي إلى عقيدة (السلف!) رجوعه رحمه الله تعالى من عقيدة السادة الأشاعرة في التنزيه إلى عقيدة سلف ابن تيمية والوهابية في (التشبيه!)؟!...فعقيدتهم أن: الاستواء في حقه تعالى هو: (الجلوس!) و(الاستقرار!) و(القعود!) على العرش؟!...والنزول: هو (الحركة!) و(النقلة!)؟!...واليد والساق والوجه...الخ : عبارة عن (أعضاء!) و(أدوات!) و(أركان!) و(جوارح!)؟!...وأن الله فوق العالم فوقية (مسافة!) و(مكان!) و(جهة!)؟!...وأنه تعالى (جسم!) له (حجم!) و(مساحة!) و(أبعاد!)...الخ عقائدهم (#الوثنية)؟!...
والآن تأمل يا عبد الله ماذا يقرر حجة الإسلام في آخر كتبه "إلجام العوام عن علم الكلام" والذي يدعي من خلاله هذا الدكتور الوهابي بأن الرجل أقلع عن عقيدة التنزيه ولحق بالعقيدة التيمية في (التجسيم!) و(التشبيه!)؟!...بل ويتبجح حضرة الدكتور في هذا الصدد بتعزيز كذبه المفضوح على حجة الإسلام الغزالي بنقل كلام المشيخ على الإسلام -زورا وبهتانا!- ابن تيمية الحراني في ثقة (عمياء!) مطبلا ومسلما؟!...عوض التأكد والتثبت والتحري بنفسه وفق ما تقتضيه المنهجية العلمية؟!...خاصة وأن كتاب "الإلجام" للإمام الغزالي مطبوع ومتوفر وفي متناول الأيدي؟!...وكأن كلام الحراني كالقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟!...ولا أدري ما وجه هذا الخضوع المقيت لافتراءات خصوم السادة الأشاعرة عليهم من قبل دكتور يدعي البحث والتحري اللهم إلا ولوعه بالكذب على من بزوا سلفه (المجسمة!) بالحجة والبيان قبل السيف والسنان؟!...و"كيف تؤخذ حقيقة قوم من كتب خصومهم"؟! كما يقول الشيخ ابن باديس الذي يتمسح بمنهجه هذا الدكتور الوهابي؟!...
قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي الطوسي في مستهل آخر كتبه "الإلجام" مُوَضِّحًا الْحَدَّ الْتَّعْرِيفِي لِلْجِسْم: ((وَالْجِسْمُ: عِبَارَةٌ عَنْ مُقَدَّرٍ لَهُ طُوْلٌ وَعَرْضٌ وَعُمْقٌ، يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ أَنْ يُوْجَدَ بِحَيْثُ هُوَ إِلَّا أَنْ يَتَنَحَّى عَنْ ذَلِكَ الْـمَكَانِ))(2)...
وَقَالَ مُؤَكِّداً نَفْيَ الْجِسْمِيَّة عَنْ رَبِّهِ: ((أَمَّا الْتَّقْدِيسُ فَأَعْنِي بِهِ: #تَنْزِيْهَ_الْرَّبِّ_تَعَالَى_عَنِ_الْـجِسْمِيَّةِ_وَتَوَابِعِهَا))(3)...
وَقَالَ فِي نَفْيِ الْنُّقْلَة عَنْهُ جَلَّ وَعَزَّ: ((فَلْيَتَحَقَّقِ الْـمُؤْمِنُ: أَنَّ الْنُّزُولَ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى لَيْسَ بِالْـمَعْنَى الْأَوَّلِ؛ وَهُوَ انْتِقَالُ شَخْصٍ وَجَسَدٍ #مِنْ_عُلُوٍّ_إِلَى_سُفْلٍ؛ فَإِنَّ الْشَّخْصَ وَالْجَسَدَ لِلْأَجْسَامِ، #وَالْرَّبُّ_تَعَالَى_لَيْسَ_بِجِسْمٍ))(4)...
وَقَالَ فِي مِسْأَلَةِ الفَوْقِيَّةِ: ((إِذَا سَمِعَ لَفْظَ "الْفَوْقِ" فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}[الْأَنْعَام:18]، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِم}[النَّخل:50]، فَلْيعْلَم أَنَّ "الْفَوْقَ" اسْمٌ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ لِـمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: نِسْبَةُ جِسْمٍ إِلَى جِسْمٍ؛ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى وَالْآخَرُ أَسْفَلَ؛ يَعْنِي: أَنَّ الْأَعْلَى مِنْ جَانِبَ رَأْسِ الْأَسْفَلِ.
وَقَدْ يُطْلَقُ لَا لِهَذَا الْـمَعْنَى، فَيُقَالُ: الْخَلِيْفَةُ فَوْقَ الْسُّلْطَانِ، وَالْسُّلْطَانُ فَوْقَ الْوَزِيْرِ؛ كَمَا يُقَالُ: دَخَلَ فُلَانٌ عَلَى الْأَمِيْرِ، وَجَلَسَ فَوْقَ فُلَانٍ، وَكَمَا يُقَالُ: الْعِلْمُ فَوْقَ الْعَمَلِ، وَالْصِّيَاغَةُ فَوْقَ الْدّبَاغَةِ.
وَالْأَوَّلُ: #يَسْتَدْعِي_جِسْمًا_حَتَّى_يُنْسَبَ_إِلَى_جِسْمٍ، وَالْثَّانِي: لَا يَسْتَدْعِيْهِ.
فَلْيَعْتَقِدِ الْـمُؤْمِنُ قَطْعًا: أَنَّ #الْأَوَّلَ_غَيْرُ_مُرَادٍ، وَأَنَّهُ عَلَى اللهِ تَعَالَى مُحَالٌ؛ #فَإِنَّهُ_مِنْ_لَوَازِمِ_الْأَجْسَامِ، أَوْ #لَوَازِمِ_أَعْرَاضِ_الْأَجْسَامِ...))(5)...
وَقَالَ فِي "الاِسْتِوَاء": ((وَقَدْ صَدَقَ [تَعَالَى] حَيْثُ قَالَ: {الرَّحْمَـٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ}[طه:5]، وَنَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ #مَا_أَرَادَ_الْـجُلُوسَ_وَالاِسْتِقْرَارَ الَّذِي هُوَ #صِفَةُ_الْأَجْسَامِ))(6)...
وَقَالَ: ((مَنْ عَبَدَ جِسْمًا فَقَدْ #عَبَدَ_صَنَمًا؛ سَوَاءٌ كَانَ الْجِسْمُ صَغِيْراً أَوْ كَبِيْراً، قَبِيْحًا أَوْ جَمِيْلًا، سَافِلًا أَوْ عَالِيًا، عَلَى الْأَرْضِ أَوْ #عَلَى_الْعَرْشِ))(7)...
وَقَالَ مُوَضِّحًا حُكْم مَنْ يَلْتَزِمُ بِلَوَازِمِ الْجِسْمِيَّةِ الْبَيِّنَة: ((فَإِنْ خَطَرَ بِبَالِهِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى جِسْمٌ مُرَكَّبٌ مِنْ أَعْضَاءٍ فَهُوَ عَابِدُ صَنَمٍ؛ فَإِنَّ كُلَّ جِسْمٍ مَخْلُوقٌ، وَعِبَادَةُ الْـمَخْلُوقِ كُفْرٌ، وَعِبَادَةُ الْصَّنَمِ إِنَّمَا كَانَتْ كُفْراً لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَإِنَّمَا كَانَ مَخْلُوقًا لِأَنَّهُ جِسْمٌ؛ #فَمَنْ_عَبَدَ_جِسْمًا_فَهُوَ_كَافِرٌ_بِإِجْمَاعِ_الْأُمَّةِ؛ الْسَّلَفِ مِنْهُم وَالْخَلَفِ.
سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْجِسْمُ كَثِيْفًا كَالْجِبَالِ الْصُّمِّ الْصِّلَابِ، أَوْ لَطِيْفًا كَالْهَوَاءِ وَالْـمَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُظْلِمًا كَالْأَرْضِ، أَوْ مُشْرِقًا كَالْشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ، أَوْ مُشِفًّا لَا لَوْنَ لَهُ كَالْـهَوَاءَ، أَوْ عَظِيْمًا كَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ، أَوْ صَغِيْراً كَالْذَّرَّةِ، أَوْ جَمَاداً كَالْحِجَارَةِ، أَوْ حَيَوَانًا كَالْإِنْسَانِ؛ #فَالْجِسْمُ_صَنَمٌ، وَبِأَنْ يُقَدَّرَ حُسْنُهُ وَجَمَالُهُ، أَوْ عِظَمُهُ أَوْ صَفَاؤُهُ، أَوْ صَلَابَتُهُ وَنَقَاؤُهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ جِسْمًا.
وَمَنْ نَفَى الْـجِسْمِيَّةَ عَنْهُ [تَعَالَى] وَعَنْ يَدِهِ وَإِصْبَعِهِ فَقَدْ نَفَى الْعُضْوِيَّةَ وَاللَّحْمَ وَالْعَصَبَ، وَقَدَّسَ الْرَّبَّ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُوجِبُ الْـحُدُوثَ))(...
يتبع بإذن الله...
___________________
(1) هامش رقم: (36) كما تجده في رابط الكلمة الشهرية للدكتور الوهابي:
http://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) إِلْجَامُ الْعَوَامِ عَنْ عِلْمِ الْكَلَامِ (ص:51)، تَأْلِيف: حُجَّة الْإِسْلَام أَبِي حَامِد الْغَزَالِي الْطُّوسِي الْشَّافِعِي(450هـ-505هـ)، دَارُ الْـمِنْهَاجِ لِلْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيْعِ: لُبْنَان -بَيْرُوت وَالسُّعُودِيَّة - جَدَّة، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1439هـ-2017م
(3) الـمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:49)
(4) الْسَّابِق: (ص:55)
(5) الْسَّابِق: (ص:56)
(6) الْسَّابِق: (ص:137-136)
(7) الْسَّابِق: (ص:128)
( الْسَّابِق: (اص:52)
منقول من https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2127684600799498
2. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2130028017231823
3. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2130616103839681
4. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2131002540467704
5. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2131070053794286
6. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2132565240311434
7. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2133041410263817
8. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2133912766843348
9. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2134490813452210
10. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2137990943102197
11. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2161230350778256
12. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2165832913651333
13. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2167814756786482
14. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2168984983336126
15. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2189336271300997
ثَالثًا: التلبيس والتدليس والخيانة العلمية:
- الدُّكْتُور الوَهَّابِي "فركوس" وَ((التَلْبِيس!!!)) فِي نَقْلِ حَقِيقَة مَوْقِف المُفَسِّر الآلُوسِي فِي مَعْنَى اتِّخَاذ القُبُور مَسَاجِد!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1917224245178869
- ومن تهويشات الدكتور الوهابي فركوس ترديده للمفتونين بهوسه أن انتشار عقيدة أهل السنة السادة الأشاعرة في الغرب الإسلامي يعود إلى (إرهاب!) ابن تومرت وإعماله السيف لنشر هذه العقيدة؟!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2282694051965218
- يدعي الدكتور الوهابي فركوس في تهويشه المنكوس حول سادته أهل السنة والجماعة الأشاعرة والماتريدية وفضلاء أهل الحديث بأن حركة الإخوان وغيرها كلهم كانوا يمشون على أصول قائمته السوداء لأهل الأهواء؟!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2108643906036901
- الدُّكْتُور الوَهَّابِي "فركوس" وَ((بَتْر!!!)) مَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ صَفْوَ مَشْرَبه فِي أَثَر الفَارُوقِ عُمَر مَعَ الصَّحَابِي أَنَس بْن مَالِك فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ القَبْرِ!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1916723101895650
- الدُّكْتُور الوَهَّابِي "فركوس" وَ((بَتْرَ!!!)) كَلاَم الإِمَام القُرْطُبِي بَيَانِ مَعْنَى: اتِّخَاذ القُبُور مَسَاجِد!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1916384261929534
- الدُّكْتُور الوَهَّابِي "فركوس" يَشْتَاطُ لِتَكْذِيب العُلَمَاء فِيمَا نَسَبُوهُ لاِبْنِ تَيْمِيَّة مِنْ شَنَاعَاتٍ عَقَائِدِيَّة!!! فَيُغَرِّد خَارج السِّرب فِي مُحَاوَلَةِ إِخْفَاءِ فِيلٍ وَرَاءَ خَيْطٍ مِنْ بَيْتِ العَنْكَبُوت!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1902261453341815
- الدُّكتُور الوَهَّابِي "فَركُوس" وَ(حَشْو!) عَقَائِد (التَّجْسِيم!): اليَد!!! وَالوَجْه!!! وَالعَيْن!!! وَ...الخ!!! (((أَجْزَاءٌ!!!))) وَ(((أَبْعَاضٌ!))) فِي حَقِّهِ جَلَّ وَعَزَّ!!! لاَ تَنْفَك عَنِ الذَّاتِ!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1900654476835846
- الشَّيْخ ابْن بَادِيس يُنَزِّه الله عَنْ مُشَابَهَةِ خَلْقِهِ مِنْ كُلِّ الوُجُوهِ والدُّكتُور الوَهَّابِي "فَركُوس" يَسْتَعْمِل سِيَاسَة: (الـهُرُوب إِلَى الأَمَام!) أَمَامَ هَذَا التَّنْزِيه الَّذِي: يَتَنَافَى بِمَائَة وَثَمَانِينَ دَرَجَةٍ مَعَ عَقِيدَتِهِ التَّيْمِيَّة!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1900639460170681
- الدُّكتُور الوَهَّابِي "فَركُوس" وَ(حَشْو!) عَقَائِد (التَّجْسِيم!) (الـمُتَنَاقِضَة!) فِي شَرحِ عَقَائِد ابْن بَادِيس: الله (مَحْدُودٌ!) مِنْ أَسْفَلِهِ بِالعَالَمِ!!! وَ(لاَ يَعْلَمُ!) حُدُودهُ إِلاَّ هُوَ!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1900553970179230
- الدُّكتُور الوَهَّابِي "فَركُوس" وَ(التَّنَاقض الفَاحِش!) فِي (حَشْوِ!) عَقَائِد (التَّجْسِيم!) فِي شَرحِ عَقَائِد ابْن بَادِيس!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1900191176882176
- الدُّكتور الوَهَّابِي فَركوس يُظهر كلام الشَّيخ البشير الإبراهيمي حول الـمولد على غير حقيقته!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1875604379340856
- تأويلات الشَّيخ عبد الحميد ابن باديس للإضافات الـموهمة للتَّشبيه يوقع أدعياء السَّلفيَّة الوَهَّابِيَّة في الـجزائر في حيْص بيْص!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1822724421295519
- الدكتور فركوس مقلّدا الشيخ الألباني: إبقاء القبر الشريف في الـمسجد النّبوي الشريف (((بدعة ضلالة !!!))) !!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1479909002243731
- العقيدة الزئبقية عند الوهابي فركوس: ((سمع الله))
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2475129292721692
- من كذبات الوهابي فركوس:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2475028519398436&set=a.1442484502652848&type=3&theater
- إلى الذين صدعوا رؤوسنا بأن الوهابي فركوس ليس بمجسم:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2474435679457720&set=a.1442484502652848&type=3&theater
- من كذبات الوهابي فركوس على الإمام السنوسي؟؟...
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2477441785823776
- من_كذبات_الوهَّابِي_فَرْكُوس_عَلَى_إِمَام_الحَرَمَين؟!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2478426592391962
- تَزْوِير_الوَهَّابِي_فَرْكُوس_فِي_عَقِيدَة_ابْن_بَادِيس؟!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2478267122407909
- الوَهَّابِي فَرْكُوس وَالتَّرْوِيج لِلعَقِيدَة الوَثَنِيَّة: الله (((يَتَأَذَّى!!!))) كَمَا يَلِيق بِجَلَالِهِ؟!!! == الـمَخْلُوق (((يُؤَثِّرُ!!!))) فِي الخَالِق؟!!!:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2484739078427380&set=a.1442484502652848&type=3&theater
- تحريف الوهابي فركوس لمراد الشيخ ابن باديس من صفة الإرادة في حقه تعالى:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2486419624925992&set=a.1442484502652848&type=3&theater
يتبع بإذن الله..
لا يزال هذا المتهوك المهدار يبث جهالاته في كلماته الشهرية...وينشر غسيله المفضوح بين المفتونين ببهريج ترهاته...بل ولا يرعوي عن الافتراء جهارا نهارا على سادته الأشاعرة؟!...وسنبين للقارىء الباحث عن الحق عبر هذه السلسلة مدى مصداقية هذا المبتلى مع دعاويه العريضة بالتحلي بالنزاهة العلمية في كلماته وبحوثه...
قال الدكتور الوهابي فركوس في صدد الرد على منتقديه بعد الضجة الأخيرة (المفتعلة!) إثر كلمته الشهرية التي طعن فيها في عقيدة السواد الأعظم من أمة التوحيد المرحومة، ما نصه: ((وكذا غيرُه مِنْ فطاحلِ #علماء_الكلام، شَهِدوا على أَنفُسِهم #بالتِّيه_والحيرة_والشَّكِّ؛ حتَّى #رجع_أكثرُهم_إلى_مذهب_السَّلف: كالجُوَيْنيِّ والرازيِّ #والغزَّاليِّ، #وغيرهم_كثير. قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية كما في «مجموع الفتاوى» (٤/ ٧٣): «وهذا #أبو_حامدٍ_الغزَّاليُّ ـ مع فرط ذكائه وتألُّهِه، ومعرفتِه بالكلام والفلسفة، وسلوكِه طريقَ الزُّهد والرِّياضة والتَّصوُّف ـ ينتهي في هذه المسائلِ إلى الوقف والحيرة، ويُحيلُ ـ في آخِرِ أمره ـ على طريقة أهل الكشف، وإِنْ كان ـ بعد ذلك ـ #رجع إلى_طريقة_أهل_الحديث، #وصنَّف: «#إلجام_العوامِّ_عن_علم_الكلام»))(1)؟!...
وطبعا مقصود هذا الدكتور الوهابي برجوع الإمام حجة الإسلام الغزالي إلى عقيدة (السلف!) رجوعه رحمه الله تعالى من عقيدة السادة الأشاعرة في التنزيه إلى عقيدة سلف ابن تيمية والوهابية في (التشبيه!)؟!...فعقيدتهم أن: الاستواء في حقه تعالى هو: (الجلوس!) و(الاستقرار!) و(القعود!) على العرش؟!...والنزول: هو (الحركة!) و(النقلة!)؟!...واليد والساق والوجه...الخ : عبارة عن (أعضاء!) و(أدوات!) و(أركان!) و(جوارح!)؟!...وأن الله فوق العالم فوقية (مسافة!) و(مكان!) و(جهة!)؟!...وأنه تعالى (جسم!) له (حجم!) و(مساحة!) و(أبعاد!)...الخ عقائدهم (#الوثنية)؟!...
والآن تأمل يا عبد الله ماذا يقرر حجة الإسلام في آخر كتبه "إلجام العوام عن علم الكلام" والذي يدعي من خلاله هذا الدكتور الوهابي بأن الرجل أقلع عن عقيدة التنزيه ولحق بالعقيدة التيمية في (التجسيم!) و(التشبيه!)؟!...بل ويتبجح حضرة الدكتور في هذا الصدد بتعزيز كذبه المفضوح على حجة الإسلام الغزالي بنقل كلام المشيخ على الإسلام -زورا وبهتانا!- ابن تيمية الحراني في ثقة (عمياء!) مطبلا ومسلما؟!...عوض التأكد والتثبت والتحري بنفسه وفق ما تقتضيه المنهجية العلمية؟!...خاصة وأن كتاب "الإلجام" للإمام الغزالي مطبوع ومتوفر وفي متناول الأيدي؟!...وكأن كلام الحراني كالقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟!...ولا أدري ما وجه هذا الخضوع المقيت لافتراءات خصوم السادة الأشاعرة عليهم من قبل دكتور يدعي البحث والتحري اللهم إلا ولوعه بالكذب على من بزوا سلفه (المجسمة!) بالحجة والبيان قبل السيف والسنان؟!...و"كيف تؤخذ حقيقة قوم من كتب خصومهم"؟! كما يقول الشيخ ابن باديس الذي يتمسح بمنهجه هذا الدكتور الوهابي؟!...
قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي الطوسي في مستهل آخر كتبه "الإلجام" مُوَضِّحًا الْحَدَّ الْتَّعْرِيفِي لِلْجِسْم: ((وَالْجِسْمُ: عِبَارَةٌ عَنْ مُقَدَّرٍ لَهُ طُوْلٌ وَعَرْضٌ وَعُمْقٌ، يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ أَنْ يُوْجَدَ بِحَيْثُ هُوَ إِلَّا أَنْ يَتَنَحَّى عَنْ ذَلِكَ الْـمَكَانِ))(2)...
وَقَالَ مُؤَكِّداً نَفْيَ الْجِسْمِيَّة عَنْ رَبِّهِ: ((أَمَّا الْتَّقْدِيسُ فَأَعْنِي بِهِ: #تَنْزِيْهَ_الْرَّبِّ_تَعَالَى_عَنِ_الْـجِسْمِيَّةِ_وَتَوَابِعِهَا))(3)...
وَقَالَ فِي نَفْيِ الْنُّقْلَة عَنْهُ جَلَّ وَعَزَّ: ((فَلْيَتَحَقَّقِ الْـمُؤْمِنُ: أَنَّ الْنُّزُولَ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى لَيْسَ بِالْـمَعْنَى الْأَوَّلِ؛ وَهُوَ انْتِقَالُ شَخْصٍ وَجَسَدٍ #مِنْ_عُلُوٍّ_إِلَى_سُفْلٍ؛ فَإِنَّ الْشَّخْصَ وَالْجَسَدَ لِلْأَجْسَامِ، #وَالْرَّبُّ_تَعَالَى_لَيْسَ_بِجِسْمٍ))(4)...
وَقَالَ فِي مِسْأَلَةِ الفَوْقِيَّةِ: ((إِذَا سَمِعَ لَفْظَ "الْفَوْقِ" فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}[الْأَنْعَام:18]، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِم}[النَّخل:50]، فَلْيعْلَم أَنَّ "الْفَوْقَ" اسْمٌ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ لِـمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: نِسْبَةُ جِسْمٍ إِلَى جِسْمٍ؛ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى وَالْآخَرُ أَسْفَلَ؛ يَعْنِي: أَنَّ الْأَعْلَى مِنْ جَانِبَ رَأْسِ الْأَسْفَلِ.
وَقَدْ يُطْلَقُ لَا لِهَذَا الْـمَعْنَى، فَيُقَالُ: الْخَلِيْفَةُ فَوْقَ الْسُّلْطَانِ، وَالْسُّلْطَانُ فَوْقَ الْوَزِيْرِ؛ كَمَا يُقَالُ: دَخَلَ فُلَانٌ عَلَى الْأَمِيْرِ، وَجَلَسَ فَوْقَ فُلَانٍ، وَكَمَا يُقَالُ: الْعِلْمُ فَوْقَ الْعَمَلِ، وَالْصِّيَاغَةُ فَوْقَ الْدّبَاغَةِ.
وَالْأَوَّلُ: #يَسْتَدْعِي_جِسْمًا_حَتَّى_يُنْسَبَ_إِلَى_جِسْمٍ، وَالْثَّانِي: لَا يَسْتَدْعِيْهِ.
فَلْيَعْتَقِدِ الْـمُؤْمِنُ قَطْعًا: أَنَّ #الْأَوَّلَ_غَيْرُ_مُرَادٍ، وَأَنَّهُ عَلَى اللهِ تَعَالَى مُحَالٌ؛ #فَإِنَّهُ_مِنْ_لَوَازِمِ_الْأَجْسَامِ، أَوْ #لَوَازِمِ_أَعْرَاضِ_الْأَجْسَامِ...))(5)...
وَقَالَ فِي "الاِسْتِوَاء": ((وَقَدْ صَدَقَ [تَعَالَى] حَيْثُ قَالَ: {الرَّحْمَـٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ}[طه:5]، وَنَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ #مَا_أَرَادَ_الْـجُلُوسَ_وَالاِسْتِقْرَارَ الَّذِي هُوَ #صِفَةُ_الْأَجْسَامِ))(6)...
وَقَالَ: ((مَنْ عَبَدَ جِسْمًا فَقَدْ #عَبَدَ_صَنَمًا؛ سَوَاءٌ كَانَ الْجِسْمُ صَغِيْراً أَوْ كَبِيْراً، قَبِيْحًا أَوْ جَمِيْلًا، سَافِلًا أَوْ عَالِيًا، عَلَى الْأَرْضِ أَوْ #عَلَى_الْعَرْشِ))(7)...
وَقَالَ مُوَضِّحًا حُكْم مَنْ يَلْتَزِمُ بِلَوَازِمِ الْجِسْمِيَّةِ الْبَيِّنَة: ((فَإِنْ خَطَرَ بِبَالِهِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى جِسْمٌ مُرَكَّبٌ مِنْ أَعْضَاءٍ فَهُوَ عَابِدُ صَنَمٍ؛ فَإِنَّ كُلَّ جِسْمٍ مَخْلُوقٌ، وَعِبَادَةُ الْـمَخْلُوقِ كُفْرٌ، وَعِبَادَةُ الْصَّنَمِ إِنَّمَا كَانَتْ كُفْراً لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَإِنَّمَا كَانَ مَخْلُوقًا لِأَنَّهُ جِسْمٌ؛ #فَمَنْ_عَبَدَ_جِسْمًا_فَهُوَ_كَافِرٌ_بِإِجْمَاعِ_الْأُمَّةِ؛ الْسَّلَفِ مِنْهُم وَالْخَلَفِ.
سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْجِسْمُ كَثِيْفًا كَالْجِبَالِ الْصُّمِّ الْصِّلَابِ، أَوْ لَطِيْفًا كَالْهَوَاءِ وَالْـمَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُظْلِمًا كَالْأَرْضِ، أَوْ مُشْرِقًا كَالْشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ، أَوْ مُشِفًّا لَا لَوْنَ لَهُ كَالْـهَوَاءَ، أَوْ عَظِيْمًا كَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ، أَوْ صَغِيْراً كَالْذَّرَّةِ، أَوْ جَمَاداً كَالْحِجَارَةِ، أَوْ حَيَوَانًا كَالْإِنْسَانِ؛ #فَالْجِسْمُ_صَنَمٌ، وَبِأَنْ يُقَدَّرَ حُسْنُهُ وَجَمَالُهُ، أَوْ عِظَمُهُ أَوْ صَفَاؤُهُ، أَوْ صَلَابَتُهُ وَنَقَاؤُهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ جِسْمًا.
وَمَنْ نَفَى الْـجِسْمِيَّةَ عَنْهُ [تَعَالَى] وَعَنْ يَدِهِ وَإِصْبَعِهِ فَقَدْ نَفَى الْعُضْوِيَّةَ وَاللَّحْمَ وَالْعَصَبَ، وَقَدَّسَ الْرَّبَّ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُوجِبُ الْـحُدُوثَ))(...
يتبع بإذن الله...
___________________
(1) هامش رقم: (36) كما تجده في رابط الكلمة الشهرية للدكتور الوهابي:
http://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) إِلْجَامُ الْعَوَامِ عَنْ عِلْمِ الْكَلَامِ (ص:51)، تَأْلِيف: حُجَّة الْإِسْلَام أَبِي حَامِد الْغَزَالِي الْطُّوسِي الْشَّافِعِي(450هـ-505هـ)، دَارُ الْـمِنْهَاجِ لِلْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيْعِ: لُبْنَان -بَيْرُوت وَالسُّعُودِيَّة - جَدَّة، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1439هـ-2017م
(3) الـمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:49)
(4) الْسَّابِق: (ص:55)
(5) الْسَّابِق: (ص:56)
(6) الْسَّابِق: (ص:137-136)
(7) الْسَّابِق: (ص:128)
( الْسَّابِق: (اص:52)
منقول من https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2127684600799498
2. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2130028017231823
3. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2130616103839681
4. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2131002540467704
5. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2131070053794286
6. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2132565240311434
7. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2133041410263817
8. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2133912766843348
9. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2134490813452210
10. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2137990943102197
11. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2161230350778256
12. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2165832913651333
13. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2167814756786482
14. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2168984983336126
15. https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2189336271300997
ثَالثًا: التلبيس والتدليس والخيانة العلمية:
- الدُّكْتُور الوَهَّابِي "فركوس" وَ((التَلْبِيس!!!)) فِي نَقْلِ حَقِيقَة مَوْقِف المُفَسِّر الآلُوسِي فِي مَعْنَى اتِّخَاذ القُبُور مَسَاجِد!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1917224245178869
- ومن تهويشات الدكتور الوهابي فركوس ترديده للمفتونين بهوسه أن انتشار عقيدة أهل السنة السادة الأشاعرة في الغرب الإسلامي يعود إلى (إرهاب!) ابن تومرت وإعماله السيف لنشر هذه العقيدة؟!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2282694051965218
- يدعي الدكتور الوهابي فركوس في تهويشه المنكوس حول سادته أهل السنة والجماعة الأشاعرة والماتريدية وفضلاء أهل الحديث بأن حركة الإخوان وغيرها كلهم كانوا يمشون على أصول قائمته السوداء لأهل الأهواء؟!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2108643906036901
- الدُّكْتُور الوَهَّابِي "فركوس" وَ((بَتْر!!!)) مَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ صَفْوَ مَشْرَبه فِي أَثَر الفَارُوقِ عُمَر مَعَ الصَّحَابِي أَنَس بْن مَالِك فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ القَبْرِ!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1916723101895650
- الدُّكْتُور الوَهَّابِي "فركوس" وَ((بَتْرَ!!!)) كَلاَم الإِمَام القُرْطُبِي بَيَانِ مَعْنَى: اتِّخَاذ القُبُور مَسَاجِد!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1916384261929534
- الدُّكْتُور الوَهَّابِي "فركوس" يَشْتَاطُ لِتَكْذِيب العُلَمَاء فِيمَا نَسَبُوهُ لاِبْنِ تَيْمِيَّة مِنْ شَنَاعَاتٍ عَقَائِدِيَّة!!! فَيُغَرِّد خَارج السِّرب فِي مُحَاوَلَةِ إِخْفَاءِ فِيلٍ وَرَاءَ خَيْطٍ مِنْ بَيْتِ العَنْكَبُوت!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1902261453341815
- الدُّكتُور الوَهَّابِي "فَركُوس" وَ(حَشْو!) عَقَائِد (التَّجْسِيم!): اليَد!!! وَالوَجْه!!! وَالعَيْن!!! وَ...الخ!!! (((أَجْزَاءٌ!!!))) وَ(((أَبْعَاضٌ!))) فِي حَقِّهِ جَلَّ وَعَزَّ!!! لاَ تَنْفَك عَنِ الذَّاتِ!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1900654476835846
- الشَّيْخ ابْن بَادِيس يُنَزِّه الله عَنْ مُشَابَهَةِ خَلْقِهِ مِنْ كُلِّ الوُجُوهِ والدُّكتُور الوَهَّابِي "فَركُوس" يَسْتَعْمِل سِيَاسَة: (الـهُرُوب إِلَى الأَمَام!) أَمَامَ هَذَا التَّنْزِيه الَّذِي: يَتَنَافَى بِمَائَة وَثَمَانِينَ دَرَجَةٍ مَعَ عَقِيدَتِهِ التَّيْمِيَّة!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1900639460170681
- الدُّكتُور الوَهَّابِي "فَركُوس" وَ(حَشْو!) عَقَائِد (التَّجْسِيم!) (الـمُتَنَاقِضَة!) فِي شَرحِ عَقَائِد ابْن بَادِيس: الله (مَحْدُودٌ!) مِنْ أَسْفَلِهِ بِالعَالَمِ!!! وَ(لاَ يَعْلَمُ!) حُدُودهُ إِلاَّ هُوَ!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1900553970179230
- الدُّكتُور الوَهَّابِي "فَركُوس" وَ(التَّنَاقض الفَاحِش!) فِي (حَشْوِ!) عَقَائِد (التَّجْسِيم!) فِي شَرحِ عَقَائِد ابْن بَادِيس!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1900191176882176
- الدُّكتور الوَهَّابِي فَركوس يُظهر كلام الشَّيخ البشير الإبراهيمي حول الـمولد على غير حقيقته!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1875604379340856
- تأويلات الشَّيخ عبد الحميد ابن باديس للإضافات الـموهمة للتَّشبيه يوقع أدعياء السَّلفيَّة الوَهَّابِيَّة في الـجزائر في حيْص بيْص!!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1822724421295519
- الدكتور فركوس مقلّدا الشيخ الألباني: إبقاء القبر الشريف في الـمسجد النّبوي الشريف (((بدعة ضلالة !!!))) !!!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1479909002243731
- العقيدة الزئبقية عند الوهابي فركوس: ((سمع الله))
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2475129292721692
- من كذبات الوهابي فركوس:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2475028519398436&set=a.1442484502652848&type=3&theater
- إلى الذين صدعوا رؤوسنا بأن الوهابي فركوس ليس بمجسم:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2474435679457720&set=a.1442484502652848&type=3&theater
- من كذبات الوهابي فركوس على الإمام السنوسي؟؟...
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2477441785823776
- من_كذبات_الوهَّابِي_فَرْكُوس_عَلَى_إِمَام_الحَرَمَين؟!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2478426592391962
- تَزْوِير_الوَهَّابِي_فَرْكُوس_فِي_عَقِيدَة_ابْن_بَادِيس؟!:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2478267122407909
- الوَهَّابِي فَرْكُوس وَالتَّرْوِيج لِلعَقِيدَة الوَثَنِيَّة: الله (((يَتَأَذَّى!!!))) كَمَا يَلِيق بِجَلَالِهِ؟!!! == الـمَخْلُوق (((يُؤَثِّرُ!!!))) فِي الخَالِق؟!!!:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2484739078427380&set=a.1442484502652848&type=3&theater
- تحريف الوهابي فركوس لمراد الشيخ ابن باديس من صفة الإرادة في حقه تعالى:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2486419624925992&set=a.1442484502652848&type=3&theater
يتبع بإذن الله..
عدل سابقا من قبل خيرالدين في الخميس مارس 03, 2022 10:10 am عدل 3 مرات
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (2)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" كَمَا تَجِدهُ فِي كَلِمَتِهِ الْشَّهْرِيَّة (الْـمُتَنَاقِضَةِ!): ((فأين #أدعياءُ_المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل والفلسفة #مِنَ_الأشاعرة وغيرهم؟!...))(1)
الْتَّعْلِيق:
قَبْلَ الْخَوْضِ فِي الْرَّدِّ عَلَى هَذَا الْوَهَّابِي، أَجِدُ مِنَ الْأَهَمِّيَّةِ بِمَكَانٍ ذِكْر فَذْلَكَةٍ حَوْلَ هَذَا الْعِلْمِ الْأَصِيل وَالْفَنِّ الْنَّبِيلِ عَلَى وِفْقِ مَا قَرَّرَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُم اللهِ...
نَعَمْ؛ قَالَ الْعَلَّامَة الْإِمَام الْفَقِيه الْأُصُولِي الْنَّظَّار الْحَسَن بْن مَسْعُود الْيُوسِي (ت:1102هـ): ((يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ فِي هَذَا الْـمَقَامِ أَنَّ مَبَادِئَ الْعِلْمِ الَّتِي تُذْكَرُ بَيْنَ يَدَي الْشُّرُوعِ فِيْهِ عَشْرَةٌ، وَهِيَ: اسْمُهُ، وَحَدُّهُ، وَمَوْضُوعُهُ، وَوَاضِعُهُ، وَاسْتِمْدَادُهُ، وَمَسَائِلُهُ، وَنِسْبَتُهُ، وَفَائِدَتُهُ، وَحُكْمُهُ، وَفَضْلُهُ. وَهَذِهِ كُلّهَا مُحْتَاجٌ إِلَى مَعْرِفَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ، إِلَّا أَنَّ بَعْضهَا أَوْكَد مِنْ بَعْضٍ))(2)...
وَنَكْتَفِي مِنْ هَذِهِ الْـمَبَادِئ الْعَشْرَة بِذِكْرِ مَا يَلِي:
أَوَّلًا: تَعْرِيْفُ فَنِّ "عِلْمِ الْكَلَام"؟!
قَالَ الْعَلَّامَة ابْن خَلْدُون (ت:808هـ) مَا نَصُّهُ: ((هُوَ عِلْمٌ يَتَضَمَّنُ الْحِجَاجَ عَنِ الْعَقَائِدِ الْإِيْمَانِيَّةِ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْرَّدِّ عَلَى الْـمُبْتَدِعَةِ الْـمُنْحَرِفِيْنَ فِي الاِعْتِقَادَاتِ عَنْ مَذَاهِبِ الْسَّلَفِ وَأَهْلِ الْسُّنَّةِ. وَسِرُّ هَذِهِ الْعَقَائِدِ الْإِيْمَانِيَّةِ هُوَ: الْتَّوْحِيدُ))(3) وَبَعْدَ أَنْ تَكَلَّم فِي سَبَبِ حُدُوثِ هَذَا الْعِلْم قَالَ: ((وَ بِالْجُمْلَةِ فَمَوْضُوعُ "عِلْمِ الْكَلَامِ" عِنْدَ أَهْلِهِ إِنَّمَا هُوَ الْعَقَائِدُ الْإِيْمَانِيَّةُ بَعْدَ فَرْضِهَا صَحِيْحَةً مِنَ الْشَّرْعِ مِنْ حَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَيْهَا بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ فَتُرْفَعُ الْبِدَعُ وَتَزُولُ الْشُّكُوكُ وَالْشُّبَهُ عَنْ تِلْكَ الْعَقَائِدِ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ حَالَ الْفَنِّ فِي حُدُوثِهِ وَكَيْفَ تَدَرَّجَ كَلَامُ الْنَّاسِ فِيْهِ صَدْرًا بَعْدَ صَدْرٍ وَكُلُّهُم يَفْرِضُ الْعَقَائِدَ صَحِيْحَةً وَيَسْتَنْهِضُ الْحُجَجَ وَالْأَدِلَّةَ عَلِمْتَ حِيْنَئِذٍ مَا قَرَّرْنَاهُ لَكَ فِي مَوْضُوعِ الْفَنِّ وَأَنَّهُ لَا يَعْدُوهُ))(4)...
ثَانِيًا: الْأَسْمَاءُ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَى هَذَا الْفَنِّ "عِلْم الْكَلَامِ"؟!
قَالَ الْإِمَام الْيُوسِي (ت:1102هـ): ((أَمَّا اسْم هَذَا الْعِلْمِ، فَاعْلَم أَنَّهُ يُسَمَّى بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ وَهِيَ: عِلْمُ أُصُولِ الْدِّيْنِ، وَعِلْمُ الْتَّوْحِيدِ، وَعِلْمُ الْكَلَامِ، وَيُقَالُ بِحَذْفِ لَفْظَةِ "عِلْم" فِي الْثَّلَاثَةِ فَتَكُون الْأَلْقَاب سِتَّة، وَبَعْضُهُم يُسَمِّيهِ أَيْضًا: الْعِلْمُ الْإِلَهِي فَتَكُون سَبْعَة.
أَمَّا تَسْمِيَته بِالْأَوَّلِ [عِلْمُ أُصُولِ الْدِّيْنِ]: فَلِأَنَّ سَائِر الْعُلُومِ الْدِّيْنِيَّةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ، وَأَصْل الْشَّيْءِ مَا يُبْنَى عَلَيْهِ الْشَّيْء...غَيْر أَنَّ هَذَا اللَّقَب لَا يُخْتَصُّ بِهَذَا الْعِلْمِ، بَلْ يُشَارِكُهُ فِيْهِ أُصُول الْفِقْهِ، لِأَنَّ الْدِّيْنَ ضَرْبَانِ: اعْتِقَادٌ وَعَمَلٌ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَصْلٌ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَصْلُ الْدِّيْنِ، لَكِنْ كَثُرَ إِطْلَاقهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَتَسْمِيَةُ الْثَّانِي: أُصُول الْفِقْهِ.
وَأَمَّا تَسْمِيَتهُ بِالْثَّانِي [عِلْمُ الْتَّوْحِيدِ]: فَلِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى تَوْحِيْدِ اللهِ تَعَالَى تَسْمِيَة لَهُ بِأَشْرَفِ أَجْزَائِهِ.
وَأَمَّا بِالْثَّالِثِ [عِلْمُ الْكَلَامِ]: فَلِأَنَّ أَهْل الْكَلَامِ يُصَدِّرُونَ مَبَاحِثهم بِقَوْلِهِم: "الْكَلَامُ فِي كَذَا"، "الْكَلَامُ فِي هَذَا الْـمَبْحَثِ كَذَا". وَقِيْلَ: لِكَثْرَةِ الْكَلَامِ فِيْهِ، لِأَنَّ صَاحِبهُ يَتَكَلَّمُ فِي الْوُجُودِ الْـمُطْلَقِ أَوْ الْـمَعْلُومِ. وَقِيْلَ: لِأَنَّ أَهْل الْظَّاهِرِ كَانُوا إِذَا سُئِلُوا عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِهِ قَالُوا: "هَذَا مِمَّا نُهِيْنَا عَنِ الْكَلَامِ فِيْهِ" فَاشْتُهِرَ بِذَلِكَ حَتَّى وَقَعَت الْإِضَافَة. وَقِيْلَ: لِأَنَّ مَسْأَلَة الْكَلَامِ، أَهُوَ قَدِيْمٌ أَمْ حَادِثٌ؟ سَبَبٌ لِوَضْعِ الْتَّصَانِيفِ فِيْهِ. وَقِيْلَ: لِأَنَّهُ كَثُرَ فِيْهِ مِنَ الْكَلَامِ مَعَ الْخُصُومِ وَالْرَّدِّ عَلَيْهِم مَا لَـمْ يَكْثُر فِي غَيْرِهِ. وَقِيْلَ: لِأَنَّهُ يُورِثُ قُدْرَةً عَلَى الْكَلَامِ فِي الْشَّرْعِيَّاتِ كَالْـمَنْطِقِ فِي الْفَلْسَفِيَّاتِ. وَقِيْلَ: لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى كَلَامًا، كَمَا يُقَالُ لِلْأَقْوَى مِنَ الْكَلَامَيْنِ هَذَا هُوَ الْكَلَامُ. وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ.
وَأَمَّا بِالْرَّابِعِ [الْعِلْمُ الْإِلَهِي]: فَلِأَنَّ الْـمَقْصُود مِنْ هَذَا الْعِلْم، مَعْرِفَة الْإِلَهِ تَعَالَى))(5)...
ثَالِثًا: مَوْضُوعُ هَذَا الْفَنِّ "عِلْم الْكَلَامِ"؟!
قَالَ الْإِمَام الْيُوسِي (ت:1102هـ) فِي قَانُونِهِ: ((وَأَمَّا مَوْضُوعهُ: فَمَاهِيَّاتُ الْـمُمْكِنَاتِ، مِنْ حَيْثُ دَلَالَتهَا عَلَى وُجُودِ مُوْجِدهَا وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ،...وَقِيْلَ: الْـمَعْلُوم مِنْ حَيْثُ هُو، وَقِيْلَ: الْـمَوْجُود، وَقِيْلَ: ذَاتُ اللهِ تَعَالَى))(6)...
رَابِعًا: فَائِدَةُ هَذَا الْفَنِّ "عِلْم الْكَلَامِ"؟!
قَالَ الْإِمَام الْيُوسِي (ت:1102هـ) فِي قَانُونِهِ: ((وَأَمَّا فَائِدَتهُ: وَهِيَ الْغَرَضُ وَالْغَايَةُ، وَإِنَّـمَا تَخْتَلِفُ الْأَسَامِي بِالاِعْتِبَارِ، فَـمَا حَصَلَ عَن الْشَّيْءِ مِنْ حَيْثُ حُصُوله عِنْدَه فَائِدَة وَثَـمْرَة، وَمِنْ حَيْثُ كَوْنه مَطْلُوبًا مِنْهُ غَرَضٌ وَبَاعِثٌ وَعِلَّةٌ، وَمِنْ حَيْثُ الاِنْتِهَاء إِلَيْهِ غَايَة وَعِلَّة غَائِيَّة، فَهِيَ فِي الْدُّنْيَا: حُصُول الْيَقِيْن، وَالاِرِتِفَاع عَنْ حَضِيْضِ الْتَّقْلِيْدِ، وَإِرْشَاد الْـمُسْتَرْشِدِيْنَ، وَإِفْحَام الْـمُعَانِد، وَحِفْظ قَوَاعِد الْدِّيْنِ عَنْ شُبَهِ الْـمُبْطِلِيْنَ، وَصِحَّة الْنِّيَّة وَالاِخْلَاص، وَغَيْر ذَلِكَ. وَفِي الاَخِرَةِ: الْفَوْز بِالْسَّعَادَةِ، وَنَاهِيْكَ بِهَذَا كُلِّهِ))(7)...
وَقَالَ أَيْضًا فِي حَوَاشِيه عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي: ((وَأَمَّا فَائِدَةُ هَذَا الْعِلْمِ، فَلَا يَخْفَى أَنَّ لَهُ فَوَائِد أُخْرَوِيَّة، كَالْسَّلَامَةِ مِنَ الْعَذَابِ الْـمُرَتَّبِ عَلَى الْكُفْرِ وَسَيِّئِ الاِعْتِقَادِ، وَدُنْيَوِيَّة كَرَفْعِ الْقَتْلِ وَانْتِظَامِ الْـمَعَاشِ بِالْعَدْلِ، وَرَفْعِ الْجُوْرِ وَالْتَّظَالُـمِ))(...
خَامِسًا: فَضْلُ "عِلْم الْكَلَامِ"؟!
قَالَ الْإِمَام الْيُوسِي (ت:1102هـ) فِي قَانُونِهِ: ((وَأَمَّا رُتْبَتهُ: أَيْ مَنْزِلَتهُ مِنَ الْشَّرَفِ وَهِيَ الْفَضْل، فَتَابِعَةٌ لِشَرَفِ الْغَايَةِ مَعَ الْـمَوْضُوع وَالْـمَعْلُوم وَالْدَّلِيْل، وَلَا شَكَّ أَنَّ غَايَةَ هَذَا الْعِلْمِ أَشْرَف الْغَايَاتِ، وَمَوْضُوعهُ أَعْلَى الْـمَوْضُوعَاتِ، وَمَعْلُومهُ أَجَلّ الْـمَعْلُومَاتِ، وَأَدِلَّتهُ بَرَاهِيْنَ تَطَابَقَ عَلَيْهَا الْعَقْل وَالْنَّقْل، فَهَذَا غَايَة الْشَّرَفِ وَالْفَضْلِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَشْرَف الْعُلُومِ))(9)...
سَادِسًا: وَاضِعُ هَذَا الْفَنِّ "عِلْم الْكَلَامِ"؟!
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْيُوسِيُّ (ت:1102هـ) فِي قَانُونِهِ: ((وَأَمَّا وَاضِعُهُ [عِلْمُ الْكَلَامِ] فَقِيلَ: هُوَ الْشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيُّ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي دَوَّنَ هَذَا الْعِلْمَ، وَهَذَّبَ مَطَالِبَهُ، وَنَقَّحَ مَشَارِبَهُ، فَهُوَ إمَامُ أَهْلِ الْسُّنَّةِ غَيْر مُدَافَعٍ، وَلَكِنْ عَدُّهُ وَاضِعًا غَيْرُ بَيِّنٍ؟!، فَإِنَّ هَذَا الْعِلْمَ كَانَ قَبْلَهُ، وَكَانَتْ لَهُ عُلَمَاءُ يَخُوضُونَ فِيهِ، كَالْقَلَانِسِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِلَّابٍ، وَكَانُوا قَبْلَ الْشَّيْخِ يُسَمَّوْنَ بِالْمُثْبِتَةِ، لِإِثْبَاتِهِمْ مَا نَفَتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ، وَأَيْضًا عِلْمُ الْكَلَامِ كَمَا مَرَّ صَادِقٌ بِقَوْلِ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ، وَالْشَّيْخُ كَانَ يَدْرُسُهُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ، وَقِصَّتُهُ مَعْلُومَةٌ، فَكَيْفَ يَكُونُ وَاضِعًا؟!.
وَالْأَوْلَى أَنَّهُ عِلْمٌ قُرْآنِيٌّ، لِأَنَّهُ مَبْسُوطٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، بِذِكْرِ الْعَقَائِدِ، وَذِكْرِ الْنُّبُوَّاتِ، وَذِكْرِ الْسَّمْعِيَّاتِ، وَذَلِكَ مَجْمُوعُهُ، مَعَ ذِكْرِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُود الْصَّانِعِ تَعَالَى مِنْ حُدُوثِ الْعَالَمِ، الْمُشَارِ إلَيْهِ بِخَلْقِ الْسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْنُّفُوسِ وَغَيْرِهَا، وَالْإِشَارَةُ إلَى مَذَاهِبِ الْمُبْطِلِينَ كَالْمُثَلَّثَةِ، وَالْمَثْنِيَّةِ، والْطَّبَائِعِيِّينَ، وَإِنْكَارُ هَذَا عَلَيْهِمْ، وَالْجَوَابُ عَنْ شُبَهِ الْمُبْطِلِينَ الْمُنْكِرِينَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، إمْكَانًا أَوْ وُجُودًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾[الأنبياء:104] وقَوْله تَعَالَى: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾[يس:79]، وقَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا﴾[يس:80] وَذَكَرَ حُجَجَ إبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ إقْرَارًا لَهَا، وَحِكَمَ لُقْمَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ الْنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ كَإِبْطَالِهِ اعْتِقَادَ الْأَعْرَابِ فِي الْأَنْوَاءِ، وَفِي الْعَدْوَى وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَلُمَّ جَرًّا.
وَهَذَا إذَا اُعْتُبِرَ الْكَلَامُ مَعْزُولًا عَنْ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ، وَأَمَّا إنْ اُعْتُبِرَ الْإِلَهِيَّ، وَأَنَّهُ الْمَأْخُوذُ فِي الْمِلَّةِ بَعْدَ تَنْقِيحِهِ، بِإِبْطَالِ الْبَاطِلِ، وَتَصْحِيحِ الْصَّحِيحِ، فَلَا إشْكَالَ أَنَّ وَضْعَهُ قَدِيمٌ))(10) وَهَذَا تَحْقِيْقٌ نَفِيْسٌ...
وَقَالَ الْعَلَّامَة الْأُصُولِي الْإِمَام الْهُمَام بَدْر الْدِّين الْزَّرْكَشِي (ت:794هـ) (ت:794هـ): ((وَاعْلَمْ أَنَّهُ [الْقُرْآن] قَدْ يَظْهَرُ مِنْهُ بِدَقِيقِ الْفِكْرِ اسْتِنْبَاطُ الْبَرَاهِينِ الْعَقْلِيَّةِ عَلَى طُرُقِ الْمُتَكَلِّمِينَ؛ فَمِنْ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى حُدُوثِ الْعَالَمِ بِتَغَيُّرِ الْصِّفَاتِ عَلَيْهِ وَانْتِقَالِهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَهُوَ آيَةُ الْحُدُوثِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي احْتِجَاجِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ الْسَّلَام اسْتِدْلَاله بِحُدُوثِ الْأَفْلِ(11) عَلَى وُجُودِ الْمُحْدِثِ وَالْحُكْمِ عَلَى الْسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِحُكْمِ الْنَّيِّرَاتِ الْثَّلَاثِ وَهُوَ الْحُدُوثُ، طَرْدًا لِلْدَّلِيلِ فِي كُلِّ مَا هُوَ مَدْلُولُهُ، لِتَسَاوِيهَا فِي عِلَّةِ الْحُدُوثِ وَهِيَ الْجِسْمَانِيَّةُ.
وَمِنْ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى أَنَّ صَانِعَ الْعَالَمِ وَاحِدٌ، بِدَلَالَةِ الْتَّمَانُعِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾[الْأَنْبِيَاء:22]؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْعَالَمِ صَانِعَانِ لَكَانَ لَا يَجْرِي تَدْبِيرُهُمَا عَلَى نِظَامٍ، وَلَا يَتَّسِقُ عَلَى إِحْكَامٍ، وَلَكَانَ الْعَجْزُ يَلْحَقُهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا؛ وَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا إِحْيَاءَ جِسْمٍ، وَأَرَادَ الْآخَرُ إِمَاتَتَهُ، فَإِمَّا أَنْ تُنَفَّذَ إِرَادَتُهُمَا فَتَتَنَاقَضَ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَجْرِيَ الْفِعْلُ إِنْ فُرِضَ الِاتِّفَاقُ، أَوْ لِامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ الْضِّدَّيْنِ إِنْ فُرِضَ الِاخْتِلَافُ. وَإِمَّا لَا تُنَفَّذُ إِرَادَتُهُمَا فَيُؤَدِّيَ إِلَى عَجْزِهِمَا، أَوْ لَا تُنَفَّذُ إِرَادَةُ أَحَدِهِمَا فَيُؤَدِّيَ إِلَى عَجْزِهِ، وَالْإِلَهُ لَا يَكُونُ عَاجِزًا))(12)...
وَقَالَ الْبَدْر الْزَّرْكَشِي (ت:794هـ) أَيْضًا: ((اعْلَمْ أَنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبَرَاهِينِ وَالْأَدِلَّةِ؛ وَمَا مِنْ بُرْهَانٍ وَدَلَالَةٍ وَتَقْسِيمٍ وَتَحْدِيدٍ يَنْبَنِي مِنْ كُلِّيَّاتِ الْمَعْلُومَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْسَّمْعِيَّةِ إِلَّا وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ نَطَقَ بِهِ، لَكِنْ أَوْرَدَهُ تَعَالَى عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ دُونَ دَقَائِقِ طُرُقِ أَحْكَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: بِسَبَبِ مَا قَالَهُ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾[إِبْرَاهِيم:4] الْآيَةَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَائِلَ إِلَى دَقِيقِ الْمُحَاجَّةِ هُوَ الْعَاجِزُ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ بِالْجَلِيلِ مِنَ الْكَلَامِ؛ فَإِنَّ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُفْهِمَ بِالْأَوْضَحِ الَّذِي يَفْهَمُهُ الْأَكْثَرُونَ لَمْ يَتَخَطَّ إِلَى الْأَغْمَضِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْأَقَلُّونَ وَلَمْ يَكُنْ مُلْغِزًا، فَأَخْرَجَ تَعَالَى مُخَاطَبَاتِهِ فِي مُحَاجَّةِ خَلْقِهِ فِي أَجَلِّ صُورَةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى أَدَقِّ دَقِيقٍ، لِتَفْهَمَ الْعَامَّةُ مِنْ جَلِيلِهَا مَا يُقْنِعُهُمْ وَيُلْزِمِهُمُ الْحُجَّةَ، وَتَفْهَمُ الْخَوَاصُّ مِنْ أَثْنَائِهَا مَا يُوَفِّي عَلَى مَا أَدْرَكَهُ فَهْم الْخِطَابِ. وَعَلَى هَذَا حُمِلَ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ: "إِنَّ لِكُلِّ آيَةٍ ظَهْرًا وَبَطْنًا، وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدًّا وَمَطْلَعًا" لَا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبَاطِنِيَّةُ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ كُلُّ مَنْ كَانَ حَظُّهُ فِي الْعُلُومِ أَوْفَرَ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ أَكْثَرَ. وَلِذَلِكَ إِذَا ذَكَرَ تَعَالَى حُجَّةً عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ أَتْبَعَهَا مَرَّةً بِإِضَافَتِهِ إِلَى أُوْلِي الْعَقْلِ، وَمَرَّةً إِلَى الْسَّامِعِينَ، وَمَرَّةً إِلَى الْمُفَكِّرِينَ، وَمَرَّةً إِلَى الْمُتَذَكِّرِينَ، تَنْبِيهًا أَنَّ بِكُلِّ قُوَّةٍ مِنْ هَذِهِ الْقُوَى يُمْكِنُ إِدْرَاكُ حَقِيقَتِهِ مِنْهَا. وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾[الْرَّعْد:4]، وَغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ))(13)...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
______________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/306)، مَطْبَعَةُ الْفُرْقَانِ لِلْنَّشْرِ الْحَدِيثِ: الْدَّار الْبَيْضَاء، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 2008م
(3) مُقَدِّمَة ابْن خَلْدُون (1/580)، دَار الْفِكْر لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، طَبْعَة: 1421هـ-2001م
(4) مُقَدِّمَة ابْن خَلْدُون (1/590-591)
(5) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/306-307)
(6) الْقَانُون فِي أَحْكَامِ الْعِلْمِ وَأَحْكَامِ الْعَالِـمِ وَأَحْكَامِ الْـمُتَعَلِّمِ (ص:181)، تَأْلِيف: الْإِمَام أَبِي الْـمَوَاهِب الْحَسَن بْن مَسْعُود الْيُوسِي، مَطِبَعَةُ شَالة: الْرِّبَاط، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1998م
(7) الْقَانُون لِلْعَلَّامَة الْيُوسِي (ص:181)
( حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/311)
(9) الْقَانُون لِلْعَلَّامَة الْيُوسِي (ص:182)
(10) الْقَانُون لِلْعَلَّامَة الْيُوسِي (ص:182-183)
(11) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ﴾[الْأَنْعَام:76]
(12) الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ لِلْإِمَام بَدْر الْدِّيْن الْزَّرْكَشِي (2/147-148)، دَارُ الْـمَعْرِفَةِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1410هـ-1990م
(13) الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ لِلْإِمَام بَدْر الْدِّيْن الْزَّرْكَشِي (2/148-149)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" كَمَا تَجِدهُ فِي كَلِمَتِهِ الْشَّهْرِيَّة (الْـمُتَنَاقِضَةِ!): ((فأين #أدعياءُ_المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل والفلسفة #مِنَ_الأشاعرة وغيرهم؟!...))(1)
الْتَّعْلِيق:
قَبْلَ الْخَوْضِ فِي الْرَّدِّ عَلَى هَذَا الْوَهَّابِي، أَجِدُ مِنَ الْأَهَمِّيَّةِ بِمَكَانٍ ذِكْر فَذْلَكَةٍ حَوْلَ هَذَا الْعِلْمِ الْأَصِيل وَالْفَنِّ الْنَّبِيلِ عَلَى وِفْقِ مَا قَرَّرَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُم اللهِ...
نَعَمْ؛ قَالَ الْعَلَّامَة الْإِمَام الْفَقِيه الْأُصُولِي الْنَّظَّار الْحَسَن بْن مَسْعُود الْيُوسِي (ت:1102هـ): ((يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ فِي هَذَا الْـمَقَامِ أَنَّ مَبَادِئَ الْعِلْمِ الَّتِي تُذْكَرُ بَيْنَ يَدَي الْشُّرُوعِ فِيْهِ عَشْرَةٌ، وَهِيَ: اسْمُهُ، وَحَدُّهُ، وَمَوْضُوعُهُ، وَوَاضِعُهُ، وَاسْتِمْدَادُهُ، وَمَسَائِلُهُ، وَنِسْبَتُهُ، وَفَائِدَتُهُ، وَحُكْمُهُ، وَفَضْلُهُ. وَهَذِهِ كُلّهَا مُحْتَاجٌ إِلَى مَعْرِفَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ، إِلَّا أَنَّ بَعْضهَا أَوْكَد مِنْ بَعْضٍ))(2)...
وَنَكْتَفِي مِنْ هَذِهِ الْـمَبَادِئ الْعَشْرَة بِذِكْرِ مَا يَلِي:
أَوَّلًا: تَعْرِيْفُ فَنِّ "عِلْمِ الْكَلَام"؟!
قَالَ الْعَلَّامَة ابْن خَلْدُون (ت:808هـ) مَا نَصُّهُ: ((هُوَ عِلْمٌ يَتَضَمَّنُ الْحِجَاجَ عَنِ الْعَقَائِدِ الْإِيْمَانِيَّةِ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْرَّدِّ عَلَى الْـمُبْتَدِعَةِ الْـمُنْحَرِفِيْنَ فِي الاِعْتِقَادَاتِ عَنْ مَذَاهِبِ الْسَّلَفِ وَأَهْلِ الْسُّنَّةِ. وَسِرُّ هَذِهِ الْعَقَائِدِ الْإِيْمَانِيَّةِ هُوَ: الْتَّوْحِيدُ))(3) وَبَعْدَ أَنْ تَكَلَّم فِي سَبَبِ حُدُوثِ هَذَا الْعِلْم قَالَ: ((وَ بِالْجُمْلَةِ فَمَوْضُوعُ "عِلْمِ الْكَلَامِ" عِنْدَ أَهْلِهِ إِنَّمَا هُوَ الْعَقَائِدُ الْإِيْمَانِيَّةُ بَعْدَ فَرْضِهَا صَحِيْحَةً مِنَ الْشَّرْعِ مِنْ حَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَيْهَا بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ فَتُرْفَعُ الْبِدَعُ وَتَزُولُ الْشُّكُوكُ وَالْشُّبَهُ عَنْ تِلْكَ الْعَقَائِدِ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ حَالَ الْفَنِّ فِي حُدُوثِهِ وَكَيْفَ تَدَرَّجَ كَلَامُ الْنَّاسِ فِيْهِ صَدْرًا بَعْدَ صَدْرٍ وَكُلُّهُم يَفْرِضُ الْعَقَائِدَ صَحِيْحَةً وَيَسْتَنْهِضُ الْحُجَجَ وَالْأَدِلَّةَ عَلِمْتَ حِيْنَئِذٍ مَا قَرَّرْنَاهُ لَكَ فِي مَوْضُوعِ الْفَنِّ وَأَنَّهُ لَا يَعْدُوهُ))(4)...
ثَانِيًا: الْأَسْمَاءُ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَى هَذَا الْفَنِّ "عِلْم الْكَلَامِ"؟!
قَالَ الْإِمَام الْيُوسِي (ت:1102هـ): ((أَمَّا اسْم هَذَا الْعِلْمِ، فَاعْلَم أَنَّهُ يُسَمَّى بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ وَهِيَ: عِلْمُ أُصُولِ الْدِّيْنِ، وَعِلْمُ الْتَّوْحِيدِ، وَعِلْمُ الْكَلَامِ، وَيُقَالُ بِحَذْفِ لَفْظَةِ "عِلْم" فِي الْثَّلَاثَةِ فَتَكُون الْأَلْقَاب سِتَّة، وَبَعْضُهُم يُسَمِّيهِ أَيْضًا: الْعِلْمُ الْإِلَهِي فَتَكُون سَبْعَة.
أَمَّا تَسْمِيَته بِالْأَوَّلِ [عِلْمُ أُصُولِ الْدِّيْنِ]: فَلِأَنَّ سَائِر الْعُلُومِ الْدِّيْنِيَّةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ، وَأَصْل الْشَّيْءِ مَا يُبْنَى عَلَيْهِ الْشَّيْء...غَيْر أَنَّ هَذَا اللَّقَب لَا يُخْتَصُّ بِهَذَا الْعِلْمِ، بَلْ يُشَارِكُهُ فِيْهِ أُصُول الْفِقْهِ، لِأَنَّ الْدِّيْنَ ضَرْبَانِ: اعْتِقَادٌ وَعَمَلٌ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَصْلٌ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَصْلُ الْدِّيْنِ، لَكِنْ كَثُرَ إِطْلَاقهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَتَسْمِيَةُ الْثَّانِي: أُصُول الْفِقْهِ.
وَأَمَّا تَسْمِيَتهُ بِالْثَّانِي [عِلْمُ الْتَّوْحِيدِ]: فَلِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى تَوْحِيْدِ اللهِ تَعَالَى تَسْمِيَة لَهُ بِأَشْرَفِ أَجْزَائِهِ.
وَأَمَّا بِالْثَّالِثِ [عِلْمُ الْكَلَامِ]: فَلِأَنَّ أَهْل الْكَلَامِ يُصَدِّرُونَ مَبَاحِثهم بِقَوْلِهِم: "الْكَلَامُ فِي كَذَا"، "الْكَلَامُ فِي هَذَا الْـمَبْحَثِ كَذَا". وَقِيْلَ: لِكَثْرَةِ الْكَلَامِ فِيْهِ، لِأَنَّ صَاحِبهُ يَتَكَلَّمُ فِي الْوُجُودِ الْـمُطْلَقِ أَوْ الْـمَعْلُومِ. وَقِيْلَ: لِأَنَّ أَهْل الْظَّاهِرِ كَانُوا إِذَا سُئِلُوا عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِهِ قَالُوا: "هَذَا مِمَّا نُهِيْنَا عَنِ الْكَلَامِ فِيْهِ" فَاشْتُهِرَ بِذَلِكَ حَتَّى وَقَعَت الْإِضَافَة. وَقِيْلَ: لِأَنَّ مَسْأَلَة الْكَلَامِ، أَهُوَ قَدِيْمٌ أَمْ حَادِثٌ؟ سَبَبٌ لِوَضْعِ الْتَّصَانِيفِ فِيْهِ. وَقِيْلَ: لِأَنَّهُ كَثُرَ فِيْهِ مِنَ الْكَلَامِ مَعَ الْخُصُومِ وَالْرَّدِّ عَلَيْهِم مَا لَـمْ يَكْثُر فِي غَيْرِهِ. وَقِيْلَ: لِأَنَّهُ يُورِثُ قُدْرَةً عَلَى الْكَلَامِ فِي الْشَّرْعِيَّاتِ كَالْـمَنْطِقِ فِي الْفَلْسَفِيَّاتِ. وَقِيْلَ: لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى كَلَامًا، كَمَا يُقَالُ لِلْأَقْوَى مِنَ الْكَلَامَيْنِ هَذَا هُوَ الْكَلَامُ. وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ.
وَأَمَّا بِالْرَّابِعِ [الْعِلْمُ الْإِلَهِي]: فَلِأَنَّ الْـمَقْصُود مِنْ هَذَا الْعِلْم، مَعْرِفَة الْإِلَهِ تَعَالَى))(5)...
ثَالِثًا: مَوْضُوعُ هَذَا الْفَنِّ "عِلْم الْكَلَامِ"؟!
قَالَ الْإِمَام الْيُوسِي (ت:1102هـ) فِي قَانُونِهِ: ((وَأَمَّا مَوْضُوعهُ: فَمَاهِيَّاتُ الْـمُمْكِنَاتِ، مِنْ حَيْثُ دَلَالَتهَا عَلَى وُجُودِ مُوْجِدهَا وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ،...وَقِيْلَ: الْـمَعْلُوم مِنْ حَيْثُ هُو، وَقِيْلَ: الْـمَوْجُود، وَقِيْلَ: ذَاتُ اللهِ تَعَالَى))(6)...
رَابِعًا: فَائِدَةُ هَذَا الْفَنِّ "عِلْم الْكَلَامِ"؟!
قَالَ الْإِمَام الْيُوسِي (ت:1102هـ) فِي قَانُونِهِ: ((وَأَمَّا فَائِدَتهُ: وَهِيَ الْغَرَضُ وَالْغَايَةُ، وَإِنَّـمَا تَخْتَلِفُ الْأَسَامِي بِالاِعْتِبَارِ، فَـمَا حَصَلَ عَن الْشَّيْءِ مِنْ حَيْثُ حُصُوله عِنْدَه فَائِدَة وَثَـمْرَة، وَمِنْ حَيْثُ كَوْنه مَطْلُوبًا مِنْهُ غَرَضٌ وَبَاعِثٌ وَعِلَّةٌ، وَمِنْ حَيْثُ الاِنْتِهَاء إِلَيْهِ غَايَة وَعِلَّة غَائِيَّة، فَهِيَ فِي الْدُّنْيَا: حُصُول الْيَقِيْن، وَالاِرِتِفَاع عَنْ حَضِيْضِ الْتَّقْلِيْدِ، وَإِرْشَاد الْـمُسْتَرْشِدِيْنَ، وَإِفْحَام الْـمُعَانِد، وَحِفْظ قَوَاعِد الْدِّيْنِ عَنْ شُبَهِ الْـمُبْطِلِيْنَ، وَصِحَّة الْنِّيَّة وَالاِخْلَاص، وَغَيْر ذَلِكَ. وَفِي الاَخِرَةِ: الْفَوْز بِالْسَّعَادَةِ، وَنَاهِيْكَ بِهَذَا كُلِّهِ))(7)...
وَقَالَ أَيْضًا فِي حَوَاشِيه عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي: ((وَأَمَّا فَائِدَةُ هَذَا الْعِلْمِ، فَلَا يَخْفَى أَنَّ لَهُ فَوَائِد أُخْرَوِيَّة، كَالْسَّلَامَةِ مِنَ الْعَذَابِ الْـمُرَتَّبِ عَلَى الْكُفْرِ وَسَيِّئِ الاِعْتِقَادِ، وَدُنْيَوِيَّة كَرَفْعِ الْقَتْلِ وَانْتِظَامِ الْـمَعَاشِ بِالْعَدْلِ، وَرَفْعِ الْجُوْرِ وَالْتَّظَالُـمِ))(...
خَامِسًا: فَضْلُ "عِلْم الْكَلَامِ"؟!
قَالَ الْإِمَام الْيُوسِي (ت:1102هـ) فِي قَانُونِهِ: ((وَأَمَّا رُتْبَتهُ: أَيْ مَنْزِلَتهُ مِنَ الْشَّرَفِ وَهِيَ الْفَضْل، فَتَابِعَةٌ لِشَرَفِ الْغَايَةِ مَعَ الْـمَوْضُوع وَالْـمَعْلُوم وَالْدَّلِيْل، وَلَا شَكَّ أَنَّ غَايَةَ هَذَا الْعِلْمِ أَشْرَف الْغَايَاتِ، وَمَوْضُوعهُ أَعْلَى الْـمَوْضُوعَاتِ، وَمَعْلُومهُ أَجَلّ الْـمَعْلُومَاتِ، وَأَدِلَّتهُ بَرَاهِيْنَ تَطَابَقَ عَلَيْهَا الْعَقْل وَالْنَّقْل، فَهَذَا غَايَة الْشَّرَفِ وَالْفَضْلِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَشْرَف الْعُلُومِ))(9)...
سَادِسًا: وَاضِعُ هَذَا الْفَنِّ "عِلْم الْكَلَامِ"؟!
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْيُوسِيُّ (ت:1102هـ) فِي قَانُونِهِ: ((وَأَمَّا وَاضِعُهُ [عِلْمُ الْكَلَامِ] فَقِيلَ: هُوَ الْشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيُّ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي دَوَّنَ هَذَا الْعِلْمَ، وَهَذَّبَ مَطَالِبَهُ، وَنَقَّحَ مَشَارِبَهُ، فَهُوَ إمَامُ أَهْلِ الْسُّنَّةِ غَيْر مُدَافَعٍ، وَلَكِنْ عَدُّهُ وَاضِعًا غَيْرُ بَيِّنٍ؟!، فَإِنَّ هَذَا الْعِلْمَ كَانَ قَبْلَهُ، وَكَانَتْ لَهُ عُلَمَاءُ يَخُوضُونَ فِيهِ، كَالْقَلَانِسِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِلَّابٍ، وَكَانُوا قَبْلَ الْشَّيْخِ يُسَمَّوْنَ بِالْمُثْبِتَةِ، لِإِثْبَاتِهِمْ مَا نَفَتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ، وَأَيْضًا عِلْمُ الْكَلَامِ كَمَا مَرَّ صَادِقٌ بِقَوْلِ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ، وَالْشَّيْخُ كَانَ يَدْرُسُهُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ، وَقِصَّتُهُ مَعْلُومَةٌ، فَكَيْفَ يَكُونُ وَاضِعًا؟!.
وَالْأَوْلَى أَنَّهُ عِلْمٌ قُرْآنِيٌّ، لِأَنَّهُ مَبْسُوطٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، بِذِكْرِ الْعَقَائِدِ، وَذِكْرِ الْنُّبُوَّاتِ، وَذِكْرِ الْسَّمْعِيَّاتِ، وَذَلِكَ مَجْمُوعُهُ، مَعَ ذِكْرِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُود الْصَّانِعِ تَعَالَى مِنْ حُدُوثِ الْعَالَمِ، الْمُشَارِ إلَيْهِ بِخَلْقِ الْسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْنُّفُوسِ وَغَيْرِهَا، وَالْإِشَارَةُ إلَى مَذَاهِبِ الْمُبْطِلِينَ كَالْمُثَلَّثَةِ، وَالْمَثْنِيَّةِ، والْطَّبَائِعِيِّينَ، وَإِنْكَارُ هَذَا عَلَيْهِمْ، وَالْجَوَابُ عَنْ شُبَهِ الْمُبْطِلِينَ الْمُنْكِرِينَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، إمْكَانًا أَوْ وُجُودًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾[الأنبياء:104] وقَوْله تَعَالَى: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾[يس:79]، وقَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا﴾[يس:80] وَذَكَرَ حُجَجَ إبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ إقْرَارًا لَهَا، وَحِكَمَ لُقْمَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ الْنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ كَإِبْطَالِهِ اعْتِقَادَ الْأَعْرَابِ فِي الْأَنْوَاءِ، وَفِي الْعَدْوَى وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَلُمَّ جَرًّا.
وَهَذَا إذَا اُعْتُبِرَ الْكَلَامُ مَعْزُولًا عَنْ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ، وَأَمَّا إنْ اُعْتُبِرَ الْإِلَهِيَّ، وَأَنَّهُ الْمَأْخُوذُ فِي الْمِلَّةِ بَعْدَ تَنْقِيحِهِ، بِإِبْطَالِ الْبَاطِلِ، وَتَصْحِيحِ الْصَّحِيحِ، فَلَا إشْكَالَ أَنَّ وَضْعَهُ قَدِيمٌ))(10) وَهَذَا تَحْقِيْقٌ نَفِيْسٌ...
وَقَالَ الْعَلَّامَة الْأُصُولِي الْإِمَام الْهُمَام بَدْر الْدِّين الْزَّرْكَشِي (ت:794هـ) (ت:794هـ): ((وَاعْلَمْ أَنَّهُ [الْقُرْآن] قَدْ يَظْهَرُ مِنْهُ بِدَقِيقِ الْفِكْرِ اسْتِنْبَاطُ الْبَرَاهِينِ الْعَقْلِيَّةِ عَلَى طُرُقِ الْمُتَكَلِّمِينَ؛ فَمِنْ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى حُدُوثِ الْعَالَمِ بِتَغَيُّرِ الْصِّفَاتِ عَلَيْهِ وَانْتِقَالِهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَهُوَ آيَةُ الْحُدُوثِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي احْتِجَاجِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ الْسَّلَام اسْتِدْلَاله بِحُدُوثِ الْأَفْلِ(11) عَلَى وُجُودِ الْمُحْدِثِ وَالْحُكْمِ عَلَى الْسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِحُكْمِ الْنَّيِّرَاتِ الْثَّلَاثِ وَهُوَ الْحُدُوثُ، طَرْدًا لِلْدَّلِيلِ فِي كُلِّ مَا هُوَ مَدْلُولُهُ، لِتَسَاوِيهَا فِي عِلَّةِ الْحُدُوثِ وَهِيَ الْجِسْمَانِيَّةُ.
وَمِنْ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى أَنَّ صَانِعَ الْعَالَمِ وَاحِدٌ، بِدَلَالَةِ الْتَّمَانُعِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾[الْأَنْبِيَاء:22]؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْعَالَمِ صَانِعَانِ لَكَانَ لَا يَجْرِي تَدْبِيرُهُمَا عَلَى نِظَامٍ، وَلَا يَتَّسِقُ عَلَى إِحْكَامٍ، وَلَكَانَ الْعَجْزُ يَلْحَقُهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا؛ وَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا إِحْيَاءَ جِسْمٍ، وَأَرَادَ الْآخَرُ إِمَاتَتَهُ، فَإِمَّا أَنْ تُنَفَّذَ إِرَادَتُهُمَا فَتَتَنَاقَضَ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَجْرِيَ الْفِعْلُ إِنْ فُرِضَ الِاتِّفَاقُ، أَوْ لِامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ الْضِّدَّيْنِ إِنْ فُرِضَ الِاخْتِلَافُ. وَإِمَّا لَا تُنَفَّذُ إِرَادَتُهُمَا فَيُؤَدِّيَ إِلَى عَجْزِهِمَا، أَوْ لَا تُنَفَّذُ إِرَادَةُ أَحَدِهِمَا فَيُؤَدِّيَ إِلَى عَجْزِهِ، وَالْإِلَهُ لَا يَكُونُ عَاجِزًا))(12)...
وَقَالَ الْبَدْر الْزَّرْكَشِي (ت:794هـ) أَيْضًا: ((اعْلَمْ أَنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبَرَاهِينِ وَالْأَدِلَّةِ؛ وَمَا مِنْ بُرْهَانٍ وَدَلَالَةٍ وَتَقْسِيمٍ وَتَحْدِيدٍ يَنْبَنِي مِنْ كُلِّيَّاتِ الْمَعْلُومَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْسَّمْعِيَّةِ إِلَّا وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ نَطَقَ بِهِ، لَكِنْ أَوْرَدَهُ تَعَالَى عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ دُونَ دَقَائِقِ طُرُقِ أَحْكَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: بِسَبَبِ مَا قَالَهُ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾[إِبْرَاهِيم:4] الْآيَةَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَائِلَ إِلَى دَقِيقِ الْمُحَاجَّةِ هُوَ الْعَاجِزُ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ بِالْجَلِيلِ مِنَ الْكَلَامِ؛ فَإِنَّ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُفْهِمَ بِالْأَوْضَحِ الَّذِي يَفْهَمُهُ الْأَكْثَرُونَ لَمْ يَتَخَطَّ إِلَى الْأَغْمَضِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْأَقَلُّونَ وَلَمْ يَكُنْ مُلْغِزًا، فَأَخْرَجَ تَعَالَى مُخَاطَبَاتِهِ فِي مُحَاجَّةِ خَلْقِهِ فِي أَجَلِّ صُورَةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى أَدَقِّ دَقِيقٍ، لِتَفْهَمَ الْعَامَّةُ مِنْ جَلِيلِهَا مَا يُقْنِعُهُمْ وَيُلْزِمِهُمُ الْحُجَّةَ، وَتَفْهَمُ الْخَوَاصُّ مِنْ أَثْنَائِهَا مَا يُوَفِّي عَلَى مَا أَدْرَكَهُ فَهْم الْخِطَابِ. وَعَلَى هَذَا حُمِلَ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ: "إِنَّ لِكُلِّ آيَةٍ ظَهْرًا وَبَطْنًا، وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدًّا وَمَطْلَعًا" لَا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبَاطِنِيَّةُ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ كُلُّ مَنْ كَانَ حَظُّهُ فِي الْعُلُومِ أَوْفَرَ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ أَكْثَرَ. وَلِذَلِكَ إِذَا ذَكَرَ تَعَالَى حُجَّةً عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ أَتْبَعَهَا مَرَّةً بِإِضَافَتِهِ إِلَى أُوْلِي الْعَقْلِ، وَمَرَّةً إِلَى الْسَّامِعِينَ، وَمَرَّةً إِلَى الْمُفَكِّرِينَ، وَمَرَّةً إِلَى الْمُتَذَكِّرِينَ، تَنْبِيهًا أَنَّ بِكُلِّ قُوَّةٍ مِنْ هَذِهِ الْقُوَى يُمْكِنُ إِدْرَاكُ حَقِيقَتِهِ مِنْهَا. وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾[الْرَّعْد:4]، وَغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ))(13)...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
______________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/306)، مَطْبَعَةُ الْفُرْقَانِ لِلْنَّشْرِ الْحَدِيثِ: الْدَّار الْبَيْضَاء، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 2008م
(3) مُقَدِّمَة ابْن خَلْدُون (1/580)، دَار الْفِكْر لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، طَبْعَة: 1421هـ-2001م
(4) مُقَدِّمَة ابْن خَلْدُون (1/590-591)
(5) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/306-307)
(6) الْقَانُون فِي أَحْكَامِ الْعِلْمِ وَأَحْكَامِ الْعَالِـمِ وَأَحْكَامِ الْـمُتَعَلِّمِ (ص:181)، تَأْلِيف: الْإِمَام أَبِي الْـمَوَاهِب الْحَسَن بْن مَسْعُود الْيُوسِي، مَطِبَعَةُ شَالة: الْرِّبَاط، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1998م
(7) الْقَانُون لِلْعَلَّامَة الْيُوسِي (ص:181)
( حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/311)
(9) الْقَانُون لِلْعَلَّامَة الْيُوسِي (ص:182)
(10) الْقَانُون لِلْعَلَّامَة الْيُوسِي (ص:182-183)
(11) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ﴾[الْأَنْعَام:76]
(12) الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ لِلْإِمَام بَدْر الْدِّيْن الْزَّرْكَشِي (2/147-148)، دَارُ الْـمَعْرِفَةِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1410هـ-1990م
(13) الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ لِلْإِمَام بَدْر الْدِّيْن الْزَّرْكَشِي (2/148-149)
خيرالدين يعجبه هذا الموضوع
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (3)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" كَمَا تَجِدهُ فِي كَلِمَتِهِ الْشَّهْرِيَّة (الْـمُتَنَاقِضَةِ!): ((فأين #أدعياءُ_المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!...))(1)
الْتَّعْلِيق:
ثُـمَّ نَقُول لِهَذَا الْوَهَّابِي (#الْـمُتَنَاقِض!): لَوْ كَان "#عِلْم_الْكَلَام" مَذْمُومًا هَكَذَا بِإِطِلَاقٍ، بِلَا زِمَامٍ وَلَا خِطَامٍ؟!، فَـمَا بَالُ (#الْتَّيْمِيَّة!) يُفَسِّرُونَ بَعْض آي الْقُرْآن بِـ: "#دَلِيْل_الْتَّمَانُع" الْـشَّائِعِ مِنْ طَرِيقِ أَهْل الْكَلَامِ؟!...
قَالَ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾[الْـمُؤْمِنُون:91].
قَالَ الْـحَافِظ ابْن كَثِير (ت:774هـ) (الْتَّيْمِي!) فِي تَفْسِيرِهِ: ((يُنَزِّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ﴾[الْـمُؤْمِنُون:91] أَيْ: لَوْ قُدِّرَ تَعَدُّدُ الْآلِهَةِ، لَانفَرَدَ كُلٌّ منهم بِمَا يَخْلُقُ، فَمَا كَانَ يَنْتَظِمُ الْوُجُودُ، وَالْمُشَاهَدُ أَنَّ الْوُجُودَ مُنْتَظِمٌ مُتَّسِقٌ، كُلٌّ مِنَ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالْسُّفْلِيِّ مُرْتَبِطٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فِي غَايَةِ الْكَمَالِ ﴿مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ﴾[الْمُلْكِ:3]. ثُمَّ لَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَطْلُبُ قَهْرَ الْآخَرِ وَخِلَافَهُ، فَيَعْلُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، #وَالْمُتَكَلِّمُونَ_ذَكَرُوا_هَذَا_الْمَعْنَى #وَعَبَّرُوا_عَنْهُ_بِدَلِيلِ_الْتَّمَانُعِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ صَانِعَانِ فَصَاعِدًا، فَأَرَادَ وَاحِدٌ تَحْرِيْكَ جِسْمٍ وَالآخَرُ أَرَادَ سُكُونَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَا عَاجِزَيْنِ!، وَالْوَاجِبُ لَا يَكُونُ عَاجِزًا، وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ مُرَادَيْهِمَا لِلْتَّضَادِّ، وَمَا جَاءَ هَذَا الْمُحَالُ إِلَّا مِنْ فَرْضِ الْتَّعَدُّدِ، فَيَكُونُ مُحَالًا، فَأَمَّا إِنْ حَصَلَ مُرَادُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْوَاجِبُ، وَالْآخِرُ الْمَغْلُوبُ مُمْكِنًا، لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِصِفَةِ الْوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ مَقْهُورًا، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ أَيْ: عَمَّا يَقُولُ الْظَّالِمُونَ الْمُعْتَدُونَ فِي دَعْوَاهُمُ الْوَلَدَ أَوِ الْشَّرِيكَ عُلُوًّا كَبِيرًا))(2)...
وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّم (ت:751هـ) (الْتَّيْمِي!): ((وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾[الْـمُؤْمِنُون:91].
فَتَأَمَّلْ هَذَا الْبُرْهَانَ الْبَاهِرَ بِهَذَا اللَّفْظِ الْوَجِيزِ الْبَيِّنِ، فَإِنَّ الْإِلَهَ الْحَقَّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَالِقًا فَاعِلًا يُوصِلُ إِلَى عَابِدِهِ الْنَّفْعَ وَيَدْفَعُ عَنْهُ الْضُّرَّ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ سُبْحَانَهُ إِلَهٌ لَكَانَ لَهُ خَلْقٌ وَفِعْلٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرْضَى شَرِكَةَ الْإِلَهِ الْآخَرِ مَعَهُ، بَلْ إِنْ قَدَرَ عَلَى قَهْرِهِ وَتَفَرُّدِهِ بِالْإِلَهِيَّةِ دُونَهُ فَعَلَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ انْفَرَدَ بِخَلْقِهِ وَذَهَبَ بِهِ، كَمَا يَنْفَرِدُ مُلُوكُ الدُّنْيَا عَنْ بَعْضِهِمْ بَعْضًا بِمَمَالِيكِهِمْ إِذَا لَمْ يَقْدِرِ الْمُنْفَرِدُ عَلَى قَهْرِ الْآخَرِ وَالْعُلُوِّ عَلَيْهِ.
فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: إِمَّا أَنْ يَذْهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِخَلْقِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَعْلُوَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ تَحْتَ قَهْرِ إِلَهٍ وَاحِدٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ، وَلَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ، وَيَمْتَنِعُ مِنْ حُكْمِهِمْ وَلَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ حُكْمِهِ، فَيَكُونُ وَحْدَهُ هُوَ الْإِلَهُ وَهُمُ الْعَبِيدُ الْمَرْبُوبُونَ الْمَقْهُورُونَ.
وَانْتِظَامُ أَمْرِ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالْسُّفْلِيِّ وَارْتِبَاطُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَجَرَيَانُهُ عَلَى نِظَامٍ مُحْكَمٍ لَا يَخْتَلِفُ وَلَا يَفْسُدُ مِنْ أَدَلِّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ مُدَبِّرَهُ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، #كَمَا_دَلَّ_دَلِيلُ_الْتَّمَانُعِ عَلَى أَنَّ خَالِقَهُ وَاحِدٌ لَا رَبَّ غَيْرُهُ))(3) ؟!...
وَقَالَ عَبْد الْرَّحْمَن الْسَّعْدِي (1376هـ) (الْوَهَّابِي!): ((وَلِهَذَا #ذَكَر_اللهُ_دَلِيل_الْتَّمَانُعِ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾[الْـمُؤْمِنُون:91]))(4)؟!...
فَمَا بَالهُم (#يَسْتَحْسِنُونَ!) تَفْسِير كِتَاب اللهِ بِطَرِيقَة (#أَهْل_الْبِدَع!) الَّذِيْنَ (#ذَمَّهُم!) الْإِمَام مَالِك وَالْسَّلَف عَلَى حَدِّ زَعْمِ هَذَا الْـمُتَهَوِّك؟!...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
______________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) تَفْسِير الْحَافِظ ابْن كَثِير الْدِّمَشْقِي (10/143-144)، مُؤَسَّسَةُ قُرْطُبَة لِلْطَّبْعِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيع: جِيْزَة، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1421هـ-2000م
(3) مُخْتَصَرُ الْصَّوَاعِق الْـمُرْسَلَةِ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَالْـمُعَطِّلَةِ لاِبْن قَيِّم الْجَوْزِيَّة اخْتِصَار مُحَمَّد بْن الْـمَوْصِلِي (1/181-182)، طَبْعَةُ أَضْوَاء الْسَّلَفِ: الْسُّعُودِيَّة، سَنَةُ الْنَّشْر:1425هـ-2004م
(4) تَفْسِير عَبْد الْرَّحْمَن الْسَّعْدِي (ص:521)، مُؤَسَّسَةُ الْرِّسَالَة لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيْعِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1423هـ-2002م
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" كَمَا تَجِدهُ فِي كَلِمَتِهِ الْشَّهْرِيَّة (الْـمُتَنَاقِضَةِ!): ((فأين #أدعياءُ_المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!...))(1)
الْتَّعْلِيق:
ثُـمَّ نَقُول لِهَذَا الْوَهَّابِي (#الْـمُتَنَاقِض!): لَوْ كَان "#عِلْم_الْكَلَام" مَذْمُومًا هَكَذَا بِإِطِلَاقٍ، بِلَا زِمَامٍ وَلَا خِطَامٍ؟!، فَـمَا بَالُ (#الْتَّيْمِيَّة!) يُفَسِّرُونَ بَعْض آي الْقُرْآن بِـ: "#دَلِيْل_الْتَّمَانُع" الْـشَّائِعِ مِنْ طَرِيقِ أَهْل الْكَلَامِ؟!...
قَالَ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾[الْـمُؤْمِنُون:91].
قَالَ الْـحَافِظ ابْن كَثِير (ت:774هـ) (الْتَّيْمِي!) فِي تَفْسِيرِهِ: ((يُنَزِّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ﴾[الْـمُؤْمِنُون:91] أَيْ: لَوْ قُدِّرَ تَعَدُّدُ الْآلِهَةِ، لَانفَرَدَ كُلٌّ منهم بِمَا يَخْلُقُ، فَمَا كَانَ يَنْتَظِمُ الْوُجُودُ، وَالْمُشَاهَدُ أَنَّ الْوُجُودَ مُنْتَظِمٌ مُتَّسِقٌ، كُلٌّ مِنَ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالْسُّفْلِيِّ مُرْتَبِطٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فِي غَايَةِ الْكَمَالِ ﴿مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ﴾[الْمُلْكِ:3]. ثُمَّ لَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَطْلُبُ قَهْرَ الْآخَرِ وَخِلَافَهُ، فَيَعْلُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، #وَالْمُتَكَلِّمُونَ_ذَكَرُوا_هَذَا_الْمَعْنَى #وَعَبَّرُوا_عَنْهُ_بِدَلِيلِ_الْتَّمَانُعِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ صَانِعَانِ فَصَاعِدًا، فَأَرَادَ وَاحِدٌ تَحْرِيْكَ جِسْمٍ وَالآخَرُ أَرَادَ سُكُونَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَا عَاجِزَيْنِ!، وَالْوَاجِبُ لَا يَكُونُ عَاجِزًا، وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ مُرَادَيْهِمَا لِلْتَّضَادِّ، وَمَا جَاءَ هَذَا الْمُحَالُ إِلَّا مِنْ فَرْضِ الْتَّعَدُّدِ، فَيَكُونُ مُحَالًا، فَأَمَّا إِنْ حَصَلَ مُرَادُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْوَاجِبُ، وَالْآخِرُ الْمَغْلُوبُ مُمْكِنًا، لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِصِفَةِ الْوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ مَقْهُورًا، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ أَيْ: عَمَّا يَقُولُ الْظَّالِمُونَ الْمُعْتَدُونَ فِي دَعْوَاهُمُ الْوَلَدَ أَوِ الْشَّرِيكَ عُلُوًّا كَبِيرًا))(2)...
وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّم (ت:751هـ) (الْتَّيْمِي!): ((وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾[الْـمُؤْمِنُون:91].
فَتَأَمَّلْ هَذَا الْبُرْهَانَ الْبَاهِرَ بِهَذَا اللَّفْظِ الْوَجِيزِ الْبَيِّنِ، فَإِنَّ الْإِلَهَ الْحَقَّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَالِقًا فَاعِلًا يُوصِلُ إِلَى عَابِدِهِ الْنَّفْعَ وَيَدْفَعُ عَنْهُ الْضُّرَّ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ سُبْحَانَهُ إِلَهٌ لَكَانَ لَهُ خَلْقٌ وَفِعْلٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرْضَى شَرِكَةَ الْإِلَهِ الْآخَرِ مَعَهُ، بَلْ إِنْ قَدَرَ عَلَى قَهْرِهِ وَتَفَرُّدِهِ بِالْإِلَهِيَّةِ دُونَهُ فَعَلَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ انْفَرَدَ بِخَلْقِهِ وَذَهَبَ بِهِ، كَمَا يَنْفَرِدُ مُلُوكُ الدُّنْيَا عَنْ بَعْضِهِمْ بَعْضًا بِمَمَالِيكِهِمْ إِذَا لَمْ يَقْدِرِ الْمُنْفَرِدُ عَلَى قَهْرِ الْآخَرِ وَالْعُلُوِّ عَلَيْهِ.
فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: إِمَّا أَنْ يَذْهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِخَلْقِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَعْلُوَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ تَحْتَ قَهْرِ إِلَهٍ وَاحِدٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ، وَلَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ، وَيَمْتَنِعُ مِنْ حُكْمِهِمْ وَلَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ حُكْمِهِ، فَيَكُونُ وَحْدَهُ هُوَ الْإِلَهُ وَهُمُ الْعَبِيدُ الْمَرْبُوبُونَ الْمَقْهُورُونَ.
وَانْتِظَامُ أَمْرِ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالْسُّفْلِيِّ وَارْتِبَاطُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَجَرَيَانُهُ عَلَى نِظَامٍ مُحْكَمٍ لَا يَخْتَلِفُ وَلَا يَفْسُدُ مِنْ أَدَلِّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ مُدَبِّرَهُ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، #كَمَا_دَلَّ_دَلِيلُ_الْتَّمَانُعِ عَلَى أَنَّ خَالِقَهُ وَاحِدٌ لَا رَبَّ غَيْرُهُ))(3) ؟!...
وَقَالَ عَبْد الْرَّحْمَن الْسَّعْدِي (1376هـ) (الْوَهَّابِي!): ((وَلِهَذَا #ذَكَر_اللهُ_دَلِيل_الْتَّمَانُعِ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾[الْـمُؤْمِنُون:91]))(4)؟!...
فَمَا بَالهُم (#يَسْتَحْسِنُونَ!) تَفْسِير كِتَاب اللهِ بِطَرِيقَة (#أَهْل_الْبِدَع!) الَّذِيْنَ (#ذَمَّهُم!) الْإِمَام مَالِك وَالْسَّلَف عَلَى حَدِّ زَعْمِ هَذَا الْـمُتَهَوِّك؟!...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
______________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) تَفْسِير الْحَافِظ ابْن كَثِير الْدِّمَشْقِي (10/143-144)، مُؤَسَّسَةُ قُرْطُبَة لِلْطَّبْعِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيع: جِيْزَة، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1421هـ-2000م
(3) مُخْتَصَرُ الْصَّوَاعِق الْـمُرْسَلَةِ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَالْـمُعَطِّلَةِ لاِبْن قَيِّم الْجَوْزِيَّة اخْتِصَار مُحَمَّد بْن الْـمَوْصِلِي (1/181-182)، طَبْعَةُ أَضْوَاء الْسَّلَفِ: الْسُّعُودِيَّة، سَنَةُ الْنَّشْر:1425هـ-2004م
(4) تَفْسِير عَبْد الْرَّحْمَن الْسَّعْدِي (ص:521)، مُؤَسَّسَةُ الْرِّسَالَة لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيْعِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1423هـ-2002م
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (4)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" كَمَا تَجِدهُ فِي كَلِمَتِهِ الْشَّهْرِيَّة (الْـمُتَنَاقِضَةِ!): ((فأين #أدعياءُ_المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل #والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!...))(1)
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (#الْـمُتَنَاقِض!):
أَلَـمْ تَقُل فِي تَعْلِيقَاتِكَ (#الْـمُهَلْهَلَةِ!) عَلَى عَقَائِد الْشَّيْخ ابْن بَادِيس مَا نَصُّهُ: ((وعبارة: "واجب الوجود لذاته" #أحدثها_الفلاسفة_والمتكلِّمون، وهي #لا_تُعرف_في_كلام_الشارع #ولا_في_كلام_السلف، #لكنَّ_المعنى_ثابتٌ في كلام الشارع ومجمعٌ عليه))(2)؟!...
فَهَا أَنْتَ ذَا يَا حَضْرَةَ (الْدُّكْتُور!) تَنْقُضُ غَزْلَكَ وَتَنْسِفُ مَقَالَكَ فَتَسْتَرْوِحُ لِـ: ((مَا لَا يُعْرَفُ فِي كَلَامِ الْشَّارِعِ وَلَا فِي كَلَامِ الْسَّلَفِ)): مِنَ (#الْمُحْدَثَاتِ!) (#الْكَلَامِيَّة!) لِـ: أَهْلِ (#الْبِدَعِ!) مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَالْـمُتَكَلِّمَةِ الَّذِيْنَ ذَمَّ طَرَائِقَهُم (#الْكَلَامِيَّةِ!) هَذِهِ الْإِمَام مَالِك وَكِبَار أَصْحَابِهِ وَأَئِمَّةِ الْسُّنَّةِ عَلَى حَدِّ فَهْمِكَ (#الْـمَنْكُوس!)؟!...
فَإِذَا كُنْتَ لَا تَجِدُ أَي غَضَاضَةٍ فِي اعْتِمَادِ أُصُول أَهْلِ الْكَلَامِ حَتَّى وَإِنْ لَـمْ يَقُل بِهَا الْشَّارِع الْحَكِيم وَلَا الْسَّلَفُ الْكِرَام وَإِنَّـمَا وَافَقَتْ الْحَقَّ الَّذِي تَرَاهُ، فَـمَا مَعْنَى أَنْ تُحِلَّ لِنَفْسِكَ هَا هُنَا مَا تُحَرِّمُهُ عَلَى غَيْرِكَ فِي رَدِّكَ هُنَاكَ؟!...
أَلَـمْ تَقُل يَا حَضْرَة (الْدُّكْتُور!) الْوَهَّابِي: ((ينزِّه الله تعالى نفسه عمَّا يصفه به الظالمون الجاحدون من النقائص من اتِّخاذ الولد والشريك في الملك والتصرُّف والعبادة، #ويثبت_وحدانيته_بدليل_التمانع -أيضًا-، ووجهه: أنه لو أثبتنا للعالَم خالقَيْن تقديرًا لكان كلُّ خالقٍ يريد أن ينفرد بما خلق كما تجري عليه عادة الملوك فلا يرضى أن يشاركه أحدٌ في خلقه وسلطانه، الأمر الذي لا ينتظم الوجود معه، فلمَّا اتَّسق الوجود وانتظم دلَّ ذلك على أنَّ للعالَم خالقًا واحدًا، قال ابن كثيرٍ -رحمه الله- في [«تفسيره» (٣/ ٢٥٤)]: «لو قُدِّر تعدُّد الآلهة لانفرد كلٌّ منهم بما يخلق، فما كان ينتظم الوجود، والمشاهَد أنَّ الوجود منتظمٌ متَّسقٌ، كلٌّ من العالَم العلويِّ والسفليِّ مرتبطٌ بعضُه ببعضٍ في غاية الكمال، ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ [الملك: ٣]، ثمَّ لكان كلٌّ منهم يطلب قهْرَ الآخَر وخلافه، فيعلو بعضهم على بعضٍ. #والمتكلِّمون_ذكروا_هذا_المعنى_وعبَّروا_عنه_بدليل_التمانع، وَهُوَ...»))(3)؟!
فَلِمَاذَا تَحْتَجُّ بِدَلِيْلِ الْتَّمَانُعِ الْـمُقَرَّرِ وَالْـمُحَرَّرِ وِفْقَ طَرِيْقَةِ أَهْلِ الْكَلَامِ بَلْ وَتُفَسِّرُ بِهِ كِتَاب اللهِ كَمَا يَظْهَرُ مْنْ اسْتِشْهَادِكَ بِكَلَامِ الْـمُفَسِّر الْحَافِظِ ابْن كَثِير، إِذَا كَانَتْ مَنْزِلَة عِلْم الْكَلَامِ عِنْدَكَ: ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ؟!...
أَلَـمْ تَقُل يَا حَضْرَة (الْدُّكْتُور!) الْوَهَّابِي: ((والأدلَّةُ كثيرةٌ ومتضافرةٌ تشهد لصحَّة معتقد أهل السنَّة والجماعة في تقريرهم أنَّ كلام الله صفةُ ذاتٍ وفعلٍ، #قديمُ_النوع_حادثُ_الآحاد))(4)؟!
أَيْنَ وَجَدْتَ فِي كِتَابِ اللهِ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّـمَ وَفِي كَلَامِ سَلَفَ الْأُمَّةِ الَّذِيْنَ تَتَمَسَّحُ بِهِم وَتَتَظَاهَرُ بِاتِّبَاعِهِم قَلْبًا وَقَالِبًا، بِأَنَّ: ((كَلَام اللهِ قَدِيْم الْنَّوْعِ وَحَادِث الْآحَادِ))؟!...
((#قَدِيْم_الْنَّوْع))...(( #حَادِث_الْأَفْرَاد))..هَلْ هَذَا الْهَذَيَان هُوَ نَفسهُ (#الْـفَلْسَفَة!) الَّتِي تَنْقِمهَا عَلَى غَيْرِكَ، أَمْ هِيَ فَقَط عِنْدَكَ "الابْنَة الْوَحِيْدَة لِأُخْتِ خَالَتهَا الْوَحِيْدَة"؟!...
أَوَلَيْسَ هَذَا الْضَّلَال الْـمُبِيْن الَّذِي تُرَدِّدهُ بِلَا تَمْحِيصٍ هُوَ نَفْسهُ (#الْفَـلْسَفَة!) الْـمَذْمُومَة الَّتِي تَلَقَّفَهَا مِنْ #ابْن_مَلْكَا_البَغْدَادِي (ت:560هـ) (#الْفَيْلَسُوف!) الْيَهُودِي الْـمَعْرُوف وَالَّذِي (أَسْلَمَ!) وَكَانَ يُكْبِرهُ مَشَايِخك كَابْن الْقَيِّم بِـقَوْلِهِ: (#فَيْلَسُوف_الْإِسْلَام!)؟!...أَقُول: تَلَقَّفَهَا عَنْهُ شَيْخك ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي (ت:728هـ) مَعَ إِدْخَالْ بَعْد الْتَّعْدِيْلَاتِ؟!...شَيْخك الْحَرَّانِي هَذَا صَاحِب الْعَقَائِد (!الْوَثَنِيَّةِ!) الْـمَعْرُوفَة وَالَّذِي يَتَظَاهَرُ بِذَمِّ (!الْـفَـلْسَفَةِ!) -كَحَالِكَ فِي مَقَالِكَ!- مَعَ أَنَّهُ غَارِقٌ فِي أَوْحَالِهَا إِلَى حَدِّ شُحْمَة أُذْنَيْهِ كَمَا هُوَ مَعْرُوف عِنْدَ كُلِّ بَاحِثٍ يَعْرِفُ تُرَاث هَذَا الْرَّجُل؟!...
أَلَـمْ تَزْعُم فِي مَقَالِكَ بِأَنَّ الْإِمَام مَالِك ذَمَّ عِلْم الْكَلَام وَالْفَلْسَفَةِ، وَهَذَا نَصُّكَ الَّذِي سُقْته مُبَاشَرَةً بَعْدَ الْنَّصِّ أَعْلَاه: ((وهذه بعضُ النُّصوص المنقولة عن إمام المذهب الإمامِ مالكٍ ـ رحمه الله ـ نُورِدُها، لعلَّ القوم يستفيقون ويرجعون:
ـ فقَدِ اعتبر الإمام مالكٌ ـ رحمه الله ـ أهلَ الكلام هم أهلَ البِدَع، فعن أَشهبَ بنِ عبد العزيز قال: سَمِعْتُ مالكَ بنَ أنسٍ يقول: «إِيَّاكُمْ وَالبِدَعَ» قِيلَ: «يا أبا عبد الله، وما البِدَع؟» قال: «أهل البِدَع الَّذين يتكلَّمون في أسماء الله وصِفَاتِه وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عمَّا سَكَت عنه الصَّحابةُ والتَّابعون لهم بإحسانٍ»))(5)؟!...
هَل سَكَتَّ أَنْتَ فِعْلًا وَمَشَايِخك (الْتَّيْمِيَّة!) كَذَلِكَ ((عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْصَّحابةُ والْتَّابِعُون لَهُم بِإِحْسَانٍ))؟!...
هَلْ سَكَتُّم مَثَلًا فِي مَسْأَلَة "كَلَام الله" أَمْ أَنَّكُم أَحْدَثْتُم بِدْعَة: ((كَلَام اللهِ قَدِيْم الْنَّوْعِ وَحَادِث الْآحَادِ)) كَمَا سَبَقَ فِي تَقَوُّلِكَ عَلَى الْأَصْلَيْنِ؟!...
هَلْ سَكَتَّ أَنْتَ فِعْلًا كَمَا سَكَتَ الْصَّحَابَة عَنِ الْخَوْضِ فِي مَسْأَلَة "الْنُّزُول" مَثَلًا أَمْ أَنَّكَ قُلْتَ مُقَلِّداً سَلَفَك الْتَّيْمِيَّة (الْـمُجَسِّمَة!): ((وما عليه جمهور أهل السنَّة أنَّ #الله_ينزل_ولا_يخلو_منه_العرش))(6)؟! فَالْرَّبْط بَيْن نُزُولِ رَبِّكَ مِنْ جَهَةٍ وَبَيْنَ خُلُوِّ الْعَرْشِ مِنْهُ تَعَالَى حَال هَذَا الْنُّزُولِ، صَرِيحٌ فِي أَنَّ رَبَّكَ (#جِسْمٌ!) مُتَرَامِيَ (#الْأَبْعَادِ!) لِأَنَّهُ: (#يَـمْلَأُ!) الْعَرْش وَ(#مُتَمَكِّنٌ!) فِيْهِ؟! فَأَيْنَ وَجَدْتَ هَذِهِ الْعَقَائِد (#الْـوَثَـنِيَّة!) فِي الْأَصْلَيْنِ أَوْ عِنْدَ الْسَّلَفِ وَالْتَّابِعِيْنَ لَهُم بِإِحْسَانٍ؟!...الخ؟!...
هَلَّا أَقْلَعْتَ أَنْتَ أَوَّلًا عَنْ تَرْدِيْدِ مِثْل هَذِهِ الْتُّرَهَات (الْفَلْسَفَيَّةِ!) وَ(الْبِدَع!) (الْكَلَّامِيَّة!) الْصَّادِرَةِ عَنْ مَشَايِخِكَ (الْتَّيْمِيَّةِ!)، قَبْلَ أَنْ تَتَّهِم مُخَالِفِيْكَ بِمَا أَنْتَ وَاقِعٌ فِيْهِ وَتُرَدِّدُهُ كَالْأُسْطُوَانَةِ وَالْآلَةِ الْـمَأْمُورَةِ بِلَا فَهْمٍ وَلَا تَمْيِيزٍ؟! أَمْ أَنَّ الْأَمْر حَلَالٌ لَكُم حَرَامٌ عَلَى غَيْركُم؟!...
وَلَا أُرِيد الاطَالَة فِي ذِكْر الْشَوَاهِد عَلَى (تَنَاقُضَاتِ!) هَذا الْرَّجُل فِي هَذَا الْأَمْر وَمُحَاوَلَة لَعِبه عَلَى الْحَبْلَيْنِ؟!، فَمَا ذُكِرَ مِنْ أَمْثِلَةٍ يُغْنِي عَنْ الاِسْتِرْسَالِ فِي الْـمَزِيد...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ...
________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) إِمْتاعُ الْجَلِيسِ شَرْح عَقَائِدِ الْإِيْمَان لاِبْن بَادِيس لِلْدُّكْتُور فَرْكُوس (ص:33)، دَارُ الْعَوَاصِمِ لِلْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: الْجَزَائِر، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَةِ: 1435هـ-2014م
(3) الْـمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:131-132)
(4) الْـمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:105)
(5) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(6) الْـمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:120)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" كَمَا تَجِدهُ فِي كَلِمَتِهِ الْشَّهْرِيَّة (الْـمُتَنَاقِضَةِ!): ((فأين #أدعياءُ_المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل #والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!...))(1)
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (#الْـمُتَنَاقِض!):
أَلَـمْ تَقُل فِي تَعْلِيقَاتِكَ (#الْـمُهَلْهَلَةِ!) عَلَى عَقَائِد الْشَّيْخ ابْن بَادِيس مَا نَصُّهُ: ((وعبارة: "واجب الوجود لذاته" #أحدثها_الفلاسفة_والمتكلِّمون، وهي #لا_تُعرف_في_كلام_الشارع #ولا_في_كلام_السلف، #لكنَّ_المعنى_ثابتٌ في كلام الشارع ومجمعٌ عليه))(2)؟!...
فَهَا أَنْتَ ذَا يَا حَضْرَةَ (الْدُّكْتُور!) تَنْقُضُ غَزْلَكَ وَتَنْسِفُ مَقَالَكَ فَتَسْتَرْوِحُ لِـ: ((مَا لَا يُعْرَفُ فِي كَلَامِ الْشَّارِعِ وَلَا فِي كَلَامِ الْسَّلَفِ)): مِنَ (#الْمُحْدَثَاتِ!) (#الْكَلَامِيَّة!) لِـ: أَهْلِ (#الْبِدَعِ!) مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَالْـمُتَكَلِّمَةِ الَّذِيْنَ ذَمَّ طَرَائِقَهُم (#الْكَلَامِيَّةِ!) هَذِهِ الْإِمَام مَالِك وَكِبَار أَصْحَابِهِ وَأَئِمَّةِ الْسُّنَّةِ عَلَى حَدِّ فَهْمِكَ (#الْـمَنْكُوس!)؟!...
فَإِذَا كُنْتَ لَا تَجِدُ أَي غَضَاضَةٍ فِي اعْتِمَادِ أُصُول أَهْلِ الْكَلَامِ حَتَّى وَإِنْ لَـمْ يَقُل بِهَا الْشَّارِع الْحَكِيم وَلَا الْسَّلَفُ الْكِرَام وَإِنَّـمَا وَافَقَتْ الْحَقَّ الَّذِي تَرَاهُ، فَـمَا مَعْنَى أَنْ تُحِلَّ لِنَفْسِكَ هَا هُنَا مَا تُحَرِّمُهُ عَلَى غَيْرِكَ فِي رَدِّكَ هُنَاكَ؟!...
أَلَـمْ تَقُل يَا حَضْرَة (الْدُّكْتُور!) الْوَهَّابِي: ((ينزِّه الله تعالى نفسه عمَّا يصفه به الظالمون الجاحدون من النقائص من اتِّخاذ الولد والشريك في الملك والتصرُّف والعبادة، #ويثبت_وحدانيته_بدليل_التمانع -أيضًا-، ووجهه: أنه لو أثبتنا للعالَم خالقَيْن تقديرًا لكان كلُّ خالقٍ يريد أن ينفرد بما خلق كما تجري عليه عادة الملوك فلا يرضى أن يشاركه أحدٌ في خلقه وسلطانه، الأمر الذي لا ينتظم الوجود معه، فلمَّا اتَّسق الوجود وانتظم دلَّ ذلك على أنَّ للعالَم خالقًا واحدًا، قال ابن كثيرٍ -رحمه الله- في [«تفسيره» (٣/ ٢٥٤)]: «لو قُدِّر تعدُّد الآلهة لانفرد كلٌّ منهم بما يخلق، فما كان ينتظم الوجود، والمشاهَد أنَّ الوجود منتظمٌ متَّسقٌ، كلٌّ من العالَم العلويِّ والسفليِّ مرتبطٌ بعضُه ببعضٍ في غاية الكمال، ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ [الملك: ٣]، ثمَّ لكان كلٌّ منهم يطلب قهْرَ الآخَر وخلافه، فيعلو بعضهم على بعضٍ. #والمتكلِّمون_ذكروا_هذا_المعنى_وعبَّروا_عنه_بدليل_التمانع، وَهُوَ...»))(3)؟!
فَلِمَاذَا تَحْتَجُّ بِدَلِيْلِ الْتَّمَانُعِ الْـمُقَرَّرِ وَالْـمُحَرَّرِ وِفْقَ طَرِيْقَةِ أَهْلِ الْكَلَامِ بَلْ وَتُفَسِّرُ بِهِ كِتَاب اللهِ كَمَا يَظْهَرُ مْنْ اسْتِشْهَادِكَ بِكَلَامِ الْـمُفَسِّر الْحَافِظِ ابْن كَثِير، إِذَا كَانَتْ مَنْزِلَة عِلْم الْكَلَامِ عِنْدَكَ: ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ؟!...
أَلَـمْ تَقُل يَا حَضْرَة (الْدُّكْتُور!) الْوَهَّابِي: ((والأدلَّةُ كثيرةٌ ومتضافرةٌ تشهد لصحَّة معتقد أهل السنَّة والجماعة في تقريرهم أنَّ كلام الله صفةُ ذاتٍ وفعلٍ، #قديمُ_النوع_حادثُ_الآحاد))(4)؟!
أَيْنَ وَجَدْتَ فِي كِتَابِ اللهِ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّـمَ وَفِي كَلَامِ سَلَفَ الْأُمَّةِ الَّذِيْنَ تَتَمَسَّحُ بِهِم وَتَتَظَاهَرُ بِاتِّبَاعِهِم قَلْبًا وَقَالِبًا، بِأَنَّ: ((كَلَام اللهِ قَدِيْم الْنَّوْعِ وَحَادِث الْآحَادِ))؟!...
((#قَدِيْم_الْنَّوْع))...(( #حَادِث_الْأَفْرَاد))..هَلْ هَذَا الْهَذَيَان هُوَ نَفسهُ (#الْـفَلْسَفَة!) الَّتِي تَنْقِمهَا عَلَى غَيْرِكَ، أَمْ هِيَ فَقَط عِنْدَكَ "الابْنَة الْوَحِيْدَة لِأُخْتِ خَالَتهَا الْوَحِيْدَة"؟!...
أَوَلَيْسَ هَذَا الْضَّلَال الْـمُبِيْن الَّذِي تُرَدِّدهُ بِلَا تَمْحِيصٍ هُوَ نَفْسهُ (#الْفَـلْسَفَة!) الْـمَذْمُومَة الَّتِي تَلَقَّفَهَا مِنْ #ابْن_مَلْكَا_البَغْدَادِي (ت:560هـ) (#الْفَيْلَسُوف!) الْيَهُودِي الْـمَعْرُوف وَالَّذِي (أَسْلَمَ!) وَكَانَ يُكْبِرهُ مَشَايِخك كَابْن الْقَيِّم بِـقَوْلِهِ: (#فَيْلَسُوف_الْإِسْلَام!)؟!...أَقُول: تَلَقَّفَهَا عَنْهُ شَيْخك ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي (ت:728هـ) مَعَ إِدْخَالْ بَعْد الْتَّعْدِيْلَاتِ؟!...شَيْخك الْحَرَّانِي هَذَا صَاحِب الْعَقَائِد (!الْوَثَنِيَّةِ!) الْـمَعْرُوفَة وَالَّذِي يَتَظَاهَرُ بِذَمِّ (!الْـفَـلْسَفَةِ!) -كَحَالِكَ فِي مَقَالِكَ!- مَعَ أَنَّهُ غَارِقٌ فِي أَوْحَالِهَا إِلَى حَدِّ شُحْمَة أُذْنَيْهِ كَمَا هُوَ مَعْرُوف عِنْدَ كُلِّ بَاحِثٍ يَعْرِفُ تُرَاث هَذَا الْرَّجُل؟!...
أَلَـمْ تَزْعُم فِي مَقَالِكَ بِأَنَّ الْإِمَام مَالِك ذَمَّ عِلْم الْكَلَام وَالْفَلْسَفَةِ، وَهَذَا نَصُّكَ الَّذِي سُقْته مُبَاشَرَةً بَعْدَ الْنَّصِّ أَعْلَاه: ((وهذه بعضُ النُّصوص المنقولة عن إمام المذهب الإمامِ مالكٍ ـ رحمه الله ـ نُورِدُها، لعلَّ القوم يستفيقون ويرجعون:
ـ فقَدِ اعتبر الإمام مالكٌ ـ رحمه الله ـ أهلَ الكلام هم أهلَ البِدَع، فعن أَشهبَ بنِ عبد العزيز قال: سَمِعْتُ مالكَ بنَ أنسٍ يقول: «إِيَّاكُمْ وَالبِدَعَ» قِيلَ: «يا أبا عبد الله، وما البِدَع؟» قال: «أهل البِدَع الَّذين يتكلَّمون في أسماء الله وصِفَاتِه وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عمَّا سَكَت عنه الصَّحابةُ والتَّابعون لهم بإحسانٍ»))(5)؟!...
هَل سَكَتَّ أَنْتَ فِعْلًا وَمَشَايِخك (الْتَّيْمِيَّة!) كَذَلِكَ ((عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْصَّحابةُ والْتَّابِعُون لَهُم بِإِحْسَانٍ))؟!...
هَلْ سَكَتُّم مَثَلًا فِي مَسْأَلَة "كَلَام الله" أَمْ أَنَّكُم أَحْدَثْتُم بِدْعَة: ((كَلَام اللهِ قَدِيْم الْنَّوْعِ وَحَادِث الْآحَادِ)) كَمَا سَبَقَ فِي تَقَوُّلِكَ عَلَى الْأَصْلَيْنِ؟!...
هَلْ سَكَتَّ أَنْتَ فِعْلًا كَمَا سَكَتَ الْصَّحَابَة عَنِ الْخَوْضِ فِي مَسْأَلَة "الْنُّزُول" مَثَلًا أَمْ أَنَّكَ قُلْتَ مُقَلِّداً سَلَفَك الْتَّيْمِيَّة (الْـمُجَسِّمَة!): ((وما عليه جمهور أهل السنَّة أنَّ #الله_ينزل_ولا_يخلو_منه_العرش))(6)؟! فَالْرَّبْط بَيْن نُزُولِ رَبِّكَ مِنْ جَهَةٍ وَبَيْنَ خُلُوِّ الْعَرْشِ مِنْهُ تَعَالَى حَال هَذَا الْنُّزُولِ، صَرِيحٌ فِي أَنَّ رَبَّكَ (#جِسْمٌ!) مُتَرَامِيَ (#الْأَبْعَادِ!) لِأَنَّهُ: (#يَـمْلَأُ!) الْعَرْش وَ(#مُتَمَكِّنٌ!) فِيْهِ؟! فَأَيْنَ وَجَدْتَ هَذِهِ الْعَقَائِد (#الْـوَثَـنِيَّة!) فِي الْأَصْلَيْنِ أَوْ عِنْدَ الْسَّلَفِ وَالْتَّابِعِيْنَ لَهُم بِإِحْسَانٍ؟!...الخ؟!...
هَلَّا أَقْلَعْتَ أَنْتَ أَوَّلًا عَنْ تَرْدِيْدِ مِثْل هَذِهِ الْتُّرَهَات (الْفَلْسَفَيَّةِ!) وَ(الْبِدَع!) (الْكَلَّامِيَّة!) الْصَّادِرَةِ عَنْ مَشَايِخِكَ (الْتَّيْمِيَّةِ!)، قَبْلَ أَنْ تَتَّهِم مُخَالِفِيْكَ بِمَا أَنْتَ وَاقِعٌ فِيْهِ وَتُرَدِّدُهُ كَالْأُسْطُوَانَةِ وَالْآلَةِ الْـمَأْمُورَةِ بِلَا فَهْمٍ وَلَا تَمْيِيزٍ؟! أَمْ أَنَّ الْأَمْر حَلَالٌ لَكُم حَرَامٌ عَلَى غَيْركُم؟!...
وَلَا أُرِيد الاطَالَة فِي ذِكْر الْشَوَاهِد عَلَى (تَنَاقُضَاتِ!) هَذا الْرَّجُل فِي هَذَا الْأَمْر وَمُحَاوَلَة لَعِبه عَلَى الْحَبْلَيْنِ؟!، فَمَا ذُكِرَ مِنْ أَمْثِلَةٍ يُغْنِي عَنْ الاِسْتِرْسَالِ فِي الْـمَزِيد...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ...
________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) إِمْتاعُ الْجَلِيسِ شَرْح عَقَائِدِ الْإِيْمَان لاِبْن بَادِيس لِلْدُّكْتُور فَرْكُوس (ص:33)، دَارُ الْعَوَاصِمِ لِلْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: الْجَزَائِر، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَةِ: 1435هـ-2014م
(3) الْـمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:131-132)
(4) الْـمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:105)
(5) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(6) الْـمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:120)
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (5)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" كَمَا تَجِدهُ فِي كَلِمَتِهِ الْشَّهْرِيَّة (الْـمُتَنَاقِضَةِ!): ((فأين #أدعياءُ_المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل #والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!.
وهذه بعضُ النُّصوص المنقولة عن إمام المذهب الإمامِ مالكٍ ـ رحمه الله ـ نُورِدُها، لعلَّ القوم يستفيقون ويرجعون:
ـ فقَدِ اعتبر الإمام مالكٌ ـ رحمه الله ـ أهلَ الكلام هم أهلَ البِدَع، فعن أَشهبَ بنِ عبد العزيز قال: سَمِعْتُ مالكَ بنَ أنسٍ يقول: «إِيَّاكُمْ وَالبِدَعَ» قِيلَ: «يا أبا عبد الله، وما البِدَع؟» قال: «أهل البِدَع الَّذين يتكلَّمون في أسماء الله وصِفَاتِه وكلامه وعلمه وقدرته، #ولا_يسكتون عمَّا سَكَت عنه الصَّحابةُ والتَّابعون لهم بإحسانٍ»))(1)
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (#الْـمُتَنَاقِض!):
أَلَـمْ تَذْكُر أَيُّهَا (#الْثَّرْثَار!) فِي تَرْجَمَةِ الْإِمَام "ابْن هُرْمز" شَيْخ إِمَام دَار الْهِجْرَةِ سَيِّدنَا الْإِمَامِ مَالِك وَالَّذِي تَسْتَشْهِدُ بِكَلَامِهِ وِفْقَ فَهْمِكَ (#الْـمَنْكُوس!) لِلْطَّعْنِ فِي فُحُولِ #مُتَكَلِّمَةِ_أَهْلِ_الْسُّنَّةِ الَّذِيْنَ بَزُّوا شَيْخكَ ابْن تَيْمِيَّة بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ قَبْل الْسَّيْف وَالْسَّنَانِ، مَا نَصُّهُ: ((ابن هرمز: هو أبو بكر عبد الله بن يزيد بن هرمز الأصم مولى بني ليث، أحد الأعلام وشيخ الإمام مالك وأحد فقهاء المدينة، وعداده في التابعين، كان قليل الفتيا شديد التحفُّظ #بصيرًا_بالكلام_يردُّ_على_أهل_الأهواء، جالسه مالك ثلاث عشرة سنة وأخذ عنه، توفي سنة: (١٤٨ﻫ)))(2)؟!
فَهَا أَنْتَ يَا (#فَهِيْم!) تُنَاقُضِ نَفْسَكَ بِنَفْسِكَ وَتُقِرُّ بِوُجُودِ فَطَاحِل مِنْ (#مُتَكَلِّمَةِ!) أَهْل الْسُّنَّةِ فِي سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْـمَرْحُومَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلكَ عَن الْإِمَام ابْن هُرْمُز: ((#بـصيرًا_بالكلام_يردُّ_على_أهل_الأهواء))؟! أَمْ تُرَاك تُثْقِل الْهَوَامِش كَـ: (#الْـمَاكِينَةِ!) بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ؟!...
قَالَ مُحَمَّد الْزُّبَيْدِي الْأَنْدَلُسِي الْإِشْبِيلِي (ت:379هـ): ((وَابْنُ هُرْمُز مَدَنِيٌّ...وَيُرْوَى أَنَّ مَالِكًا اخْتَلَفَ إِلَى ابْنِ هُرْمُز عِدَّةَ سَنِيْنَ فِي عِلْمٍ لَـمْ يَبُثَّه فِي الْنَّاسِ، يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ #عِلْمِ_أُصُولِ_الْدِّيْنِ، #وَمَا_يُرَدُّ_بِهِ_مَقَالَة_أَهْلِ_الْزَّيْغِ_وَالْضَّلَالَةِ))(3)...
وَقَالَ الْحَافِظ الْذَّهَبِي (ت:748هـ): ((فَقِيْهُ الْـمـَدِيْنَةِ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ بنِ هُرْمُزَ الْأَصَمُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ. وَقِيْلَ: بَلِ اسْمُهُ: يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ هُرْمُزَ. عِدَادُهُ فِي الْتَّابِعِيْنَ. وَقَلَّمَا رَوَى. كَانَ يَتَعَبَّدُ، وَيَتَزَهَّدُ. وَجَالَسَهُ مَالِكٌ كَثِيْراً، وَأَخَذَ عَنْهُ))(4) ثُـمَّ قَالَ: ((قَالَ مَالِكٌ: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَقْتدِيَ بِهِ، وَكَانَ قَلِيْلَ الْفُتْيَا، شَدِيْدَ الْتَّحفُّظِ، كَثِيْراً مَا يُفْتِي الْرَّجُلَ ثُمَّ يَبْعَثُ مَنْ يَردُّه، ثُمَّ يُخْبِرُه بِغَيْرِ مَا أَفْتَاهُ. #وَكَانَ_بَصِيْراً_بِالْكَلاَمِ_يَرُدُّ_عَلَى_أَهْلِ_الْأَهْوَاءِ. كَانَ مِنْ أَعْلَمِ الْنَّاسِ بِذَلِكَ، بَيَّنَ مَسْأَلَةً لابْنِ عَجْلَانَ فَلَمَّا فَهِمَهَا، قَامَ إِلَيْهِ ابْنُ عَجْلاَنَ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ))(5) ثُـمَّ قَالَ أَيْضًا: ((قَالَ مَالِكٌ: جَلَسْتُ إِلَى ابْنِ هُرْمُزَ، ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَاسْتَحْلَفَنِي أَنْ لَا أَذْكُرَ اسْمَهُ فِي الْحَدِيْثِ))(6)...
فَلَوْ كَانَ الْإِمَام مَالِك يَذُمُّ عِلْم الْكَلَامِ لِذَاته هَكَذَا بِإِطْلَاقٍ كَمَا تُدَنْدِنَ بِفَهْمِكَ (#الْــمَنْكُوس!) لَهَجَرَ أَوَّلًا شَيْخه ابْن هُرْمُز عِوَضَ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ خَيْرًا فِي تَوْظِيْفِهِ عِلْم الْكَلَام الْسُّنِّي فِي الْرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ بِقَوْلِهِ: ((#وَكَانَ_بَصِــيْراً_بِالْكَلاَمِ_يَرُدُّ_عَلَى_أَهْلِ_الْأَهْوَاءِ))؟!...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ...
________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=aalam-148
(3) طَبَقَاتُ الْنَّحْوِيِّينَ وَاللُّغَوِيِّيْنَ لِأَبِي بَكْر بْن الْحَسَن الْزُّبَيْدِي الْأَنْدَلُسِي (ص:26)، دَارُ الْـمَعَارِف: مصْر، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَةِ
(4) سِيَرُ أَعْلاَمِ الْنُّبَلاَءِ لِلْحَافِظ الْذَّهَبِي (6/379)، أَشْرَفَ عَلَى تَحْقِيقِ الْكِتَابِ وَخَرَّجَ أَحَادِيثَهُ: شُعَيْب الْأَرْنَؤُوط، مُؤَسَّسَةُ الْرِّسَالَة، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1402هـ-1982م
(5) سِيَرُ أَعْلاَمِ الْنُّبَلاَءِ لِلْحَافِظ الْذَّهَبِي (6/379)
(6) سِيَرُ أَعْلاَمِ الْنُّبَلاَءِ لِلْحَافِظ الْذَّهَبِي (6/380)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" كَمَا تَجِدهُ فِي كَلِمَتِهِ الْشَّهْرِيَّة (الْـمُتَنَاقِضَةِ!): ((فأين #أدعياءُ_المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل #والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!.
وهذه بعضُ النُّصوص المنقولة عن إمام المذهب الإمامِ مالكٍ ـ رحمه الله ـ نُورِدُها، لعلَّ القوم يستفيقون ويرجعون:
ـ فقَدِ اعتبر الإمام مالكٌ ـ رحمه الله ـ أهلَ الكلام هم أهلَ البِدَع، فعن أَشهبَ بنِ عبد العزيز قال: سَمِعْتُ مالكَ بنَ أنسٍ يقول: «إِيَّاكُمْ وَالبِدَعَ» قِيلَ: «يا أبا عبد الله، وما البِدَع؟» قال: «أهل البِدَع الَّذين يتكلَّمون في أسماء الله وصِفَاتِه وكلامه وعلمه وقدرته، #ولا_يسكتون عمَّا سَكَت عنه الصَّحابةُ والتَّابعون لهم بإحسانٍ»))(1)
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (#الْـمُتَنَاقِض!):
أَلَـمْ تَذْكُر أَيُّهَا (#الْثَّرْثَار!) فِي تَرْجَمَةِ الْإِمَام "ابْن هُرْمز" شَيْخ إِمَام دَار الْهِجْرَةِ سَيِّدنَا الْإِمَامِ مَالِك وَالَّذِي تَسْتَشْهِدُ بِكَلَامِهِ وِفْقَ فَهْمِكَ (#الْـمَنْكُوس!) لِلْطَّعْنِ فِي فُحُولِ #مُتَكَلِّمَةِ_أَهْلِ_الْسُّنَّةِ الَّذِيْنَ بَزُّوا شَيْخكَ ابْن تَيْمِيَّة بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ قَبْل الْسَّيْف وَالْسَّنَانِ، مَا نَصُّهُ: ((ابن هرمز: هو أبو بكر عبد الله بن يزيد بن هرمز الأصم مولى بني ليث، أحد الأعلام وشيخ الإمام مالك وأحد فقهاء المدينة، وعداده في التابعين، كان قليل الفتيا شديد التحفُّظ #بصيرًا_بالكلام_يردُّ_على_أهل_الأهواء، جالسه مالك ثلاث عشرة سنة وأخذ عنه، توفي سنة: (١٤٨ﻫ)))(2)؟!
فَهَا أَنْتَ يَا (#فَهِيْم!) تُنَاقُضِ نَفْسَكَ بِنَفْسِكَ وَتُقِرُّ بِوُجُودِ فَطَاحِل مِنْ (#مُتَكَلِّمَةِ!) أَهْل الْسُّنَّةِ فِي سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْـمَرْحُومَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلكَ عَن الْإِمَام ابْن هُرْمُز: ((#بـصيرًا_بالكلام_يردُّ_على_أهل_الأهواء))؟! أَمْ تُرَاك تُثْقِل الْهَوَامِش كَـ: (#الْـمَاكِينَةِ!) بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ؟!...
قَالَ مُحَمَّد الْزُّبَيْدِي الْأَنْدَلُسِي الْإِشْبِيلِي (ت:379هـ): ((وَابْنُ هُرْمُز مَدَنِيٌّ...وَيُرْوَى أَنَّ مَالِكًا اخْتَلَفَ إِلَى ابْنِ هُرْمُز عِدَّةَ سَنِيْنَ فِي عِلْمٍ لَـمْ يَبُثَّه فِي الْنَّاسِ، يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ #عِلْمِ_أُصُولِ_الْدِّيْنِ، #وَمَا_يُرَدُّ_بِهِ_مَقَالَة_أَهْلِ_الْزَّيْغِ_وَالْضَّلَالَةِ))(3)...
وَقَالَ الْحَافِظ الْذَّهَبِي (ت:748هـ): ((فَقِيْهُ الْـمـَدِيْنَةِ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ بنِ هُرْمُزَ الْأَصَمُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ. وَقِيْلَ: بَلِ اسْمُهُ: يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ هُرْمُزَ. عِدَادُهُ فِي الْتَّابِعِيْنَ. وَقَلَّمَا رَوَى. كَانَ يَتَعَبَّدُ، وَيَتَزَهَّدُ. وَجَالَسَهُ مَالِكٌ كَثِيْراً، وَأَخَذَ عَنْهُ))(4) ثُـمَّ قَالَ: ((قَالَ مَالِكٌ: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَقْتدِيَ بِهِ، وَكَانَ قَلِيْلَ الْفُتْيَا، شَدِيْدَ الْتَّحفُّظِ، كَثِيْراً مَا يُفْتِي الْرَّجُلَ ثُمَّ يَبْعَثُ مَنْ يَردُّه، ثُمَّ يُخْبِرُه بِغَيْرِ مَا أَفْتَاهُ. #وَكَانَ_بَصِيْراً_بِالْكَلاَمِ_يَرُدُّ_عَلَى_أَهْلِ_الْأَهْوَاءِ. كَانَ مِنْ أَعْلَمِ الْنَّاسِ بِذَلِكَ، بَيَّنَ مَسْأَلَةً لابْنِ عَجْلَانَ فَلَمَّا فَهِمَهَا، قَامَ إِلَيْهِ ابْنُ عَجْلاَنَ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ))(5) ثُـمَّ قَالَ أَيْضًا: ((قَالَ مَالِكٌ: جَلَسْتُ إِلَى ابْنِ هُرْمُزَ، ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَاسْتَحْلَفَنِي أَنْ لَا أَذْكُرَ اسْمَهُ فِي الْحَدِيْثِ))(6)...
فَلَوْ كَانَ الْإِمَام مَالِك يَذُمُّ عِلْم الْكَلَامِ لِذَاته هَكَذَا بِإِطْلَاقٍ كَمَا تُدَنْدِنَ بِفَهْمِكَ (#الْــمَنْكُوس!) لَهَجَرَ أَوَّلًا شَيْخه ابْن هُرْمُز عِوَضَ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ خَيْرًا فِي تَوْظِيْفِهِ عِلْم الْكَلَام الْسُّنِّي فِي الْرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ بِقَوْلِهِ: ((#وَكَانَ_بَصِــيْراً_بِالْكَلاَمِ_يَرُدُّ_عَلَى_أَهْلِ_الْأَهْوَاءِ))؟!...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ...
________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=aalam-148
(3) طَبَقَاتُ الْنَّحْوِيِّينَ وَاللُّغَوِيِّيْنَ لِأَبِي بَكْر بْن الْحَسَن الْزُّبَيْدِي الْأَنْدَلُسِي (ص:26)، دَارُ الْـمَعَارِف: مصْر، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَةِ
(4) سِيَرُ أَعْلاَمِ الْنُّبَلاَءِ لِلْحَافِظ الْذَّهَبِي (6/379)، أَشْرَفَ عَلَى تَحْقِيقِ الْكِتَابِ وَخَرَّجَ أَحَادِيثَهُ: شُعَيْب الْأَرْنَؤُوط، مُؤَسَّسَةُ الْرِّسَالَة، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1402هـ-1982م
(5) سِيَرُ أَعْلاَمِ الْنُّبَلاَءِ لِلْحَافِظ الْذَّهَبِي (6/379)
(6) سِيَرُ أَعْلاَمِ الْنُّبَلاَءِ لِلْحَافِظ الْذَّهَبِي (6/380)
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (6)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" مُحَاوِلًا تَحْرِيْف كَلَام الْإِمَام مَالِك لِوَافِقَ مَشْرَبه، مَا نَصُّهُ: ((فقَدِ اعتبر الإمام مالكٌ ـ رحمه الله ـ أهلَ الكلام هم أهلَ البِدَع، فعن أَشهبَ بنِ عبد العزيز قال: سَمِعْتُ مالكَ بنَ أنسٍ يقول: «إِيَّاكُمْ وَالبِدَعَ» قِيلَ: «يا أبا عبد الله، وما البِدَع؟» قال: «أهل البِدَع الَّذين يتكلَّمون في أسماء الله وصِفَاتِه وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عمَّا سَكَت عنه الصَّحابةُ والتَّابعون لهم بإحسانٍ»(٢٠).
ـ وروى عبد الرَّحمن بنُ مهديٍّ عن مالكٍ أنَّه قال: «لو كان الكلام علمًا لَتكلَّم فيه الصَّحابةُ والتَّابعون كما تكلَّموا في الأحكام والشَّرائع، ولكنَّه باطلٌ يدلُّ على باطلٍ»(٢١).
ـ وقال الإمام مالكٌ ـ أيضًا ـ: «أفكُلَّما جاءنا رَجلٌ أجدلُ مِنْ رَجلٍ تَرَكْنا ما نَزَل به جبريلُ عليه السَّلام على محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم لجدلِه؟!»(٢٢).
ـ وعن أبي ثورٍ: سمِعْتُ الشَّافعيَّ يقول: «كان مالك بنُ أنسٍ إذا جاءه بعضُ أهل الأهواء قال: «أَمَا إنِّي على بيِّنةٍ مِنْ ربِّي ودِيني، وأمَّا أنتَ فشاكٌّ؛ اذهَبْ إلى شاكٍّ مِثلِك فخاصِمْه»»، وعن ابنِ وهبٍ عن مالكٍ مِثْلَه(٢٣).
ـ وقال أبو طالبٍ المكِّيُّ: «كان مالكٌ أبعدَ النَّاس مِنْ مذاهب المتكلِّمين وأشدَّهم بغضًا للعراقيِّين(٢٤)، وأَلزمَهم لسنَّةِ السَّالفين مِنَ الصَّحابة والتَّابعين»(٢٥)))(1)
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (الْـمُتَنَاقِض!):
أَوَّلًا: لَوْ كَانَ اسْتِدْلَالكَ بِكَلَامِ الْإِمَامِ مَالِك صَحِيْحًا لَلَزِمَ إِسْقَاط حُكْم الْبِدْعَة عَلَيْكَ وَعَلَى سَلَفِكَ الْتَّيْمِيَّةِ (الْـمُجَسِّمَةِ!) بِدَرَجَةٍ أُوْلَى؟!(2)...
هَلْ قَالَ الْسَّلَفُ بِأَنَّ اللهَ فَوْقَ الْعَالَـمِ فَوْقِيَّةَ (مُـمَاسَّةٍ!) وَ(مُلَاصَقَةٍ!) لِلْصَّفْحَةِ الْعُلْيَا لِلْعَرْشِ كَمَا يَدَّعِي شَيْخُكُم ابْن تَيْمِيَّة فِي بَيَانِ تَلْبِيْسِهِ؟!(3)...
هَلْ قَالَ الْسَّلَفُ بِأَنَّ يَد اللهِ (آلَةٌ!) يَفْعَلُ بِهَا جَلَّ وَعَزَّ كَـمَا يُدَنْدِنُ شَيْخكُم الْحَرَّانِي؟!(4)...
هَلْ قَالَ الْسَّلَف بِأَنَّ اللهَ (مَحْدُودٌ!) مِنْ (جَانِبِهِ الْتَّحْتَانِي!) بِالْصَّفْحَةِ الْعُلْيَا لِلْعَرْشِ وَأَنَّهُ تَعَالَى كَذَلِكَ (مَــحْدُودٌ!) مِنْ (الْجِهَاتِ!) الْخَمْسَةِ الْـمُتَبَقِيَّةِ كَمَا هُوَ صَرِيْح كَلَامِ شَيْخِكَ ابْن تَيْمِيَّة فِي بَيَانِ تَلْبِيْسِهِ؟!...
هَلْ قَالَ الْسَّلَفُ بِأَنَّ كَلَام اللهِ قَدِيْم الْنَّوْعِ حَادِث الْأَفْرَادِ كَمَا يَلْهَجُ بِتَرْدِيْدِهِ شَيْخكَ ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي؟!...
هَلْ...الخ؟!
فَإِنْ قُلْتَ: اضْطُرَّ ابْن تَيْمِيَّة لِلْخَوْضِ فِي هَذِهِ الْـمَسَائِل لِلْتَّعْبِيرِ بِلِسَانِ الْعَصْرِ عَمَّا يَرَاهُ مِنْ عَقِيْدَةِ سَلَفِهِ (الْـمُجَسِّمَةِ!)؟!
يُقَالُ لَكَ: قَدْ كِلْتَ بِالْصَّاعِ الْوَافِي فَكِلْ لِغَيْرِكَ بِمِثْلِهِ؟!. ثُـمَّ إِنَّكَ تَدَّعِي أَنَّ الْإِمَام مَالِك قَدْ ذَمَّ "عِلْم الْكَلَامِ" لِذَاتِهِ هَكَذَا بِإِطْلَاقٍ، وَلَا اعْتِبَارٍ لِلْحَقِّ الَّذِي فِيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ الَّذِي قَدْ يَعْتَرِيْهِ، فَـمَنْ ذَا الَّذِي أَبَاحَ لَكُم وَلِشَيْخِكُم ابْن تَيْمِيَّة مَا تُحَرِّمُونَهُ عَلَى غَيْرِكُم؟!...
ثَانِيًا: مَا جَاءَ عَنْ الْإِمَام مَالِك مِنْ رِوَايَاتٍ فِي هَذَا الْشَّأْن فَقَدْ حَمَلهُ عُلَمَاء الْـمَذْهَبِ عَلَى مَحَامِل حَسَنَةٍ تَتَوَافَق مَعَ مَنْهَجِ الإِمَامِ نَفْسه، وَلْيُنْظَر مَثَلًا فِي الْرِّوَايَةِ الَّتِي يَسْتَنِدُ إِلَيْهَ الْوَهَّابِي بِلَا فَهْمٍ!: ((قَالَ مَالِكٌ: إِيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ. قِيلَ: وَمَا الْبِدَعُ؟ قَالَ: أَهْلُ الْبِدَعِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَلَا يَسْكُتُونَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ، وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ عِلْمًا لَتَكَلَّمُوا فِيهِ كَمَا تَكَلَّمُوا فِي الْأَحْكَامِ))؟!
فَالْظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الْرِّوَايَة أَنَّ مُجَرَّد الْكَلَام فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ بِـمَا لَـمْ يَثْبُت عَلَى وَجْهِهِ مِنْ قَوْلِ الْسَّلَفِ الْكِرَام فَهُوَ: بِدْعَةٌ ضَلَالَةٌ؟!...
نَعَمْ؛ فَظَاهِر هَذِهِ الْـمَقُولَة أَنَّ أَهْل الْأَهْوَاء عِنْدَ الْإِمَام مَالِك هُم:
(أ) الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ؟!
(ب) وَلَا يَسْكُتُونَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْصَّحَابَةُ وَالْتَّابِعُونَ؟!
فَلَوْ تُرِكَ هَذَا الْكَلَام عَلَى إِطْلَاقِهِ لَحُكِمَ بِالْبِدْعَةِ حَتَّى عَلَى مَنْ يُحَرِّرُ الْكَلَام فِي صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى تَحْرِيْرًا صَحِيْحًا سَلِيْمًا؟! فَلَازِمُ هَذَا الاِطْلَاقِ الْحُكْم عَلَى كُلِّ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ الَّذِيْنَ كَتَبُوا فِي بَيَانِ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى بِالْبِدْعَةِ وَأَنَّهُم مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ؟! فَهَذَا الْفَهْم (الْـمَنْكُوس!) مِنَ الْدُّكْتُور فَرْكُوس لِعِبَارَةِ الْإِمَام مَالِك يَجْعَل مِصْدَاق الْاِطْلَاقِ فِي الْـمَقُولَةِ يَطَالُ الْـمُحِقَّ فِي تَقْرِيْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ كَلَامِهِ، كَـمَا يَطَالُ الْـمُبْطِلَ فِي هَذَيَانِهِ؟! فَمُجَرَّدُ الْكَلَام فِي الْصِّفَاتِ يُقْحِمُ الْـمَرْء فِي مُسْتَنْقَعِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ؟!
هَلْ يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا (الْخَبَالُ!) فِي الْفَهْمِ وَ(الْوَبَالُ!) فِي الْحُكْمِ هُوَ مُرَادُ الْإِمَامِ مَالِك؟! أَيُعْقَلُ أَنْ يَحْكُمَ الْإِمَام مَالِك بِالْبِدْعَةِ وَاتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ عَلَى أَئِمَّةِ الْسَّلَفِ الَّذِيْنَ حَرَّرَ عَقِيدَتهم الْإِمَام أَبُو جَعْفَر الْوَرَّاق الْطَّحَاوِي (239هـ-321هـ) فِي عَقِيْدتهِ الْمَشْهُورَة فَقَالَ فِي مُسْتَهَلِّ عَقِيْدته هَذِهِ: ((هَذَا ذِكْرُ بَيَانِ عَقِيدَةِ أهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى مَذْهَبِ فُقَهَاءِ الْـمِلَّةِ: أَبِي حَنِيفَةَ الْنُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ الْكُوفِيِّ، وَأَبِي يُوسُف يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهيِمَ الْأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْـحَسَنِ الْشَّيْبَانِيِّ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ-؛ وَمَا يَعْتَقِدُونَ مِنْ أُصُولِ الْدِّينِ، وَيَدِينُونَ بِهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ))(5) وَقَالَ فِي الْـمَتْنِ: ((وَتَعَالىَ [الله] عَنِ الْحُدُودِ وَالْغَايَاتِ وَالْأَرْكَانِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْأَدَوَاتِ لَا تَحْوِيْهِ الْجِهَاتُ الْسِّتُّ كَسَائِرِ الْـمُبْتَدَعَاتِ))(6)؟! وَقَالَ أَيْضًا: ((مَا زَالَ بِصِفَاتِهِ قَدِيْمًا قَبْلَ خَلْقِهِ، لَمْ يَزْدَدْ بِكَوْنِهِمْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُمْ مِنْ صِفَتِهِ، وَكَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا، كَذَلِكَ لَايَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِيًّا. لَيْسَ بَعْد خَلْقِ الْخَلْقَ اسْتَفَادَ اسْمَ "الْخَالِقِ"، وَلَا بِإِحْدَاثِهِ الْبَرِيَّةَ اسْتَفَادَ اسْمَ "الْبَارِي". لَهُ مَعْنَى الْرُّبُوبِيَّةِ وَلَا مَرْبُوبَ، وَمَعْنَى الْخَالِقِ وَلَا مَخْلُوقَ. وَكَمَا أَنَّهُ مُحْيِي الْـمَوْتَى بَعْدَمَا أَحْيَا، اسْتَحَقَّ هَذَا الِاسْمَ قَبْلَ إِحْيَائِهِمْ، كَذَلِكَ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْـخَالِقِ قَبْلَ إِنْشَائِهِمْ))(7)؟!...الخ؟!
أَيُعْقَلُ أَنْ يَحْكُمَ الْإِمَام مَالِك بِالْبِدْعَةِ وَاتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ عَلَى كُلِّ مَنْ يُقَرِّرُ مَثَلًا بِأَنَّ قُدْرَةَ اللهِ تَتَعَلَّقُ بِالْـمُمْكِنَاتِ لاَ بِالْـمُسْتَحِيْلَاتِ؟! أَوْ مَنْ يُقَرِّرُ بِأَنَّ عِلْمَ اللهِ تَعَالَى يَتَعَلَّقُ بِالْمُمْكِنَاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْـمُسْتَحِيْلَاتِ، بِالْجُزْئِيَّاتِ وَبِالْكُلِّيَّاتِ؟! وَمَنْ يُقَرِّرُ أَنَّ الله لَا يَحِلُّ فِي مَخْلُوقَاتِهِ وَلَا تَحِلُّ فِيْهِ؟! وَأَنَّ الله مُنَزَّهٌ عَنْ سِمَاتِ الْجِسْمِيَّةِ وَصِفَاتِ الْـمُحْدَثَاتِ؟! وَ...الخ؟! كَلَا وَأَلْف كَلَا؟!
فَلَا بُدَّ إِذًا مِنْ فَهْمٍ صَحِيْحٍ لِعَبَارَاتِ الْإِمَامِ مَالِك وَالْسَّلَفِ، وَلَا يُعْقَلُ بِحَالٍ أَنْ يُفَسَّر مَا صَدَرَ مِنَ أَئِمَّةِ الْسَّلَفِ فِي حَقِّ "عِلْم الْكَلَامِ" بِمَا هُوَ ظَاهِر الْبُطْلَانِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ حَتَّى عِنْدَ الْصِّبْيَانِ؟!...
ثَالِثًا: اسْتَمِع يَا عَبْد اللهِ لِكَلَامِ بَعْضِ فَطَاحِل أَئِمَّةِ الْسُّنَّةِ فِي تَفْسِيْرِ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ:
قَالَ الْإِمَامُ شِهَابُ الْدِّيْن الْقَرَافِي الْـمَالِكِي (ت:684هـ): ((وَرَأَيْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَوَابًا لِكَلَامٍ كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ مَالِكٌ: "إِنَّكَ تَتَحَدَّثُ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَإِنَّ الْسَّلَفَ لَمْ يَكُونُوا يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ".
فَأَجَابَ بِأَنَّ: "الْسَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ تَكُنِ الْبِدَعُ ظَهَرَتْ فِي زَمَانِهِمْ فَكَانَ تَحْرِيكُ الْجَوَابِ عَنْهَا دَاعِيَةً لِإِظْهَارِهَا فَهُوَ سَعْيٌ فِي مُنْكَرٍ عَظِيمٍ فَلِذَلِكَ تُرِكَ"، قَالَ: "وَفِي زَمَانِنَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فَلَوْ سَكَتْنَا كُنَّا مُقِرِّينَ لِلْبِدَعِ، فَافْتَرَقَ الْحَالُ".
وَهَذَا جَوَابٌ سَدِيدٌ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبِدَعَ ظَهَرَتْ بِبِلَادِهِ بِالْعِرَاقِ، وَمَالِكٌ لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ بِبَلَدِهِ فَلِذَلِكَ أَنْكَرَ، فَهَذَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِ الْإِمَامَيْنِ.
وَعَنِ الْشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لَوْ وَجَدْتُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَضَرَبْتُهُمْ بِالْحَدِيدِ". قَالَ لِي بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ الْشَّافِعِي تَحْرِيمُ الِاشْتِغَالِ بِأُصُولِ الْدِّينِ.
قُلَتُ لَهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ الْيَوْمَ فِي عُرْفِنَا إِنَّمَا هُوَ الْأَشْعَرِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَلَمْ يُدْرِكُوا الشَّافِعِيَّ وَلَا تِلْكَ الطَّبَقَةَ الْأُولَى. إِنَّمَا كَانَ فِي زَمَانِ الْشَّافِعِيِّ عَمْر بْنُ عَبِيدٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ الْمُبْتَدِعَةِ أَهْلِ الْضَّلَالَةِ، وَلَوْ وَجَدْنَاهُمْ نَحْنُ ضَرَبْنَاهُمْ بِالْسَّيْفِ فَضْلًا عَنِ الْحَدِيدِ، فَكَلَامُهُ ذَمٌّ لِأُولَئِكَ لَا لِأَصْحَابِنَا. وَأَمَّا أَصْحَابُنَا الْقَائِمُونَ بِحُجَّةِ اللَّهِ وَالنَّاصِرُونَ لِدِينِ اللَّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَظَّمُوا وَلَا يُهْتَضَمُوا لِأَنَّهُمُ الْقَائِمُونَ بِفَرْضِ كِفَايَةٍ عَنِ الْأُمَّةِ، فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الْحُجَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فَرْضُ كِفَايَةٍ.
قَالَ لِي ذَلِكَ الْشَّافِعِيُّ: يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالْسُّنَّةُ!، قُلْتُ لَهُ: فَمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُمَا كَيْفَ تُقَامُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ بِهِمَا؟! فَسَكَت))(
وَقَالَ الْإِمَامُ الْـمُفَسِّرُ الْقُرْطُبِي (ت:671هـ): ((قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: وَإِنَّمَا ظَهَرَ الْتَّلَفُّظُ بِهَا فِي زَمَنِ الْمَأْمُونِ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ لَمَّا تُرْجِمَتْ كُتُبُ الْأَوَائِلِ وَظَهَرَ فِيهَا اخْتِلَافُهُمْ فِي قِدَمِ الْعَالَمِ وَحُدُوثِهِ. وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الْجَوْهَرِ وَثُبُوتِهِ، وَالْعَرَضِ وَمَاهِيَّتِهِ؛ فَسَارَعَ الْمُبْتَدِعُونَ وَمَنْ فِي قَلْبِهِ زَيْغٌ إِلَى حِفْظِ تِلْكَ الِاصْطِلَاحَاتِ، وَقَصَدُوا بِهَا الْإِغْرَابَ عَلَى أَهْلِ الْسُّنَّةِ، وَإِدْخَالَ الْشُّبَهِ عَلَى الْضُّعَفَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ. فَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ ظَهَرَتِ الْبِدْعَةُ، وَصَارَتْ لِلْمُبْتَدِعَةِ شِيْعَةٌ، وَالْتَبَسَ الْأَمْرُ عَلَى الْسُّلْطَانِ؛ حَتَّى قَالَ الْأَمِيرُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ!، وَجَبَرَ الْنَّاسَ عَلَيْهِ!، وَضُرِبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَلَى ذَلِكَ. فَانْتدبَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ كَالْشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُلَّابٍ وَابْنِ مُجَاهِدٍ وَالْمُحَاسِبِيِّ وَأَضْرَابِهِمْ؛ فَخَاضُوا مَعَ الْمُبْتَدِعَةِ فِي اصْطِلَاحَاتِهِمْ، ثُمَّ قَاتَلُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ بِسِلَاحِهِمْ. وَكَانَ مَنْ دَرَجَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُتَمَسِّكِينَ بِالْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ، مُعْرِضِينَ عَنْ شُبَهِ الْمُلْحِدِينَ، لَمْ يَنْظُرُوا فِي الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ؛ عَلَى ذَلِكَ كَانَ الْسَّلَفُ.
قُلْتُ: وَمَنْ نَظَرَ الْآنَ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ حَتَّى يُنَاضِلَ بِذَلِكَ عَنِ الْدِّيْنِ فَمَنْزِلَتُهُ قَرِيبَةٌ مِنَ الْنَّبِيِّينَ. فَأَمَّا مَنْ يُهَجِّنُ مِنْ غُلَاةِ الْمُتَكَلِّمِينَ طَرِيقَ مَنْ أَخَذَ بِالْأَثَرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَحُضُّ عَلَى دَرْسِ كُتُبِ الْكَلَامِ، وَأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ الْحَقَّ إِلَّا مِنْ جِهَتِهَا بِتِلْكَ الِاصْطِلَاحَاتِ فَصَارُوا مَذْمُومِينَ لِنَقْضِهِمْ طَرِيقَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمَاضِينَ؛ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْمُخَاصَمَةُ وَالْجِدَالُ بِالْدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ فَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي الْقُرْآنِ))(9)
وَقَالَ أَيْضًا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: ((قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلَ الْظُّلُماتِ وَالنُّورَ﴾[الْأَنْعَام:1] ذَكَرَ بَعْدَ خَلْقِ الْجَوَاهِرِ [الْسَّمَاوَات وَالْأَرْض] خَلْقَ الْأَعْرَاضِ [الْظُّلُماتِ وَالنُّورَ] لِكَوْنِ الْجَوْهَرِ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ، وَمَا لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ. وَالْجَوْهَرُ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ هُوَ الْجُزْءُ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ الْحَامِلُ لِلْعَرَضِ؛ وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى ذِكْرِهِ فِي الْكِتَابِ "الْأَسْنَى فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى" فِي اسْمِهِ "الْوَاحِدِ". وَسُمِّيَ الْعَرَضُ عَرَضًا؛ لِأَنَّهُ يَعْرِضُ فِي الْجِسْمِ وَالْجَوْهَرِ فَيَتَغَيَّرُ بِهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَالْجِسْمُ هُوَ الْمُجْتَمِعُ، وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجِسْمِ جَوْهَرَانِ مُجْتَمِعَانِ؛ وَهَذِهِ الِاصْطِلَاحَاتُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهَا مَعْنَى الْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ فَلَا مَعْنَى لِإِنْكَارِهَا. وَقَدِ اسْتَعْمَلَهَا الْعُلَمَاءُ وَاصْطَلَحُوا عَلَيْهَا، وَبَنَوْا عَلَيْهَا كَلَامَهُمْ، وَقَتَلُوا بِهَا خُصُومَهُمْ))(10)
وَقَالَ الْإِمَام الْعَلَّامَة أَبُو الْحَسَن عَلِي بْن عَبْد الْرَّحْمَن الْيَفْرُنِي الْطَّنْجِي (ت:734هـ): ((وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْنَّظَرَ فِي هَذَا الْعِلْـمِ [عِلْم الْكَلَامِ] حَرَامٌ لِـمَا وَرَدَ عَنِ الْسَّلَفِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْتَّشْدِيْدِ؟،
فَالْـجَوَابُ عَنْهُ: أَنَّ مَعْرِفَةَ اللهِ تَعَالَى: وَاجِبَة بِالْإِجْمَاعِ، وَالاِشْتِغَال بِهَذَا الْعِلْـمِ وَالْـمَقْصُود مِنْهُ إِنَّـمَا هُوَ مَعْرِفَة اللهِ تَعَالَى بِـمَا يَجِبُ لَهُ، وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، وَمَا يَسْتَحِيْلُ، فَـمِنْ أَيْنَ تَحْرُمُ مَعْرِفَة اللهِ تَعَالَى بِالْدَّلِيْلِ؟، وَكَيْفَ يَكُونُ ذِكْر الْحُجَّةِ وَالْــمُطَالَبَة بِهَا، وَالْبَحْث عَنِ مَعْرِفَةِ اللهِ تَعَاَلى مَحْظُوْرًا؟، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيَّهِ عَلَيْهِ الْسَّلَام: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الْبَقَرَة:110]، وَقَالَ: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾[الْأَنْعَام:150]، وَقَوْله تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾[الْبَقَرَة:257]، فَمَدَحَهُ الله تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ﴾[الْأَنْعَام:84]؟
وَأَمَّا كَلَام الْسَّلَفِ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَـمْ تَظْهَر الْبِدَع فِي زِمَانِهِم، وَلِصِفَاءِ أَذْهَانِهِم، وَصِحَّة عَقَائِدهم، وَقِلَّة مَنْ يُحْوِجهُم إِلَى ذَلِكَ، قَالَ الْشِّهَابُ الْقَرَافِي: "رَأَيْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ جَوَابًا عَنْ كَلَامٍ كَتَبَ بِهِ مَالِكٌ إِلَيْهِ: إِنَّكَ لَتَتَحَدَّثُ فِي أُصُولِ الْدِّيْنِ، وَإِنَّ الْسَّلَفَ الْصَّالِحَ لَـمْ يَكُونُوا يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ؟.
فَأَجَابَ بِأَنَّ: الْسَّلَفَ لَمْ تَكُنِ ظَهَرَتْ الْبِدَعُ فِي زَمَانِهِمْ، فَلِذَلِكَ تَرَكُوهُ، وَفِي زَمَانِنَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ، فَلَوْ سَكَتْنَا عَنِ الْجَوَابِ لَكُنَّا مُقِرِّينَ لَهَا، فَافْتَرَقَ الْحَالُ"، وَهَذَا جَوَابٌ حَسَنٌ".
وَذَكَرَ الْزُّبَيْدِيُّ فِي "طَبَقَاتِ الْنُّحَاةِ" لَهُ: "أَنَّ الْعِلَـمَ الَّذِي كَانَ يَخْتَلِفُ مَالِك فِيْهِ لِابْنِ هُرْمُز سَنِيْنَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ عِلْم أُصُولِ الْدِّيْنِ، وَمَا يَرُدُّ بِهِ مَقَالَة أَهْلِ الْزَّيْغِ وَالْضَّلَالِ".
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: "كَانَ ابْنُ هُرْمُز بَصِيْرًا بِالْكَلَامِ، وَكَانَ يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ"، وَقَدْ سُئِلَ مَالِك عَنْ مُنَاظَرَةِ أَهْل الْأَهْوَاءِ، فَقَالَ: "أَمَّا لِلْمُسْتَبْحرِ: فَنَعَم، وَأَمَّا لِغَيْرِهِ: فَلَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَهَنٌ فِي الْدِّيْنِ".
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ الْشَّافِعِي -أَيْ فِي أَهْلِ عِلْمِ الْكَلَامِ-: "أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيْدِ"، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيْمِ الْكَلَامِ فِي أُصُولِ الْدِّيْنِ؟، فَلَيْسَ الْأَمْر كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْـمُتَكَلِّمِيْنَ عِنْدَنَا الْيَوْم، إِنَّـمَا هُوَ الْأَشْعَرِي وَأَصْحَابه، كَالْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاق، وَالْإِسْفِرَايِنِي، وَالْقَاضِي أَبِي بَكْر، وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرهم، وَهُم الْقَائِـمُونَ بِحُجَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَنَاصِرُونَ لِدِيْنِهِ، فَيَجِبُ أَنْ يُعَظَّمُوا؛ لِأَنَّهُم قَائِمُونَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنِ الْأُمَّةِ، وَأَمَّا الَّذِيْنَ قَالَ الْشَّافِعِي فِيْهِم مَا قَالَ، إِنَّـمَا هُوَ: عَمْرُو بْن عُبَيْد مِنَ الْـمُعْتَزِلَةِ، وَحَفْص الْفَرْد مِنَ الْقَدَرِيَّةِ، فَلَوْ أُدْرَكُوا الْيَوْمَ لَضُرِبُوا بِالْسُّيُوفِ، فَضْلًا عَنِ الْجَرِيْدِ، وَلِذَلِكَ لَـمَّا مَرِضَ الْشَّافِعِي، دَخَلَ عَلَيْهِ حَفْص الْفَرْد فَقَالَ: "مَنْ أَنَا؟..". فَقَالَ: "أَنْتَ حَفْص الْفَرْد، لَا حَفِظَكَ اللهُ، وَلَا رَعَاكَ حَتَّى تَتُوبَ مِـمَّا أَنْتَ فِيْهِ"))(11)
وَقَالَ الْعَلَّامَة الْإِمَام الْفَقِيه الْأُصُولِي الْنَّظَّار الْحَسَن بْن مَسْعُود الْيُوسِي (ت:1102هـ) فِي ثَنَايَا تَحْرِيْرِهِ لِسَبَب وَضْعِ شَتَّى الْعُلُوْمِ الْشَّرْعِيَّةِ، وَمِنْ بَيْنِهَا "عِلْم الْكَلَامِ" مَا نَصُّهُ: ((كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ [الاِعْتِقَادَاتِ] سَلِيْمَةً، وَلَـمَّا تَكَاثَرَت الْأَهْوَاء وَالْشِّيَع، وَافْتَرَقَتْ الْأُمَّة كَمَا أَخْبَرَ الْصَّادِق الْـمَصْدُوق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى فِرَقٍ، وَكَثُرَ الْخُبْثُ فِي الْدِّيْنِ، وَغَطَّت عَلَى الْحَقِّ شُبَه الْـمُبْطِلِيْنَ، انْتَهَضَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ وَعُظَمَاءُ الْـمِلَّةِ إِلَى مُنَاضَلَةِ الْـمُبْطِلِيْنَ بِاللِّسَانِ، كَـمَا كَانَ الْصَّدْر الْأَوَّل يُنَاضِلُونَ عَلَى الْدِّيْنِ بِالْسَّنَانِ، وَأَعَدُّوا لِجِهَادِ الْـمُبْطِلِيْنَ مَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قُوَّةٍ، فَاحْتَاجُوا إِلَى مُقَدِّمَاتٍ كُلِّيَّة وَقَوَاعِد عَقْلِيَّة، وَاصْطِلَاحَاتٍ وَأَوْضَاعٍ يَجْعَلُونَهَا مَحَلَّ الْنِّزَاعِ وَيَتَفَهَّمُونَ بِهَا مَقَاصِدَ الْقَوْمِ عِنْدَ الْدِّفَاعِ، فَدَوَّنُوا ذَلِكَ وَسَمَّوْهُ: "عِلْم الْكَلَامِ" وَ "أُصُول الْدِّيْنِ"، لِيَكُونَ بِإِزَاءِ أُصُول الْفِقْهِ))(12) وَقَالَ أَيْضًا: ((الْدِّيْن كُلّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ وَالْسَّلَفِ الْصَّالِحِ عَنِ الْنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، كَيْفَ وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾[الْـمَائِدَة:3]، وَإِنَّـمَا زَادَ الْعُلَمَاءُ فِي الْتَّآلِيْفِ الْكَلَامِيَّةِ: الْتَّقْرِيْرَات وَالْتَّفْسِيْرَات وَبَيَان كَيْفِيَّةِ الْتَّصَرُّفَاتِ، وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء مِنْ قَوَاعِد كُلِّيَّاتٍ وَبَرَاهِيْنَ عَقْلِيَّاتٍ، حَتَّى إِنَّ مُعْظَمَ الْحُجَجِ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ تَصْرِيْحًا وَتَلْوِيْحًا، وَإِنَّمَا زَادَ الْعُلَمَاءُ وَجْه الاِسْتِنْبَاطِ وَكَيْفِيَّة الاِسْتِدْلَالِ وَهُوَ كَذَلِكَ))(13)...
وَقَالَ أَيْضًا فِي تَقْرِيرٍ نَفِيْس جِدًّا: ((وَفِي ظَنِّي أَنَّهُ مَا أُوْتِيَ مُنْكِر هَذَا الْعِلْـمِ [عِلْم الْكَلَامِ]، إِلَّا مِنْ جَهْلِهِ وَتَخُيُّلِهِ أَنَّ مَا يُذْكَرُ فِيْهِ مِنَ الْأَوْضَاعِ وَالاِصْطِلَاحَاتِ وَالْشُّبَهِ وَالْـمُعَارَضَاتِ، مَقْصُودَة لِذَوَاتِهَا بِالْتَّدْوِيْنِ وَالْتَّصْنِيْفِ وَالْتَّعَلُّمِ وَالْتَّعْلِيْمِ، فَحَكَمَ بِتَحْرِيْمِ ذَلِكَ، إِمَّا لِأَنَّهُ: بِدْعَة، وَإِمَّا لِـمَا فِيْهِ مِنَ الْأَبَاطِيْلِ وَالْشُّبَهِ الْـمُضِلَّاتِ، وَمَنْ فُتِحَتْ بَصِيْرَتهُ وَعَلِمَ أَنَّ كُلَّ مَا يُذْكَرُ فِيْهِ مُحْدَثًا إِنَّـمَا قُصِدَ لِغَيْرِهِ، وَأَنَّ الْـمَطْلُوْب هُوَ الْحَقُّ، لَزِمَهُ أَنْ يَعْتَرِفَ أَنَّ الْـمُوصِلَ إِلَى الْحَقِّ حَقٌّ، فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُوصِلُ؟ كَانَ مِنَ الْسُّمنِيَّةِ الْـمُنْكِرِيْنَ أَدَاء الْنَّظَرِ إِلَى الْعِلْمِ!...
فَإِنْ قَالَ: لِـمَ تُذْكَرُ فِيْهِ الْشُّبَه الْبَاطِلَاتِ وَالْأَهْوَاء الْـمُضِلَّاتِ، وَهَلَّا اقْتُصِرَ عَلَى الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ الْسَّلَفُ كَـمَا هُوَ دَأْبُ الْسَّلَفِ؟
قِيْلَ لَهُ: كَيْفَ يُعْرَفُ الْحَقُّ لِيُقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَيُمَيَّزَ عَنِ الْبَاطِلِ إِذَا لَـمْ يُعْرَف الْبَاطِلِ؟، كَمَا قِيْلَ:
عَرَفْتُ الْشَّر لَا لِلْشَّرِّ لَكِنْ لِتَوَقِّيْهِ *** وَمَنْ لَا يَعْرِفَ الْشَّر مِنَ الْنَّاسِ يَقَع فِيْهِ
أَمَّا الْسَّلَفُ فَكَانَتْ هَذِهِ الْشُّبَهُ لَـمْ تَحُم بِسَاحَتِهِم، وَمَنْ تَـمَّ لَـمْ يَشْتَغِلُوا بِذِكْرِهَا وَرَدِّهَا، وَنَحْنُ نَقْطَع أَنَّهُ لَوْ تَعَرَّضَ لَهُم بِدْعِيٌّ أَوْ أُلْقِيَتْ عَلَيْهِم شُبْهَة لَأَبْطَلُوهَا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَاب أَبِي حَنِيْفَة، وَقَوْله: "أَنَّ الْسَّلَفَ لَـمْ تَظْهَر فِي زَمَانِهِم الْشُّبَه، وَأَمَّا نَحْنُ فَقَدْ ظَهَرَتْ عِنْدَنَا، فَإِنْ سَكَتْنَا عَنْهَا كُنَّا مُقِرِّيْنَ لَهَا".
عَلَى أَنَّ مُعْظَم ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ، وَكَانُوا عُرْبًا يَفْهَمُونَ مَعَانِيهِ فَهْمًا وَافِيًا، وَكَانَ مَمْلُوءًا بِالْحُجَجِ وَالْرَّدّ عَلَى الْـمُبْطِلِيْنَ، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَقَائِد الْـمُبْطِلِيْنَ، كَإِنْكَارِ الْبَعْثِ وَالْتَّثْلِيْثِ وَغَيْرهمَا مِنَ الْكُفْرِيَّاتِ وَأَبْطَلَهَا، وَفِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْكَلَامِ أَعْظَم حُجَّةٍ))(14)...
وَقَالَ أَيْضًا: ((فَإِنْ قِيْلَ: إِنَّ الْكَلَامَ وَالْـمَنْطِقَ مُبْتَدَعَانِ، وَكُلّ بِدْعَةٍ يَجِبُ اجْتِنَابهَا؟
قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ تُجْتَنَب، إِذْ مِنْهَا مَا يُسْتَحْسَنُ؟!، وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ فِي غَيْرهمَا مِنَ الْعُلُومِ: كَالْحِسَابِ، وَالْطِّبِّ، وَالْتَّنْجِيْمِ، وَصِنَاعَتَيْ الْأُصُولِ، وَالْحَدِيثِ، وَالْأَدَبِ، وَنَحْوهَا: مُبْتَدَعٌ؟!.
فَإِنْ قَيْلَ: إِنَّ الْسَّلَفَ كَانُوا يَحْسِبُونَ وَيُعَالِجُونَ وَيَجْتَهِدُونَ وَيُحدِّثُونَ، وَإِنَّمَا أُحْدِثَ فِي هَذِهِ الْصَّنَاعَاتِ: الْأَلْقَاب؟
قُلْنَا: وَكَذَلِكَ كَانُوا يُفَسِّرُونَ وَيَسْتَدِلُّونَ وَيُعَلِّلُونَ، وَلَا مَعْنَى لِلْمَنْطِقِ إِلَّا هَذَا...))(15)...
وَقَوْل الْعَلَّامَة الْيُوسِي: ((لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ تُجْتَنَب، إِذْ مِنْهَا مَا يُسْتَحْسَنُ)) مُفَسَّرٌ بِقَوْلِ الْإِمَام الْنَّوَوِي (ت:676هـ): ((قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْبِدْعَةُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: وَاجِبَةٌ، وَمَنْدُوبَةٌ، وَمُحَرَّمَةٌ، وَمَكْرُوهَةٌ، وَمُبَاحَةٌ، فَمِنَ الْوَاجِبَةِ: نَظْمُ أَدِلَّةِ الْـمُتَكَلِّمِيْنَ لِلْرَّدِّ عَلَى الْمَلَاحِدَةِ وَالْمُبْتَدِعِينَ وَشِبْهُ ذَلِكَ، وَمِنَ الْمَنْدُوبَةِ: تَصْنِيفُ كُتُبِ الْعِلْمِ وَبِنَاءُ الْمَدَارِسِ وَالْرُّبُطِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَمِنَ الْمُبَاحِ: الْتَّبَسُّطُ فِي أَلْوَانِ الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَالْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ ظَاهِرَانِ))(16)...
وَقَالَ الْإِمَامُ الْرَّازِي (ت:604هـ) فِي تَفْسِيْرِهِ: ((إِنْ عَنَيْتُمْ أَنَّ الْصَّحَابَةَ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا أَلْفَاظَ الْمُتَكَلِّمِينَ فَمُسَلَّمٌ، لَكِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَدْحُ فِي الْكَلَامِ، كَمَا أَنَّهُم لَمْ يَسْتَعْمِلُوا أَلْفَاظَ الْفُقَهَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَدْحُ فِي الْفِقْهِ الْبَتَّةَ، وَإِنْ عَنَيْتُمْ أَنَّهُمْ مَا عَرَفُوا اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ بِالْدَّلِيلِ، فَبِئْسَ مَا قُلْتُمْ، وَأَمَّا تَشْدِيدُ الْسَّلَفِ عَلَى الْكَلَامِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَهْلِ الْبِدْعَةِ))(17)...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ...
________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) يُرَاجَع فِي بَيَانِ تَنَاقُضه فِي الْحُكْمِ عَلَى "عِلْم الْكَلَامِ":
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2131070053794286
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2131002540467704
(3) رَاجِع: https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1986267844941175
(4) رَاجِع:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1950287688539191
وَ:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2127486287485996&set=a.1442484502652848.1073741829.100006739351796&type=3
(5) مَتْنُ الْعَقِيْدَةِ الْطَّحَاوِيَّةِ بَيَانُ عَقِيْدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْـجَمَاعَةِ لِلْإِمَامِ أَبِي جَعْفَر الْطَّحَاوِي الْحَنَفِي (ص:7)، دَارُ ابْن حَزْم لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى:1416هـ-1995م
(6) مَتْنُ الْعَقِيْدَةِ الْطَّحَاوِيَّةِ بَيَانُ عَقِيْدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْـجَمَاعَةِ (ص:15)
(7) مَتْنُ الْعَقِيْدَةِ الْطَّحَاوِيَّةِ بَيَانُ عَقِيْدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْـجَمَاعَةِ (ص:9-10)
( الْذَّخِيرَة لِلْشِّهَاب الْقَرَافِي (13/243-244)، تَحْقِيق: الْدُّكْتُور مُحَمَّد حجِّي، دَارُ الْغَرْب الْإِسْلَامِي، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1994م
(9) الْـجَامِع لِأَحْكَامِ القُرْآن لِلإِمَام الهُمَام الـمُفَسِّر القُرْطُبِي (2/213-214)، اعْتَنَى بِهِ وَصَحَّحَه: الشَّيْخ هِشَام سَمِير البُخَارِي، دَار عَالَـم الكُتُب لِلنَّشْرِ وَالطِّبَاعَة وَالتَّوْزِيع-الرِّيَاض، الطَّبْعَة الثَّانِيَة: 1423هـ-2003م
(10) الْـجَامِع لِأَحْكَامِ القُرْآن لِلإِمَام الهُمَام الـمُفَسِّر القُرْطُبِي (6/386)
(11) الْـمَبَاحِثُ الْعَقْلِيَّةِ فِي شَرْحِ مَعَانِي الْعَقِيْدَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ لِأَبِي الْحَسَن عَلِي بْن عَبْد الْرَّحْمَن الْيَفْرُنِي الْطَّنْجِي (1/360-363)، تَقْدِيْم وَتَحْقِيْق: د.جَمَال عَلَّال الْبختِي، مَطْبُوعَاتِ: الْرَّابِطَة الْـمُحَمَّدِيَّةِ لِلْعُلَمَاءِ بِالْـمَمْلَكَة الْـمَغْرِبِيَّة وَمَرْكَز أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِي لِلْدِّرَاسَاتِ وَالْبُحُوثِ الْعَقَدِيَّةِ، طَبْعَة: 2017م
(12) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/276)، مَطْبَعَةُ الْفُرْقَانِ لِلْنَّشْرِ الْحَدِيثِ: الْدَّار الْبَيْضَاء، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 2008م
(13) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/232)
(14) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/270-271)
(15) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/278)
(16) صَحِيح مُسْلم بِشَرْح [الإِمَام] النَّوَوِي (6/154-155)، الـمَطْبَعَة الـمِصْرِيَّة بِالأَزْهَرِ، الطَّبْعَة الأُوْلَى: 1349هـ-1930م
(17) الْتَّفْسِيْر الْكَبِيْر لِلْإِمَامِ الْرَّازِي (2/105)، دَارُ الْفِكْرِ لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيْعِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1401هـ-1981م
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" مُحَاوِلًا تَحْرِيْف كَلَام الْإِمَام مَالِك لِوَافِقَ مَشْرَبه، مَا نَصُّهُ: ((فقَدِ اعتبر الإمام مالكٌ ـ رحمه الله ـ أهلَ الكلام هم أهلَ البِدَع، فعن أَشهبَ بنِ عبد العزيز قال: سَمِعْتُ مالكَ بنَ أنسٍ يقول: «إِيَّاكُمْ وَالبِدَعَ» قِيلَ: «يا أبا عبد الله، وما البِدَع؟» قال: «أهل البِدَع الَّذين يتكلَّمون في أسماء الله وصِفَاتِه وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عمَّا سَكَت عنه الصَّحابةُ والتَّابعون لهم بإحسانٍ»(٢٠).
ـ وروى عبد الرَّحمن بنُ مهديٍّ عن مالكٍ أنَّه قال: «لو كان الكلام علمًا لَتكلَّم فيه الصَّحابةُ والتَّابعون كما تكلَّموا في الأحكام والشَّرائع، ولكنَّه باطلٌ يدلُّ على باطلٍ»(٢١).
ـ وقال الإمام مالكٌ ـ أيضًا ـ: «أفكُلَّما جاءنا رَجلٌ أجدلُ مِنْ رَجلٍ تَرَكْنا ما نَزَل به جبريلُ عليه السَّلام على محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم لجدلِه؟!»(٢٢).
ـ وعن أبي ثورٍ: سمِعْتُ الشَّافعيَّ يقول: «كان مالك بنُ أنسٍ إذا جاءه بعضُ أهل الأهواء قال: «أَمَا إنِّي على بيِّنةٍ مِنْ ربِّي ودِيني، وأمَّا أنتَ فشاكٌّ؛ اذهَبْ إلى شاكٍّ مِثلِك فخاصِمْه»»، وعن ابنِ وهبٍ عن مالكٍ مِثْلَه(٢٣).
ـ وقال أبو طالبٍ المكِّيُّ: «كان مالكٌ أبعدَ النَّاس مِنْ مذاهب المتكلِّمين وأشدَّهم بغضًا للعراقيِّين(٢٤)، وأَلزمَهم لسنَّةِ السَّالفين مِنَ الصَّحابة والتَّابعين»(٢٥)))(1)
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (الْـمُتَنَاقِض!):
أَوَّلًا: لَوْ كَانَ اسْتِدْلَالكَ بِكَلَامِ الْإِمَامِ مَالِك صَحِيْحًا لَلَزِمَ إِسْقَاط حُكْم الْبِدْعَة عَلَيْكَ وَعَلَى سَلَفِكَ الْتَّيْمِيَّةِ (الْـمُجَسِّمَةِ!) بِدَرَجَةٍ أُوْلَى؟!(2)...
هَلْ قَالَ الْسَّلَفُ بِأَنَّ اللهَ فَوْقَ الْعَالَـمِ فَوْقِيَّةَ (مُـمَاسَّةٍ!) وَ(مُلَاصَقَةٍ!) لِلْصَّفْحَةِ الْعُلْيَا لِلْعَرْشِ كَمَا يَدَّعِي شَيْخُكُم ابْن تَيْمِيَّة فِي بَيَانِ تَلْبِيْسِهِ؟!(3)...
هَلْ قَالَ الْسَّلَفُ بِأَنَّ يَد اللهِ (آلَةٌ!) يَفْعَلُ بِهَا جَلَّ وَعَزَّ كَـمَا يُدَنْدِنُ شَيْخكُم الْحَرَّانِي؟!(4)...
هَلْ قَالَ الْسَّلَف بِأَنَّ اللهَ (مَحْدُودٌ!) مِنْ (جَانِبِهِ الْتَّحْتَانِي!) بِالْصَّفْحَةِ الْعُلْيَا لِلْعَرْشِ وَأَنَّهُ تَعَالَى كَذَلِكَ (مَــحْدُودٌ!) مِنْ (الْجِهَاتِ!) الْخَمْسَةِ الْـمُتَبَقِيَّةِ كَمَا هُوَ صَرِيْح كَلَامِ شَيْخِكَ ابْن تَيْمِيَّة فِي بَيَانِ تَلْبِيْسِهِ؟!...
هَلْ قَالَ الْسَّلَفُ بِأَنَّ كَلَام اللهِ قَدِيْم الْنَّوْعِ حَادِث الْأَفْرَادِ كَمَا يَلْهَجُ بِتَرْدِيْدِهِ شَيْخكَ ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي؟!...
هَلْ...الخ؟!
فَإِنْ قُلْتَ: اضْطُرَّ ابْن تَيْمِيَّة لِلْخَوْضِ فِي هَذِهِ الْـمَسَائِل لِلْتَّعْبِيرِ بِلِسَانِ الْعَصْرِ عَمَّا يَرَاهُ مِنْ عَقِيْدَةِ سَلَفِهِ (الْـمُجَسِّمَةِ!)؟!
يُقَالُ لَكَ: قَدْ كِلْتَ بِالْصَّاعِ الْوَافِي فَكِلْ لِغَيْرِكَ بِمِثْلِهِ؟!. ثُـمَّ إِنَّكَ تَدَّعِي أَنَّ الْإِمَام مَالِك قَدْ ذَمَّ "عِلْم الْكَلَامِ" لِذَاتِهِ هَكَذَا بِإِطْلَاقٍ، وَلَا اعْتِبَارٍ لِلْحَقِّ الَّذِي فِيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ الَّذِي قَدْ يَعْتَرِيْهِ، فَـمَنْ ذَا الَّذِي أَبَاحَ لَكُم وَلِشَيْخِكُم ابْن تَيْمِيَّة مَا تُحَرِّمُونَهُ عَلَى غَيْرِكُم؟!...
ثَانِيًا: مَا جَاءَ عَنْ الْإِمَام مَالِك مِنْ رِوَايَاتٍ فِي هَذَا الْشَّأْن فَقَدْ حَمَلهُ عُلَمَاء الْـمَذْهَبِ عَلَى مَحَامِل حَسَنَةٍ تَتَوَافَق مَعَ مَنْهَجِ الإِمَامِ نَفْسه، وَلْيُنْظَر مَثَلًا فِي الْرِّوَايَةِ الَّتِي يَسْتَنِدُ إِلَيْهَ الْوَهَّابِي بِلَا فَهْمٍ!: ((قَالَ مَالِكٌ: إِيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ. قِيلَ: وَمَا الْبِدَعُ؟ قَالَ: أَهْلُ الْبِدَعِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَلَا يَسْكُتُونَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ، وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ عِلْمًا لَتَكَلَّمُوا فِيهِ كَمَا تَكَلَّمُوا فِي الْأَحْكَامِ))؟!
فَالْظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الْرِّوَايَة أَنَّ مُجَرَّد الْكَلَام فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ بِـمَا لَـمْ يَثْبُت عَلَى وَجْهِهِ مِنْ قَوْلِ الْسَّلَفِ الْكِرَام فَهُوَ: بِدْعَةٌ ضَلَالَةٌ؟!...
نَعَمْ؛ فَظَاهِر هَذِهِ الْـمَقُولَة أَنَّ أَهْل الْأَهْوَاء عِنْدَ الْإِمَام مَالِك هُم:
(أ) الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ؟!
(ب) وَلَا يَسْكُتُونَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْصَّحَابَةُ وَالْتَّابِعُونَ؟!
فَلَوْ تُرِكَ هَذَا الْكَلَام عَلَى إِطْلَاقِهِ لَحُكِمَ بِالْبِدْعَةِ حَتَّى عَلَى مَنْ يُحَرِّرُ الْكَلَام فِي صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى تَحْرِيْرًا صَحِيْحًا سَلِيْمًا؟! فَلَازِمُ هَذَا الاِطْلَاقِ الْحُكْم عَلَى كُلِّ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ الَّذِيْنَ كَتَبُوا فِي بَيَانِ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى بِالْبِدْعَةِ وَأَنَّهُم مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ؟! فَهَذَا الْفَهْم (الْـمَنْكُوس!) مِنَ الْدُّكْتُور فَرْكُوس لِعِبَارَةِ الْإِمَام مَالِك يَجْعَل مِصْدَاق الْاِطْلَاقِ فِي الْـمَقُولَةِ يَطَالُ الْـمُحِقَّ فِي تَقْرِيْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ كَلَامِهِ، كَـمَا يَطَالُ الْـمُبْطِلَ فِي هَذَيَانِهِ؟! فَمُجَرَّدُ الْكَلَام فِي الْصِّفَاتِ يُقْحِمُ الْـمَرْء فِي مُسْتَنْقَعِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ؟!
هَلْ يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا (الْخَبَالُ!) فِي الْفَهْمِ وَ(الْوَبَالُ!) فِي الْحُكْمِ هُوَ مُرَادُ الْإِمَامِ مَالِك؟! أَيُعْقَلُ أَنْ يَحْكُمَ الْإِمَام مَالِك بِالْبِدْعَةِ وَاتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ عَلَى أَئِمَّةِ الْسَّلَفِ الَّذِيْنَ حَرَّرَ عَقِيدَتهم الْإِمَام أَبُو جَعْفَر الْوَرَّاق الْطَّحَاوِي (239هـ-321هـ) فِي عَقِيْدتهِ الْمَشْهُورَة فَقَالَ فِي مُسْتَهَلِّ عَقِيْدته هَذِهِ: ((هَذَا ذِكْرُ بَيَانِ عَقِيدَةِ أهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى مَذْهَبِ فُقَهَاءِ الْـمِلَّةِ: أَبِي حَنِيفَةَ الْنُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ الْكُوفِيِّ، وَأَبِي يُوسُف يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهيِمَ الْأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْـحَسَنِ الْشَّيْبَانِيِّ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ-؛ وَمَا يَعْتَقِدُونَ مِنْ أُصُولِ الْدِّينِ، وَيَدِينُونَ بِهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ))(5) وَقَالَ فِي الْـمَتْنِ: ((وَتَعَالىَ [الله] عَنِ الْحُدُودِ وَالْغَايَاتِ وَالْأَرْكَانِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْأَدَوَاتِ لَا تَحْوِيْهِ الْجِهَاتُ الْسِّتُّ كَسَائِرِ الْـمُبْتَدَعَاتِ))(6)؟! وَقَالَ أَيْضًا: ((مَا زَالَ بِصِفَاتِهِ قَدِيْمًا قَبْلَ خَلْقِهِ، لَمْ يَزْدَدْ بِكَوْنِهِمْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُمْ مِنْ صِفَتِهِ، وَكَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا، كَذَلِكَ لَايَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِيًّا. لَيْسَ بَعْد خَلْقِ الْخَلْقَ اسْتَفَادَ اسْمَ "الْخَالِقِ"، وَلَا بِإِحْدَاثِهِ الْبَرِيَّةَ اسْتَفَادَ اسْمَ "الْبَارِي". لَهُ مَعْنَى الْرُّبُوبِيَّةِ وَلَا مَرْبُوبَ، وَمَعْنَى الْخَالِقِ وَلَا مَخْلُوقَ. وَكَمَا أَنَّهُ مُحْيِي الْـمَوْتَى بَعْدَمَا أَحْيَا، اسْتَحَقَّ هَذَا الِاسْمَ قَبْلَ إِحْيَائِهِمْ، كَذَلِكَ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْـخَالِقِ قَبْلَ إِنْشَائِهِمْ))(7)؟!...الخ؟!
أَيُعْقَلُ أَنْ يَحْكُمَ الْإِمَام مَالِك بِالْبِدْعَةِ وَاتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ عَلَى كُلِّ مَنْ يُقَرِّرُ مَثَلًا بِأَنَّ قُدْرَةَ اللهِ تَتَعَلَّقُ بِالْـمُمْكِنَاتِ لاَ بِالْـمُسْتَحِيْلَاتِ؟! أَوْ مَنْ يُقَرِّرُ بِأَنَّ عِلْمَ اللهِ تَعَالَى يَتَعَلَّقُ بِالْمُمْكِنَاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْـمُسْتَحِيْلَاتِ، بِالْجُزْئِيَّاتِ وَبِالْكُلِّيَّاتِ؟! وَمَنْ يُقَرِّرُ أَنَّ الله لَا يَحِلُّ فِي مَخْلُوقَاتِهِ وَلَا تَحِلُّ فِيْهِ؟! وَأَنَّ الله مُنَزَّهٌ عَنْ سِمَاتِ الْجِسْمِيَّةِ وَصِفَاتِ الْـمُحْدَثَاتِ؟! وَ...الخ؟! كَلَا وَأَلْف كَلَا؟!
فَلَا بُدَّ إِذًا مِنْ فَهْمٍ صَحِيْحٍ لِعَبَارَاتِ الْإِمَامِ مَالِك وَالْسَّلَفِ، وَلَا يُعْقَلُ بِحَالٍ أَنْ يُفَسَّر مَا صَدَرَ مِنَ أَئِمَّةِ الْسَّلَفِ فِي حَقِّ "عِلْم الْكَلَامِ" بِمَا هُوَ ظَاهِر الْبُطْلَانِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ حَتَّى عِنْدَ الْصِّبْيَانِ؟!...
ثَالِثًا: اسْتَمِع يَا عَبْد اللهِ لِكَلَامِ بَعْضِ فَطَاحِل أَئِمَّةِ الْسُّنَّةِ فِي تَفْسِيْرِ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ:
قَالَ الْإِمَامُ شِهَابُ الْدِّيْن الْقَرَافِي الْـمَالِكِي (ت:684هـ): ((وَرَأَيْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَوَابًا لِكَلَامٍ كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ مَالِكٌ: "إِنَّكَ تَتَحَدَّثُ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَإِنَّ الْسَّلَفَ لَمْ يَكُونُوا يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ".
فَأَجَابَ بِأَنَّ: "الْسَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ تَكُنِ الْبِدَعُ ظَهَرَتْ فِي زَمَانِهِمْ فَكَانَ تَحْرِيكُ الْجَوَابِ عَنْهَا دَاعِيَةً لِإِظْهَارِهَا فَهُوَ سَعْيٌ فِي مُنْكَرٍ عَظِيمٍ فَلِذَلِكَ تُرِكَ"، قَالَ: "وَفِي زَمَانِنَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فَلَوْ سَكَتْنَا كُنَّا مُقِرِّينَ لِلْبِدَعِ، فَافْتَرَقَ الْحَالُ".
وَهَذَا جَوَابٌ سَدِيدٌ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبِدَعَ ظَهَرَتْ بِبِلَادِهِ بِالْعِرَاقِ، وَمَالِكٌ لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ بِبَلَدِهِ فَلِذَلِكَ أَنْكَرَ، فَهَذَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِ الْإِمَامَيْنِ.
وَعَنِ الْشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لَوْ وَجَدْتُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَضَرَبْتُهُمْ بِالْحَدِيدِ". قَالَ لِي بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ الْشَّافِعِي تَحْرِيمُ الِاشْتِغَالِ بِأُصُولِ الْدِّينِ.
قُلَتُ لَهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ الْيَوْمَ فِي عُرْفِنَا إِنَّمَا هُوَ الْأَشْعَرِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَلَمْ يُدْرِكُوا الشَّافِعِيَّ وَلَا تِلْكَ الطَّبَقَةَ الْأُولَى. إِنَّمَا كَانَ فِي زَمَانِ الْشَّافِعِيِّ عَمْر بْنُ عَبِيدٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ الْمُبْتَدِعَةِ أَهْلِ الْضَّلَالَةِ، وَلَوْ وَجَدْنَاهُمْ نَحْنُ ضَرَبْنَاهُمْ بِالْسَّيْفِ فَضْلًا عَنِ الْحَدِيدِ، فَكَلَامُهُ ذَمٌّ لِأُولَئِكَ لَا لِأَصْحَابِنَا. وَأَمَّا أَصْحَابُنَا الْقَائِمُونَ بِحُجَّةِ اللَّهِ وَالنَّاصِرُونَ لِدِينِ اللَّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَظَّمُوا وَلَا يُهْتَضَمُوا لِأَنَّهُمُ الْقَائِمُونَ بِفَرْضِ كِفَايَةٍ عَنِ الْأُمَّةِ، فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الْحُجَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فَرْضُ كِفَايَةٍ.
قَالَ لِي ذَلِكَ الْشَّافِعِيُّ: يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالْسُّنَّةُ!، قُلْتُ لَهُ: فَمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُمَا كَيْفَ تُقَامُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ بِهِمَا؟! فَسَكَت))(
وَقَالَ الْإِمَامُ الْـمُفَسِّرُ الْقُرْطُبِي (ت:671هـ): ((قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: وَإِنَّمَا ظَهَرَ الْتَّلَفُّظُ بِهَا فِي زَمَنِ الْمَأْمُونِ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ لَمَّا تُرْجِمَتْ كُتُبُ الْأَوَائِلِ وَظَهَرَ فِيهَا اخْتِلَافُهُمْ فِي قِدَمِ الْعَالَمِ وَحُدُوثِهِ. وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الْجَوْهَرِ وَثُبُوتِهِ، وَالْعَرَضِ وَمَاهِيَّتِهِ؛ فَسَارَعَ الْمُبْتَدِعُونَ وَمَنْ فِي قَلْبِهِ زَيْغٌ إِلَى حِفْظِ تِلْكَ الِاصْطِلَاحَاتِ، وَقَصَدُوا بِهَا الْإِغْرَابَ عَلَى أَهْلِ الْسُّنَّةِ، وَإِدْخَالَ الْشُّبَهِ عَلَى الْضُّعَفَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ. فَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ ظَهَرَتِ الْبِدْعَةُ، وَصَارَتْ لِلْمُبْتَدِعَةِ شِيْعَةٌ، وَالْتَبَسَ الْأَمْرُ عَلَى الْسُّلْطَانِ؛ حَتَّى قَالَ الْأَمِيرُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ!، وَجَبَرَ الْنَّاسَ عَلَيْهِ!، وَضُرِبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَلَى ذَلِكَ. فَانْتدبَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ كَالْشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُلَّابٍ وَابْنِ مُجَاهِدٍ وَالْمُحَاسِبِيِّ وَأَضْرَابِهِمْ؛ فَخَاضُوا مَعَ الْمُبْتَدِعَةِ فِي اصْطِلَاحَاتِهِمْ، ثُمَّ قَاتَلُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ بِسِلَاحِهِمْ. وَكَانَ مَنْ دَرَجَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُتَمَسِّكِينَ بِالْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ، مُعْرِضِينَ عَنْ شُبَهِ الْمُلْحِدِينَ، لَمْ يَنْظُرُوا فِي الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ؛ عَلَى ذَلِكَ كَانَ الْسَّلَفُ.
قُلْتُ: وَمَنْ نَظَرَ الْآنَ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ حَتَّى يُنَاضِلَ بِذَلِكَ عَنِ الْدِّيْنِ فَمَنْزِلَتُهُ قَرِيبَةٌ مِنَ الْنَّبِيِّينَ. فَأَمَّا مَنْ يُهَجِّنُ مِنْ غُلَاةِ الْمُتَكَلِّمِينَ طَرِيقَ مَنْ أَخَذَ بِالْأَثَرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَحُضُّ عَلَى دَرْسِ كُتُبِ الْكَلَامِ، وَأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ الْحَقَّ إِلَّا مِنْ جِهَتِهَا بِتِلْكَ الِاصْطِلَاحَاتِ فَصَارُوا مَذْمُومِينَ لِنَقْضِهِمْ طَرِيقَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمَاضِينَ؛ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْمُخَاصَمَةُ وَالْجِدَالُ بِالْدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ فَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي الْقُرْآنِ))(9)
وَقَالَ أَيْضًا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: ((قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلَ الْظُّلُماتِ وَالنُّورَ﴾[الْأَنْعَام:1] ذَكَرَ بَعْدَ خَلْقِ الْجَوَاهِرِ [الْسَّمَاوَات وَالْأَرْض] خَلْقَ الْأَعْرَاضِ [الْظُّلُماتِ وَالنُّورَ] لِكَوْنِ الْجَوْهَرِ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ، وَمَا لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ. وَالْجَوْهَرُ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ هُوَ الْجُزْءُ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ الْحَامِلُ لِلْعَرَضِ؛ وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى ذِكْرِهِ فِي الْكِتَابِ "الْأَسْنَى فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى" فِي اسْمِهِ "الْوَاحِدِ". وَسُمِّيَ الْعَرَضُ عَرَضًا؛ لِأَنَّهُ يَعْرِضُ فِي الْجِسْمِ وَالْجَوْهَرِ فَيَتَغَيَّرُ بِهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَالْجِسْمُ هُوَ الْمُجْتَمِعُ، وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجِسْمِ جَوْهَرَانِ مُجْتَمِعَانِ؛ وَهَذِهِ الِاصْطِلَاحَاتُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهَا مَعْنَى الْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ فَلَا مَعْنَى لِإِنْكَارِهَا. وَقَدِ اسْتَعْمَلَهَا الْعُلَمَاءُ وَاصْطَلَحُوا عَلَيْهَا، وَبَنَوْا عَلَيْهَا كَلَامَهُمْ، وَقَتَلُوا بِهَا خُصُومَهُمْ))(10)
وَقَالَ الْإِمَام الْعَلَّامَة أَبُو الْحَسَن عَلِي بْن عَبْد الْرَّحْمَن الْيَفْرُنِي الْطَّنْجِي (ت:734هـ): ((وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْنَّظَرَ فِي هَذَا الْعِلْـمِ [عِلْم الْكَلَامِ] حَرَامٌ لِـمَا وَرَدَ عَنِ الْسَّلَفِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْتَّشْدِيْدِ؟،
فَالْـجَوَابُ عَنْهُ: أَنَّ مَعْرِفَةَ اللهِ تَعَالَى: وَاجِبَة بِالْإِجْمَاعِ، وَالاِشْتِغَال بِهَذَا الْعِلْـمِ وَالْـمَقْصُود مِنْهُ إِنَّـمَا هُوَ مَعْرِفَة اللهِ تَعَالَى بِـمَا يَجِبُ لَهُ، وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، وَمَا يَسْتَحِيْلُ، فَـمِنْ أَيْنَ تَحْرُمُ مَعْرِفَة اللهِ تَعَالَى بِالْدَّلِيْلِ؟، وَكَيْفَ يَكُونُ ذِكْر الْحُجَّةِ وَالْــمُطَالَبَة بِهَا، وَالْبَحْث عَنِ مَعْرِفَةِ اللهِ تَعَاَلى مَحْظُوْرًا؟، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيَّهِ عَلَيْهِ الْسَّلَام: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الْبَقَرَة:110]، وَقَالَ: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾[الْأَنْعَام:150]، وَقَوْله تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾[الْبَقَرَة:257]، فَمَدَحَهُ الله تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ﴾[الْأَنْعَام:84]؟
وَأَمَّا كَلَام الْسَّلَفِ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَـمْ تَظْهَر الْبِدَع فِي زِمَانِهِم، وَلِصِفَاءِ أَذْهَانِهِم، وَصِحَّة عَقَائِدهم، وَقِلَّة مَنْ يُحْوِجهُم إِلَى ذَلِكَ، قَالَ الْشِّهَابُ الْقَرَافِي: "رَأَيْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ جَوَابًا عَنْ كَلَامٍ كَتَبَ بِهِ مَالِكٌ إِلَيْهِ: إِنَّكَ لَتَتَحَدَّثُ فِي أُصُولِ الْدِّيْنِ، وَإِنَّ الْسَّلَفَ الْصَّالِحَ لَـمْ يَكُونُوا يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ؟.
فَأَجَابَ بِأَنَّ: الْسَّلَفَ لَمْ تَكُنِ ظَهَرَتْ الْبِدَعُ فِي زَمَانِهِمْ، فَلِذَلِكَ تَرَكُوهُ، وَفِي زَمَانِنَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ، فَلَوْ سَكَتْنَا عَنِ الْجَوَابِ لَكُنَّا مُقِرِّينَ لَهَا، فَافْتَرَقَ الْحَالُ"، وَهَذَا جَوَابٌ حَسَنٌ".
وَذَكَرَ الْزُّبَيْدِيُّ فِي "طَبَقَاتِ الْنُّحَاةِ" لَهُ: "أَنَّ الْعِلَـمَ الَّذِي كَانَ يَخْتَلِفُ مَالِك فِيْهِ لِابْنِ هُرْمُز سَنِيْنَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ عِلْم أُصُولِ الْدِّيْنِ، وَمَا يَرُدُّ بِهِ مَقَالَة أَهْلِ الْزَّيْغِ وَالْضَّلَالِ".
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: "كَانَ ابْنُ هُرْمُز بَصِيْرًا بِالْكَلَامِ، وَكَانَ يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ"، وَقَدْ سُئِلَ مَالِك عَنْ مُنَاظَرَةِ أَهْل الْأَهْوَاءِ، فَقَالَ: "أَمَّا لِلْمُسْتَبْحرِ: فَنَعَم، وَأَمَّا لِغَيْرِهِ: فَلَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَهَنٌ فِي الْدِّيْنِ".
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ الْشَّافِعِي -أَيْ فِي أَهْلِ عِلْمِ الْكَلَامِ-: "أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيْدِ"، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيْمِ الْكَلَامِ فِي أُصُولِ الْدِّيْنِ؟، فَلَيْسَ الْأَمْر كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْـمُتَكَلِّمِيْنَ عِنْدَنَا الْيَوْم، إِنَّـمَا هُوَ الْأَشْعَرِي وَأَصْحَابه، كَالْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاق، وَالْإِسْفِرَايِنِي، وَالْقَاضِي أَبِي بَكْر، وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرهم، وَهُم الْقَائِـمُونَ بِحُجَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَنَاصِرُونَ لِدِيْنِهِ، فَيَجِبُ أَنْ يُعَظَّمُوا؛ لِأَنَّهُم قَائِمُونَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنِ الْأُمَّةِ، وَأَمَّا الَّذِيْنَ قَالَ الْشَّافِعِي فِيْهِم مَا قَالَ، إِنَّـمَا هُوَ: عَمْرُو بْن عُبَيْد مِنَ الْـمُعْتَزِلَةِ، وَحَفْص الْفَرْد مِنَ الْقَدَرِيَّةِ، فَلَوْ أُدْرَكُوا الْيَوْمَ لَضُرِبُوا بِالْسُّيُوفِ، فَضْلًا عَنِ الْجَرِيْدِ، وَلِذَلِكَ لَـمَّا مَرِضَ الْشَّافِعِي، دَخَلَ عَلَيْهِ حَفْص الْفَرْد فَقَالَ: "مَنْ أَنَا؟..". فَقَالَ: "أَنْتَ حَفْص الْفَرْد، لَا حَفِظَكَ اللهُ، وَلَا رَعَاكَ حَتَّى تَتُوبَ مِـمَّا أَنْتَ فِيْهِ"))(11)
وَقَالَ الْعَلَّامَة الْإِمَام الْفَقِيه الْأُصُولِي الْنَّظَّار الْحَسَن بْن مَسْعُود الْيُوسِي (ت:1102هـ) فِي ثَنَايَا تَحْرِيْرِهِ لِسَبَب وَضْعِ شَتَّى الْعُلُوْمِ الْشَّرْعِيَّةِ، وَمِنْ بَيْنِهَا "عِلْم الْكَلَامِ" مَا نَصُّهُ: ((كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ [الاِعْتِقَادَاتِ] سَلِيْمَةً، وَلَـمَّا تَكَاثَرَت الْأَهْوَاء وَالْشِّيَع، وَافْتَرَقَتْ الْأُمَّة كَمَا أَخْبَرَ الْصَّادِق الْـمَصْدُوق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى فِرَقٍ، وَكَثُرَ الْخُبْثُ فِي الْدِّيْنِ، وَغَطَّت عَلَى الْحَقِّ شُبَه الْـمُبْطِلِيْنَ، انْتَهَضَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ وَعُظَمَاءُ الْـمِلَّةِ إِلَى مُنَاضَلَةِ الْـمُبْطِلِيْنَ بِاللِّسَانِ، كَـمَا كَانَ الْصَّدْر الْأَوَّل يُنَاضِلُونَ عَلَى الْدِّيْنِ بِالْسَّنَانِ، وَأَعَدُّوا لِجِهَادِ الْـمُبْطِلِيْنَ مَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قُوَّةٍ، فَاحْتَاجُوا إِلَى مُقَدِّمَاتٍ كُلِّيَّة وَقَوَاعِد عَقْلِيَّة، وَاصْطِلَاحَاتٍ وَأَوْضَاعٍ يَجْعَلُونَهَا مَحَلَّ الْنِّزَاعِ وَيَتَفَهَّمُونَ بِهَا مَقَاصِدَ الْقَوْمِ عِنْدَ الْدِّفَاعِ، فَدَوَّنُوا ذَلِكَ وَسَمَّوْهُ: "عِلْم الْكَلَامِ" وَ "أُصُول الْدِّيْنِ"، لِيَكُونَ بِإِزَاءِ أُصُول الْفِقْهِ))(12) وَقَالَ أَيْضًا: ((الْدِّيْن كُلّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ وَالْسَّلَفِ الْصَّالِحِ عَنِ الْنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، كَيْفَ وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾[الْـمَائِدَة:3]، وَإِنَّـمَا زَادَ الْعُلَمَاءُ فِي الْتَّآلِيْفِ الْكَلَامِيَّةِ: الْتَّقْرِيْرَات وَالْتَّفْسِيْرَات وَبَيَان كَيْفِيَّةِ الْتَّصَرُّفَاتِ، وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء مِنْ قَوَاعِد كُلِّيَّاتٍ وَبَرَاهِيْنَ عَقْلِيَّاتٍ، حَتَّى إِنَّ مُعْظَمَ الْحُجَجِ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ تَصْرِيْحًا وَتَلْوِيْحًا، وَإِنَّمَا زَادَ الْعُلَمَاءُ وَجْه الاِسْتِنْبَاطِ وَكَيْفِيَّة الاِسْتِدْلَالِ وَهُوَ كَذَلِكَ))(13)...
وَقَالَ أَيْضًا فِي تَقْرِيرٍ نَفِيْس جِدًّا: ((وَفِي ظَنِّي أَنَّهُ مَا أُوْتِيَ مُنْكِر هَذَا الْعِلْـمِ [عِلْم الْكَلَامِ]، إِلَّا مِنْ جَهْلِهِ وَتَخُيُّلِهِ أَنَّ مَا يُذْكَرُ فِيْهِ مِنَ الْأَوْضَاعِ وَالاِصْطِلَاحَاتِ وَالْشُّبَهِ وَالْـمُعَارَضَاتِ، مَقْصُودَة لِذَوَاتِهَا بِالْتَّدْوِيْنِ وَالْتَّصْنِيْفِ وَالْتَّعَلُّمِ وَالْتَّعْلِيْمِ، فَحَكَمَ بِتَحْرِيْمِ ذَلِكَ، إِمَّا لِأَنَّهُ: بِدْعَة، وَإِمَّا لِـمَا فِيْهِ مِنَ الْأَبَاطِيْلِ وَالْشُّبَهِ الْـمُضِلَّاتِ، وَمَنْ فُتِحَتْ بَصِيْرَتهُ وَعَلِمَ أَنَّ كُلَّ مَا يُذْكَرُ فِيْهِ مُحْدَثًا إِنَّـمَا قُصِدَ لِغَيْرِهِ، وَأَنَّ الْـمَطْلُوْب هُوَ الْحَقُّ، لَزِمَهُ أَنْ يَعْتَرِفَ أَنَّ الْـمُوصِلَ إِلَى الْحَقِّ حَقٌّ، فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُوصِلُ؟ كَانَ مِنَ الْسُّمنِيَّةِ الْـمُنْكِرِيْنَ أَدَاء الْنَّظَرِ إِلَى الْعِلْمِ!...
فَإِنْ قَالَ: لِـمَ تُذْكَرُ فِيْهِ الْشُّبَه الْبَاطِلَاتِ وَالْأَهْوَاء الْـمُضِلَّاتِ، وَهَلَّا اقْتُصِرَ عَلَى الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ الْسَّلَفُ كَـمَا هُوَ دَأْبُ الْسَّلَفِ؟
قِيْلَ لَهُ: كَيْفَ يُعْرَفُ الْحَقُّ لِيُقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَيُمَيَّزَ عَنِ الْبَاطِلِ إِذَا لَـمْ يُعْرَف الْبَاطِلِ؟، كَمَا قِيْلَ:
عَرَفْتُ الْشَّر لَا لِلْشَّرِّ لَكِنْ لِتَوَقِّيْهِ *** وَمَنْ لَا يَعْرِفَ الْشَّر مِنَ الْنَّاسِ يَقَع فِيْهِ
أَمَّا الْسَّلَفُ فَكَانَتْ هَذِهِ الْشُّبَهُ لَـمْ تَحُم بِسَاحَتِهِم، وَمَنْ تَـمَّ لَـمْ يَشْتَغِلُوا بِذِكْرِهَا وَرَدِّهَا، وَنَحْنُ نَقْطَع أَنَّهُ لَوْ تَعَرَّضَ لَهُم بِدْعِيٌّ أَوْ أُلْقِيَتْ عَلَيْهِم شُبْهَة لَأَبْطَلُوهَا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَاب أَبِي حَنِيْفَة، وَقَوْله: "أَنَّ الْسَّلَفَ لَـمْ تَظْهَر فِي زَمَانِهِم الْشُّبَه، وَأَمَّا نَحْنُ فَقَدْ ظَهَرَتْ عِنْدَنَا، فَإِنْ سَكَتْنَا عَنْهَا كُنَّا مُقِرِّيْنَ لَهَا".
عَلَى أَنَّ مُعْظَم ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ، وَكَانُوا عُرْبًا يَفْهَمُونَ مَعَانِيهِ فَهْمًا وَافِيًا، وَكَانَ مَمْلُوءًا بِالْحُجَجِ وَالْرَّدّ عَلَى الْـمُبْطِلِيْنَ، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَقَائِد الْـمُبْطِلِيْنَ، كَإِنْكَارِ الْبَعْثِ وَالْتَّثْلِيْثِ وَغَيْرهمَا مِنَ الْكُفْرِيَّاتِ وَأَبْطَلَهَا، وَفِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْكَلَامِ أَعْظَم حُجَّةٍ))(14)...
وَقَالَ أَيْضًا: ((فَإِنْ قِيْلَ: إِنَّ الْكَلَامَ وَالْـمَنْطِقَ مُبْتَدَعَانِ، وَكُلّ بِدْعَةٍ يَجِبُ اجْتِنَابهَا؟
قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ تُجْتَنَب، إِذْ مِنْهَا مَا يُسْتَحْسَنُ؟!، وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ فِي غَيْرهمَا مِنَ الْعُلُومِ: كَالْحِسَابِ، وَالْطِّبِّ، وَالْتَّنْجِيْمِ، وَصِنَاعَتَيْ الْأُصُولِ، وَالْحَدِيثِ، وَالْأَدَبِ، وَنَحْوهَا: مُبْتَدَعٌ؟!.
فَإِنْ قَيْلَ: إِنَّ الْسَّلَفَ كَانُوا يَحْسِبُونَ وَيُعَالِجُونَ وَيَجْتَهِدُونَ وَيُحدِّثُونَ، وَإِنَّمَا أُحْدِثَ فِي هَذِهِ الْصَّنَاعَاتِ: الْأَلْقَاب؟
قُلْنَا: وَكَذَلِكَ كَانُوا يُفَسِّرُونَ وَيَسْتَدِلُّونَ وَيُعَلِّلُونَ، وَلَا مَعْنَى لِلْمَنْطِقِ إِلَّا هَذَا...))(15)...
وَقَوْل الْعَلَّامَة الْيُوسِي: ((لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ تُجْتَنَب، إِذْ مِنْهَا مَا يُسْتَحْسَنُ)) مُفَسَّرٌ بِقَوْلِ الْإِمَام الْنَّوَوِي (ت:676هـ): ((قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْبِدْعَةُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: وَاجِبَةٌ، وَمَنْدُوبَةٌ، وَمُحَرَّمَةٌ، وَمَكْرُوهَةٌ، وَمُبَاحَةٌ، فَمِنَ الْوَاجِبَةِ: نَظْمُ أَدِلَّةِ الْـمُتَكَلِّمِيْنَ لِلْرَّدِّ عَلَى الْمَلَاحِدَةِ وَالْمُبْتَدِعِينَ وَشِبْهُ ذَلِكَ، وَمِنَ الْمَنْدُوبَةِ: تَصْنِيفُ كُتُبِ الْعِلْمِ وَبِنَاءُ الْمَدَارِسِ وَالْرُّبُطِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَمِنَ الْمُبَاحِ: الْتَّبَسُّطُ فِي أَلْوَانِ الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَالْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ ظَاهِرَانِ))(16)...
وَقَالَ الْإِمَامُ الْرَّازِي (ت:604هـ) فِي تَفْسِيْرِهِ: ((إِنْ عَنَيْتُمْ أَنَّ الْصَّحَابَةَ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا أَلْفَاظَ الْمُتَكَلِّمِينَ فَمُسَلَّمٌ، لَكِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَدْحُ فِي الْكَلَامِ، كَمَا أَنَّهُم لَمْ يَسْتَعْمِلُوا أَلْفَاظَ الْفُقَهَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَدْحُ فِي الْفِقْهِ الْبَتَّةَ، وَإِنْ عَنَيْتُمْ أَنَّهُمْ مَا عَرَفُوا اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ بِالْدَّلِيلِ، فَبِئْسَ مَا قُلْتُمْ، وَأَمَّا تَشْدِيدُ الْسَّلَفِ عَلَى الْكَلَامِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَهْلِ الْبِدْعَةِ))(17)...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ...
________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) يُرَاجَع فِي بَيَانِ تَنَاقُضه فِي الْحُكْمِ عَلَى "عِلْم الْكَلَامِ":
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2131070053794286
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2131002540467704
(3) رَاجِع: https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1986267844941175
(4) رَاجِع:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1950287688539191
وَ:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2127486287485996&set=a.1442484502652848.1073741829.100006739351796&type=3
(5) مَتْنُ الْعَقِيْدَةِ الْطَّحَاوِيَّةِ بَيَانُ عَقِيْدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْـجَمَاعَةِ لِلْإِمَامِ أَبِي جَعْفَر الْطَّحَاوِي الْحَنَفِي (ص:7)، دَارُ ابْن حَزْم لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى:1416هـ-1995م
(6) مَتْنُ الْعَقِيْدَةِ الْطَّحَاوِيَّةِ بَيَانُ عَقِيْدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْـجَمَاعَةِ (ص:15)
(7) مَتْنُ الْعَقِيْدَةِ الْطَّحَاوِيَّةِ بَيَانُ عَقِيْدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْـجَمَاعَةِ (ص:9-10)
( الْذَّخِيرَة لِلْشِّهَاب الْقَرَافِي (13/243-244)، تَحْقِيق: الْدُّكْتُور مُحَمَّد حجِّي، دَارُ الْغَرْب الْإِسْلَامِي، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1994م
(9) الْـجَامِع لِأَحْكَامِ القُرْآن لِلإِمَام الهُمَام الـمُفَسِّر القُرْطُبِي (2/213-214)، اعْتَنَى بِهِ وَصَحَّحَه: الشَّيْخ هِشَام سَمِير البُخَارِي، دَار عَالَـم الكُتُب لِلنَّشْرِ وَالطِّبَاعَة وَالتَّوْزِيع-الرِّيَاض، الطَّبْعَة الثَّانِيَة: 1423هـ-2003م
(10) الْـجَامِع لِأَحْكَامِ القُرْآن لِلإِمَام الهُمَام الـمُفَسِّر القُرْطُبِي (6/386)
(11) الْـمَبَاحِثُ الْعَقْلِيَّةِ فِي شَرْحِ مَعَانِي الْعَقِيْدَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ لِأَبِي الْحَسَن عَلِي بْن عَبْد الْرَّحْمَن الْيَفْرُنِي الْطَّنْجِي (1/360-363)، تَقْدِيْم وَتَحْقِيْق: د.جَمَال عَلَّال الْبختِي، مَطْبُوعَاتِ: الْرَّابِطَة الْـمُحَمَّدِيَّةِ لِلْعُلَمَاءِ بِالْـمَمْلَكَة الْـمَغْرِبِيَّة وَمَرْكَز أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِي لِلْدِّرَاسَاتِ وَالْبُحُوثِ الْعَقَدِيَّةِ، طَبْعَة: 2017م
(12) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/276)، مَطْبَعَةُ الْفُرْقَانِ لِلْنَّشْرِ الْحَدِيثِ: الْدَّار الْبَيْضَاء، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 2008م
(13) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/232)
(14) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/270-271)
(15) حَوَاشِي الْيُوسِي عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/278)
(16) صَحِيح مُسْلم بِشَرْح [الإِمَام] النَّوَوِي (6/154-155)، الـمَطْبَعَة الـمِصْرِيَّة بِالأَزْهَرِ، الطَّبْعَة الأُوْلَى: 1349هـ-1930م
(17) الْتَّفْسِيْر الْكَبِيْر لِلْإِمَامِ الْرَّازِي (2/105)، دَارُ الْفِكْرِ لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيْعِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1401هـ-1981م
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (7)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" مُحَاوِلًا تَحْرِيْف كَلَام الْإِمَام مَالِك لِوَافِقَ مَشْرَبه، مَا نَصُّهُ: ((ـ وقال #ابن_خويز_منداد ـ رحمه الله ـ في «كتاب الشَّهادات» في تأويلِ قول مالكٍ: «لا تجوز شهادةُ أهل البِدَع وأهلِ الأهواء» على ما نَقَله عنه ابنُ عبد البرِّ ـ رحمهم الله جميعًا ـ قال: «أهلُ الأهواء ـ عند مالكٍ وسائرِ أصحابنا ـ هم: #أهلُ_الكلام؛ #فكُلُّ_مُتكلِّمٍ_فهو_مِنْ_أهل_الأهواء_والبِدَع، أشعريًّا كان أو غيرَ أشعريٍّ، ولا تُقبَل له شهادةٌ في الإسلام، ويُهجَر ويُؤدَّب على بدعته، فإِنْ تمادى عليها استُتِيبَ منها»(٢٨)))(1)
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (#الْـمُتَنَاقِض!):
أَوَّلًا: أَمَّا اسْتِسْمَانُ كَلَام ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد فَقَد رَدَّهُ بَعْض عُلَمَاء الْـمَذْهَب الْـمَالِكِي بِأَحْسَنِ تَقْرِيْرٍ:
قَالَ الْإِمَام الْعَلَّامَة مُفْتِي تُونِس الْبُرْزُلِي الْـمَالِكِي (ت:841هـ) نَقْلًا عَنِ الْـمُحَقِّقِ الْـمُدَقِّقِ عَلَّامَة الْـمَنْقُول وَالْـمَعْقُول الْإِمَام ابْن بَزِيْزَة الْتُونِسِي الْـمَالِكِي (ت662هـ) فِي رَدِّ هَذَا الْأَخِيرِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد فِي ذَمِّ "عِلْم الْكَلَام" وَأَهْله بِإِطْلَاقٍ، مَا نَصُّهُ: ((قُلْتُ: قَالَ ابْنُ بَزِيزَة فِي "شَرْحِ الْإِرْشَادِ": هَذَا الْنَّقْل عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَاد: #بَاطِلٌ، وَإِنْ صَحَّ قَوْلهُ #فَالْحَقُّ_حُجَّةٌ_عَلَيْهِ، وَإِذَا تَصَفَّحْتَ مَذَاهِبَ الْأَشْعَرِيَّةِ وَقَوَاعِدهم، ومَبَادِي أَدِّلَّتِهِم، وَجَدْتَ ذَلِكَ مُسْتَفَادًا مِنَ الْأَدِلَّةِ رَاجِعٌ إِلَيْهَا. فَمَنْ أَنْكَرَ قَاعِدَة عِلْـم الْتَّوْحِيْدِ أَنْكَرَ الْقُرْآنَ، وَذَلِكَ عَيْنُ الْكُفْرَانِ وَالْخُسْرَانِ، وَقَدْ [بَدَا] قِبَلَ الْعِرَاقَيْنِ تَلَقِّيْهَا.
#وَكَيْفَ_يُرْجَعُ_إِلَى_رَأْيِ_ابْنِ_خُوَيْزِ_مَنْدَادَ #وَيُتْرَكَ_أَقَاوِيْل_أَفَاضِلِ_الْأُمَّةِ #وَعُلَمَاءِ_الْـمِلَّةِ مِنَ الْصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُم: كَالْأَشْعَرِي، وَالْبَاهِلِي، وَالْبَاقِلَّانِي، وَالْـمُحَاسِبِي، وَابْنِ فُوْرَك، وَالْإِسْفِرَايِينِي، وَالْقَلَانِسِي، وَغَيْرهم مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ؟!.
وَأَنْشَدَ شَيْخنَا فِي تَفْضِيْلِ أَهْل الْعِلْـمِ:
أَيُّهَا الْمُقْتَدِي لِيَطْلُبَ عِلْمًا *** كُلُّ عِلْمٍ عَبْدٌ لِعِلْمِ الْكَلَامِ
تَطْلُبُ الْفِقْهَ كَيْ تُصَحِّحَ حُكْمًا *** ثُـمَّ أَغْفَلْتَ مُنَزِّلَ الْأَحْكَامِ
وَ[قِيْلَ لِـ]ـلْقَاضِي ابْن الْطِّيِّبِ: إِنَّ قَوْمًا يَذُمُّونَ "عِلْم الْكَلَامِ"، فَأَنْشَدَ:
عَابَ الْكَلَامَ أُنَاسٌ لَا خَلَاقَ لَهُم *** وَمَا عَلَيْهِ إِذَا عَابُوهُ مِنْ ضَرَر
مَا ضَرَّ شَمْس الْضُّحَى فِي الْأُفُقِ طَالِعَة *** أَلَّا يَرَى ضَوْءَهَا مَنْ لَيْسَ ذَا بَصَر
فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا [عِلْم الْكَلَام] [مِنْ] مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، وَلَـمْ يَنْظُر فِيْهِ الْسَّلَف فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخُوضَ فِيْهِ الْخَلَف؟، وَرُبَّـمَا أَعْقَبَ الْـمِرَاء وَالْجِدَال وَالْشُّبُهَات؟!
قُلْتُ: بَلْ نَظَرَ فِيْهِ الْسَّلَفُ قَطْعًا، مِنْهُم: عُمَر بْن الْخَطَّاب، وَابْنه عَبْد اللهِ، وَابْن عَبَّاس حَبْر الْأُمَّةِ، وَعَلِي رَضِيَ اللهُ عَنْهُم. وَمِنَ الْتَّابِعِيْنَ: عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيْزِ، وَرَبِيْعَة، وَابْن هُرْمُز، وَمَالِك، وَالْشَّافِعِي، وَأَلَّفَ فِيْهِ مَالِكٌ رَحِمَهُ الله رِسَالَةً قَبْلَ أَنْ يُولَدَ الْأَشْعَرِي، وَإِنَّـمَا نُسِبَ لِلْأَشْعَرِي لِأَنَّهُ بَيَّنَ مَنَاهِجَ الْأَوَّلِيْن، وَلَخَّصَ مَوَارِدَ الْبَرَاهِيْن. وَلَـمْ يَحْدُثْ فِيْهِ بَعْدَ الْسَّلَفِ إِلَّا مُجَرَّد الْأَلْقَاب وَالاِصْطِلَاحَات، وَقَدْ حَدَثَ مِثْل ذَلِكَ فِي كُلِّ [فَنٍّ] مِنْ فُنُونِ الْعِلْمِ.
وَقَوْلُ الْقَائِلِ: نَهَوا عَنِ الْنَّظَرِ فِيْهِ؟: فَبَاطِلٌ، وَإِنَّـمَا نَهَوا عَنْ عِلْـمِ جَهْمٍ وَالْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرهم مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَهُمْ الَّذِيْنَ ذَمَّهُم الْشَّافِعِي وَغَيْره مِنَ الْسَّلَفِ مِنَ الْـمُحَدِّثِيْنَ))(2)...
ثَانِيًا: قَالَ الْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (ت:544هـ): ((قَالَ الْبُهْلُول بْنُ رَاشِدٍ وَغَيْرُهُ: مَا رَأَيْتُ أَنْزَعَ بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مِنْ مَالْك بْنِ أَنَس، مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِالْصَّحِيْحِ وَالْسَّقِيْمِ، وَالْـمَعْمُولِ بِهِ مِنَ الْحَدِيْثِ وَالْـمَتْرُوكِ، وَمَيْزِهِ لِلْرِّجَالِ، وَصِحَّةِ حِفْظِهِ وَكَثْرَةِ نَقْدِهِ، إِلَى مَا يُؤْثَرُ عنْهُ مِنَ الْكَلَامِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُوْمِ؛ #كَرِسَالَتِهِ_إِلَى_ابْنِ_وَهِبٍ_فِي_الْرَّدِّ_عَلَى_أَهْلِ_الْقَدَرِ، وَكَقَوْلِهِ: "جَالَسْتُ ابْنَ هُرْمُزَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً"، وَيُرْوَى: "سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً فِي عِلْـمٍ لَـمْ أَبُثّهُ لِأَحَدٍ مِنَ الْنَّاسِ". قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَعْلَـمِ الْنَّاسِ #بِالْرَّدِّ_عَلَى_أَهْلِ_الْأَهْوَاءِ، وَبِـمَا اخْتَلَفَ فِيْهِ الْنَّاس.
وَقَالَ الْـمَهْدِي: أَخْبَرَنِي بَعْض نُقَّادِ الْـمُعْتَزِلَةِ مِنَ الْقَرَوِيِّيْنَ قَالَ: أَتَيْتُ مَالْكَ بْنَ أَنَسٍ فَسَأَلْتهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْقَدَرِ بِحَضْرَةِ الْنَّاس، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنْ اُسْكُت؟!، فَلَـمَّا خَلَا الْـمَجْلِس قَالَ لِي: سَلْ الآنَ، وَكَرِهَ أَنْ يُجِيبَنِي بِحَضْرَةِ الْنَّاس، قَالَ: فَزَعَـمَ الْـمُعْتَزِلِي أَنَّهُ لَـمْ تَبْقَ لَهُ مَسْأَلَة مِنْ مَسَائِلِهِم إِلَّا سَأَلَهُ عَنْهَا، وَأَجَابَهُ فِيْهَا، #وَأَقَامَ_الْحُجَّةَ_عَلَى_بطَالَةِ_مَذْهَبِهِم، حَتَّى نَفَذَ مَا عِنْدَ الْـمُعْتَزِلِي وَقَامَ عَنْهُ))(3)...
وقَالَ أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (ت:544هـ) عِنْدَ ذِكْرِ تَوَالِيفِ الْإِمَامِ مَالِك مَا نَصُّهُ: ((اعْلَمُوا وَفَّقَكُم الله تَعَالَى أَنَّ لِـمَالِك رَحِمَهُ اللهُ أَوْضَاعًا شَرِيْفَة مَرْوِيَّة عَنْهُ، أَكْثَرهَا بِأَسَانِيد صَحِيْحَة، فِي غَيْرِ فَنٍّ مِنَ الْعِلْمِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَهِر عَنْهُ مِنْهَا، وَلَا وَاظَبَ عَلَى إِسْمَاعِهِ وَرِوَايَتِهِ، غَيْر الْـمُوَطَّأِ، مَعَ حَذْفِهِ مِنْهُ وَتَلْخِيصه لَهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَسَائِر تَوَالِيفِهِ إِنَّمَا رَوَاهَا عَنْهُ مِنْ كَتَبَ بِهَا إِلَيْهِ، أَوْ سَأَلَهُ إِيَّاهَا، أَوْ آحَاد مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَـمْ تَرْوِهَا الْكَافَّة.
فَمِنْ أَشْهَرِهَا رَسَالَتهُ إِلَى ابْنِ وَهْبٍ فِي #الْقَدَرِ_وَالْرَّدِّ_عَلَى_الْقَدَرِيَّةِ، #وَهُوَ_مِنْ_خِيَارِ_الْكُتُبِ فِي هَذَا الْبَابِ، الْدَّال عَلَى سِعَةِ عِلْمِهِ بِهَذَا الْشَّأْنِ رَحِمَهُ الله.
وَقَدْ حَدَّثَنَا بِهَا غَيْر وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا بِأَسَانِيْدِهِم الْـمُتَّصِلَةِ إِلَى مَالِك رَحِمَهُ الله))(4)...
فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ الْإِمَام مَالِك وِفْقَ شَهَادَةِ مَنْ هُم عَلَى أَتمِّ اطِّلَاعٍ بِأَحْوَالِهِ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ مَذْهَبه، كَانَ مِنْ أَعْرَفِ الْنَّاسِ بِمَذَاهِب أَهْل الْأَهْوَاء، وَأَلَّفَ رِسَالَةً فِي الْرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْقَدَرِ، وَهَذَا يَقْطَعُ بِاطِّلَاعِ إِمَام دَار الْهِجْرَة مَالِك عَلَى الْأُصُول الْعَقَدِيَّةِ لِلْفِرَقِ الْـمُخَالِفَةِ، وَادْرَاكه الْتَّام بِمَدَى مُبَايَنَةِ هَذِهِ الْأُصُول لِأُصُولِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ الْسَّنِيَّةِ...
وَهَذِهِ الْحَقِيْقَة تَنْسِفُ نَسْفًا شَهَادَة ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا الْتَّيْمِيَّة الْـمُجَسِّمَة، وَتَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا، وَتُؤَكِّدُ أَيْضًا بِمَكَانٍ مَا ذَكَرَهُ عُلَمَاء الْـمَذْهَب الْـمَالِكِي مِنْ أَنَّ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد هَذَا عِنْدَهُ شَوَاذ يَنْسبهَا إِلَى الْإِمَام مَالِك، وَمِنْهَا هَذَا الاِطْلَاق فِي ذَمِّ الْـمُشْتَغِلِيْنَ بِعَلْمِ الْكَلَامِ وَالَّذِي يَطَال حَتَّى مُتَكِلَّمَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ؟!...
ثَالِثًا: تَأكِيْد بَعْض عُلَمَاء الْـمَذْهَب الْـمَالِكِي عَلَى شَوَاذِ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد؟!:
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (ت:544هـ) فِي تَرْجَمَةِ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد: ((وَعِنْدَهُ شَوَاذ عَنْ مَالِك، وَلَهُ اخْتِيَارَاتٌ وَتَأْوِيْلَاتٌ عَلَى الْـمَذْهَبِ خَالَفَ فِيْهَا الْفِقْهَ وَالْأُصُولَ #لَـمْ_يَرْجِع_إِلَيْهَا_حُذَّاق_الْـمَذْهَبِ؛...#وَلَـمْ_يَكُن_بِالْجَيِّد_الْنَّظَر_وَلَا_بِالْقَوِي_الْفِقْه؛ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ أَبُو الْوَلِيْد الْبَاجِي، قَالَ: "إِنِّي لَـمْ أَسْمَع لَهُ فِي عُلَمَاءِ الْعِرَاقِ بِذِكْرٍ، وَكَانَ يُجَانِبُ الْكَلَامَ جُمْلَةً، وَيُنَافِرُ أَهْلهُ، حَتَّى تَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى #مُنَافَرَتِهِ_الْـمُتَكَلِّمِيْنَ_مِنْ_أَهْلِ_الْسُّنَّةِ!. وَحَكَمَ عَلَى الْكُلِّ بِأَنَّهُم مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الَّذِيْنَ قَالَ مَاِلكٌ فِي مُنَاكَحَتِهِم وَشَهَادَتِهِم، وَإِمَامَتِهِم وَعِيَادَتِهِم وَجَنَائِزِهِم مَا قَالَ؟!))(5) وَزَادَ الْحَافِظُ ابْن حَجَر الْعَسْقَلَانِي الْشَّافِعِي (ت:852هـ) فَقَالَ: ((#وَطَعَنَ_ابْنُ_عَبْدِ_الْبَّرِّ_فِيْهِ أَيْضًا))(6)...فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِأَقْوَالِ مَنْ هَذَا حَاله بِمُقَابِل أَقْوَال فَطَاحِل عُلَمَاء الْـمَذْهَبِ؟!...
وَتَأَمَّل قَوْل الْإِمَام الْبَاجِي الْـمَالِكِي (ت:494هـ): ((وَكَانَ يُجَانِبُ الْكَلَامَ جُمْلَةً، وَيُنَافِرُ أَهْلهُ، حَتَّى تَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى مُنَافَرَتِهِ الْـمُتَكَلِّمِيْنَ مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ!)) لِتُدْرِكَ شُذُوذ كُلِّ مَن يُنَافِرُ مُتَكَلِّمَة أَهْل الْسُّنَّة مِنَ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْـمَاتُرِيدِيَّة وَفُضَلَاءِ أَهْل الْحَدِيثِ...
رَابِعًا: وَمِنْ شُذُواذَاتِ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَادَ؟!:
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيد ابن رُشْد الْـمَالِكِي (ت:520هـ): ((وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ: "#الْقُرْآنَ_لَا_مَجَاز_فِيْهِ"؟!. وَحُجَّتهُ أَنَّ: "الْقُرْآنَ حَقٌّ، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ حَقًّا مَا لَيْسَ بِحَقِيْقَةٍ"؟!. وَهُوَ #خَطَأٌ_وَاضِحٌ لِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ مِنَ الْحَقِيْقَةِ بِسَبِيْلٍ، لِأَنَّ الْحَقَّ ضِدّ الْبَاطِلِ، وَالْحَقِيْقَة ضِدّ الْـمَجَازِ. وَقَدْ يُؤْتَى بِحَقِيْقَةِ اللَّفْظِ وَيَكُون الْكَلَام بَاطِلًا وَيُؤْتَى بِالْـمَجَازِ فِيْهِ وَيَكُون الْكَلَام حَقًّا نَحْو لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا قَدْ قَاتَلَ فَأَبْلَى بَلَاءً عَظِيْمًا فَقُلْتَ: "رَأَيْتُ الْيَوْمَ أَسَدًا قَاتَلَ فَأَبْلَى بَلَاءً عَظِيْمًا" كُنْتَ قَدْ قُلْتَ الْحَقَّ وَلَمْ تَأْتِ بِالْحَقِيْقَة فِي اللَّفْظِ إِذْ عَبَّرْتَ عَنِ الْرُّجُلِ بِالْأَسَدِ وَلَيْسَ بِأَسَدٍ عَلَى الْحَقِيْقَةِ. وَلَوْ قُلْتَ: "قَاتَلَ فُلَانٌ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيْدًا" وَهُوَ لَـمْ يَفْعَل لَكُنْتَ قَدْ قُلْتَ الْبَاطِلَ وَأَتَيْتَ بِحَقِيْقَة اللَّفْظِ دُوْنَ تَجَوُّزٍ فِيْهِ))(7) وَلَعَلَّ إنْكَار ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد لِوُجُود الْـمَجَاز فِي الْقُرْآن كَانَ هُوَ الْسَّبَب الَّذِي جَعَلَ ابْن حَزْم الْظَّاهِري (456هـ) يَكْتُب فِيْهِ مَا نَصُّهُ: ((وَقَدْ ذَكَرَ رَجُلٌ مِنَ الْـمَالِكِيِّيْنَ -يُلَقَّبُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ-: "أَنَّ لِلْحِجَارَةِ عَقْلًا"!، وَلَعَلَّ تَمْيِيزه يَقْرُبُ مِنْ تَمْيِيزِهَا؟!. وَقَدْ شَبَّهَ اللهُ تَعَالَى قَوْمًا زَاغُوا عَنِ الْحَقِّ بِالْأَنْعَامِ، وَصَدَقَ تَعَالَى، إِذْ قَضَى أَنَّهُم أَضَلُّ سَبِيْلًا مِنْهَا))(؟!...
إِذَا عَلِمْتَ هَذَا أَيْقَنْتَ لَا مَحَالَة الْسَّبَب مِنْ وَرَاءِ احْتِفَاءِ شَيْخ الْـمُجَسِّمَة الْتَّيْميَّةِ ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي (ت:728هـ) بِمِثْل هَذِهِ الْشُذُوذَاتِ الْصَّادِرَةِ مِنْ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد...
خَامِسًا: ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد (قبُورِي!)؟!:
قَالَ الْإِمَامُ الْـمُفَسِّرُ الْقُرْطُبِي الْـمَالِكِي (ت:671هـ): ((قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ: وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ [الْحَلْف بِغَيْر اللهِ تَعَالَى] بِأَنَّ أَيْمَانَ الْمُسْلِمِينَ جَرَتْ مُنْذُ عَهْدِ الْنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا أَنْ يَحْلِفُوا بِالْنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ، حَتَّى أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا إِذَا حَاكَمَ أَحَدُهُمْ صَاحِبَهُ قَالَ: احْلِفْ لِي بِحَقِّ مَا حَوَاهُ #هَذَا_الْقَبْرُ، #وَبِحَقِّ_سَاكِنِ_هَذَا_الْقَبْرِ، يَعْنِي الْنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ بِالْحَرَمِ وَالْمَشَاعِرِ الْعِظَامِ، وَالرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَالْمِحْرَابِ وَمَا يُتْلَى فِيْهِ))(9)؟!...
فَكَيْفَ يَحْتَجُّ الْتَّيْمِيَّة الْـمُجَسِّمَةُ بِرَجُلٍ (قبُورِي!) غَارِق فِي كَذَا (شِرِكِيَّاتٍ!) حَسْبَ فَهْمِهم الْـمَنْكُوس؟!...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ...
________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) فَتَاوَى الْبُرْزُلِي (6/214-215)، دَارُ الْغَرْب الْإِسْلاَمِي-بَيْرُوت: لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 2002م. وَانْظُر اسْتِحْسَان الْعَلَّامَة الْيُوسِي لِهَذَا الْتَّحْقِيقِ فِي حَوَاشِيه عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/257-258)
(3) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (1/81-82)، وَزَارة الأَوْقَاف وَالْشُّؤُون الْإِسْلاَمِيَّة: الْـمَمْلَكَة الـْمَغْرِبِيَّة، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَة:1403هـ-1983م
(4) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (2/90)
(5) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (7/77-78)
(6) لِسَانُ الْـمِيْزَان (7/359)، اعْتَنَى بِهِ: الْشَّيْخ الْعَلَّامَة عَبْد الْفَتَّاح أَبُو غُدَّة، دَارُ الْبَشَائِر الْإِسْلَامِيَّةِ لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيْعِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1423هـ-2002م
(7) الْـمُقَدِّمَات الْـمُمَهِّدَات (1/28)، تَحْقِيْق: د.مُحَمَّد حجِّي، دَارُ الْغَرْب الْإِسْلاَمِي-بَيْرُوت: لُبْنَان، الْطَّبْعَة الثَّانِيَة: 1408هـ-1988م
( الْإِحْكَامُ فِي أُصُولِ الْأَحْكَامِ لابْن حَزْم الْظَّاهِري (4/33)، مَنْشُورَاتُ دَار الْآفَاق الْجَدِيْدَة: بَيْرُوت. اسْتَفَدت هَذَا الْنَّقْل مِنْ بَحْثِ "تَفْنِيد الِاعْتَدَاد بِغَرَائِبِ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادَ" لِلْأُسْتَاذ الْأَزْهَرِي مُشْرف مُنْتَدَيَات رَوْح الْرَّيَاحِين وَمُنْتَدى الْأَزْهَرِيِّين وَفَقَهُ اللهُ تَعَالَى لِكُلِّ خَيْر.
(9) الْـجَامِع لِأَحْكَامِ القُرْآن لِلإِمَام الهُمَام الـمُفَسِّر القُرْطُبِي (10/42)، اعْتَنَى بِهِ وَصَحَّحَه: الشَّيْخ هِشَام سَمِير البُخَارِي، دَار عَالَـم الكُتُب لِلنَّشْرِ وَالطِّبَاعَة وَالتَّوْزِيع-الرِّيَاض، الطَّبْعَة الثَّانِيَة: 1423هـ-2003م
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي حَمْلَتِهِ الْـمَسْعُورَةِ عَلَى "عِلْمِ الْكَلَامِ" مُحَاوِلًا تَحْرِيْف كَلَام الْإِمَام مَالِك لِوَافِقَ مَشْرَبه، مَا نَصُّهُ: ((ـ وقال #ابن_خويز_منداد ـ رحمه الله ـ في «كتاب الشَّهادات» في تأويلِ قول مالكٍ: «لا تجوز شهادةُ أهل البِدَع وأهلِ الأهواء» على ما نَقَله عنه ابنُ عبد البرِّ ـ رحمهم الله جميعًا ـ قال: «أهلُ الأهواء ـ عند مالكٍ وسائرِ أصحابنا ـ هم: #أهلُ_الكلام؛ #فكُلُّ_مُتكلِّمٍ_فهو_مِنْ_أهل_الأهواء_والبِدَع، أشعريًّا كان أو غيرَ أشعريٍّ، ولا تُقبَل له شهادةٌ في الإسلام، ويُهجَر ويُؤدَّب على بدعته، فإِنْ تمادى عليها استُتِيبَ منها»(٢٨)))(1)
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (#الْـمُتَنَاقِض!):
أَوَّلًا: أَمَّا اسْتِسْمَانُ كَلَام ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد فَقَد رَدَّهُ بَعْض عُلَمَاء الْـمَذْهَب الْـمَالِكِي بِأَحْسَنِ تَقْرِيْرٍ:
قَالَ الْإِمَام الْعَلَّامَة مُفْتِي تُونِس الْبُرْزُلِي الْـمَالِكِي (ت:841هـ) نَقْلًا عَنِ الْـمُحَقِّقِ الْـمُدَقِّقِ عَلَّامَة الْـمَنْقُول وَالْـمَعْقُول الْإِمَام ابْن بَزِيْزَة الْتُونِسِي الْـمَالِكِي (ت662هـ) فِي رَدِّ هَذَا الْأَخِيرِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد فِي ذَمِّ "عِلْم الْكَلَام" وَأَهْله بِإِطْلَاقٍ، مَا نَصُّهُ: ((قُلْتُ: قَالَ ابْنُ بَزِيزَة فِي "شَرْحِ الْإِرْشَادِ": هَذَا الْنَّقْل عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَاد: #بَاطِلٌ، وَإِنْ صَحَّ قَوْلهُ #فَالْحَقُّ_حُجَّةٌ_عَلَيْهِ، وَإِذَا تَصَفَّحْتَ مَذَاهِبَ الْأَشْعَرِيَّةِ وَقَوَاعِدهم، ومَبَادِي أَدِّلَّتِهِم، وَجَدْتَ ذَلِكَ مُسْتَفَادًا مِنَ الْأَدِلَّةِ رَاجِعٌ إِلَيْهَا. فَمَنْ أَنْكَرَ قَاعِدَة عِلْـم الْتَّوْحِيْدِ أَنْكَرَ الْقُرْآنَ، وَذَلِكَ عَيْنُ الْكُفْرَانِ وَالْخُسْرَانِ، وَقَدْ [بَدَا] قِبَلَ الْعِرَاقَيْنِ تَلَقِّيْهَا.
#وَكَيْفَ_يُرْجَعُ_إِلَى_رَأْيِ_ابْنِ_خُوَيْزِ_مَنْدَادَ #وَيُتْرَكَ_أَقَاوِيْل_أَفَاضِلِ_الْأُمَّةِ #وَعُلَمَاءِ_الْـمِلَّةِ مِنَ الْصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُم: كَالْأَشْعَرِي، وَالْبَاهِلِي، وَالْبَاقِلَّانِي، وَالْـمُحَاسِبِي، وَابْنِ فُوْرَك، وَالْإِسْفِرَايِينِي، وَالْقَلَانِسِي، وَغَيْرهم مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ؟!.
وَأَنْشَدَ شَيْخنَا فِي تَفْضِيْلِ أَهْل الْعِلْـمِ:
أَيُّهَا الْمُقْتَدِي لِيَطْلُبَ عِلْمًا *** كُلُّ عِلْمٍ عَبْدٌ لِعِلْمِ الْكَلَامِ
تَطْلُبُ الْفِقْهَ كَيْ تُصَحِّحَ حُكْمًا *** ثُـمَّ أَغْفَلْتَ مُنَزِّلَ الْأَحْكَامِ
وَ[قِيْلَ لِـ]ـلْقَاضِي ابْن الْطِّيِّبِ: إِنَّ قَوْمًا يَذُمُّونَ "عِلْم الْكَلَامِ"، فَأَنْشَدَ:
عَابَ الْكَلَامَ أُنَاسٌ لَا خَلَاقَ لَهُم *** وَمَا عَلَيْهِ إِذَا عَابُوهُ مِنْ ضَرَر
مَا ضَرَّ شَمْس الْضُّحَى فِي الْأُفُقِ طَالِعَة *** أَلَّا يَرَى ضَوْءَهَا مَنْ لَيْسَ ذَا بَصَر
فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا [عِلْم الْكَلَام] [مِنْ] مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، وَلَـمْ يَنْظُر فِيْهِ الْسَّلَف فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخُوضَ فِيْهِ الْخَلَف؟، وَرُبَّـمَا أَعْقَبَ الْـمِرَاء وَالْجِدَال وَالْشُّبُهَات؟!
قُلْتُ: بَلْ نَظَرَ فِيْهِ الْسَّلَفُ قَطْعًا، مِنْهُم: عُمَر بْن الْخَطَّاب، وَابْنه عَبْد اللهِ، وَابْن عَبَّاس حَبْر الْأُمَّةِ، وَعَلِي رَضِيَ اللهُ عَنْهُم. وَمِنَ الْتَّابِعِيْنَ: عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيْزِ، وَرَبِيْعَة، وَابْن هُرْمُز، وَمَالِك، وَالْشَّافِعِي، وَأَلَّفَ فِيْهِ مَالِكٌ رَحِمَهُ الله رِسَالَةً قَبْلَ أَنْ يُولَدَ الْأَشْعَرِي، وَإِنَّـمَا نُسِبَ لِلْأَشْعَرِي لِأَنَّهُ بَيَّنَ مَنَاهِجَ الْأَوَّلِيْن، وَلَخَّصَ مَوَارِدَ الْبَرَاهِيْن. وَلَـمْ يَحْدُثْ فِيْهِ بَعْدَ الْسَّلَفِ إِلَّا مُجَرَّد الْأَلْقَاب وَالاِصْطِلَاحَات، وَقَدْ حَدَثَ مِثْل ذَلِكَ فِي كُلِّ [فَنٍّ] مِنْ فُنُونِ الْعِلْمِ.
وَقَوْلُ الْقَائِلِ: نَهَوا عَنِ الْنَّظَرِ فِيْهِ؟: فَبَاطِلٌ، وَإِنَّـمَا نَهَوا عَنْ عِلْـمِ جَهْمٍ وَالْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرهم مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَهُمْ الَّذِيْنَ ذَمَّهُم الْشَّافِعِي وَغَيْره مِنَ الْسَّلَفِ مِنَ الْـمُحَدِّثِيْنَ))(2)...
ثَانِيًا: قَالَ الْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (ت:544هـ): ((قَالَ الْبُهْلُول بْنُ رَاشِدٍ وَغَيْرُهُ: مَا رَأَيْتُ أَنْزَعَ بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مِنْ مَالْك بْنِ أَنَس، مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِالْصَّحِيْحِ وَالْسَّقِيْمِ، وَالْـمَعْمُولِ بِهِ مِنَ الْحَدِيْثِ وَالْـمَتْرُوكِ، وَمَيْزِهِ لِلْرِّجَالِ، وَصِحَّةِ حِفْظِهِ وَكَثْرَةِ نَقْدِهِ، إِلَى مَا يُؤْثَرُ عنْهُ مِنَ الْكَلَامِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُوْمِ؛ #كَرِسَالَتِهِ_إِلَى_ابْنِ_وَهِبٍ_فِي_الْرَّدِّ_عَلَى_أَهْلِ_الْقَدَرِ، وَكَقَوْلِهِ: "جَالَسْتُ ابْنَ هُرْمُزَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً"، وَيُرْوَى: "سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً فِي عِلْـمٍ لَـمْ أَبُثّهُ لِأَحَدٍ مِنَ الْنَّاسِ". قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَعْلَـمِ الْنَّاسِ #بِالْرَّدِّ_عَلَى_أَهْلِ_الْأَهْوَاءِ، وَبِـمَا اخْتَلَفَ فِيْهِ الْنَّاس.
وَقَالَ الْـمَهْدِي: أَخْبَرَنِي بَعْض نُقَّادِ الْـمُعْتَزِلَةِ مِنَ الْقَرَوِيِّيْنَ قَالَ: أَتَيْتُ مَالْكَ بْنَ أَنَسٍ فَسَأَلْتهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْقَدَرِ بِحَضْرَةِ الْنَّاس، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنْ اُسْكُت؟!، فَلَـمَّا خَلَا الْـمَجْلِس قَالَ لِي: سَلْ الآنَ، وَكَرِهَ أَنْ يُجِيبَنِي بِحَضْرَةِ الْنَّاس، قَالَ: فَزَعَـمَ الْـمُعْتَزِلِي أَنَّهُ لَـمْ تَبْقَ لَهُ مَسْأَلَة مِنْ مَسَائِلِهِم إِلَّا سَأَلَهُ عَنْهَا، وَأَجَابَهُ فِيْهَا، #وَأَقَامَ_الْحُجَّةَ_عَلَى_بطَالَةِ_مَذْهَبِهِم، حَتَّى نَفَذَ مَا عِنْدَ الْـمُعْتَزِلِي وَقَامَ عَنْهُ))(3)...
وقَالَ أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (ت:544هـ) عِنْدَ ذِكْرِ تَوَالِيفِ الْإِمَامِ مَالِك مَا نَصُّهُ: ((اعْلَمُوا وَفَّقَكُم الله تَعَالَى أَنَّ لِـمَالِك رَحِمَهُ اللهُ أَوْضَاعًا شَرِيْفَة مَرْوِيَّة عَنْهُ، أَكْثَرهَا بِأَسَانِيد صَحِيْحَة، فِي غَيْرِ فَنٍّ مِنَ الْعِلْمِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَهِر عَنْهُ مِنْهَا، وَلَا وَاظَبَ عَلَى إِسْمَاعِهِ وَرِوَايَتِهِ، غَيْر الْـمُوَطَّأِ، مَعَ حَذْفِهِ مِنْهُ وَتَلْخِيصه لَهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَسَائِر تَوَالِيفِهِ إِنَّمَا رَوَاهَا عَنْهُ مِنْ كَتَبَ بِهَا إِلَيْهِ، أَوْ سَأَلَهُ إِيَّاهَا، أَوْ آحَاد مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَـمْ تَرْوِهَا الْكَافَّة.
فَمِنْ أَشْهَرِهَا رَسَالَتهُ إِلَى ابْنِ وَهْبٍ فِي #الْقَدَرِ_وَالْرَّدِّ_عَلَى_الْقَدَرِيَّةِ، #وَهُوَ_مِنْ_خِيَارِ_الْكُتُبِ فِي هَذَا الْبَابِ، الْدَّال عَلَى سِعَةِ عِلْمِهِ بِهَذَا الْشَّأْنِ رَحِمَهُ الله.
وَقَدْ حَدَّثَنَا بِهَا غَيْر وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا بِأَسَانِيْدِهِم الْـمُتَّصِلَةِ إِلَى مَالِك رَحِمَهُ الله))(4)...
فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ الْإِمَام مَالِك وِفْقَ شَهَادَةِ مَنْ هُم عَلَى أَتمِّ اطِّلَاعٍ بِأَحْوَالِهِ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ مَذْهَبه، كَانَ مِنْ أَعْرَفِ الْنَّاسِ بِمَذَاهِب أَهْل الْأَهْوَاء، وَأَلَّفَ رِسَالَةً فِي الْرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْقَدَرِ، وَهَذَا يَقْطَعُ بِاطِّلَاعِ إِمَام دَار الْهِجْرَة مَالِك عَلَى الْأُصُول الْعَقَدِيَّةِ لِلْفِرَقِ الْـمُخَالِفَةِ، وَادْرَاكه الْتَّام بِمَدَى مُبَايَنَةِ هَذِهِ الْأُصُول لِأُصُولِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ الْسَّنِيَّةِ...
وَهَذِهِ الْحَقِيْقَة تَنْسِفُ نَسْفًا شَهَادَة ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا الْتَّيْمِيَّة الْـمُجَسِّمَة، وَتَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا، وَتُؤَكِّدُ أَيْضًا بِمَكَانٍ مَا ذَكَرَهُ عُلَمَاء الْـمَذْهَب الْـمَالِكِي مِنْ أَنَّ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد هَذَا عِنْدَهُ شَوَاذ يَنْسبهَا إِلَى الْإِمَام مَالِك، وَمِنْهَا هَذَا الاِطْلَاق فِي ذَمِّ الْـمُشْتَغِلِيْنَ بِعَلْمِ الْكَلَامِ وَالَّذِي يَطَال حَتَّى مُتَكِلَّمَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ؟!...
ثَالِثًا: تَأكِيْد بَعْض عُلَمَاء الْـمَذْهَب الْـمَالِكِي عَلَى شَوَاذِ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد؟!:
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (ت:544هـ) فِي تَرْجَمَةِ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد: ((وَعِنْدَهُ شَوَاذ عَنْ مَالِك، وَلَهُ اخْتِيَارَاتٌ وَتَأْوِيْلَاتٌ عَلَى الْـمَذْهَبِ خَالَفَ فِيْهَا الْفِقْهَ وَالْأُصُولَ #لَـمْ_يَرْجِع_إِلَيْهَا_حُذَّاق_الْـمَذْهَبِ؛...#وَلَـمْ_يَكُن_بِالْجَيِّد_الْنَّظَر_وَلَا_بِالْقَوِي_الْفِقْه؛ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ أَبُو الْوَلِيْد الْبَاجِي، قَالَ: "إِنِّي لَـمْ أَسْمَع لَهُ فِي عُلَمَاءِ الْعِرَاقِ بِذِكْرٍ، وَكَانَ يُجَانِبُ الْكَلَامَ جُمْلَةً، وَيُنَافِرُ أَهْلهُ، حَتَّى تَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى #مُنَافَرَتِهِ_الْـمُتَكَلِّمِيْنَ_مِنْ_أَهْلِ_الْسُّنَّةِ!. وَحَكَمَ عَلَى الْكُلِّ بِأَنَّهُم مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الَّذِيْنَ قَالَ مَاِلكٌ فِي مُنَاكَحَتِهِم وَشَهَادَتِهِم، وَإِمَامَتِهِم وَعِيَادَتِهِم وَجَنَائِزِهِم مَا قَالَ؟!))(5) وَزَادَ الْحَافِظُ ابْن حَجَر الْعَسْقَلَانِي الْشَّافِعِي (ت:852هـ) فَقَالَ: ((#وَطَعَنَ_ابْنُ_عَبْدِ_الْبَّرِّ_فِيْهِ أَيْضًا))(6)...فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِأَقْوَالِ مَنْ هَذَا حَاله بِمُقَابِل أَقْوَال فَطَاحِل عُلَمَاء الْـمَذْهَبِ؟!...
وَتَأَمَّل قَوْل الْإِمَام الْبَاجِي الْـمَالِكِي (ت:494هـ): ((وَكَانَ يُجَانِبُ الْكَلَامَ جُمْلَةً، وَيُنَافِرُ أَهْلهُ، حَتَّى تَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى مُنَافَرَتِهِ الْـمُتَكَلِّمِيْنَ مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ!)) لِتُدْرِكَ شُذُوذ كُلِّ مَن يُنَافِرُ مُتَكَلِّمَة أَهْل الْسُّنَّة مِنَ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْـمَاتُرِيدِيَّة وَفُضَلَاءِ أَهْل الْحَدِيثِ...
رَابِعًا: وَمِنْ شُذُواذَاتِ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَادَ؟!:
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيد ابن رُشْد الْـمَالِكِي (ت:520هـ): ((وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ: "#الْقُرْآنَ_لَا_مَجَاز_فِيْهِ"؟!. وَحُجَّتهُ أَنَّ: "الْقُرْآنَ حَقٌّ، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ حَقًّا مَا لَيْسَ بِحَقِيْقَةٍ"؟!. وَهُوَ #خَطَأٌ_وَاضِحٌ لِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ مِنَ الْحَقِيْقَةِ بِسَبِيْلٍ، لِأَنَّ الْحَقَّ ضِدّ الْبَاطِلِ، وَالْحَقِيْقَة ضِدّ الْـمَجَازِ. وَقَدْ يُؤْتَى بِحَقِيْقَةِ اللَّفْظِ وَيَكُون الْكَلَام بَاطِلًا وَيُؤْتَى بِالْـمَجَازِ فِيْهِ وَيَكُون الْكَلَام حَقًّا نَحْو لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا قَدْ قَاتَلَ فَأَبْلَى بَلَاءً عَظِيْمًا فَقُلْتَ: "رَأَيْتُ الْيَوْمَ أَسَدًا قَاتَلَ فَأَبْلَى بَلَاءً عَظِيْمًا" كُنْتَ قَدْ قُلْتَ الْحَقَّ وَلَمْ تَأْتِ بِالْحَقِيْقَة فِي اللَّفْظِ إِذْ عَبَّرْتَ عَنِ الْرُّجُلِ بِالْأَسَدِ وَلَيْسَ بِأَسَدٍ عَلَى الْحَقِيْقَةِ. وَلَوْ قُلْتَ: "قَاتَلَ فُلَانٌ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيْدًا" وَهُوَ لَـمْ يَفْعَل لَكُنْتَ قَدْ قُلْتَ الْبَاطِلَ وَأَتَيْتَ بِحَقِيْقَة اللَّفْظِ دُوْنَ تَجَوُّزٍ فِيْهِ))(7) وَلَعَلَّ إنْكَار ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد لِوُجُود الْـمَجَاز فِي الْقُرْآن كَانَ هُوَ الْسَّبَب الَّذِي جَعَلَ ابْن حَزْم الْظَّاهِري (456هـ) يَكْتُب فِيْهِ مَا نَصُّهُ: ((وَقَدْ ذَكَرَ رَجُلٌ مِنَ الْـمَالِكِيِّيْنَ -يُلَقَّبُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ-: "أَنَّ لِلْحِجَارَةِ عَقْلًا"!، وَلَعَلَّ تَمْيِيزه يَقْرُبُ مِنْ تَمْيِيزِهَا؟!. وَقَدْ شَبَّهَ اللهُ تَعَالَى قَوْمًا زَاغُوا عَنِ الْحَقِّ بِالْأَنْعَامِ، وَصَدَقَ تَعَالَى، إِذْ قَضَى أَنَّهُم أَضَلُّ سَبِيْلًا مِنْهَا))(؟!...
إِذَا عَلِمْتَ هَذَا أَيْقَنْتَ لَا مَحَالَة الْسَّبَب مِنْ وَرَاءِ احْتِفَاءِ شَيْخ الْـمُجَسِّمَة الْتَّيْميَّةِ ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي (ت:728هـ) بِمِثْل هَذِهِ الْشُذُوذَاتِ الْصَّادِرَةِ مِنْ ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد...
خَامِسًا: ابْن خُوَيْزِ مَنْدَاد (قبُورِي!)؟!:
قَالَ الْإِمَامُ الْـمُفَسِّرُ الْقُرْطُبِي الْـمَالِكِي (ت:671هـ): ((قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ: وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ [الْحَلْف بِغَيْر اللهِ تَعَالَى] بِأَنَّ أَيْمَانَ الْمُسْلِمِينَ جَرَتْ مُنْذُ عَهْدِ الْنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا أَنْ يَحْلِفُوا بِالْنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ، حَتَّى أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا إِذَا حَاكَمَ أَحَدُهُمْ صَاحِبَهُ قَالَ: احْلِفْ لِي بِحَقِّ مَا حَوَاهُ #هَذَا_الْقَبْرُ، #وَبِحَقِّ_سَاكِنِ_هَذَا_الْقَبْرِ، يَعْنِي الْنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ بِالْحَرَمِ وَالْمَشَاعِرِ الْعِظَامِ، وَالرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَالْمِحْرَابِ وَمَا يُتْلَى فِيْهِ))(9)؟!...
فَكَيْفَ يَحْتَجُّ الْتَّيْمِيَّة الْـمُجَسِّمَةُ بِرَجُلٍ (قبُورِي!) غَارِق فِي كَذَا (شِرِكِيَّاتٍ!) حَسْبَ فَهْمِهم الْـمَنْكُوس؟!...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ...
________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) فَتَاوَى الْبُرْزُلِي (6/214-215)، دَارُ الْغَرْب الْإِسْلاَمِي-بَيْرُوت: لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 2002م. وَانْظُر اسْتِحْسَان الْعَلَّامَة الْيُوسِي لِهَذَا الْتَّحْقِيقِ فِي حَوَاشِيه عَلَى كُبْرَى الْسَّنُوسِي (1/257-258)
(3) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (1/81-82)، وَزَارة الأَوْقَاف وَالْشُّؤُون الْإِسْلاَمِيَّة: الْـمَمْلَكَة الـْمَغْرِبِيَّة، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَة:1403هـ-1983م
(4) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (2/90)
(5) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (7/77-78)
(6) لِسَانُ الْـمِيْزَان (7/359)، اعْتَنَى بِهِ: الْشَّيْخ الْعَلَّامَة عَبْد الْفَتَّاح أَبُو غُدَّة، دَارُ الْبَشَائِر الْإِسْلَامِيَّةِ لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيْعِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1423هـ-2002م
(7) الْـمُقَدِّمَات الْـمُمَهِّدَات (1/28)، تَحْقِيْق: د.مُحَمَّد حجِّي، دَارُ الْغَرْب الْإِسْلاَمِي-بَيْرُوت: لُبْنَان، الْطَّبْعَة الثَّانِيَة: 1408هـ-1988م
( الْإِحْكَامُ فِي أُصُولِ الْأَحْكَامِ لابْن حَزْم الْظَّاهِري (4/33)، مَنْشُورَاتُ دَار الْآفَاق الْجَدِيْدَة: بَيْرُوت. اسْتَفَدت هَذَا الْنَّقْل مِنْ بَحْثِ "تَفْنِيد الِاعْتَدَاد بِغَرَائِبِ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادَ" لِلْأُسْتَاذ الْأَزْهَرِي مُشْرف مُنْتَدَيَات رَوْح الْرَّيَاحِين وَمُنْتَدى الْأَزْهَرِيِّين وَفَقَهُ اللهُ تَعَالَى لِكُلِّ خَيْر.
(9) الْـجَامِع لِأَحْكَامِ القُرْآن لِلإِمَام الهُمَام الـمُفَسِّر القُرْطُبِي (10/42)، اعْتَنَى بِهِ وَصَحَّحَه: الشَّيْخ هِشَام سَمِير البُخَارِي، دَار عَالَـم الكُتُب لِلنَّشْرِ وَالطِّبَاعَة وَالتَّوْزِيع-الرِّيَاض، الطَّبْعَة الثَّانِيَة: 1423هـ-2003م
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (8
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس غَارِقًا فِي بَحْرِ الْكَذِبِ وَصَفَاقَة وَجْهٍ مُنْقَطِعَة الْنَّظِيْرِ فِي مُنَاقَضَةِ الْحَقَائِقِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْتَّارِيْخِيَّةِ طَاعِنًا فِي سَادَتِهِ الْأَشَاعِرَةِ، مَا نَصُّهُ: ((وقد جرى في المُعتقَد السَّليم أنَّ المخالفين مِنْ أهل الأهواء والزَّيغ مِنَ المتكلِّمين والمتصوِّفة وأضرابهم، لا يَصْلُحون لرتبة الإمامة في الدِّين، ولا يُعتبَرون مِنْ طبقات العلماء الرَّبَّانيِّين، وليسوا أهلًا لها، مهما عَلَا كعبُهم في العلوم العقليَّة والأذواق الوجديَّة))؟!
وَادَّعَى بِأَنَّ شَيْنه وَمَيْنه هَذَا هُوَ مِصْدَاق قَوْل الْحَافِظ ابْن الْبَّر، فَقَالَ: ((وهذا المعنى نَقَل ابنُ عبد البرِّ ـ رحمه الله ـ الإجماعَ عليه حيث قال: «أجمعَ أهلُ الفقه والآثار مِنْ جميع الأمصار: أنَّ أهل الكلام أهلُ بِدَعٍ وزيغٍ، ولا يُعَدُّون ـ عند الجميعِ في جميع الأمصار ـ في طبقات العلماء، وإنَّما العلماء أهلُ الأثر والتَّفقُّهِ فيه، ويتفاضلون فيه بالإتقان والمَيْز والفهم»(١٦)))؟!...
وَزَادَ فِي نَشْرِ غَسِيله الْنَّتِن حِيْنَ أَصَرَّ عَلَى إِسْقَاطِ كَلَام ابْن عَبْد الْبَّر عَلَى الْسَّادَةِ الْأَشَاعِرَة نَقَلَة دِيْن اللهِ إِلَى الْأَجْيَال وَحُمَاة عَقِيْدَة الْتَّوْحِيْد، فَقَالَ أَيْضًا: ((فأين أدعياءُ المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في ذمِّهم لطريقة أهل الكلام والجدل والفلسفة مِنَ الأشاعرة وغيرهم؟!...وقال ابنُ عبد البرِّ ـ رحمه الله ـ: «وقد أجمعَ أهلُ العلم بالسُّنن والفقه ـ وهُم أهلُ السُّنَّة ـ على(٢٦) الكفِّ عن الجدال والمناظرة فيما سبيلُهم اعتقادُه بالأفئدة ممَّا ليس تحته عملٌ، وعلى الإيمان بمُتشابِه القرآن، والتَّسليمِ له ولِمَا جاء عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أحاديث الصِّفات كُلِّها وما كان في معناها، وإنَّما يبيحون المناظرةَ في الحلال والحرام وما كان في سائر الأحكام يجب العملُ بها»(٢٧)))(1)؟!...
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (الْـمُتَنَاقِض!):
أَوَّلًا: كَانَ عَلَيْكَ قَبْل أَنْ تُضَيِّعَ جُهُودكَ فِي مُحَاوَلَةِ تَجْمِيلِ كَذِبكَ الْـمَفْضُوحِ، وَهَذَا بِالاِشْتِغَالِ بِلَيِّ أَعْنَاقِ نُصُوصِ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر حَتَّى تُلَائِم فَهْمَكَ الْـمَنْكُوس، أَنْ تُثْبِتَ أَوَّلًا صِحَّةِ دَعَاوِيكَ الْخَاوِيَة عَلَى سَادَتِكَ الْأَشَاعِرَة، بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ الْقَاطِعَةِ وَالْأَدِلَّةِ الْسَّاطِعَةِ؟! أَوَلَـمْ تَسْمَع يَا حَضْرَة (الْوَهَّابِي!) بِالْقَاعِدَة الْعِلْمِيَّةِ الْقَائِلَةِ: "إِنْ كُنْتَ نَاقِلًا فَالْصِّحَة وَإِنْ كُنْتَ مُدَّعِيًا فَالْدَّلِيْل"؟! وَ"الْدَّعَاوِي مَا لَـمْ تُقَم عَلَى الْبَيِّنَاتِ فَأَصْحَابهَا أَدْعِيَاء"؟!...
ثَانِيًا: هَبْ أَنَّ فَهْمَك (الْـمَنْكُوس!) لِكَلَامِ ابْن عَبْد الْبَّر صَحِيْح؟! فَمِنْ أَينَ لَكَ صِحَّة نَقْلِهِ لِـمَذْهَبِ الْإِمَام مَالِك فِي الْـمَسْأَلَة؟!...كَيْفَ تُقَلِّدُهُ بِلَا تَحْقِيْقٍ وَلَا تَدْقِيْقٍ؟!...أَيْن الْتَّحَرِّي وَالْتَّثَبُت فِي تَحْرِيْرِ الْـمَذْهَبِ؟!...أَوَ تُعُدُّ الاِلْتِزَام بِتَقْلِيْد مَذْهَب الْإِمَام مَالِك فِي الْفِقْهِيَّاتِ (بِدْعَة!) فِي حِيْن تُطَبِّلُ كَالْأَعْمَى بِلَا تَمْيِيزٍ وَلَا تَمْحِيصٍ لِفَهْمِ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر لِقَوْل الْإِمَام مَالِك فِي مَسْأَلَةٍ مِنَ الْـمَسَائِلِ؟!...لِـمَ لَا تُسَلِّـمُ أَيْضًا بِلَا اعْتِرَاضٍ -كَـمَا هُوَ حَالك هُنَا- لِلْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِمَام مَالِك مِن اسْتِحْبَابِ الاِتْيَانِ بِالْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الْصُّبْحِ؟!...وَفِي...الخ؟!...مَاذَا تُرِيدُنَا أَنْ نُطْلَقَ عَلَى مِثْل هَذِهِ الاِزْدِوَاجِيَّةِ؟!...
ثَالِثًا: أَمَّا احْتِجَاجُك بِقَوْل الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر: ((وقال ابنُ عبد البرِّ ـ رحمه الله ـ: «وقد أجمعَ أهلُ العلم بالسُّنن والفقه ـ وهُم أهلُ السُّنَّة ـ على(٢٦) الكفِّ عن الجدال والمناظرة فيما سبيلُهم اعتقادُه بالأفئدة ممَّا ليس تحته عملٌ، وعلى الإيمان بمُتشابِه القرآن، والتَّسليمِ له ولِمَا جاء عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أحاديث الصِّفات كُلِّها وما كان في معناها، وإنَّما يبيحون المناظرةَ في الحلال والحرام وما كان في سائر الأحكام يجب العملُ بها»(٢٧)))؟!...
فَيُقَالُ لَكَ: تَعَلَّمْتَ شَيْئًا وَغَابَتْ عَنْكَ أَشْيَاءُ يَا حَضْرَة مُدَّعِي (الْتَّحْقِيق!)؟!...
نَعَمْ؛ هَذَا قَوْل الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر فِي "الاِسْتِذْكَار"، وَلَكِنَّهُ فَسَّرَهُ بِـمَا يَنْسِفُ فَهْمَك (الْـمَنْكُوس!) كَمَا تَجِدْهُ فِي "جَامِع بَيَان الْعِلْم وَفَضْله" وَهَذَا نَصُّهُ: ((حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْزُّبَيْرِيَّ يَقُولُ: كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: "الْكَلَامُ فِي الْدِّينِ أَكْرَهُهُ، وَكَانَ أَهْلُ بَلَدِنَا يَكْرَهُونَهُ وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ، نَحْوَ الْكَلَامِ فِي رَأْيِ جَهْمٍ وَالْقَدَرِ وَكُلِّ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا أُحِبُّ الْكَلَامَ إِلَّا فِيمَا تَحْتَهُ عَمَلٌ، فَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الدِّينِ وَفِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَالْسُّكُوتُ أَحَبُّ إِلَيَّ؛ لِأَنِّي رَأَيْتُ أَهْلَ بَلَدِنَا يَنْهَوْنَ عَنِ الْكَلَامِ فِي الْدِّينِ إِلَّا مَا تَحْتَهُ عَمَلٌ".
قَالَ أَبُو عمر: "قَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا تَحْتَهُ عَمَلٌ هُوَ الْمُبَاحُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَهْلِ بَلَدِهِ -يَعْنِي الْعُلَمَاءَ مِنْهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْدِّينِ نَحْوَ الْقَوْلِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ، وَضَرَبَ مَثَلًا فَقَالَ: نَحْوَ رَأْيِ جَهْمٍ وَالْقَدَرِ، وَالَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفَتْوَى، وَإِنَّمَا خَالَفَ ذَلِكَ أَهْلُ الْبِدَعِ: الْمُعْتَزِلَةُ وَسَائِرُ الْفِرَقِ، وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ أَحَدٌ إِلَى الْكَلَامِ فَلَا يَسَعُهُ الْسُّكُوتُ إِذَا طَمِعَ بِرَدِّ الْبَاطِلِ وَصَرْفِ صَاحِبِهِ عَنْ مَذْهَبِهِ، أَوْ خَشِيَ ضَلَالَ عَامَّةٍ أَوْ نَحْوَ هَذَا))(2)...
فَقَوْل الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر: ((إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ أَحَدٌ إِلَى الْكَلَامِ فَلَا يَسَعُهُ الْسُّكُوتُ إِذَا طَمِعَ بِرَدِّ الْبَاطِلِ وَصَرْفِ صَاحِبِهِ عَنْ مَذْهَبِهِ، أَوْ خَشِيَ ضَلَالَ عَامَّةٍ أَوْ نَحْوَ هَذَا)) صَرِيْحٌ فِي وُجُوبِ الْدِّفَاعِ عَنْ عَقِيْدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِعِلْـمِ الْكَلَامِ إِذَا اقْتَضَى الْأَمْر ذَلِكَ...
ثُـمَّ إِنَّ قَوْل الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر الَّذِي يَحْتَجُّ بِهِ هَذَا الْوَهَّابِي لَوْ تَأَمَّلْتَهُ لَوَجَدتهُ عَلَيْهِ لَا لَهُ؟!، فَالْحَافِظ يَقُول: ((وَعَلَى الْإِيمَانِ بِمُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَالْتَّسْلِيمِ لَهُ وَلِمَا جَاءَ عَنِ الْنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحَادِيثَ الْصِّفَاتِ كُلِّهَا وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا))(3) فَالْرَّجُل يَعُدُّ نُصُوص الْصِّفَاتِ مِنَ الْـمُتَشَابِهِ وَلَيْسَتْ مِنَ الْـمُحْكَمِ كَمَا هُوَ مَذْهَب الْتَّيْمِيَّة الْـمُجَسِّمَة؟!...
رَابِعًا: نُتْحِفُ الْبَاحِث الْنَّزِيْه بِبَعْضِ أَقْوَالِ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر الَّتِي تُؤَكِّدُ خَوْضه فِي عِلْـمِ الْكَلَامِ لِتَقْرِيْرِ عَقَائِد أَهْلِ الْسُّنَّة وِفْقَ الْـمَبْدَأ الَّذِي أَصَّلَهُ هُوَ نَفْسهُ فِي "جَامِع بَيَان الْعِلْم وَفَضْله" كَمَا سَبَقَ نَقْلهُ، وَفِي هَذِهِ الْنِّقَال أَيْضًا مَا يُؤَكِّد مُوَافَقَة عَقِيْدَة الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر لِعَقِيْدَةِ الْسَّادَةِ الْأَشَاعِرَةِ وَالْـمَاتُرِيْدِيَّةِ وَفُضَلَاءِ أَهْلِ الْحَدِيْثِ فِي الْغَالِبِ...
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَبْد الْبَّر (ت:463هـ): ((وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾[الفَجْر:22] وَلَيْسَ مَجِيئُهُ حَرَكَةً وَلَا زَوَالًا وَلَا انْتِقَالًا، لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ الْجَائِي جِسْمًا أَوْ جَوْهَرًا، فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ، لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ مَجِيئُهُ حَرَكَةً وَلَا نَقْلَةً، وَلَوِ اعْتَبَرْتَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ جَاءَتْ فُلَانًا قِيَامَتُهُ، وَجَاءَهُ الْمَوْتُ وَجَاءَهُ الْمَرَضُ وَشِبْهُ ذَلِكَ، مِمَّا هُوَ مَوْجُودٌ نَازِلٌ بِهِ وَلَا مَجِيءَ لَبَانَ لَكَ، وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ))(4) فَهَذَا نَصٌّ صَرِيْحٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر لِعِلْمِ الْكَلَامِ لِنَفْيِ الْـجِسْمِيَّة وَالْحَرَكَةِ وَالاِنْتِقَالِ عَنْهُ جَلَّ وَعَزَّ، وَهَذَا يَنْسِفُ عَقِيْدَة الْتَّيْمِيَّة الْـمُجَسِّمَةِ مِنْ جُذُورِهَا؟!...
وَقَالَ فِي الْتَّمْهِيد: ((وَقَدْ قَالَتْ فِرْقَةٌ مُنْتَسِبَةٌ إِلَى الْسُّنَّةِ: إِنَّهُ يَنْزِلُ بِذَاتِهِ! وَهَذَا قَوْلٌ مَهْجُورٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْحَرَكَاتِ وَلَا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عَلَامَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ))(5)...وَهَذَا نَصٌّ صَرِيْحٌ فِي تَنْزِيهِ اللهِ عَن الْحَوَادِث...
أَمَّا عَنْ تَأْوِيْلَاتِ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر فِي الاِضَافَاتِ الْـمُوهِمَةِ لِلْتَّشْبِيهِ، فَنَذْكُر عَلَى سَبِيْلِ الْـمِثَالِ:
(أ) تَأْوِيل الْنُّزُول بِمَعْنَى نُزُولِ أَمْرِهِ تَعَالَى هُوَ قَوْل قَوْمٍ مِن أَهْلِ الأَثَرِ (وَلَيَسَ قَوْلاً لِلنُّفَاةِ وَالـمُعَطِّلَةِ كَمَا يَدَّعِي مُجَسِّمَة التَّيْمِيَّة!) وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ الْنُّزُول عَلَى مَا رُوِي عَنِ الإِمَام مَالك: تَتَنَزَّلُ رَحْمَتُهُ وَقَضَاؤُهُ بِالْعَفْوِ وَالِاسْتِجَابَةِ؟!:
قَالَ فِي الْتَّمْهِيد: ((وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْأَثَرِ أَيْضًا: أَنَّهُ يَنْزِلُ أَمْرُهُ، وَتَنْزِلُ رَحْمَتُهُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ حَبِيبٍ كَاتِب مَالِك وَغَيْرِهِ، وَأَنْكَرَهُ مِنْهُمْ آخَرُونَ، وَقَالُوا: هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ أَمْرَهُ وَرَحْمَتَهُ لَا يَزَالَانِ يَنْزِلَانِ أَبَدًا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَتَعَالَى الْمَلِكُ الْجَبَّارُ الَّذِي إِذَا أَرَادَ أَمْرًا قَالَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ، فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ، وَيَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ مَتَى شَاءَ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالُ. وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَبَلِيُّ وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَيْرَوَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ سَوَادَةَ بِمِصْرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْحَدِيثِ: "إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِي اللَّيْلِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا" فَقَالَ مَالِكٌ: يَتَنَزَّلُ أَمْرُهُ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ تَتَنَزَّلُ رَحْمَتُهُ وَقَضَاؤُهُ بِالْعَفْوِ وَالِاسْتِجَابَةِ، وَذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ أَيْ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ)) (6)...
(بـ) تَأْوِيلُ (الْضَّحِك!) مُضَافًا لله؟!:
قَالَ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر: ((وَأَمَّا قَوْلُهُ: "يَضْحَكُ اللَّهُ"، فَمَعْنَاهُ: يَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدَهُ عِنْدَ ذَاكَ وَيَتَلَقَّاهُ بِالرَّوْحِ وَالرَّاحَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ، وَهَذَا مَجَازٌ مَفْهُومٌ))(7)...
(جـ) تَأْوِيلُ (الاِستِحْيَاء!) وَ(الاِيوَاء!) وَ(الاِعْرَاضِ!)؟!:
وَقَالَ فِي الْتَّمْهِيدِ: ((وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ "آوَى إِلَى اللَّهِ" يَعْنِي فَعَلَ مَا يَرْضَاهُ اللَّهُ فَحَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ مِنَ اللَّهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عليه السلام الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا آوَى إِلَى اللَّهِ يَعْنِي مَا كَانَ لِلَّهِ وَرَضِيَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الثَّانِي فَاسْتَحْيَ "فَاسْتَحْيَ اللَّهُ مِنْهُ" فَهُوَ مِنِ اتِّسَاعِ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي أَلْفَاظِهِمْ وَفَصِيحِ كَلَامِهِمْ وَالْمَعْنَى فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ لِأَنَّهُ من استحيى اللَّهُ مِنْهُ لَمْ يُعَذِّبْهُ بِذَنْبِهِ وَغَفَرَ لَهُ بَلْ لَمْ يُعَاتِبْهُ عَلَيْهِ فَكَانَ الْمَعْنَى فِي الْأَوَّلِ أَنَّ فِعْلَهُ أَوْجَبَ لَهُ حَسَنَةً وَالْآخَرُ أَوْجَبَ لَهُ فِعْلُهُ مَحْوَ سَيِّئَةٍ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الثَّالِثِ فَأَعْرَضَ "فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ" فَإِنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَرَادَ أَعْرَضَ عَنْ عَمَلِ الْبِرِّ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ بِالثَّوَابِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْرِضُ عَنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مَنْ فِي قَلْبِهِ نِفَاقٌ وَمَرَضٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْرِضُ فِي الْأَغْلَبِ عَنْ مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ هَذِهِ حَالُهُ بَلْ قَدْ بَانَ لَنَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْرَضَ لِحَاجَةٍ عَرَضَتْ لَهُ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْقَوْلُ فِيهِ وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ كَانَ إِعْرَاضُ اللهِ عَنْهُ سُخْطًا عَلَيْهِ وَأَسْأَل اللَّهَ الْمُعَافَاةَ وَالْنَّجَاةَ مِنْ سُخْطِهِ بِمَنِّهِ وَرَحْمَتِهِ))(...
(د) تَأْوِيلُ (يَمِين الله!) وَتـَأْكِيْد وُجُود الْـمَجَاز فِيمَا يُسَمَّى بِـ: (الْصِّفَاتِ!)؟!:
قَالَ فِي الاِسْتِذْكَارِ: ((وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ إِذَا كَانَتْ مِنْ طَيِّبٍ ، وَيَأْخُذُهَا بِيَمِينِهِ.." وَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي هَذَا الْبَابِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: "يَأْخُذُهَا بِيَمِينِهِ" فَهَذَا مَجَازٌ وَحُسْنُ عِبَارَةٍ عَنْ قَبُولِ اللَّهِ تَعَالَى لِلصَّدَقَةِ، وَمَعْنَى أَخْذِ اللَّهِ لَهَا: قَبُولُهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))(9)...
(هـ) تَأْوِيلُ (الْـمَلَلِ!) وَ(الاِسْتِهْزَاءِ!) وَ(الْـمَكْرِ!) وَنَحْوه؟!:
قَالَ فِي الاِسْتِذْكَارِ: ((وَأَمَّا لَفْظُهُ فِي قَوْلِهِ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا" فَهُوَ لَفْظٌ خَرَجَ عَلَى مِثَالِ لَفْظٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمَلُّ سَوَاءً مَلَّ النَّاسُ أَوْ لَمْ يَمَلُّوا، وَلَا يَدْخُلُهُ مَلَالٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ جَلَّ عَنْ ذَلِكَ وَتَعَالَى عُلُوًّا كَبِيرًا. وَإِنَّمَا جَاءَ لَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُمْ إِذَا وَضَعُوا لَفْظًا بِإِزَاءِ لَفْظٍ جَوَابًا لَهُ أَوْ جُزْءًا ذَكَرُوهُ بِمِثْلِ لَفْظِهِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ مَعْنَاهُ. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا " وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : "وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ" وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا" وَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ مَكْرٌ وَلَا هُزُوٌ وَلَا كَيْدٌ، إِنَّمَا هُوَ جَزَاءُ مَكْرِهِمْ وَاسْتِهْزَائِهِمْ وَكَيْدِهِمْ، فَذَكَرَ الْجَزَاءَ بِمِثْلِ لَفْظِ الِابْتِدَاءِ لَمَّا وُضِعَ بِحِذَائِهِ وَقُبَالَتِهِ. فَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا". أَيْ مَنْ مَلَّ فَقَطَعَ عَمَلَهُ انْقَطَعَ عَنْهُ الْجَزَاءُ))(10)...
(و) تَأْوِيلُ (الاِسْتِطَابَة!)؟!:
قاَلَ فِي الاِسْتِذْكَارِ: ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لـخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ..."...وَقَوْلُهُ:"أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ" يُرِيدُ: أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ عِنْدَكُمْ، يَحُضُّهُمْ عَلَيْهِ وَيُرَغِّبُهُمْ فيه. وَهَذَا فِي فَضْلِ الْصِّيَامِ، وَثَوَابِ الْصَّائِمِ))(11)...
وَأَمَّا كَلاَم الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر فِي الاِسْتِوَاء فَهُوَ مِنَ الْـمُتَشَابِهِ جِدًّا وَإِنْ كَانَ لاَ يَنْهَضُ أَمَام مُحْكَم أَقْوَالهِ هَذِهِ الْـمَذْكُورَة فِي الْتَّنْزِيهِ، وَلَكِنَّهُ مُشْكلٌ جِدًّا وَيَحْتَاج إِلَى تَحْرِيرٍ، وَقَدْ تَأَوَّله عُلَمَاء الْـمَالِكِيَّةِ بِـمَا يَتَوَافَقُ مَعَ كَلَامِهِ الْصَّرِيْحِ فِي الْتَّنْزِيْهِ كَمَا قَالَ الْعَلَامَة ابْن خَلْدُونَ فِي غُضُونَ حَدِيثِهِ عَلَى سَفْسَطَةِ الْـمُجَسِّمَةِ: ((ثُـمَّ يَفِرُّونَ مِنْ شَنَاعَةِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِم: "جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ"؟!. وَلَيْسَ ذَلِكَ بِدَافِعٍ عَنْهُم لِأَنَّهُ قَوْلٌ مُتَنَاقِضٌ وَجَمْعَ بَيْنَ نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ!، إِنْ كَانَا بِالْـمَعْقُولِيَّةِ وَاحِدَة مِن الْجِسْمِ، وَإِنْ خَالَفُوا بَيْنَهُمَا وَنَفَواْ الْـمَعْقُولْيَّةَ الْـمُتَعَارَفَةَ فَقَدْ وَافَقُونَا فِي الْتَّنْزِيهِ وَلَـمْ يَبْقَ إِلَّا جَعْلَهُم لَفْظَ الْجِسْمِ اسْمًا مِنْ أَسْمَائِهِ. يَتَوَقَّفُ مِثْلُهُ عَلَى الْإِذْنِ.
وَفَرِيقٌ مِنْهُم ذَهَبُوا إِلَى الْتَّشْبِيهِ فِي الْصِّفَاتِ كَإِثْبَاتِ الْجِهَةِ وَالِاسْتِوَاءِ وَالْنُّزُولِ وَالْصَّوْتِ وَالْحَرْفِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ. وَآلَ قَوْلُهُم إِلَى الْتَّجْسِيِمِ فَنَزَعُوا مِثْلَ الْأَوَّلِيْنَ إِلَى قَوْلِهِم: "صَوْتٌ لَا كَالْأَصْوَاتِ"، "جِهَةٌ لَا كَالْجِهَاتِ"، نُزُولٌ لَا كَالْنُّزُولِ" يَعْنُونَ مِنَ الْأَجْسَامِ. وَانْدَفَعَ ذَلِكَ بِمَا انْدَفَعَ بِهِ الْأَوَّلُ، وَلَـمْ يَبْقَ فِي هَذِهِ الْظَّوَاهِرِ إِلَّا اعْتِقَادَاتُ الْسَّلَفِ وَمَذَاهِبُهُم، وَالْإِيْمَانُ بِهَا كَمَا هِيَ لِئَلَّا يَكُرَّ الْنَّفْيُ عَلَى مَعَانِيْهَا بِنَفْيِهَا مَعَ أَنَّهَا صَحِيْحَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ.
وَلِهَذَا تَنْظُرُ مَا تَرَاهُ فِي عَقِيْدَةِ الْرِّسَالَةِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَكِتَابِ الْـمُخْتَصَرِ لَهُ وَفِي كِتَابِ الْحَافِظِ ابْن عَبْد الْبَّر وَغَيْرِهِم فَإِنَّهُم يَحُومُونَ عَلَى هَذَا الْـمَعْنَى، وَلَا تَغْمُضْ عَيَنُكَ عَنِ الْقَرَائِنِ الْدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ فِي غُضُونِ كَلَامِهِم))(12)...
خَامِسًا: يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي فَرْكُوس: كَيْفَ تَحْتَجُّ بِكَلَامِ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر وَهُو (قبُورِي!) غَارِقٌ فِي أَوْحَالِ (الْشِّرْكِيَّاتِ!) وِفْقَ فَهْمِكَ (الْمَنْكُوس!)؟!:
قَالَ الْحَافِظ ابْن عَبْد البَّر: ((وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم، عَنْ مَالِكٍ: بَلَغَنِي عَنْ قَبْرِ أَبِي أَيُّوب [الأَنْصَارِي] أَنَّ الْرُّومَ يَسْتَصِحُّونَ بِهِ وَيَسْتَسْقُونَ))(13)...
وَقَالَ أَيْضًا: ((وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى الْتَّبَرُّكِ بِمَوَاضِعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْصَّالِحِينَ وَمَقَامَاتِهِمْ وَمَسَاكِنِهِمْ وَإِلَى هَذَا قَصَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِحَدِيثِهِ هَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ))(14)...
وَقَالَ: ((وَفِيهِ [حَدِيث الْبَاب] الْتَّبَرُّكُ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ وَوَطِئَهَا وَقَامَ عَلَيْهَا))(15)...
وَقَالَ عِنْدَ ذِكْر فَوَائِد حَدِيثٍ: ((وَفِيهِ الرُّقَى بِالْقُرْآنِ، وَفِي مَعْنَاهُ: كُلُّ ذِكْرٍ لِلَّهِ جَائِزٌ الْرُّقْيَةُ بِهِ. وَفِيهِ إِبَاحَةُ النَّفْثِ فِي الرُّقَى وَالتَّبَرُّكِ بِهِ. وَالْنَّفْثُ شِبْهُ الْبَصْقِ، وَلَا يُلْقِي الْنَّافِثُ شَيْئًا مِنَ الْبُصَاقِ، وَقِيلَ كَمَا يَنْفُثُ آكِلُ الزَّبِيبِ. وَفِيهِ الْمَسْحُ بِالْيَدِ عِنْدَ الرُّقْيَةِ، وَفِي مَعْنَاهُ: الْمَسْحُ بِالْيَدِ عَلَى كُلِّ مَا تُرْجَى بَرَكَتُهُ وَشِفَاؤُهُ وَخَيْرُهُ مِثْلَ الْمَسْحِ عَلَى رَأْسِ الْيَتِيمِ وَشِبْهِهِ. وَفِيهِ الْتَّبَرُّكُ بِإِيمَانِ الْصَّالِحِينَ قِيَاسًا عَلَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ بِيَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ، وَفِيهِ الْتَّبَرُّكُ بِالْيُمْنَى دُونَ الشِّمَالِ وَتَفْضِيلُهَا عَلَيْهَا، وَفِي ذَلِكَ مَعْنَى الْفَأْلِ))(16)...
وَقَالَ أَيْضًا: ((فِيهِ [حَدِيث الْبَاب] مَا كَانَ عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ مِنَ الْتَّبَرُّكِ بِحَرَكَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ اقْتِدَاءً بِهِ وَتَأَسِّيًا بِحَرَكَاتِهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَهُمْ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِهِمْ لِيُصَلِّيَ فِيهِ تَبَرُّكًا بِذَلِكَ وَرَجَاءَ الْخَيْرِ فِيهِ))(17)...
وَقَالَ: ((قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: "لَا بَأْسَ بِتَعْلِيقِ الْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا أَسْمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى أَعْنَاقِ الْمَرْضَى عَلَى وَجْهِ الْتَّبَرُّكِ بِهَا، إِذَا لَمْ يُرِدْ مُعَلِّقُهَا بِتَعْلِيقِهَا مُدَافَعَةَ الْعَيْنِ". وَهَذَا مَعْنَاهُ: قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْعَيْنِ، وَلَوْ نَزَلَ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْعَيْنِ جَازَ الرَّقْيُ -عِنْدَ مَالِكٍ- وَتَعْلِيقُ الْكُتُبِ))(18)...
سَادِسًا: فَلتُسَلِّـم أَيْضًا للْحَافِظِ ابْن عَبْد الْبَّر قَوْله فِي الْبِدْعَةِ: ((الْبِدْعَةُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: اخْتِرَاعُ مَا لَمْ يَكُنْ وَابْتِدَاؤُهُ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي الدِّينِ خِلَافًا لِلسُّنَّةِ الَّتِي مَضَى عَلَيْهَا الْعَمَلُ فَتِلْكَ بِدَعَةٌ لَا خَيْرَ فِيهَا وَوَاجِبٌ ذَمُّهَا، وَالنَّهْيُ عَنْهَا وَالْأَمْرُ بِاجْتِنَابِهَا، وَهِجْرَانُ مُبْتَدِعِهَا إِذَا تَبَيَّنَ لَهُ سُوءُ مَذْهَبِهِ. وَمَا كَانَ مِنْ بِدْعَةٍ لَا تُخَالِفُ أَصْلَ الشَّرِيعَةِ وَالسُّنَّةِ فَتِلْكَ: "نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ" كَمَا قَالَ عُمَرُ، لِأَنَّ أَصْلَ مَا فَعَلَهُ سُنَّةٌ.
وَكَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي صَلَاةِ الضُّحَى، وَكَانَ لَا يَعْرِفُهَا، وَكَانَ يَقُولُ: وَلِلْضُّحَى صَلاةٌ؟.
وَذَكَرَ ابْن أَبِي شَيْبَة عَن ابْنِ عُلَيَّةَ عَنِ الْجَرِيرِيِّ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ الْضُّحَى، فَقَالَ: بِدْعَةٌ، وَنِعْمَتِ الْبِدْعَةُ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ﴾[الْحَدِيد:27]. وَأَمَّا ابْتِدَاعُ الْأَشْيَاءِ مِنْ أَعْمَالِ الْدُّنْيَا فَهَذَا لَا حَرَجَ فِيهِ وَلَا عَيْبَ عَلَى فَاعِلِهِ))(19)…
فَالْحَاصِل مِنْ هَذِهِ الْنِّقَال أَنَّ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر لَا عَلَاقَة لَهُ الْبَتَّة فِي الْأَغْلَبِيَّةِ الْسَّاحِقَةِ مِن الْأُصُولِ مَعَ مَذْهَبِكُم الْقَائِمِ عَلَى الْتَّجْسِيْمِ وَالْتَّكْفِيْرِ وَالْشُّذُوذِ...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
____________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) جَامِعُ بَيَانِ الْعِلْـمِ وَفَضْلِهِ لِلْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر (2/938)، دَارُ ابْن الْجُوزِي لِلْنَّشْرِ وَالْتَوْزِيْعِ: الْسُّعُودِيَّة، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1414هـ-1994م
(3) الاِسْتِذْكَارِ لِلْحَافِظِ ابن عَبْد البَر (8/118)، تَحْقِيق: الدُّكْتُور عَبْد الـمُعْطِي أَمِين قَلْعَجِي، النَّاشِر: دَار الوَعْي: حَلَب-القَاهِرَة وَدَار قُتَيْبَة لِلْنَّشْرِ وَالطَّبْعِ: دِمَشْق-بَيْرُوت، الطَّبْعَة الأُولَى: 1414هـ-1993م
(4) الْتَّمْهِيِد لِلْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر (7/137)، الْنَّاشِر: وَزَارَة الأَوْقَاف وَالْشُّؤُون الْإسْلاَمِيَّة – الْـمَمْلَكَة الْـمَغْربِيَّة
(5) الاِسْتِذْكَارِ لِلْحَافِظِ ابْن عَبْد الْبَّر (8/153)
(6) الْتَّمْهِيد لِلْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر (7/143-144)
(7) الْتَّمْهِيد لِلْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر (18/345)
( الْتَّمْهِيد لِلْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر (1/316-317)
(9) الاِسْتِذْكَارِ لِلْحَافِظِ ابْن عَبْد الْبَّر (27/395)
(10) الاِسْتِذْكَارِ لِلْحَافِظِ ابْن عَبْد الْبَّر (5/213)
(11) الاِسْتِذْكَارِ لِلْحَافِظِ ابْن عَبْد الْبَّر (10/247-249)
(12) مُقَدِّمَة ابْن خَلْدُون (1/587)، دَار الْفِكْر لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: بَيْرُوت-لُبْنَان، طَبْعَة: 1421هـ-2001م
(13) "الاِسْتِيعَابُ فِي أَسْمَاءِ الأَصْحَاب" لِلْحَافِظ ابْن عَبْد البَّر (2/369)، دَار الْفِكْرِ لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالتَّوْزِيعِ، طَبْعَة: 1426هـ-1427هـ : 2006م
(14) الْتَّمْهيد لِلْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر (13/67)
(15) الْتَّمْهيد لِلْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر (6/228)
(16) الْتَّمْهيد لِلْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر (8/129)
(17) الْتَّمْهيد لِلْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر (19/197)
(18) الْتَّمْهيد لِلْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر (17/161)
(19) الاِسْتِذْكَارِ لِلْحَافِظِ ابْن عَبْد الْبَّر (153-152/5)
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (9)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((وبهذا المسلك الإلزاميِّ والاتِّباع القسريِّ فَتَن المهديُّ المتشيِّعُ المغاربةَ، وحَمَلهم على الالتزام بمذهب الأشعريَّة، «وقبل ذلك كانت علماءُ المغرب لا يدخلون في الكلام، بل يُتقِنون الفقهَ أو الحديث أو العربيَّة، ولا يخوضون في المعقولات، وعلى ذلك كان الأَصيليُّ، وأبو الوليد بنُ الفرضيِّ، وأبو عمر الطلمنكيُّ، #ومكِّيٌّ_القيسيُّ، وأبو عمرٍو الدَّاني، #وأبو_عمر_بنُ_عبد_البرِّ، والعلماء»(٤٠).
ولا ينبغي للمسلم أَنْ يغترَّ بأقاويل المُبطِلين ولا شنشنةِ الشَّانئين ـ في زماننا هذا ـ مِنْ أفراخ المهديِّ المتشيِّعِ مُدَّعي العصمة، الَّذين خالفوا أصولَ أهل السُّنَّة والجماعةِ وقواعدَهم، ونسبوا أَنْفُسَهم وعقائدهم إلى أبي الحسن الأشعريِّ؛ وهو منها ومنهم بريءٌ؛ تلك الأصول الباطلة الفاسدة، والعقائد العاطلة الكاسدة، المبنيَّة على علم الكلام المذموم))(1)؟!...
الْتَّعْلِيق:
أَوَّلًا: يَدَّعِي هَذَا الْوَهَّابِي بِأَنَّ كِبَارَ عُلَمَاء بِلَاد الْـغَرْب الْإِسْلَامِي كَانُوا يَدِيْنُونَ للهِ بِعَقِيدَةِ سَلَفِهِ أَيْ: سَلَف ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي فِي (#الْتَّجِسِيمِ!) وَ(#الْتَّشْبِيْهِ!)؟! حَتَّى جَاءَ ابْن تُومَرت فَقَضَى عَلَى هَذِهِ الْعَقِيْدَة الْسَّلَفِيَّة الْـمَزْعُومَة بِالْسَّيْفِ وَالْحَدِيْدِ، وَأَحَلَّ مَحَلَّهَا الْعَقِيدَة الْأَشْعَرِيَّة أَيْ: عَقِيْدَة الْتَّعْطِيْل عِنْدَ هَذَا الْـمُجَسِّم الْـمُتَهَوِّك؟! وَأَنْتَ تَرَى كَيْفَ أَدْرَجَ هَذَا الْثَّرْثَار بَعْض أَعْيَان عُلَمَاء الْـمَغْرِب الْإِسْلَامِي كَالْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر وَمَكِّي الْقَيْسي وَغَيْرهم، ضِمْنَ دِيْوَانِ سَلَفِهِ (الْـمُجَسِّمَةِ!)؟!...
وَيَلْزم عَنْ هَذِهِ الْدَّعْوَى الْعَارِيَةِ مِنَ أَيِّ دَلِيْلٍ أَنْ يَعْتَقِدَ صَاحِبهَا حَقًّا بِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ الْـمَغَارِبَة كَانُوا يُشَارِكُونَ ابْن تَيْمِيَّةِ الْحَرَّانِي فِي نَفْسِ الْأُصُول الْعَقَدِيَّةِ الَّتِي يُدَنْدِنُ حَوْلَهَا هَذَا الْأَخِيْر؟!...
وَعَلَيْهِ فَصِيْغَة دَعْوَى هَذَا الْوَهَّابِي تَكُون هَكَذَا: أَنَا فَرْكُوس أُؤَكِّدُ لَكُم أَيُّهَا الْقُرَّاء أَنَّ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر وَمَكِّي الْقَيْسي وَابْن أَبِي زَيْد الْقَيْرَوَانِي وَغَيْرهم مِنْ عُلَمَاء الْـمَغْرِب الْإِسْلَامِي كَانُوا عَنْ بَكْرَةِ أَبِيْهِم عَلَى نَفْسِ أُصُولِ الْعَقِيْدَةِ الْسَّلَفِيَّةِ الَّتِي قَالَ بِهَا ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي حَتَّى جَاءَ ابْن تُومَرْت وَاسْتَبْدَل هَذِهِ الْعَقِيْدَة الْسَّلَفِيَّة (الْتَّيْمِيَّة!) بِالْعَقِيْدَة الْأَشْعَرِيَّة فِي الْتَّعْطِيْل؟!...
وَالْسُّؤَال الْآن: هَذِهِ الْدَّعْوَى لَا بُدَّ وَأَنَّ حَضْرَة الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي قَدْ جَرَى فِيْهَا وِفْقَ الْـمَنْهَجِيَّة الْعِلْمِيَّة الَّتِي يَتَغَنَّى بِهَا هُوَ وَجَمَاعَته؟! وَهِيَ مِنْهُم وَمِنْهُ بَرَاء عِنْدَ الْتّحْقِيق؟!...
نَعَمْ؛ فَحَضْرَة الْدُّكْتُور فَكَّرَ وَقَدَّرَ وَنَبَّشَ وَنَقَّب وَحَقَّقَ وَدَقَّقَ حَتَّى عَايَنَ عَنْ كَثَبٍ وَبَعْدَ تَثَبُّتٍ وَتَمْحِيْصٍ الْأَدِلَّة وَالْبَرَاهِيْن الَّتِي تُخَوِّل لَهُ الْتَّغَنِي بِدَعْوَاه؟!...
ثَانِيًا: أَمَّا دَعْوَاهُ فِي حَقِّ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر فَقَد تَبَيَّن لِكُلِّ ذِي عَيْنَيْنِ مَا فِيْهَا مِنْ كَذِبٍ صُرَاح(2)...
ثَالِثًا: وَلْنَنظُر الآن فِي مَدَى مِصْدَاقِيَّة دَعْوَاه فِي حَقِّ الْإِمَام الْـمَكِّي الْقَيْسِي لِيَتَبَيَّن لِلْبَاحِث عَنِ الْحَقَيْقَة: هَلْ يُؤْتَمَنُ حَقًّا هَذَا الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فِي تَقَوُّلَاتِهِ أَمْ هُوَ فِي أَحْسَنِ أَحْوَالِهِ مُجَرَّد قَمَّاش وَلَيْسَ بِفَتَّاش؟!:...
قَالَ الْإِمَام مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي الْقَيْرَوَانِي (ت:437هـ) فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾[الْبَقَرَة:254] مَا نَصُّهُ: ((﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ﴾[الْبَقَرَة:254]: أَيْ ذُو الاِرْتِفَاعِ عَنْ شَبَهٍ خَلَقَهُ بِقُدْرَتِهِ. ﴿الْعَظِيمُ﴾[الْبَقَرَة:254]: أَيْ لَا شَيْء أَعْظَم مِنْهُ جَلَالَةً وَهَيْبَةً وَسُلْطَانًا. وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعُلُوِّ فِي الْـمَسَافَةِ وَالِارْتِفَاعِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ #عُلُوُّ_قُدْرَةٍ_وَجَلَالَةٍ_وَهَيْبَةٍ_وَسُلْطَانٍ، لَا عُلُوَّ ارْتِفَاعٍ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْحَرَكَةُ وَلَا الاِنْتِقَالُ وَلَا الْتَّغَيُّرُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، فَافْهَمْهُ.
وَقِيْلَ: مَعْنَى ﴿الْعَلِيُّ﴾[الْبَقَرَة:254]: الْعَلِيُّ عَنِ الْنُّظَرَاءِ وَالْأَشْبَاهِ، #لَا_عُلُوَّ_مَكَانٍ))(3)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْرِ قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾[الْبَقَرَة:29] مَا نَصُّهُ: ((وَاخْتَارَ الْطَّبَرِيُّ وَغَيْره أَن يَكُونَ "اسْتَوَى" بِمَعْنَى: "عَلَا" عَلَى الْـمَفْهُومِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّد: وَلَيْسَ: "عَلَا" فِي هَذَا الْـمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى عَلَا مِنْ سُفْلٍ كَانَ فِيْهِ إِلَى عُلُوٍّ، #وَلَا_هُوَ عُلُوّ_انْتِقَالٍ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، #وَلَا_عُلُوٌّ_بِحَرَكَةٍ تَعَالَى اللهُ رَبّنَا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا صِفَات تُوجِبُ الْحُدُوثَ لِلْمَوْصُوفِ بِهَا، وَاللهُ جَلَّ ذِكْرهُ أَوَّلٌ بِلَا نِهَايَةٍ، لِكِنْ نَقُولُ: #إِنَّهُ_عُلُوَّ_قُدْرَةٍ_وَاقْتِدَارٍ وَلَـمْ يَزَلْ تَعَالَى قَادِراً لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالْصِّفَات الْعُلَا))(4)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾[يُونُس:3]: ((#مُدَبِّراً_لِلْأُمُورِ، قَاضِيًا فِي خَلْقِهِ مَا أَحَبَّ))(5)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾[الْرَّعْد:2]: ((أَيْ: عَلَا عَلَيْهِ عُلُوَّ قُدْرَةٍ، #لَا_عُلُوَّ_مَكَانٍ))(6)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾[الْفُرْقَان:59]: ((وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَهَّمَ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ: #جُلُوسًا_وَلَا_حَرَكَةً_وَلَا_نُقْلَةً، وَلِكَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ كَمَا شَاءَ، لَا يُمَثَّلُ ذَلِكَ، وَلَا يُحَدُّ، وَلَا يُظَنُّ لَهُ انْتِقَالٌ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ صِفَةُ الْـمُحْدَثَاتِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ذِكْرهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الْشُّورَى:11] فَلَا يَحلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُمَثِّلَ صِفَات رَبّه -الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ- بِصِفَاتِ الْـمَخْلُوقِينَ الَّذِينَ لَهُم أَمْثَالٌ وَأَشْبَاهٌ، فَكَمَا أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَشْبَهُهُ شَيْءٌ، كَذَلِكَ صِفَاته لَيْسَت كَصِفَاتِ الْـمَخْلُوقِينَ. فَالِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْكَيْفُ لَا نَعْلَمُهُ، فَعَلَيْنَا الْتَّسْلِيم لِذَلِكَ))(7)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾[الْدخَان:11]: ((أَيْ: ثُمَّ ارْتَفَعَ إِلَى الْسَّمَاءِ #ارْتِفَاعَ_قُدْرَةٍ_لَا_ارْتِفَاعَ_نُقْلَةٍ))(
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾[الْحَدِيد:4]: ((أَيْ: ارْتَفَعَ وَعَلَا #ارْتِفَاعَ_قُدْرَةٍ_وَتَعْظِيمٍ_وَجَلَالَةٍ، #لَا_ارْتِفَاعَ_نُقْلَةٍ))(9)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾[الْقَلَم:42]: ((فَمَعْنَى يَكْشِفُ لَهُم عَنْ سَاقٍ، أَيْ: عَنْ أَمْرٍ عَظِيمٍ وَقُدْرَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا الله. فَيَعْرِفُونَهُ تَعَالَى بِهَا أَظْهَر مِنْ قُدْرَتِه إِلَيْهم. #وَلَا_يَحِلُّ_لِأَحَدٍ_أَنْ_يَتَأَوَّلَ_فِي_هَذَا_وَمَا_شَابَهَهُ_جَارِحَة، إِذْ لَيْسَتْ صِفَات الله كَصِفَاتِ الْخَلْقِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فَاحْذَرْ أَنْ يَتَمَثَّلَ فِي قَلْبِكَ شَيْءٌ مِنْ تَشْبِيهِ الله بِخَلْقِهِ، فَغَيْر جَائِز فِي الْحِكْمَةِ وَالْقُدْرَةِ أَنْ يَكُونَ الْـمَخْلُوق يَشْبَهُ الْخَالِقَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْصِّفَاتِ، #وَمَنْ_شَبَّهَ_الْخَالِقَ_بِالْـمَخْلُوق فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَى الْخَالِق الْحَدَث، #وَكَفَرَ_وَأَبْطَلَ_الْتَّوْحِيدَ، إِذْ فِي ذَلِكَ نَفْي الْقِدَمِ عَنِ الْخَالِقِ، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُ الْظَّالِـمُونَ عُلُوًّا كبَيِرًا))(10)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾[الْـمَائِدَة:64](وَالْيَدُ عِنْدَ أَهْلِ الْنَّظَرِ وَالْسُّنَّةِ فِي هَذَا الْـمَوْضِع وَمَا كَانَ مِثْله: صِفَة مِنْ صِفَاتِ الله، لَيْسَ بِجَارِحَةٍ، فَعَلَيْنَا أَنْ نَصِفهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الْشُّورَى:11]، #فَلَا_يَحِلُّ_لِأَحَدٍ_أَنْ_يَعْتَقِدَ_الْجَوَارِحَ_لله، إِذْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ ذِكْرِ هَذَا وَشبهه، وَذِكْر الْـمَجِيء وَالْإِتْيَان، صِفَات للهِ، #لَا_أَنَّهَا_فِيْهَا_انْتِقَالٌ_وَحَرَكَةٌ_وَجَارِحَةٌ، فَسُبْحَانَ مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ مِنْ جَمِيع الْأَشْيَاء، فَلَوْ أَنَّكَ أَثْبَتَّ لَهُ حَرَكَةً أَوْ انْتِقَالًا أَوْ جَارِحَةً لَكُنْتَ قَدْ جَعَلْتَهُ كَبَعْضِ الْأَشْيَاء الْـمَوْجُودَة، وَقَدْ قَالَ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الْشُّورَى:11]، فَاحْذَرْ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِي عَقْلِكَ أَنَّ الْبَارِئَ جَلَّ ذِكْرهُ يَشْبَهُ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي عُقِلَت وَفُهِمَت، #وَمَتَى_فَعَلْتَ_شَيْئًا_مِنْ_هَذَا_فَقَدْ_أَلْحَدْتَ، وَأَهْل الْسُّنَّة يَقُولُونَ: إِنَّ يَدَيْهِ غَيْر نِعْمَته))(11)...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
_______________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) رَاجِع الْرَّابِط:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2133912766843348
(3) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (1/850)، إِصْدَار: كُلِّيَّة الْدِّرَاسَاتِ الْعُلْيَا وَالْبَحْث الْعِلْمِي: جَامِعَة الْشَّارِقَة-الْإِمَارَات الْعَرَبِيَّة الْـمُتَّحِدَة، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1429هـ-2008م
(4) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (1/209)
(5) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (5/3215)
(6) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (5/3664)
(7) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (8/5243)
( الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (10/6491)
(9) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (11/ 7307)
(10) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (12/ 7646-7647)
(11) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (3/1801)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((وبهذا المسلك الإلزاميِّ والاتِّباع القسريِّ فَتَن المهديُّ المتشيِّعُ المغاربةَ، وحَمَلهم على الالتزام بمذهب الأشعريَّة، «وقبل ذلك كانت علماءُ المغرب لا يدخلون في الكلام، بل يُتقِنون الفقهَ أو الحديث أو العربيَّة، ولا يخوضون في المعقولات، وعلى ذلك كان الأَصيليُّ، وأبو الوليد بنُ الفرضيِّ، وأبو عمر الطلمنكيُّ، #ومكِّيٌّ_القيسيُّ، وأبو عمرٍو الدَّاني، #وأبو_عمر_بنُ_عبد_البرِّ، والعلماء»(٤٠).
ولا ينبغي للمسلم أَنْ يغترَّ بأقاويل المُبطِلين ولا شنشنةِ الشَّانئين ـ في زماننا هذا ـ مِنْ أفراخ المهديِّ المتشيِّعِ مُدَّعي العصمة، الَّذين خالفوا أصولَ أهل السُّنَّة والجماعةِ وقواعدَهم، ونسبوا أَنْفُسَهم وعقائدهم إلى أبي الحسن الأشعريِّ؛ وهو منها ومنهم بريءٌ؛ تلك الأصول الباطلة الفاسدة، والعقائد العاطلة الكاسدة، المبنيَّة على علم الكلام المذموم))(1)؟!...
الْتَّعْلِيق:
أَوَّلًا: يَدَّعِي هَذَا الْوَهَّابِي بِأَنَّ كِبَارَ عُلَمَاء بِلَاد الْـغَرْب الْإِسْلَامِي كَانُوا يَدِيْنُونَ للهِ بِعَقِيدَةِ سَلَفِهِ أَيْ: سَلَف ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي فِي (#الْتَّجِسِيمِ!) وَ(#الْتَّشْبِيْهِ!)؟! حَتَّى جَاءَ ابْن تُومَرت فَقَضَى عَلَى هَذِهِ الْعَقِيْدَة الْسَّلَفِيَّة الْـمَزْعُومَة بِالْسَّيْفِ وَالْحَدِيْدِ، وَأَحَلَّ مَحَلَّهَا الْعَقِيدَة الْأَشْعَرِيَّة أَيْ: عَقِيْدَة الْتَّعْطِيْل عِنْدَ هَذَا الْـمُجَسِّم الْـمُتَهَوِّك؟! وَأَنْتَ تَرَى كَيْفَ أَدْرَجَ هَذَا الْثَّرْثَار بَعْض أَعْيَان عُلَمَاء الْـمَغْرِب الْإِسْلَامِي كَالْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر وَمَكِّي الْقَيْسي وَغَيْرهم، ضِمْنَ دِيْوَانِ سَلَفِهِ (الْـمُجَسِّمَةِ!)؟!...
وَيَلْزم عَنْ هَذِهِ الْدَّعْوَى الْعَارِيَةِ مِنَ أَيِّ دَلِيْلٍ أَنْ يَعْتَقِدَ صَاحِبهَا حَقًّا بِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ الْـمَغَارِبَة كَانُوا يُشَارِكُونَ ابْن تَيْمِيَّةِ الْحَرَّانِي فِي نَفْسِ الْأُصُول الْعَقَدِيَّةِ الَّتِي يُدَنْدِنُ حَوْلَهَا هَذَا الْأَخِيْر؟!...
وَعَلَيْهِ فَصِيْغَة دَعْوَى هَذَا الْوَهَّابِي تَكُون هَكَذَا: أَنَا فَرْكُوس أُؤَكِّدُ لَكُم أَيُّهَا الْقُرَّاء أَنَّ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر وَمَكِّي الْقَيْسي وَابْن أَبِي زَيْد الْقَيْرَوَانِي وَغَيْرهم مِنْ عُلَمَاء الْـمَغْرِب الْإِسْلَامِي كَانُوا عَنْ بَكْرَةِ أَبِيْهِم عَلَى نَفْسِ أُصُولِ الْعَقِيْدَةِ الْسَّلَفِيَّةِ الَّتِي قَالَ بِهَا ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي حَتَّى جَاءَ ابْن تُومَرْت وَاسْتَبْدَل هَذِهِ الْعَقِيْدَة الْسَّلَفِيَّة (الْتَّيْمِيَّة!) بِالْعَقِيْدَة الْأَشْعَرِيَّة فِي الْتَّعْطِيْل؟!...
وَالْسُّؤَال الْآن: هَذِهِ الْدَّعْوَى لَا بُدَّ وَأَنَّ حَضْرَة الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي قَدْ جَرَى فِيْهَا وِفْقَ الْـمَنْهَجِيَّة الْعِلْمِيَّة الَّتِي يَتَغَنَّى بِهَا هُوَ وَجَمَاعَته؟! وَهِيَ مِنْهُم وَمِنْهُ بَرَاء عِنْدَ الْتّحْقِيق؟!...
نَعَمْ؛ فَحَضْرَة الْدُّكْتُور فَكَّرَ وَقَدَّرَ وَنَبَّشَ وَنَقَّب وَحَقَّقَ وَدَقَّقَ حَتَّى عَايَنَ عَنْ كَثَبٍ وَبَعْدَ تَثَبُّتٍ وَتَمْحِيْصٍ الْأَدِلَّة وَالْبَرَاهِيْن الَّتِي تُخَوِّل لَهُ الْتَّغَنِي بِدَعْوَاه؟!...
ثَانِيًا: أَمَّا دَعْوَاهُ فِي حَقِّ الْحَافِظ ابْن عَبْد الْبَّر فَقَد تَبَيَّن لِكُلِّ ذِي عَيْنَيْنِ مَا فِيْهَا مِنْ كَذِبٍ صُرَاح(2)...
ثَالِثًا: وَلْنَنظُر الآن فِي مَدَى مِصْدَاقِيَّة دَعْوَاه فِي حَقِّ الْإِمَام الْـمَكِّي الْقَيْسِي لِيَتَبَيَّن لِلْبَاحِث عَنِ الْحَقَيْقَة: هَلْ يُؤْتَمَنُ حَقًّا هَذَا الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فِي تَقَوُّلَاتِهِ أَمْ هُوَ فِي أَحْسَنِ أَحْوَالِهِ مُجَرَّد قَمَّاش وَلَيْسَ بِفَتَّاش؟!:...
قَالَ الْإِمَام مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي الْقَيْرَوَانِي (ت:437هـ) فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾[الْبَقَرَة:254] مَا نَصُّهُ: ((﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ﴾[الْبَقَرَة:254]: أَيْ ذُو الاِرْتِفَاعِ عَنْ شَبَهٍ خَلَقَهُ بِقُدْرَتِهِ. ﴿الْعَظِيمُ﴾[الْبَقَرَة:254]: أَيْ لَا شَيْء أَعْظَم مِنْهُ جَلَالَةً وَهَيْبَةً وَسُلْطَانًا. وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعُلُوِّ فِي الْـمَسَافَةِ وَالِارْتِفَاعِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ #عُلُوُّ_قُدْرَةٍ_وَجَلَالَةٍ_وَهَيْبَةٍ_وَسُلْطَانٍ، لَا عُلُوَّ ارْتِفَاعٍ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْحَرَكَةُ وَلَا الاِنْتِقَالُ وَلَا الْتَّغَيُّرُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، فَافْهَمْهُ.
وَقِيْلَ: مَعْنَى ﴿الْعَلِيُّ﴾[الْبَقَرَة:254]: الْعَلِيُّ عَنِ الْنُّظَرَاءِ وَالْأَشْبَاهِ، #لَا_عُلُوَّ_مَكَانٍ))(3)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْرِ قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾[الْبَقَرَة:29] مَا نَصُّهُ: ((وَاخْتَارَ الْطَّبَرِيُّ وَغَيْره أَن يَكُونَ "اسْتَوَى" بِمَعْنَى: "عَلَا" عَلَى الْـمَفْهُومِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّد: وَلَيْسَ: "عَلَا" فِي هَذَا الْـمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى عَلَا مِنْ سُفْلٍ كَانَ فِيْهِ إِلَى عُلُوٍّ، #وَلَا_هُوَ عُلُوّ_انْتِقَالٍ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، #وَلَا_عُلُوٌّ_بِحَرَكَةٍ تَعَالَى اللهُ رَبّنَا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا صِفَات تُوجِبُ الْحُدُوثَ لِلْمَوْصُوفِ بِهَا، وَاللهُ جَلَّ ذِكْرهُ أَوَّلٌ بِلَا نِهَايَةٍ، لِكِنْ نَقُولُ: #إِنَّهُ_عُلُوَّ_قُدْرَةٍ_وَاقْتِدَارٍ وَلَـمْ يَزَلْ تَعَالَى قَادِراً لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالْصِّفَات الْعُلَا))(4)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾[يُونُس:3]: ((#مُدَبِّراً_لِلْأُمُورِ، قَاضِيًا فِي خَلْقِهِ مَا أَحَبَّ))(5)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾[الْرَّعْد:2]: ((أَيْ: عَلَا عَلَيْهِ عُلُوَّ قُدْرَةٍ، #لَا_عُلُوَّ_مَكَانٍ))(6)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾[الْفُرْقَان:59]: ((وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَهَّمَ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ: #جُلُوسًا_وَلَا_حَرَكَةً_وَلَا_نُقْلَةً، وَلِكَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ كَمَا شَاءَ، لَا يُمَثَّلُ ذَلِكَ، وَلَا يُحَدُّ، وَلَا يُظَنُّ لَهُ انْتِقَالٌ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ صِفَةُ الْـمُحْدَثَاتِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ذِكْرهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الْشُّورَى:11] فَلَا يَحلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُمَثِّلَ صِفَات رَبّه -الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ- بِصِفَاتِ الْـمَخْلُوقِينَ الَّذِينَ لَهُم أَمْثَالٌ وَأَشْبَاهٌ، فَكَمَا أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَشْبَهُهُ شَيْءٌ، كَذَلِكَ صِفَاته لَيْسَت كَصِفَاتِ الْـمَخْلُوقِينَ. فَالِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْكَيْفُ لَا نَعْلَمُهُ، فَعَلَيْنَا الْتَّسْلِيم لِذَلِكَ))(7)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾[الْدخَان:11]: ((أَيْ: ثُمَّ ارْتَفَعَ إِلَى الْسَّمَاءِ #ارْتِفَاعَ_قُدْرَةٍ_لَا_ارْتِفَاعَ_نُقْلَةٍ))(
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾[الْحَدِيد:4]: ((أَيْ: ارْتَفَعَ وَعَلَا #ارْتِفَاعَ_قُدْرَةٍ_وَتَعْظِيمٍ_وَجَلَالَةٍ، #لَا_ارْتِفَاعَ_نُقْلَةٍ))(9)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾[الْقَلَم:42]: ((فَمَعْنَى يَكْشِفُ لَهُم عَنْ سَاقٍ، أَيْ: عَنْ أَمْرٍ عَظِيمٍ وَقُدْرَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا الله. فَيَعْرِفُونَهُ تَعَالَى بِهَا أَظْهَر مِنْ قُدْرَتِه إِلَيْهم. #وَلَا_يَحِلُّ_لِأَحَدٍ_أَنْ_يَتَأَوَّلَ_فِي_هَذَا_وَمَا_شَابَهَهُ_جَارِحَة، إِذْ لَيْسَتْ صِفَات الله كَصِفَاتِ الْخَلْقِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فَاحْذَرْ أَنْ يَتَمَثَّلَ فِي قَلْبِكَ شَيْءٌ مِنْ تَشْبِيهِ الله بِخَلْقِهِ، فَغَيْر جَائِز فِي الْحِكْمَةِ وَالْقُدْرَةِ أَنْ يَكُونَ الْـمَخْلُوق يَشْبَهُ الْخَالِقَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْصِّفَاتِ، #وَمَنْ_شَبَّهَ_الْخَالِقَ_بِالْـمَخْلُوق فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَى الْخَالِق الْحَدَث، #وَكَفَرَ_وَأَبْطَلَ_الْتَّوْحِيدَ، إِذْ فِي ذَلِكَ نَفْي الْقِدَمِ عَنِ الْخَالِقِ، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُ الْظَّالِـمُونَ عُلُوًّا كبَيِرًا))(10)
وَقَالَ فِي تَفْسِيْر قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾[الْـمَائِدَة:64](وَالْيَدُ عِنْدَ أَهْلِ الْنَّظَرِ وَالْسُّنَّةِ فِي هَذَا الْـمَوْضِع وَمَا كَانَ مِثْله: صِفَة مِنْ صِفَاتِ الله، لَيْسَ بِجَارِحَةٍ، فَعَلَيْنَا أَنْ نَصِفهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الْشُّورَى:11]، #فَلَا_يَحِلُّ_لِأَحَدٍ_أَنْ_يَعْتَقِدَ_الْجَوَارِحَ_لله، إِذْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ ذِكْرِ هَذَا وَشبهه، وَذِكْر الْـمَجِيء وَالْإِتْيَان، صِفَات للهِ، #لَا_أَنَّهَا_فِيْهَا_انْتِقَالٌ_وَحَرَكَةٌ_وَجَارِحَةٌ، فَسُبْحَانَ مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ مِنْ جَمِيع الْأَشْيَاء، فَلَوْ أَنَّكَ أَثْبَتَّ لَهُ حَرَكَةً أَوْ انْتِقَالًا أَوْ جَارِحَةً لَكُنْتَ قَدْ جَعَلْتَهُ كَبَعْضِ الْأَشْيَاء الْـمَوْجُودَة، وَقَدْ قَالَ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الْشُّورَى:11]، فَاحْذَرْ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِي عَقْلِكَ أَنَّ الْبَارِئَ جَلَّ ذِكْرهُ يَشْبَهُ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي عُقِلَت وَفُهِمَت، #وَمَتَى_فَعَلْتَ_شَيْئًا_مِنْ_هَذَا_فَقَدْ_أَلْحَدْتَ، وَأَهْل الْسُّنَّة يَقُولُونَ: إِنَّ يَدَيْهِ غَيْر نِعْمَته))(11)...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
_______________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) رَاجِع الْرَّابِط:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2133912766843348
(3) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (1/850)، إِصْدَار: كُلِّيَّة الْدِّرَاسَاتِ الْعُلْيَا وَالْبَحْث الْعِلْمِي: جَامِعَة الْشَّارِقَة-الْإِمَارَات الْعَرَبِيَّة الْـمُتَّحِدَة، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1429هـ-2008م
(4) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (1/209)
(5) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (5/3215)
(6) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (5/3664)
(7) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (8/5243)
( الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (10/6491)
(9) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (11/ 7307)
(10) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (12/ 7646-7647)
(11) الْهِدَايَةُ إِلَى بُلُوغِ الْنِّهَايَة لِأَبِي مُحَمَّد مَكِّي بْن أَبِي طَالِب الْقَيْسِي (3/1801)
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (10)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((وبهذا المسلك الإلزاميِّ والاتِّباع القسريِّ فَتَن المهديُّ المتشيِّعُ المغاربةَ، وحَمَلهم على الالتزام بمذهب الأشعريَّة، «وقبل ذلك كانت علماءُ المغرب لا يدخلون في الكلام، بل يُتقِنون الفقهَ أو الحديث أو العربيَّة، ولا يخوضون في المعقولات، وعلى ذلك كان الأَصيليُّ، وأبو الوليد بنُ الفرضيِّ، وأبو عمر الطلمنكيُّ، ومكِّيٌّ القيسيُّ، #وأبو_عمرٍو_الدَّاني، وأبو عمر بنُ عبد البرِّ، والعلماء»(٤٠).
ولا ينبغي للمسلم أَنْ يغترَّ بأقاويل الـمُبطِلين ولا شنشنةِ الشَّانئين ـ في زماننا هذا ـ مِنْ أفراخ المهديِّ المتشيِّعِ مُدَّعي العصمة، الَّذين خالفوا أصولَ أهل السُّنَّة والجماعةِ وقواعدَهم، ونسبوا أَنْفُسَهم وعقائدهم إلى أبي الحسن الأشعريِّ؛ وهو منها ومنهم بريءٌ؛ تلك الأصول الباطلة الفاسدة، والعقائد العاطلة الكاسدة، المبنيَّة على علم الكلام المذموم))(1)؟!...
الْتَّعْلِيق:
أَمَّا جَعْجَعَة هَذَا الْـمُبْتَلَى حَوْلَ عَقِيْدَة الْحَافِظ عُثْمَان بْن سَعِيد الْدَّانِي الْقُرْطُبِي (ت:444) فَأُحِيل الْبَاحِث عَنِ الْحَقَائِق إِلَى مَنْشُور الْعَبْد الْفَانِي حَوْل عَقِيْدَة هَذَا الْإِمَام الْأَشْعَرِي لِيَعْلَم الْأَلِبَّاء أَيْضًا مَدى الْخَبْط وَالْخَلْط الْوَاقِع فِيْهِ هَذَا الْـمُتَشَبِّع بِـمَا لَمْ يُعْطَ: (("تشويش!" التَّيْميِّين على عقيدة الإمام الـمقرئ الـحافظ عثمان بن سعيد الدَّاني القرطبي (ت:444)؟!)):
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1856158544618773
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
_______________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((وبهذا المسلك الإلزاميِّ والاتِّباع القسريِّ فَتَن المهديُّ المتشيِّعُ المغاربةَ، وحَمَلهم على الالتزام بمذهب الأشعريَّة، «وقبل ذلك كانت علماءُ المغرب لا يدخلون في الكلام، بل يُتقِنون الفقهَ أو الحديث أو العربيَّة، ولا يخوضون في المعقولات، وعلى ذلك كان الأَصيليُّ، وأبو الوليد بنُ الفرضيِّ، وأبو عمر الطلمنكيُّ، ومكِّيٌّ القيسيُّ، #وأبو_عمرٍو_الدَّاني، وأبو عمر بنُ عبد البرِّ، والعلماء»(٤٠).
ولا ينبغي للمسلم أَنْ يغترَّ بأقاويل الـمُبطِلين ولا شنشنةِ الشَّانئين ـ في زماننا هذا ـ مِنْ أفراخ المهديِّ المتشيِّعِ مُدَّعي العصمة، الَّذين خالفوا أصولَ أهل السُّنَّة والجماعةِ وقواعدَهم، ونسبوا أَنْفُسَهم وعقائدهم إلى أبي الحسن الأشعريِّ؛ وهو منها ومنهم بريءٌ؛ تلك الأصول الباطلة الفاسدة، والعقائد العاطلة الكاسدة، المبنيَّة على علم الكلام المذموم))(1)؟!...
الْتَّعْلِيق:
أَمَّا جَعْجَعَة هَذَا الْـمُبْتَلَى حَوْلَ عَقِيْدَة الْحَافِظ عُثْمَان بْن سَعِيد الْدَّانِي الْقُرْطُبِي (ت:444) فَأُحِيل الْبَاحِث عَنِ الْحَقَائِق إِلَى مَنْشُور الْعَبْد الْفَانِي حَوْل عَقِيْدَة هَذَا الْإِمَام الْأَشْعَرِي لِيَعْلَم الْأَلِبَّاء أَيْضًا مَدى الْخَبْط وَالْخَلْط الْوَاقِع فِيْهِ هَذَا الْـمُتَشَبِّع بِـمَا لَمْ يُعْطَ: (("تشويش!" التَّيْميِّين على عقيدة الإمام الـمقرئ الـحافظ عثمان بن سعيد الدَّاني القرطبي (ت:444)؟!)):
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/1856158544618773
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
_______________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (11)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس: ((فأين أدعياءُ المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم لطريقة #أهل_الكلام والجدل والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!...وقال ابنُ عبد البرِّ ـ رحمه الله ـ: «وقد أجمعَ أهلُ العلم بالسُّنن والفقه ـ وهُم أهلُ السُّنَّة ـ على(٢٦) الكفِّ عن الجدال والمناظرة فيما سبيلُهم اعتقادُه بالأفئدة #ممَّا_ليس_تحته_عملٌ، وعلى الإيمان بمُتشابِه القرآن، والتَّسليمِ له ولِمَا جاء عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أحاديث الصِّفات كُلِّها وما كان في معناها، وإنَّما يبيحون المناظرةَ في الحلال والحرام وما كان في سائر الأحكام يجب العملُ بها»(٢٧)))(1)؟!...
الْتَّعْلِيق:
فَأَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الْعَاقِل أَنَّ هَذَا الْوَهَّابِي يَسْتَعْمِلُ فَهْمَهُ الْـمَنْكُوس لِكَلَامِ الْسَّلَف: "كَانُوا يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ فِيمَا لَيْسَ تَحْتَهُ عَمَلٌ" فِي مُحَاوَلَة مَكْشُوفَة الْعَوَار للْنَّيْلِ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ السُّنِّي!...
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (الْـمُتَنَاقِض!):
قَالَ الْإِمَام الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِي الْـمَالِكِي (ت:494هـ): ((قَوْلُ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ سُئِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف:172] الْآيَةَ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ #الصَّحَابَةَ كَانَتْ #تَتَكَلَّمُ_فِي_هَذِهِ_الْمَعَانِي_مِنْ_الِاعْتِقَادَاتِ، #وَتَبْحَثُ_عَنْ_حَقَائِقِهَا_وَتَعْتَنِي_بِذَلِكَ حَتَّى تُظْهِرَهُ وَتَسْأَلُ عَنْهُ الْأَئِمَّةَ وَالْخُلَفَاءَ لِتَقِفَ عَلَى الصَّوَابِ مِنْهُ، وَتَنْقُلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ مَا حَفِظَتْهُ عَنْهُ، وَأَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ: "#كَانُوا_يَكْرَهُونَ_الْكَلَامَ_فِيمَا_لَيْسَ_تَحْتَهُ_عَمَلٌ"، إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
(أ) إمَّا أَنْ يَتَوَجَّهَ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ إلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ يَخَافُ أَنْ تَزِلَّ قَدَمُهُ وَيَتَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِشُبْهَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْهَا.
قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: كَانَ يُقَالُ: لَا تُمَكِّنْ زَائِغَ الْقَلْبِ مِنْ أُذُنِك فَإِنَّك لَا تَدْرِي مَا يُقْلِقُك مِنْ ذَلِكَ، وَلَقَدْ سَمِعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ شَيْئًا مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْقَدَرِ فَعَلَقَ قَلْبَهُ، فَكَانَ يَأْتِي إخْوَانَهُ الَّذِينَ يَسْتَصْحِبُهُمْ فَإِذَا نَهَرَهُ قَالَ: فَكَيْفَ بِمَا عَلَقَ قَلْبِي؟ لَوْ عَلِمْت أَنَّ اللَّهَ رَضِيَ أَنْ أُلْقِيَ نَفْسِي مِنْ فَوْقِ هَذِهِ الْمَنَارَةِ فَعَلْت.
(بـ) وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَتَوَجَّهَ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ بِمَذَاهِبِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَمُخَالِفِي السُّنَّةِ))(2)
فَتَأَمَّل يَا عَبْد الله فَهْم أَئِمَّة الْإِسْلَام الْسَّلِيْم وَقَارِنهُ بِفَهْمِ الْوَهَّابِي الْسَّقِيْم؟!...
يُتْبَع بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
___________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) الْـمُنْتَقَى شَرْح مُوَطَّأ مَالِك لِلْقَاضِي أَبِي الْوَلِيد الْبَاجِي (202/7)، مَطْبَعَةُ الْسَّعَادَة: مصْر، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1332هـ
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس: ((فأين أدعياءُ المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم لطريقة #أهل_الكلام والجدل والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!...وقال ابنُ عبد البرِّ ـ رحمه الله ـ: «وقد أجمعَ أهلُ العلم بالسُّنن والفقه ـ وهُم أهلُ السُّنَّة ـ على(٢٦) الكفِّ عن الجدال والمناظرة فيما سبيلُهم اعتقادُه بالأفئدة #ممَّا_ليس_تحته_عملٌ، وعلى الإيمان بمُتشابِه القرآن، والتَّسليمِ له ولِمَا جاء عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أحاديث الصِّفات كُلِّها وما كان في معناها، وإنَّما يبيحون المناظرةَ في الحلال والحرام وما كان في سائر الأحكام يجب العملُ بها»(٢٧)))(1)؟!...
الْتَّعْلِيق:
فَأَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الْعَاقِل أَنَّ هَذَا الْوَهَّابِي يَسْتَعْمِلُ فَهْمَهُ الْـمَنْكُوس لِكَلَامِ الْسَّلَف: "كَانُوا يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ فِيمَا لَيْسَ تَحْتَهُ عَمَلٌ" فِي مُحَاوَلَة مَكْشُوفَة الْعَوَار للْنَّيْلِ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ السُّنِّي!...
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (الْـمُتَنَاقِض!):
قَالَ الْإِمَام الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِي الْـمَالِكِي (ت:494هـ): ((قَوْلُ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ سُئِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف:172] الْآيَةَ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ #الصَّحَابَةَ كَانَتْ #تَتَكَلَّمُ_فِي_هَذِهِ_الْمَعَانِي_مِنْ_الِاعْتِقَادَاتِ، #وَتَبْحَثُ_عَنْ_حَقَائِقِهَا_وَتَعْتَنِي_بِذَلِكَ حَتَّى تُظْهِرَهُ وَتَسْأَلُ عَنْهُ الْأَئِمَّةَ وَالْخُلَفَاءَ لِتَقِفَ عَلَى الصَّوَابِ مِنْهُ، وَتَنْقُلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ مَا حَفِظَتْهُ عَنْهُ، وَأَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ: "#كَانُوا_يَكْرَهُونَ_الْكَلَامَ_فِيمَا_لَيْسَ_تَحْتَهُ_عَمَلٌ"، إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
(أ) إمَّا أَنْ يَتَوَجَّهَ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ إلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ يَخَافُ أَنْ تَزِلَّ قَدَمُهُ وَيَتَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِشُبْهَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْهَا.
قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: كَانَ يُقَالُ: لَا تُمَكِّنْ زَائِغَ الْقَلْبِ مِنْ أُذُنِك فَإِنَّك لَا تَدْرِي مَا يُقْلِقُك مِنْ ذَلِكَ، وَلَقَدْ سَمِعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ شَيْئًا مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْقَدَرِ فَعَلَقَ قَلْبَهُ، فَكَانَ يَأْتِي إخْوَانَهُ الَّذِينَ يَسْتَصْحِبُهُمْ فَإِذَا نَهَرَهُ قَالَ: فَكَيْفَ بِمَا عَلَقَ قَلْبِي؟ لَوْ عَلِمْت أَنَّ اللَّهَ رَضِيَ أَنْ أُلْقِيَ نَفْسِي مِنْ فَوْقِ هَذِهِ الْمَنَارَةِ فَعَلْت.
(بـ) وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَتَوَجَّهَ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ بِمَذَاهِبِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَمُخَالِفِي السُّنَّةِ))(2)
فَتَأَمَّل يَا عَبْد الله فَهْم أَئِمَّة الْإِسْلَام الْسَّلِيْم وَقَارِنهُ بِفَهْمِ الْوَهَّابِي الْسَّقِيْم؟!...
يُتْبَع بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
___________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) الْـمُنْتَقَى شَرْح مُوَطَّأ مَالِك لِلْقَاضِي أَبِي الْوَلِيد الْبَاجِي (202/7)، مَطْبَعَةُ الْسَّعَادَة: مصْر، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1332هـ
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (12)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((فأين أدعياءُ المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم لطريقة #أهل_الكلام والجدل والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!))(1)؟!...
الْتَّعْلِيْق:
وَنَذْكر جَانِبًا مِنْ تَقْرِيْرَاتِ كِبَارِ مَشَايِخِ الْـمَالِكِيَّةِ فِي عَصْرِهِم عَلَى وَقَائِعِ كِبَارِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْحَدِيْثِ، لِيَتَبَيَّن الْعَاقِل مَدَى تَخَبُّط هَذَا الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي فَهْمِهِ الْـمَنْكُوس:
قَالَ الْإِمَام الْنُّظَّار أَبُو إِسْحَاق الْشَّاطِبِي الْـمَالِكِي (ت:790هـ) مُقِرًّا وَنَاقِلًا عَن كِتَابِ "الْعَوَاصِم مِنَ الْقَوَاصِم" لِلْإِمَام الْحَافِظ ابْن الْعَرَبِي الإِشْبِيلِي الْـمَالِكِي (ت:543هـ)، مَا نَصُّهُ: ((وَشَرْحُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيَّ الْحَافِظَ الْجُرْجَانِيَّ(2) قَالَ: كُنْتُ أُبَغِّضُ الْنَّاسَ فِيمَنْ يَقْرَأُ "عِلْمَ الْكَلَامِ"، فَدَخَلْتُ يَوْمًا إِلَى الْرَّيِّ، وَدَخَلْتُ جَامِعَهَا أَوَّلَ دُخُولِي، وَاسْتَقْبَلْتُ سَارِيَةً أَرْكَعُ عِنْدَهَا، وَإِذَا بِجِوَارِي رَجُلَانِ يَتَذَاكَرَانِ: "عِلْمَ الْكَلَامِ"، فَتَطَيَّرْتُ بِهِمَا، وَقُلْتُ: أَوَّلَ مَا دَخَلْتُ هَذَا الْبَلَدَ سَمِعْتُ فِيهِ مَا أَكْرَهُ، وَجَعَلْتُ أُخَفِّفُ الْصَّلَاةَ حَتَّى أَبْعُدَ عَنْهُمَا، فَعَلِقَ بِي مِنْ قَوْلِهِمَا: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْبَاطِنِيَّةَ أَسْخَفُ خَلْقِ اللَّهِ عُقُولًا، وَيَنْبَغِي لِلْنِّحْرِيرِ أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ لَهُمْ دَلِيلًا، وَلَكِنْ يُطَالِبُهُمْ بِـ "لِـمَ"؟، فَلَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا، وَسَلَّمْتُ مُسْرِعًا.
وَشَاءَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ كَشَفَ رَجُلٌ مِنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ الْقِنَاعَ فِي الْإِلْحَادِ، وَجَعَلَ يُكَاتِبُ "وَشْمَكِيرَ" الْأَمِيرَ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ [إِلَى الْإِلْحَادِ]، وَيَقُولُ لَهُ: إِنِّي لَا أَقْبَلُ دِينَ مُحَمَّدٍ إِلَّا بِالْمُعْجِزَةِ، فَإِنْ أَظْهَرْتُمُوهَا رَجَعْنَا إِلَيْكُمْ.
وَانْجَرَّتِ الْحَالُ إِلَى أَنِ اخْتَارُوا مِنْهُمْ رَجُلًا لَهُ دَهَاءٌ وَمُنَّةٌ، فَوَرَدَ عَلَى "وَشْمَكِيرَ" رَسُولًا، فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ أَمِيرٌ، وَمِنْ شَأْنِ الْأُمَرَاءِ وَالْمُلُوكِ أَنْ تَتَخَصَّصَ عَنِ الْعَوَامِّ وَلَا تُقَلِّدَ أَحَداً فِي عَقِيدَةٍ، وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ أَنْ يُفْصِحُوا عَنِ الْبَرَاهِينِ.
فَقَالَ "وَشْمَكِيرُ": اخْتَر رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِي، وَلَا أَنْتَدِبُ لِلْمُنَاظَرَةِ بِنَفْسِي، فَيُنَاظِرُكَ بَيْنَ يَدَيَّ. فَقَالَ لَهُ الْمُلْحِدُ: اخْتَرْتُ أَبَا بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيَّ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ #عِلْمِ_الْتَّوْحِيدِ(3)، وَإِنَّمَا كَانَ إِمَامًا فِي الْحَدِيثِ. وَلَكِنْ كَانَ "وَشْمَكِيرُ" -لِعَامِّيَّةٍ فِيهِ- يَعْتَقِدُ أَنَّهُ أَعْلَمُ أَهْلِ الْأَرْضِ بِأَنْوَاعِ الْعُلُومِ، فَقَالَ "وَشْمَكِيرُ": ذَلِكَ مُرَادِي، فَإِنَّهُ رَجُلٌ جَيِّدٌ.
فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِجُرْجَانَ لِيَرْحَلَ إِلَيْهِ إِلَى "غَزْنَةَ"، فَلَمْ يَبْقَ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَحَدٌ إِلَّا يَئِسَ مِنَ الْدِّينِ، وَقَالَ: سَيَبْهَتُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْكَافِرُ مَذْهَبًا الْإِسْمَاعِيلِيَّ الْحَافِظَ مَذْهَبًا!. وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَقُولُوا لِلْمَلِكِ: إِنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَتَّهِمَهُمْ، فَلَجَأُوا إِلَى اللَّهِ فِي نَصْرِ دِينِهِ.
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْحَافِظُ: فَلَمَّا جَاءَنِي الْبَرِيدُ، وَأَخَذْتُ فِي الْمَسِيرِ، وَتَدَانَتْ لِيَ الْدَّارُ، قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، وَكَيْفَ أُنَاظِرُ فِيمَا لَا أَدْرِي؟! هَلْ أَتَبَرَّأُ عِنْدَ الْمَلِكِ وَأُرْشِدُهُ إِلَى مَنْ يُحْسِنُ الْجَدَلَ، وَيَعْلَمُ بِحُجَجِ اللَّهِ عَلَى دِينِهِ؟! #نَدِمْتُ_عَلَى_مَا_سَلَفَ_مِنْ_عُمْرِي، #وَلَمْ_أَنْظُرْ_فِي_شَيْءٍ_مِنْ_عِلْمِ_الْكَلَامِ.
ثُمَّ أَذْكَرَنِي اللَّهُ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ مِنَ الْرَّجُلَيْنِ بِجَامِعِ الْرَّيِّ، فَقَوِيَتْ نَفْسِي، وَعَوَّلْتُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَ ذَلِكَ عُمْدَتِي، وَبَلَغْتُ الْبَلَدَ، فَتَلَقَّانِي الْمَلِكُ، ثُمَّ جَمِيعُ الْخَلْقِ، وَحَضَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْمَذْهَبِ مَعَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الْنَّسَبِ، وَقَالَ الْمَلِكُ لِلْبَاطِنِيِّ: أُذْكُرْ قَوْلَكَ يَسْمَعُهُ الْإِمَامُ. فَلَمَّا أَخَذَ فِي ذِكْرِهِ وَاسْتَوْفَاهُ، قَالَ لَهُ الْحَافِظُ [الْإِسْمَاعِيْلِيُّ]: لِـمَ؟ فَلَمَّا سَمِعَهَا الْمُلْحِدُ قَالَ: هَذَا إِمَامٌ قَدْ عَرَفَ مَقَالَتِي، فَبُهِتَ.
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: فَخَرَجْتُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، #وَأَمَرْتُ_بِقِرَاءَةِ_عِلْمِ_الْكَلَامِ، #وَعَلِمْتُ_أَنَّهُ_عُمْدَةٌ_مِنْ_عُمَدِ_الْإِسْلَامِ))(4)
فَتَأَمَّل يَا عَبْد الله نَدَم الْحَافِظ الْإِسْمَاعِيلِي عَلَى الاِنْتِقَاصِ مِنْ قَدْرِ "عِلْم الْكَلَام"، وَإِدْرَاكه الْقَوِي عِنْد الاِمْتِحَان لِـمَدَى أَهَمِّيَّة هَذَا الْعِلْمِ الْشَّرِيف لِلْدِّفَاعِ عَن أُصُولِ الْعَقِيْدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ ضِدَّ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ والْضَّلَالِ.
وَقَالَ الْإِمَام الْشَّاطِبِي أَيْضًا: ((وَكَذَلِكَ #أُصُولُ_الْدِّينِ، وَهُوَ "#عِلْمُ_الْكَلَامِ"، إِنَّمَا حَاصِلُهُ #تَقْرِيرٌ_لِأَدِلَّةِ_الْقُرْآنِ_وَالْسُّنَّةِ أَوْ #مَا_يَنْشَأُ_عَنْهَا_فِي_الْتَّوْحِيدِ_وَمَا_يَتَعَلَّقُ_بِهِ، كَمَا كَانَ الْفِقْهُ تَقْرِيرًا لِأَدِلَّتِهَا فِي الْفُرُوعِ الْعِبَادِيَّةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ تَصْنِيفَهَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ مُخْتَرَعٌ؟.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ لَهُ #أَصْلًا_فِي_الْشَّرْعِ، فَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى الْخُصُوصِ، #فَالْشَّرْعُ_بِجُمْلَتِهِ_يَدُلُّ_عَلَى_اعْتِبَارِهِ، وَهُوَ مُسْتَمَدٌّ مِنْ قَاعِدَةِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ))(5)
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
______________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) حَافِظ الْحَدِيْث الْـمَشْهُور (ت:381هـ)
(3) أَيْ: لَا خِبْرَة لَهُ بِعِلْـمِ الْكَلَام
(4) الاِعْتِصَام لِلإِمَام الْنَّظَّار الْشَّاطِبِي (1/153-155)، طَبْعَة مُحَمَّد رَشِيد رِضَا مُنْشِئ مَجَلَّة الْـمَنَار، الْـمَكْتَبَة الْتِّجَارِيَّة الْكُبْرَى بِـمِصْر
(5) الاِعْتِصَام لِلإِمَام النَّظَّار الشَّاطِبِي (1/38)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((فأين أدعياءُ المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم لطريقة #أهل_الكلام والجدل والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!))(1)؟!...
الْتَّعْلِيْق:
وَنَذْكر جَانِبًا مِنْ تَقْرِيْرَاتِ كِبَارِ مَشَايِخِ الْـمَالِكِيَّةِ فِي عَصْرِهِم عَلَى وَقَائِعِ كِبَارِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْحَدِيْثِ، لِيَتَبَيَّن الْعَاقِل مَدَى تَخَبُّط هَذَا الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي فَهْمِهِ الْـمَنْكُوس:
قَالَ الْإِمَام الْنُّظَّار أَبُو إِسْحَاق الْشَّاطِبِي الْـمَالِكِي (ت:790هـ) مُقِرًّا وَنَاقِلًا عَن كِتَابِ "الْعَوَاصِم مِنَ الْقَوَاصِم" لِلْإِمَام الْحَافِظ ابْن الْعَرَبِي الإِشْبِيلِي الْـمَالِكِي (ت:543هـ)، مَا نَصُّهُ: ((وَشَرْحُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيَّ الْحَافِظَ الْجُرْجَانِيَّ(2) قَالَ: كُنْتُ أُبَغِّضُ الْنَّاسَ فِيمَنْ يَقْرَأُ "عِلْمَ الْكَلَامِ"، فَدَخَلْتُ يَوْمًا إِلَى الْرَّيِّ، وَدَخَلْتُ جَامِعَهَا أَوَّلَ دُخُولِي، وَاسْتَقْبَلْتُ سَارِيَةً أَرْكَعُ عِنْدَهَا، وَإِذَا بِجِوَارِي رَجُلَانِ يَتَذَاكَرَانِ: "عِلْمَ الْكَلَامِ"، فَتَطَيَّرْتُ بِهِمَا، وَقُلْتُ: أَوَّلَ مَا دَخَلْتُ هَذَا الْبَلَدَ سَمِعْتُ فِيهِ مَا أَكْرَهُ، وَجَعَلْتُ أُخَفِّفُ الْصَّلَاةَ حَتَّى أَبْعُدَ عَنْهُمَا، فَعَلِقَ بِي مِنْ قَوْلِهِمَا: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْبَاطِنِيَّةَ أَسْخَفُ خَلْقِ اللَّهِ عُقُولًا، وَيَنْبَغِي لِلْنِّحْرِيرِ أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ لَهُمْ دَلِيلًا، وَلَكِنْ يُطَالِبُهُمْ بِـ "لِـمَ"؟، فَلَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا، وَسَلَّمْتُ مُسْرِعًا.
وَشَاءَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ كَشَفَ رَجُلٌ مِنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ الْقِنَاعَ فِي الْإِلْحَادِ، وَجَعَلَ يُكَاتِبُ "وَشْمَكِيرَ" الْأَمِيرَ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ [إِلَى الْإِلْحَادِ]، وَيَقُولُ لَهُ: إِنِّي لَا أَقْبَلُ دِينَ مُحَمَّدٍ إِلَّا بِالْمُعْجِزَةِ، فَإِنْ أَظْهَرْتُمُوهَا رَجَعْنَا إِلَيْكُمْ.
وَانْجَرَّتِ الْحَالُ إِلَى أَنِ اخْتَارُوا مِنْهُمْ رَجُلًا لَهُ دَهَاءٌ وَمُنَّةٌ، فَوَرَدَ عَلَى "وَشْمَكِيرَ" رَسُولًا، فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ أَمِيرٌ، وَمِنْ شَأْنِ الْأُمَرَاءِ وَالْمُلُوكِ أَنْ تَتَخَصَّصَ عَنِ الْعَوَامِّ وَلَا تُقَلِّدَ أَحَداً فِي عَقِيدَةٍ، وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ أَنْ يُفْصِحُوا عَنِ الْبَرَاهِينِ.
فَقَالَ "وَشْمَكِيرُ": اخْتَر رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِي، وَلَا أَنْتَدِبُ لِلْمُنَاظَرَةِ بِنَفْسِي، فَيُنَاظِرُكَ بَيْنَ يَدَيَّ. فَقَالَ لَهُ الْمُلْحِدُ: اخْتَرْتُ أَبَا بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيَّ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ #عِلْمِ_الْتَّوْحِيدِ(3)، وَإِنَّمَا كَانَ إِمَامًا فِي الْحَدِيثِ. وَلَكِنْ كَانَ "وَشْمَكِيرُ" -لِعَامِّيَّةٍ فِيهِ- يَعْتَقِدُ أَنَّهُ أَعْلَمُ أَهْلِ الْأَرْضِ بِأَنْوَاعِ الْعُلُومِ، فَقَالَ "وَشْمَكِيرُ": ذَلِكَ مُرَادِي، فَإِنَّهُ رَجُلٌ جَيِّدٌ.
فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِجُرْجَانَ لِيَرْحَلَ إِلَيْهِ إِلَى "غَزْنَةَ"، فَلَمْ يَبْقَ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَحَدٌ إِلَّا يَئِسَ مِنَ الْدِّينِ، وَقَالَ: سَيَبْهَتُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْكَافِرُ مَذْهَبًا الْإِسْمَاعِيلِيَّ الْحَافِظَ مَذْهَبًا!. وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَقُولُوا لِلْمَلِكِ: إِنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَتَّهِمَهُمْ، فَلَجَأُوا إِلَى اللَّهِ فِي نَصْرِ دِينِهِ.
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْحَافِظُ: فَلَمَّا جَاءَنِي الْبَرِيدُ، وَأَخَذْتُ فِي الْمَسِيرِ، وَتَدَانَتْ لِيَ الْدَّارُ، قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، وَكَيْفَ أُنَاظِرُ فِيمَا لَا أَدْرِي؟! هَلْ أَتَبَرَّأُ عِنْدَ الْمَلِكِ وَأُرْشِدُهُ إِلَى مَنْ يُحْسِنُ الْجَدَلَ، وَيَعْلَمُ بِحُجَجِ اللَّهِ عَلَى دِينِهِ؟! #نَدِمْتُ_عَلَى_مَا_سَلَفَ_مِنْ_عُمْرِي، #وَلَمْ_أَنْظُرْ_فِي_شَيْءٍ_مِنْ_عِلْمِ_الْكَلَامِ.
ثُمَّ أَذْكَرَنِي اللَّهُ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ مِنَ الْرَّجُلَيْنِ بِجَامِعِ الْرَّيِّ، فَقَوِيَتْ نَفْسِي، وَعَوَّلْتُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَ ذَلِكَ عُمْدَتِي، وَبَلَغْتُ الْبَلَدَ، فَتَلَقَّانِي الْمَلِكُ، ثُمَّ جَمِيعُ الْخَلْقِ، وَحَضَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْمَذْهَبِ مَعَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الْنَّسَبِ، وَقَالَ الْمَلِكُ لِلْبَاطِنِيِّ: أُذْكُرْ قَوْلَكَ يَسْمَعُهُ الْإِمَامُ. فَلَمَّا أَخَذَ فِي ذِكْرِهِ وَاسْتَوْفَاهُ، قَالَ لَهُ الْحَافِظُ [الْإِسْمَاعِيْلِيُّ]: لِـمَ؟ فَلَمَّا سَمِعَهَا الْمُلْحِدُ قَالَ: هَذَا إِمَامٌ قَدْ عَرَفَ مَقَالَتِي، فَبُهِتَ.
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: فَخَرَجْتُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، #وَأَمَرْتُ_بِقِرَاءَةِ_عِلْمِ_الْكَلَامِ، #وَعَلِمْتُ_أَنَّهُ_عُمْدَةٌ_مِنْ_عُمَدِ_الْإِسْلَامِ))(4)
فَتَأَمَّل يَا عَبْد الله نَدَم الْحَافِظ الْإِسْمَاعِيلِي عَلَى الاِنْتِقَاصِ مِنْ قَدْرِ "عِلْم الْكَلَام"، وَإِدْرَاكه الْقَوِي عِنْد الاِمْتِحَان لِـمَدَى أَهَمِّيَّة هَذَا الْعِلْمِ الْشَّرِيف لِلْدِّفَاعِ عَن أُصُولِ الْعَقِيْدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ ضِدَّ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ والْضَّلَالِ.
وَقَالَ الْإِمَام الْشَّاطِبِي أَيْضًا: ((وَكَذَلِكَ #أُصُولُ_الْدِّينِ، وَهُوَ "#عِلْمُ_الْكَلَامِ"، إِنَّمَا حَاصِلُهُ #تَقْرِيرٌ_لِأَدِلَّةِ_الْقُرْآنِ_وَالْسُّنَّةِ أَوْ #مَا_يَنْشَأُ_عَنْهَا_فِي_الْتَّوْحِيدِ_وَمَا_يَتَعَلَّقُ_بِهِ، كَمَا كَانَ الْفِقْهُ تَقْرِيرًا لِأَدِلَّتِهَا فِي الْفُرُوعِ الْعِبَادِيَّةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ تَصْنِيفَهَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ مُخْتَرَعٌ؟.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ لَهُ #أَصْلًا_فِي_الْشَّرْعِ، فَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى الْخُصُوصِ، #فَالْشَّرْعُ_بِجُمْلَتِهِ_يَدُلُّ_عَلَى_اعْتِبَارِهِ، وَهُوَ مُسْتَمَدٌّ مِنْ قَاعِدَةِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ))(5)
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
______________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) حَافِظ الْحَدِيْث الْـمَشْهُور (ت:381هـ)
(3) أَيْ: لَا خِبْرَة لَهُ بِعِلْـمِ الْكَلَام
(4) الاِعْتِصَام لِلإِمَام الْنَّظَّار الْشَّاطِبِي (1/153-155)، طَبْعَة مُحَمَّد رَشِيد رِضَا مُنْشِئ مَجَلَّة الْـمَنَار، الْـمَكْتَبَة الْتِّجَارِيَّة الْكُبْرَى بِـمِصْر
(5) الاِعْتِصَام لِلإِمَام النَّظَّار الشَّاطِبِي (1/38)
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
افتراءات وجهالات الدكتور الوهابي فركوس (13)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((فأين #أدعياءُ_المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!))(1)؟!...
الْتَّعْلِيْق:
يَزْعُم هَذَا الْوَهَّابِي بِأَنَّ "عِلْم الْكَلَام" بِدْعَة ضَلَالَة مَعَ أَنَّهُ هُوَ نَفْسه لَا يَتَوَانَى فِي تَرْدِيْدِ الْهَرْطَقَاتِ وَالْتُّرَهَاتِ الْكَلَامِيَّة لِمَشَايِخِهِ الْـتَّيْمِيَّةِ الْـمُجَسِّمَةِ، فَحَقَّ فِيْهِ قَوْل الْـمُتَعَالِـم الْـمُتَنَاقِض: "حَلَالٌ عَلَيَّ حَرَامٌ عَلَيْكُم"؟!.
وَلْتَنْظُر مَثَلًا يَا عَبْد الله إِلَى قَوْل هَذَا الْوَهَّابِي (الْـمُتَنَاقِض!): ((والأدلَّةُ كثيرةٌ ومتضافرةٌ تشهد لصحَّة معتقد أهل السنَّة والجماعة في تقريرهم أنَّ كلام الله صفةُ ذاتٍ وفعلٍ، #قديمُ_النوع_حادثُ_الآحاد))(1)
فَأَيْنَ وَجَدَ هَذَا الْـمُتَهَوِّك أَوْ مَشَايِخه الْتَّيْمِيَّة الْـمُجَسَّمَة فِي كِتَابِ اللهِ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّـمَ بِأَنَّ "كَلَام الله قَدِيْم الْنَّوْع حَادِث الْآحَاد" وَغَيْرهَا مِنْ عَقَائِد الْضَّلَال الْـمُبِين الَّتِي يُرَدِّدُونَهَا كَالآلَاتِ؟!، هَلَّا سَكَتُوا عَـمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْـمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّـمَ كَمَا يُدَنْدِنُون هَهُنَا أَمْ تُرَاهُم خَاضُوا فِي بِدْعَة "عِلْم الْكَلَام" الَّتِي يُحَرِّمُونَهَا عَلَى غَيْرِهِم؟!
فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا مِنْ بَابِ الْتَّوْضِيْحِ وَالْبَيَانِ؟ قِيْلَ لَكَ: وَمَنْ أَخَبَرَكَ بِأَنَّ الْتَّوْضِيْحَ وَالْبَيَانَ حَلَالٌ عَلَى الْـتَّيْمِيَّةِ الْـمُجَسِّمَةِ فَقَط؟!
قَالَ الْإِمَام أَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِي (ت:324هـ) فِي الْدِّفَاعِ عَنْ "عِلْم الْكَلَام" الْسُّنِّي وَالْرَّدِّ عَلَى دُعَاةِ بِدْعِيَّة هَذَا الْعِلْـمِ الْنَّبِيل: ((إِنَّ هَذِهِ الْـمَسَائِل الَّتِي سَأَلُوا عَنْهَا قَدْ عَلِمَهَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم وَلَـم يَجْهلْ مِنْهَا شيْئًا مُفَصَّلًا غَيْرَ أَنَّهَا لَـمْ تَحْدُثْ فِي أَيَامِهِ مُعَيَّنَةً فَيَتَكَلَّم فِيْهَا أَوْ لَا يَتَكَلَّم فِيْهَا وَإِنْ كَانَتْ أُصُولهَا مَوْجُودَةً فِي الْقُرْآنِ وَالْسُّنَّةِ. وَمَا حَدَثَ مِنْ شَيْءٍ فِيْمَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْدِّيْنِ مِنْ جِهَةِ الْشَّرِيعَةِ فَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيْهِ وَبَحَثُوا عَنْهُ وَنَاظَرُوا فِيْهِ وَجَادَلُوا وَحَاجُّوا، كَمَسَائِل الْعَوْل وَالْجدَّات مِنْ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَكَالْحَرَامِ وَالْبَائِنِ وَالْبَتَّة وَ"حَبْلَـكِ عَلَى غَاربِك"، وَكَالْمَسَائِلِ فِي الْحُدُودِ وَالْطَّلَاقِ مِمَّا يَكْثُر ذِكْرهَا مِمَّا قَدْ حَدَثَت فِي أَيَّامِهِم وَلَمْ يَجِئ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نَصٌّ عَنِ الْنَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَوْ نَصَّ عَلَى جَمِيْعِ ذَلِكَ مَا اخْتَلَفُوا فِيْهَا، وَمَا بَقِي الْخِلَاف إِلَى الآن.
وَهَذِهِ الْـمَسَائِل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نَصٌّ عَنْ رَسُولِ الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُم رَدُّوهَا وَقَاسُوهَا عَلَى مَا فِيْهِ نَصٌّ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَالْسُّنَّةِ وَاجْتِهَادِهِم، فَهَذِهِ أَحْكَامُ حَوَادِثِ الْفُرُوعِ رَدُّوهَا إِلَى أَحْكَامِ الْشَّرِيعَةِ الَّتِي هِيَ فُرُوعٌ لَا تـُدْرَكُ أَحْكَامُهَا إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْسَّمْعِ وَالْرُّسُلِ. فَأَمَّا حَوَادِث تُحْدَثُ فِي الْأُصُولِ فِي تَعْيِينِ مَسَائِلَ فَيَنْبَغِي لِكُلِّ عَاقِلٍ مُسْلِمٍ أَنْ يَرُدَّ حُكْمَهَا إِلَى جُمْلَةِ الْأُصُولِ الْـمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بِالْعَقْلِ وَالْحِسِّ وَالْبَدِيْهَةِ وَغَيْر ذَلِكَ، لِأَنَّ حُكُم مَسَائِل الْشَّرْعِ الَّتِي طَرِيقهَا الْسَّمْعُ أَنْ تَكُونَ مَرْدُودَةً إِلَى أُصُولِ الْشَّرْعِ الَّذِي طَرِيْقهُ الْسَّمْعُ. وَحُكْمُ مَسَائِل الْعَقْلِيَّاتِ وَالْمَحْسُوسَاتِ أَنْ يُرَدَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَى بَابِهِ وَلَا تُخْلَط الْعَقْلِيَّاتِ بِالْسَّمْعِيَّاتِ وَلَا الْسَّمْعِيَّاتِ بِالْعَقْلِيَّاتِ. فَلَوْ حَدَثَ فِي أَيَّامِ الْنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْكَلَامُ فِي: خَلْقِ الْقُرْآنِ وَفِي الْجُزْءِ وَالْطَّفْرَةِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِتَكَلَّمَ فِيْهِ وَبَيَّنَهُ كَمَا بَيَّنَ سَائِرَ مَا حَدَثَ فِي أَيَّامِهِ مِنْ تَعْيِينِ الْـمَسَائِل، وتَكَلَّمَ فِيْهَا.
ثُمَّ يُقَالُ: الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ حَدِيْثٌ فِي أَنَّ الْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ أَوْ هُوَ مَخْلُوق. فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّهُ غَيْر مَخْلُوق؟ فَإِنْ قَالُوا: قَدْ قَالَهُ بَعْض الْصَّحَابَةِ وَبَعْض الْتَّابِعِينَ، قِيْلَ لَهُم: يَلْزَمُ الْصَّحَابِي وَالْتَّابِعِي مِثْلُ مَا يَلْزَمُكُم مِنْ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدِعًا ضَالًّا إِذْ قَالَ مَا لَـمْ يَقُلْهُ الْرَّسُول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟!.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَنَا أَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ فَلَا أَقُولُ: مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْر مَخْلُوق؟ قِيْل لَهُ: فَأَنْتَ فِي تَوَقُّفِكَ فِي ذَلِكَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ لِأَنَّ الْنَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَـمْ يَقُل: "إِنْ حَدَثَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ بَعْدِي تَوَقَّفُوا فِيْهَا وَلَا تَقُولُوا فِيْهَا شَيْئـًا" وَلَا قَالَ: "ضَلِّلُوا وَكَفِّرُوا مَنْ قَالَ بِخَلْقِهِ أَوْ مَنْ قَالَ بِنَفْيِ خَلْقِهِ"؟!.
وَخَبِّرُونَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ عِلْمَ اللهِ مَخْلُوقٌ أَكُنْتُم تَتَوَقَّفُونَ فِيْهِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا قِيْلَ لَهُم: لَـمْ يَقُلْ الْنَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ شَيْئـًا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هَذَا رَبُّكُم: شَبْعَانُ أَوْ رَيَّانُ أَوْ مُكْتَسٍ أَوْ عَرْيَان أَوْ مَقْرُور أَوْ صَفْرَاوِي أَوْ مَرْطُوب أَوْ جِسْمٌ أوْ عَرَضٌ أَوْ يَشُمُّ الْرِّيْح أَوْ لَا يَشُمُّهَا أَوْ هَلْ لَهُ أَنْفٌ وَقَلْبٌ وَكَبِدٌ وَطِحَالٌ وَهَلْ يَحُجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَهَلْ يَرْكَبُ الْخَيْل أَوْ لَا يَرْكَبُهَا وَهَلْ يَغْتَمُّ أَمْ لَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْـمَسَائِلِ؟!، لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَسْكُتَ عَنْهُ لِأَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَكَلَّم فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَصْحَابُهُ أَوْ كُنْتَ لَا تَسْكُتُ فَكُنْتَ تُبَيِّنُ بِكَلَامِكَ أَنَّ شَيْئـًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَدَّسَ كَذَا وَكَذَا بِحُجَّةِ كَذَا وَكَذَا؟.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَسْكُتُ عَنْهُ وَلَا أُجِيبُهُ بِشَيْءٍ أَوْ أَهْجُرُهُ أَوْ أَقُومُ عَنْهُ أَوْ لَا أُسَلِّمُ عَلَيْهِ أَوْ لَا أَعُودُهُ إِذَا مَرِضَ أَوْ لَا أَشْهَدُ جِنَازَتَهُ إِذَا مَاتَ؟ قِيْلَ لَهُ: فَيَلْزَمُكَ أَنْ تَكُونَ فِي جَمِيْعِ هَذِهِ الْصِّيَغِ الَّتِي ذَكَرْتَهَا مُبْتَدِعًا ضَالًّا لِأَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُل: "مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَاسْكُتُوا عَنْهُ" وَلَا قَالَ: "لَا تُسَلِّمُوا عَلَيْهِ" وَلَا "قُومُوا عَنْهُ" وَلَا قَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. فَأَنْتُم: مُبْتَدِعَةٌ إِذَا فَعَلْتُم ذَلِكَ!.
وَيُقَالُ لَهُم: وَلِـمَ لَـمْ تَسْكُتُوا عَمَّنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْءَان؟! وَلِمَ كَفَّرْتُمُوهُ وَلَمْ يَرِدْ عَنِ الْنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ فِي نَفْيِ خَلْقه وَتَكْفِيرِ مَنْ قَالَ بِخَلْقِهِ؟!.
فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّ أَحْمَد بْن حَنْبَل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ بِنَفْيِ خَلْقه وَتَكْفِيْرِ مَنْ قَالَ بِخَلْقِهِ؟ قِيْل لَهُم: وَلِـمَ لَـمْ يَسْكُتْ أَحْمَدُ عَنْ ذَلِكَ بَلْ تَكَلَّمَ فِيْهِ؟
فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّ الْعَبَّاس الْعنْبَرِي وَوَكِيْعًا وَعَبْدَ الْرَّحْمَن بْنَ مَهْدِي وَفُلَانًا وَفُلَانًا قَالُوا: إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوق وَمَنْ قَالَ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ، قِيْلَ لَهُم: وَلِـمَ لَـمْ يَسْكُتْ أُوْلَئِكَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّ عَمْرُو بْنَ دِيْنَار وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَة وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّد رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَفُلَانًا وَفُلَانًا قَالُوا: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوق؟ قِيْلَ لَهُم: وَلِـمَ لَـمْ يَسْكُتْ أُوْلَئِكَ عَنْ هَذِهِ الْـمَقَالَةِ وَلَـمْ يَقُلْهَا رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟
فَإِنْ أَحَالُوا ذَلِكَ عَلَى الْصَّحَابَةِ أَوْ جَمَاعَةٍ مِنْهُم كَانَ ذَلِكَ مُكَابَرَةً، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُم: فَلِمَ لَـمْ يَسْكُتُوا عَنْ ذَلِكَ وَلَـمْ يَتَكَلَّم فِيْهِ الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَلَا قَالَ: "كَفِّرُوا قَائِلَهُ"؟، وَإِنْ قَالُوا: لَا بُدَّ لِلْعُلَمَاءِ مِنْ الْكَلَامِ فِي الْحَادِثَةِ لِيَعْلَمَ الْجَاهِلُ حُكْمَهَا؟ قِيْلَ لَهُم: هَذَا الَّذِي أَرَدْنَاهُ مِنْكُم. فلِمَ مَنَعْتُم الْكَلَامَ؟ فَأَنْتُم إِنْ شِئْتُم تَكَلَّمْتُم حَتَّى إِذَا انْقَطَعْتُم قُلْتُم: نُهِيْنَا عَنِ الْكَلَامِ!، وَإِنْ شِئْتُم قَلَّدْتُم مَنْ كَانَ قَبْلَكُم بِلَا حُجَةٍ وَلَا بَيَانٍ وَهَذِهِ شَهْوَةٌ وَتَحَكُّمٌ!.
ثُمَّ يُقَالُ لَهُم: فَالْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَـمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْنُّذُورِ وَالْوَصَايَا وَلَا فِي الْعِتْقِ وَلَا فِي حِسَابِ الْـمُنَاسَخَاتِ وَلَا صَنَّفَ فِيْهَا كِتَابًا كَمَا صَنَعَهُ مَالِكٌ وَالْثَّوْرِيُّ وَالْشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَة، فَيَلْزَمُكُم أَنْ يَكُونُوا مُبْتَدِعَةً ضُلَالًّا إِذْ فَعَلُوا مَا لَـمْ يَفْعَلْهُ الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا مَا لَـمْ يَقُلْهُ نَصًّا بِعَيْنِهِ، وَصَنَّفُوا مَا لَـمْ يُصَنِّفْهُ الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا بِتَكْفِيْرِ الْقَائِلِيْنَ بِخَلْقِ الْقُرْءَان وَلَـمْ يَقُلْهُ الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟!. وَفِيْمَا ذَكَرْنَا كِفَايَة لِكُلِّ عَاقِل غَيْرِ مُعَانِدٍ))(3) وَهَذَا كَلَامٌ مَتِينٌ جِدًّا وَإِلْزَامٌ قَاطِعٌ لَا قِبَلَ لِلتَّيْمِيَّةِ الْمُجَسِّمةِ بِرَدِّهِ.
يُتْبَعُ بِإِذْن اللهِ تَعَالَى...
_________________
(1)الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) إِمْتاعُ الْجَلِيسِ شَرْح عَقَائِدِ الْإِيْمَان لاِبْن بَادِيس لِلْدُّكْتُور فَرْكُوس (ص:105)، دَارُ الْعَوَاصِمِ لِلْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: الْجَزَائِر، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَةِ: 1435هـ-2014م
(3) رِسَالَة فِي اسْتِحْسَانِ الْخَوْضِ فِي عِلْـمِ الْكَلَامِ لِلْإِمَام أَبِي الْحَسَن عَلِي بْن اسْمَاعِيْل الْأَشْعَرِي (ص:94-97)، عَلَّقَ عَلَيْهَا رِتْشَرد يُوسُف مَكَارثِي الْيَسُوعِي، مَطْبَعَة مَجْلِس دَائِرَة الْـمَعَارِف الْنِّظَامِيَّة: حَيْدَر آبَاد-الْهِنْد، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَة: 1344ه
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((فأين #أدعياءُ_المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!))(1)؟!...
الْتَّعْلِيْق:
يَزْعُم هَذَا الْوَهَّابِي بِأَنَّ "عِلْم الْكَلَام" بِدْعَة ضَلَالَة مَعَ أَنَّهُ هُوَ نَفْسه لَا يَتَوَانَى فِي تَرْدِيْدِ الْهَرْطَقَاتِ وَالْتُّرَهَاتِ الْكَلَامِيَّة لِمَشَايِخِهِ الْـتَّيْمِيَّةِ الْـمُجَسِّمَةِ، فَحَقَّ فِيْهِ قَوْل الْـمُتَعَالِـم الْـمُتَنَاقِض: "حَلَالٌ عَلَيَّ حَرَامٌ عَلَيْكُم"؟!.
وَلْتَنْظُر مَثَلًا يَا عَبْد الله إِلَى قَوْل هَذَا الْوَهَّابِي (الْـمُتَنَاقِض!): ((والأدلَّةُ كثيرةٌ ومتضافرةٌ تشهد لصحَّة معتقد أهل السنَّة والجماعة في تقريرهم أنَّ كلام الله صفةُ ذاتٍ وفعلٍ، #قديمُ_النوع_حادثُ_الآحاد))(1)
فَأَيْنَ وَجَدَ هَذَا الْـمُتَهَوِّك أَوْ مَشَايِخه الْتَّيْمِيَّة الْـمُجَسَّمَة فِي كِتَابِ اللهِ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّـمَ بِأَنَّ "كَلَام الله قَدِيْم الْنَّوْع حَادِث الْآحَاد" وَغَيْرهَا مِنْ عَقَائِد الْضَّلَال الْـمُبِين الَّتِي يُرَدِّدُونَهَا كَالآلَاتِ؟!، هَلَّا سَكَتُوا عَـمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْـمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّـمَ كَمَا يُدَنْدِنُون هَهُنَا أَمْ تُرَاهُم خَاضُوا فِي بِدْعَة "عِلْم الْكَلَام" الَّتِي يُحَرِّمُونَهَا عَلَى غَيْرِهِم؟!
فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا مِنْ بَابِ الْتَّوْضِيْحِ وَالْبَيَانِ؟ قِيْلَ لَكَ: وَمَنْ أَخَبَرَكَ بِأَنَّ الْتَّوْضِيْحَ وَالْبَيَانَ حَلَالٌ عَلَى الْـتَّيْمِيَّةِ الْـمُجَسِّمَةِ فَقَط؟!
قَالَ الْإِمَام أَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِي (ت:324هـ) فِي الْدِّفَاعِ عَنْ "عِلْم الْكَلَام" الْسُّنِّي وَالْرَّدِّ عَلَى دُعَاةِ بِدْعِيَّة هَذَا الْعِلْـمِ الْنَّبِيل: ((إِنَّ هَذِهِ الْـمَسَائِل الَّتِي سَأَلُوا عَنْهَا قَدْ عَلِمَهَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم وَلَـم يَجْهلْ مِنْهَا شيْئًا مُفَصَّلًا غَيْرَ أَنَّهَا لَـمْ تَحْدُثْ فِي أَيَامِهِ مُعَيَّنَةً فَيَتَكَلَّم فِيْهَا أَوْ لَا يَتَكَلَّم فِيْهَا وَإِنْ كَانَتْ أُصُولهَا مَوْجُودَةً فِي الْقُرْآنِ وَالْسُّنَّةِ. وَمَا حَدَثَ مِنْ شَيْءٍ فِيْمَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْدِّيْنِ مِنْ جِهَةِ الْشَّرِيعَةِ فَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيْهِ وَبَحَثُوا عَنْهُ وَنَاظَرُوا فِيْهِ وَجَادَلُوا وَحَاجُّوا، كَمَسَائِل الْعَوْل وَالْجدَّات مِنْ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَكَالْحَرَامِ وَالْبَائِنِ وَالْبَتَّة وَ"حَبْلَـكِ عَلَى غَاربِك"، وَكَالْمَسَائِلِ فِي الْحُدُودِ وَالْطَّلَاقِ مِمَّا يَكْثُر ذِكْرهَا مِمَّا قَدْ حَدَثَت فِي أَيَّامِهِم وَلَمْ يَجِئ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نَصٌّ عَنِ الْنَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَوْ نَصَّ عَلَى جَمِيْعِ ذَلِكَ مَا اخْتَلَفُوا فِيْهَا، وَمَا بَقِي الْخِلَاف إِلَى الآن.
وَهَذِهِ الْـمَسَائِل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نَصٌّ عَنْ رَسُولِ الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُم رَدُّوهَا وَقَاسُوهَا عَلَى مَا فِيْهِ نَصٌّ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَالْسُّنَّةِ وَاجْتِهَادِهِم، فَهَذِهِ أَحْكَامُ حَوَادِثِ الْفُرُوعِ رَدُّوهَا إِلَى أَحْكَامِ الْشَّرِيعَةِ الَّتِي هِيَ فُرُوعٌ لَا تـُدْرَكُ أَحْكَامُهَا إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْسَّمْعِ وَالْرُّسُلِ. فَأَمَّا حَوَادِث تُحْدَثُ فِي الْأُصُولِ فِي تَعْيِينِ مَسَائِلَ فَيَنْبَغِي لِكُلِّ عَاقِلٍ مُسْلِمٍ أَنْ يَرُدَّ حُكْمَهَا إِلَى جُمْلَةِ الْأُصُولِ الْـمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بِالْعَقْلِ وَالْحِسِّ وَالْبَدِيْهَةِ وَغَيْر ذَلِكَ، لِأَنَّ حُكُم مَسَائِل الْشَّرْعِ الَّتِي طَرِيقهَا الْسَّمْعُ أَنْ تَكُونَ مَرْدُودَةً إِلَى أُصُولِ الْشَّرْعِ الَّذِي طَرِيْقهُ الْسَّمْعُ. وَحُكْمُ مَسَائِل الْعَقْلِيَّاتِ وَالْمَحْسُوسَاتِ أَنْ يُرَدَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَى بَابِهِ وَلَا تُخْلَط الْعَقْلِيَّاتِ بِالْسَّمْعِيَّاتِ وَلَا الْسَّمْعِيَّاتِ بِالْعَقْلِيَّاتِ. فَلَوْ حَدَثَ فِي أَيَّامِ الْنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْكَلَامُ فِي: خَلْقِ الْقُرْآنِ وَفِي الْجُزْءِ وَالْطَّفْرَةِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِتَكَلَّمَ فِيْهِ وَبَيَّنَهُ كَمَا بَيَّنَ سَائِرَ مَا حَدَثَ فِي أَيَّامِهِ مِنْ تَعْيِينِ الْـمَسَائِل، وتَكَلَّمَ فِيْهَا.
ثُمَّ يُقَالُ: الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ حَدِيْثٌ فِي أَنَّ الْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ أَوْ هُوَ مَخْلُوق. فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّهُ غَيْر مَخْلُوق؟ فَإِنْ قَالُوا: قَدْ قَالَهُ بَعْض الْصَّحَابَةِ وَبَعْض الْتَّابِعِينَ، قِيْلَ لَهُم: يَلْزَمُ الْصَّحَابِي وَالْتَّابِعِي مِثْلُ مَا يَلْزَمُكُم مِنْ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدِعًا ضَالًّا إِذْ قَالَ مَا لَـمْ يَقُلْهُ الْرَّسُول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟!.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَنَا أَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ فَلَا أَقُولُ: مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْر مَخْلُوق؟ قِيْل لَهُ: فَأَنْتَ فِي تَوَقُّفِكَ فِي ذَلِكَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ لِأَنَّ الْنَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَـمْ يَقُل: "إِنْ حَدَثَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ بَعْدِي تَوَقَّفُوا فِيْهَا وَلَا تَقُولُوا فِيْهَا شَيْئـًا" وَلَا قَالَ: "ضَلِّلُوا وَكَفِّرُوا مَنْ قَالَ بِخَلْقِهِ أَوْ مَنْ قَالَ بِنَفْيِ خَلْقِهِ"؟!.
وَخَبِّرُونَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ عِلْمَ اللهِ مَخْلُوقٌ أَكُنْتُم تَتَوَقَّفُونَ فِيْهِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا قِيْلَ لَهُم: لَـمْ يَقُلْ الْنَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ شَيْئـًا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هَذَا رَبُّكُم: شَبْعَانُ أَوْ رَيَّانُ أَوْ مُكْتَسٍ أَوْ عَرْيَان أَوْ مَقْرُور أَوْ صَفْرَاوِي أَوْ مَرْطُوب أَوْ جِسْمٌ أوْ عَرَضٌ أَوْ يَشُمُّ الْرِّيْح أَوْ لَا يَشُمُّهَا أَوْ هَلْ لَهُ أَنْفٌ وَقَلْبٌ وَكَبِدٌ وَطِحَالٌ وَهَلْ يَحُجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَهَلْ يَرْكَبُ الْخَيْل أَوْ لَا يَرْكَبُهَا وَهَلْ يَغْتَمُّ أَمْ لَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْـمَسَائِلِ؟!، لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَسْكُتَ عَنْهُ لِأَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَكَلَّم فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَصْحَابُهُ أَوْ كُنْتَ لَا تَسْكُتُ فَكُنْتَ تُبَيِّنُ بِكَلَامِكَ أَنَّ شَيْئـًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَدَّسَ كَذَا وَكَذَا بِحُجَّةِ كَذَا وَكَذَا؟.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَسْكُتُ عَنْهُ وَلَا أُجِيبُهُ بِشَيْءٍ أَوْ أَهْجُرُهُ أَوْ أَقُومُ عَنْهُ أَوْ لَا أُسَلِّمُ عَلَيْهِ أَوْ لَا أَعُودُهُ إِذَا مَرِضَ أَوْ لَا أَشْهَدُ جِنَازَتَهُ إِذَا مَاتَ؟ قِيْلَ لَهُ: فَيَلْزَمُكَ أَنْ تَكُونَ فِي جَمِيْعِ هَذِهِ الْصِّيَغِ الَّتِي ذَكَرْتَهَا مُبْتَدِعًا ضَالًّا لِأَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُل: "مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَاسْكُتُوا عَنْهُ" وَلَا قَالَ: "لَا تُسَلِّمُوا عَلَيْهِ" وَلَا "قُومُوا عَنْهُ" وَلَا قَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. فَأَنْتُم: مُبْتَدِعَةٌ إِذَا فَعَلْتُم ذَلِكَ!.
وَيُقَالُ لَهُم: وَلِـمَ لَـمْ تَسْكُتُوا عَمَّنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْءَان؟! وَلِمَ كَفَّرْتُمُوهُ وَلَمْ يَرِدْ عَنِ الْنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ فِي نَفْيِ خَلْقه وَتَكْفِيرِ مَنْ قَالَ بِخَلْقِهِ؟!.
فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّ أَحْمَد بْن حَنْبَل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ بِنَفْيِ خَلْقه وَتَكْفِيْرِ مَنْ قَالَ بِخَلْقِهِ؟ قِيْل لَهُم: وَلِـمَ لَـمْ يَسْكُتْ أَحْمَدُ عَنْ ذَلِكَ بَلْ تَكَلَّمَ فِيْهِ؟
فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّ الْعَبَّاس الْعنْبَرِي وَوَكِيْعًا وَعَبْدَ الْرَّحْمَن بْنَ مَهْدِي وَفُلَانًا وَفُلَانًا قَالُوا: إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوق وَمَنْ قَالَ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ، قِيْلَ لَهُم: وَلِـمَ لَـمْ يَسْكُتْ أُوْلَئِكَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّ عَمْرُو بْنَ دِيْنَار وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَة وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّد رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَفُلَانًا وَفُلَانًا قَالُوا: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوق؟ قِيْلَ لَهُم: وَلِـمَ لَـمْ يَسْكُتْ أُوْلَئِكَ عَنْ هَذِهِ الْـمَقَالَةِ وَلَـمْ يَقُلْهَا رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟
فَإِنْ أَحَالُوا ذَلِكَ عَلَى الْصَّحَابَةِ أَوْ جَمَاعَةٍ مِنْهُم كَانَ ذَلِكَ مُكَابَرَةً، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُم: فَلِمَ لَـمْ يَسْكُتُوا عَنْ ذَلِكَ وَلَـمْ يَتَكَلَّم فِيْهِ الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَلَا قَالَ: "كَفِّرُوا قَائِلَهُ"؟، وَإِنْ قَالُوا: لَا بُدَّ لِلْعُلَمَاءِ مِنْ الْكَلَامِ فِي الْحَادِثَةِ لِيَعْلَمَ الْجَاهِلُ حُكْمَهَا؟ قِيْلَ لَهُم: هَذَا الَّذِي أَرَدْنَاهُ مِنْكُم. فلِمَ مَنَعْتُم الْكَلَامَ؟ فَأَنْتُم إِنْ شِئْتُم تَكَلَّمْتُم حَتَّى إِذَا انْقَطَعْتُم قُلْتُم: نُهِيْنَا عَنِ الْكَلَامِ!، وَإِنْ شِئْتُم قَلَّدْتُم مَنْ كَانَ قَبْلَكُم بِلَا حُجَةٍ وَلَا بَيَانٍ وَهَذِهِ شَهْوَةٌ وَتَحَكُّمٌ!.
ثُمَّ يُقَالُ لَهُم: فَالْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَـمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْنُّذُورِ وَالْوَصَايَا وَلَا فِي الْعِتْقِ وَلَا فِي حِسَابِ الْـمُنَاسَخَاتِ وَلَا صَنَّفَ فِيْهَا كِتَابًا كَمَا صَنَعَهُ مَالِكٌ وَالْثَّوْرِيُّ وَالْشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَة، فَيَلْزَمُكُم أَنْ يَكُونُوا مُبْتَدِعَةً ضُلَالًّا إِذْ فَعَلُوا مَا لَـمْ يَفْعَلْهُ الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا مَا لَـمْ يَقُلْهُ نَصًّا بِعَيْنِهِ، وَصَنَّفُوا مَا لَـمْ يُصَنِّفْهُ الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا بِتَكْفِيْرِ الْقَائِلِيْنَ بِخَلْقِ الْقُرْءَان وَلَـمْ يَقُلْهُ الْنَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟!. وَفِيْمَا ذَكَرْنَا كِفَايَة لِكُلِّ عَاقِل غَيْرِ مُعَانِدٍ))(3) وَهَذَا كَلَامٌ مَتِينٌ جِدًّا وَإِلْزَامٌ قَاطِعٌ لَا قِبَلَ لِلتَّيْمِيَّةِ الْمُجَسِّمةِ بِرَدِّهِ.
يُتْبَعُ بِإِذْن اللهِ تَعَالَى...
_________________
(1)الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) إِمْتاعُ الْجَلِيسِ شَرْح عَقَائِدِ الْإِيْمَان لاِبْن بَادِيس لِلْدُّكْتُور فَرْكُوس (ص:105)، دَارُ الْعَوَاصِمِ لِلْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: الْجَزَائِر، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَةِ: 1435هـ-2014م
(3) رِسَالَة فِي اسْتِحْسَانِ الْخَوْضِ فِي عِلْـمِ الْكَلَامِ لِلْإِمَام أَبِي الْحَسَن عَلِي بْن اسْمَاعِيْل الْأَشْعَرِي (ص:94-97)، عَلَّقَ عَلَيْهَا رِتْشَرد يُوسُف مَكَارثِي الْيَسُوعِي، مَطْبَعَة مَجْلِس دَائِرَة الْـمَعَارِف الْنِّظَامِيَّة: حَيْدَر آبَاد-الْهِنْد، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَة: 1344ه
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (14)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((فأين أدعياءُ المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام_والجدل والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!))(1)؟!...
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (الْهَدَّار!) (الْمِهْدَار!): هَاكَ بَعْض كَلَام كِبَارِ مَشَايِخِكَ مِنَ الْتَّيْمِيَّةِ الْـمُجَسِّمَة فِي الْتَّرْخِيْصِ لِـ: "عِلْمِ الْكَلَام" وَالَّذِي تَتَّخِذه أَيُّهَا (الْـمُتَنَاقِض!) كَذَرِيعَةٍ لِذَاتهِ لِلْقَدْحِ فِي سَادَتِكَ الْسَّوَاد الْأَعْظَم مِنْ عُلَمَاء أُمَّة الْتَّوْحِيْدِ الْـمَرْحُومَة: أَهْل الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَة الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْـمَاتُرِيْدِيَّة وَفُضَلَاء أَهْل الْحَدِيث!، فَهْلَ تَمْلكُ حَقًّا يَا حَضْرَة (الْدُّكْتُور!) صَفَاقَة الْوَجْه ذَاتهَا وَالْوَقَاحَة نَفْسهَا لِلْتَّبَرِّي أَيْضًا مِنْ مَشَايِخكَ الْتَّيْمِيَّة؟!
قَالَ ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي (ت:728هـ): ((#والْسَّلَفُ_لَـمْ_يَذُمُّوا_جِنْسَ_الْكَلَامِ، فَإِنَّ كُلَّ آدَمِيٍّ يَتَكَلَّمُ، وَلَا ذَمُّوا الِاسْتِدْلَالَ وَالْنَّظَرَ وَالْجَدَلَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ، وَالِاسْتِدْلَالَ بِمَا بَيَّنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، #بَلْ_وَلَا_ذَمُّوا_كَلَامًا_هُوَ_حَقٌّ، بَلْ ذَمُّوا الْكَلَامَ الْبَاطِلَ، وَهُوَ الْمُخَالِفُ لِلْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ، وَهُوَ الْمُخَالِفُ لِلْعَقْلِ أَيْضًا وَهُوَ الْبَاطِلُ، فَالْكَلَامُ الَّذِي ذَمَّهُ الْسَّلَفُ هُوَ #الْكَلَامُ_الْبَاطِلُ، وَهُوَ #الْمُخَالِفُ_لِلشَّرْعِ_وَالْعَقْلِ))(2)...
وَقَالَ أَيْضًا: ((فَالْسَّلَفُ_وَالْأَئِمَّةُ_لَمْ_يَكْرَهُوا_الْكَلَامَ #لِمُجَرَّدِ_مَا_فِيهِ_مِنْ_الِاصْطِلَاحَاتِ_الْمُوَلَّدَةِ كَلَفْظِ: "الْجَوْهَرِ" وَ"الْعَرَضِ" وَ"الْجِسْمِ" وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ بَلْ لِأَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي يُعَبِّرُونَ عَنْهَا بِهَذِهِ الْعِبَارَاتِ فِيهَا مِنْ الْبَاطِلِ الْمَذْمُومِ فِي الْأَدِلَّةِ وَالْأَحْكَامِ مَا يَجِبُ الْنَّهْيُ عَنْهُ؛ لِاشْتِمَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى مَعَانٍ مُجْمَلَةٍ فِي الْنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي وَصْفِهِ لِأَهْلِ الْبِدَعِ فَقَالَ: هُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ، مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ، مُتَّفِقُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ، يَتَكَلَّمُونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ الْكَلَامِ، وَيُلَبِّسُونَ عَلَى جُهَّالِ الْنَّاسِ بِمَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ مِنْ الْمُتَشَابِهِ.
فَإِذَا عُرِفَتْ الْمَعَانِي الَّتِي يَقْصِدُونَهَا بِأَمْثَالِ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ، وَوُزِنَتْ بِالْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ، بِحَيْثُ #يُثْبِتُ_الْحَقَّ_الَّذِي_أَثْبَتَهُ_الْكِتَابُ_وَالْسُّنَّةُ، #وَيَنْفِي_الْبَاطِلَ_الَّذِي_نَفَاهُ_الْكِتَابُ_وَالْسُّنَّةُ، #كَانَ_ذَلِكَ_هُوَ_الْحَقَّ، بِخِلَافِ مَا سَلَكَهُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ مِنْ الْتَّكَلُّمِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، فِي الْوَسَائِلِ وَالْمَسَائِلِ، مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْتَّفْصِيلِ وَالْتَّقْسِيمِ الَّذِي هُوَ الْصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَهَذَا مِنْ مَثَارَاتِ الْشُّبْهَةِ))(3)...
وَقَالَ: ((بَلْ الْأَصْلُ فِي ذَمِّ الْسَّلَفِ لِلْكَلَامِ هُوَ اشْتِمَالهُ عَلَى الْقَضَايَا الْكَاذِبَةِ، وَالْـمُقَدِّمَاتِ الْفَاسِدَةِ، الْـمُتَضَمِّنَة لِلْاِفْتِرَاءِ عَلَى اللهِ تَعَالَى وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَدِيْنِهِ. فَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ الْـمَذْمُومُ بِالْذَّاتِ، وَهُوَ الْكَلَامُ الْكَاذِبُ الْبَاطِلُ، #وَأَمَّا_الْكَلَامُ_الَّذِي_هُوَ_حَقٌّ_وَصِدْقٌ، #فَهَذَا_لَا_يُذَمُّ_بِالْذَّاتِ، وَإِنَّمَا يُذَمُّ الْـمُتَكَلِّمُ بِهِ أَحْيَانًا، لِاشْتِمَالِ ذَلِكَ عَلَى مَضَرَّةٍ عَارِضَةٍ))(4)...
وَقَالَ مُفْتِي الْوَهَّابِيَّة ابْن بَاز مُقِرًّا مَوْقِف مَشَايِخه الْـمُجَسِّمَة ابْن تَيْمِيَّة وَتِلْمِيذه ابْن قَيِّم الْجَوْزِيَّة مِنْ عِلْـمِ الْكَلَام، بِأَنَّ: ((الاِنْسَان قَدْ يَضْطَرُّ إِلَى ذَلِكَ [عِلْم الْكَلَامِ] اضْطِرَاراً، فَإِن اضْطُرَّ إِلَيْهِ جَازَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِم [الْـمُخَالِفِيْن] بِالْـمِثْلِ، إِنْ اضْطُرَّ إِلَى ذَلِكَ وَجَادَلَهُ مُجَادِلٌ مِمَّنْ يَتَبَجَّحُ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْعُلُومِ الْفَاسِدَةِ، وَعَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى رَدِّ هَذَا الْبَاطِل، وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ لَدَيْهِ مِنَ الْحُجَجِ الْعَقْلِيَّةِ مَا يُبْطِلُ بِهِ حُجَجَ هَذَا الْـمُشَبِّهِ؛ #فَهَذَا_لَا_بَأْسَ_بِهِ_فِي_حَقِّهِ، #وَقَدْ_يَجِبُ_عَلَيْهِ لِنَصْرِ دِيْنِ اللهِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى الْـمُبْطِلِيْنَ، وَإِلَّا فَالْأَصْلُ هُوَ الْأَخْذُ بِالْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ، وَالْتَّمُسُّكُ بِالْأَدِلَّةِ الْنَّقْلِيَّةِ وَالْكَفُّ عَنِ الْخَوْضِ فِي الْكَلَامِ، لَكِن إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ أَوْ صَاحِبِ كَلَامٍ لِإِقَامَةِ الْحَقِّ وَدَحْضِ الْشُّبَهِ، لِئَلَّا يُقَال انْقَطَعَ، لِئَلَّا يُقَال هَذَا غَلَبَهُ بِالْحَقِّ وَهَذِهِ هِيَ الْنُّصُوص، إِذَا خَشِيَ هَذَا وَاضْطُرَّ إِلَى أَنْ يَرُدَّ مِنْ طَرِيْقِ الْعَقْلِ وَمِنْ طَرِيْقِ الْبَحْثِ الْعَقْلِيِّ وَمِنْ طَرِيْقِ الْكَلَامِ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ فِي هَذَا حَصِيْلَة، وَيَعْلَـمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَرُدَّ هَذَا الْبَاطِلَ مِنْ طَرِيْقِ الْعَقْلِ وَمِنْ طَرِيْقِ الْبَحْثِ الْعَقْلِيِّ، وَمِنْ طَرِيْقِ الْخَوْضِ فِي الْكَلَامِ، إِذَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ هَذَا وَأَرَادَ نَصْرَ الْحَقِّ، لَا مُجَرَّد الْـمُغَالَبَة وَإِظْهَار أَنَّهُ يَتَفَوَّقُ عَلَى هَذَا الْشَّخْصِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلَى الْتَّنَزُّلِ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ قَصْد إِرَادَة الْحَق وَنَصْر الْحَق، وَبَيَان حُجَّة أَهْلِ الْحَقِّ وَبُطْلَان حُجَّة أَهْلِ الْبَاطِلِ، إِذَا كَانَ مِنْ هَذَا الْطَّرِيْقِ وَمِنْ هَذَا الْسَّبِيْلِ؛ فَلَا بَأْسَ، #وَقَدْ_يَجِبُ_أَيْضًا_وَيَتَأَكَّدُ_عِنْدَ_مَسِيْسِ_الْحَاجَةِ_إِلَيْهِ، #وَعِنْدَ_الْقُدْرَةِ_مِنْ_صَاحِبِ_الْحَقِّ))(5)...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
______________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) مَجْمُوعُ فَتَاوَى ابْن تَيْمِيَّة (13/80-81)، اعْتَنَى بِهَا وَخَرَّجَ أَحَادِيثَهَا: عَامِر الْـجَزَّار – أَنْوَر الْبَاز، دَارُ الْوَفَاء لِلنَّشْر وَالْتَّوْزيع-الْـمَنْصُورَة، الْطَّبعَة الْثَّالِثَة:1426هـ-2005م
(3) مَجْمُوعُ فَتَاوَى ابْن تَيْمِيَّة (3/191)
(4) دَرْءُ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالْنَّقْلِ لاِبْنِ تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي (7/177)، تَحْقِيق: الْدُّكْتُور مُحَمَّد رَشَاد سَالم، أَشْرَفَت عَلَى طِبَاعَتِهِ وَنَشْرِهِ إِدَارَة الثَّقَافَةِ وَالنَّشْرِ بِالْجَامِعَةِ-الْسَّعُودِيَّة، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَة:1411هـ-1991م
(5) الْتَّعْلِيقَاتُ الْبَازِيَّة عَلَى شَرْحِ ابْن أَبِي الْعِز عَلَى الْعَقِيدَةِ الْطَّحَاوِيَّة (1/413-414)، دَارُ ابْن الْأَثِيْر لِلنَّشْر وَالْتَّوْزِيْع: الْسُّعُودِيَّة، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1429هـ-2008م
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((فأين أدعياءُ المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام_والجدل والفلسفة مِنَ #الأشاعرة وغيرهم؟!))(1)؟!...
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْوَهَّابِي (الْهَدَّار!) (الْمِهْدَار!): هَاكَ بَعْض كَلَام كِبَارِ مَشَايِخِكَ مِنَ الْتَّيْمِيَّةِ الْـمُجَسِّمَة فِي الْتَّرْخِيْصِ لِـ: "عِلْمِ الْكَلَام" وَالَّذِي تَتَّخِذه أَيُّهَا (الْـمُتَنَاقِض!) كَذَرِيعَةٍ لِذَاتهِ لِلْقَدْحِ فِي سَادَتِكَ الْسَّوَاد الْأَعْظَم مِنْ عُلَمَاء أُمَّة الْتَّوْحِيْدِ الْـمَرْحُومَة: أَهْل الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَة الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْـمَاتُرِيْدِيَّة وَفُضَلَاء أَهْل الْحَدِيث!، فَهْلَ تَمْلكُ حَقًّا يَا حَضْرَة (الْدُّكْتُور!) صَفَاقَة الْوَجْه ذَاتهَا وَالْوَقَاحَة نَفْسهَا لِلْتَّبَرِّي أَيْضًا مِنْ مَشَايِخكَ الْتَّيْمِيَّة؟!
قَالَ ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي (ت:728هـ): ((#والْسَّلَفُ_لَـمْ_يَذُمُّوا_جِنْسَ_الْكَلَامِ، فَإِنَّ كُلَّ آدَمِيٍّ يَتَكَلَّمُ، وَلَا ذَمُّوا الِاسْتِدْلَالَ وَالْنَّظَرَ وَالْجَدَلَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ، وَالِاسْتِدْلَالَ بِمَا بَيَّنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، #بَلْ_وَلَا_ذَمُّوا_كَلَامًا_هُوَ_حَقٌّ، بَلْ ذَمُّوا الْكَلَامَ الْبَاطِلَ، وَهُوَ الْمُخَالِفُ لِلْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ، وَهُوَ الْمُخَالِفُ لِلْعَقْلِ أَيْضًا وَهُوَ الْبَاطِلُ، فَالْكَلَامُ الَّذِي ذَمَّهُ الْسَّلَفُ هُوَ #الْكَلَامُ_الْبَاطِلُ، وَهُوَ #الْمُخَالِفُ_لِلشَّرْعِ_وَالْعَقْلِ))(2)...
وَقَالَ أَيْضًا: ((فَالْسَّلَفُ_وَالْأَئِمَّةُ_لَمْ_يَكْرَهُوا_الْكَلَامَ #لِمُجَرَّدِ_مَا_فِيهِ_مِنْ_الِاصْطِلَاحَاتِ_الْمُوَلَّدَةِ كَلَفْظِ: "الْجَوْهَرِ" وَ"الْعَرَضِ" وَ"الْجِسْمِ" وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ بَلْ لِأَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي يُعَبِّرُونَ عَنْهَا بِهَذِهِ الْعِبَارَاتِ فِيهَا مِنْ الْبَاطِلِ الْمَذْمُومِ فِي الْأَدِلَّةِ وَالْأَحْكَامِ مَا يَجِبُ الْنَّهْيُ عَنْهُ؛ لِاشْتِمَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى مَعَانٍ مُجْمَلَةٍ فِي الْنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي وَصْفِهِ لِأَهْلِ الْبِدَعِ فَقَالَ: هُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ، مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ، مُتَّفِقُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ، يَتَكَلَّمُونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ الْكَلَامِ، وَيُلَبِّسُونَ عَلَى جُهَّالِ الْنَّاسِ بِمَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ مِنْ الْمُتَشَابِهِ.
فَإِذَا عُرِفَتْ الْمَعَانِي الَّتِي يَقْصِدُونَهَا بِأَمْثَالِ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ، وَوُزِنَتْ بِالْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ، بِحَيْثُ #يُثْبِتُ_الْحَقَّ_الَّذِي_أَثْبَتَهُ_الْكِتَابُ_وَالْسُّنَّةُ، #وَيَنْفِي_الْبَاطِلَ_الَّذِي_نَفَاهُ_الْكِتَابُ_وَالْسُّنَّةُ، #كَانَ_ذَلِكَ_هُوَ_الْحَقَّ، بِخِلَافِ مَا سَلَكَهُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ مِنْ الْتَّكَلُّمِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، فِي الْوَسَائِلِ وَالْمَسَائِلِ، مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْتَّفْصِيلِ وَالْتَّقْسِيمِ الَّذِي هُوَ الْصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَهَذَا مِنْ مَثَارَاتِ الْشُّبْهَةِ))(3)...
وَقَالَ: ((بَلْ الْأَصْلُ فِي ذَمِّ الْسَّلَفِ لِلْكَلَامِ هُوَ اشْتِمَالهُ عَلَى الْقَضَايَا الْكَاذِبَةِ، وَالْـمُقَدِّمَاتِ الْفَاسِدَةِ، الْـمُتَضَمِّنَة لِلْاِفْتِرَاءِ عَلَى اللهِ تَعَالَى وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَدِيْنِهِ. فَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ الْـمَذْمُومُ بِالْذَّاتِ، وَهُوَ الْكَلَامُ الْكَاذِبُ الْبَاطِلُ، #وَأَمَّا_الْكَلَامُ_الَّذِي_هُوَ_حَقٌّ_وَصِدْقٌ، #فَهَذَا_لَا_يُذَمُّ_بِالْذَّاتِ، وَإِنَّمَا يُذَمُّ الْـمُتَكَلِّمُ بِهِ أَحْيَانًا، لِاشْتِمَالِ ذَلِكَ عَلَى مَضَرَّةٍ عَارِضَةٍ))(4)...
وَقَالَ مُفْتِي الْوَهَّابِيَّة ابْن بَاز مُقِرًّا مَوْقِف مَشَايِخه الْـمُجَسِّمَة ابْن تَيْمِيَّة وَتِلْمِيذه ابْن قَيِّم الْجَوْزِيَّة مِنْ عِلْـمِ الْكَلَام، بِأَنَّ: ((الاِنْسَان قَدْ يَضْطَرُّ إِلَى ذَلِكَ [عِلْم الْكَلَامِ] اضْطِرَاراً، فَإِن اضْطُرَّ إِلَيْهِ جَازَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِم [الْـمُخَالِفِيْن] بِالْـمِثْلِ، إِنْ اضْطُرَّ إِلَى ذَلِكَ وَجَادَلَهُ مُجَادِلٌ مِمَّنْ يَتَبَجَّحُ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْعُلُومِ الْفَاسِدَةِ، وَعَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى رَدِّ هَذَا الْبَاطِل، وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ لَدَيْهِ مِنَ الْحُجَجِ الْعَقْلِيَّةِ مَا يُبْطِلُ بِهِ حُجَجَ هَذَا الْـمُشَبِّهِ؛ #فَهَذَا_لَا_بَأْسَ_بِهِ_فِي_حَقِّهِ، #وَقَدْ_يَجِبُ_عَلَيْهِ لِنَصْرِ دِيْنِ اللهِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى الْـمُبْطِلِيْنَ، وَإِلَّا فَالْأَصْلُ هُوَ الْأَخْذُ بِالْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ، وَالْتَّمُسُّكُ بِالْأَدِلَّةِ الْنَّقْلِيَّةِ وَالْكَفُّ عَنِ الْخَوْضِ فِي الْكَلَامِ، لَكِن إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ أَوْ صَاحِبِ كَلَامٍ لِإِقَامَةِ الْحَقِّ وَدَحْضِ الْشُّبَهِ، لِئَلَّا يُقَال انْقَطَعَ، لِئَلَّا يُقَال هَذَا غَلَبَهُ بِالْحَقِّ وَهَذِهِ هِيَ الْنُّصُوص، إِذَا خَشِيَ هَذَا وَاضْطُرَّ إِلَى أَنْ يَرُدَّ مِنْ طَرِيْقِ الْعَقْلِ وَمِنْ طَرِيْقِ الْبَحْثِ الْعَقْلِيِّ وَمِنْ طَرِيْقِ الْكَلَامِ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ فِي هَذَا حَصِيْلَة، وَيَعْلَـمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَرُدَّ هَذَا الْبَاطِلَ مِنْ طَرِيْقِ الْعَقْلِ وَمِنْ طَرِيْقِ الْبَحْثِ الْعَقْلِيِّ، وَمِنْ طَرِيْقِ الْخَوْضِ فِي الْكَلَامِ، إِذَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ هَذَا وَأَرَادَ نَصْرَ الْحَقِّ، لَا مُجَرَّد الْـمُغَالَبَة وَإِظْهَار أَنَّهُ يَتَفَوَّقُ عَلَى هَذَا الْشَّخْصِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلَى الْتَّنَزُّلِ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ قَصْد إِرَادَة الْحَق وَنَصْر الْحَق، وَبَيَان حُجَّة أَهْلِ الْحَقِّ وَبُطْلَان حُجَّة أَهْلِ الْبَاطِلِ، إِذَا كَانَ مِنْ هَذَا الْطَّرِيْقِ وَمِنْ هَذَا الْسَّبِيْلِ؛ فَلَا بَأْسَ، #وَقَدْ_يَجِبُ_أَيْضًا_وَيَتَأَكَّدُ_عِنْدَ_مَسِيْسِ_الْحَاجَةِ_إِلَيْهِ، #وَعِنْدَ_الْقُدْرَةِ_مِنْ_صَاحِبِ_الْحَقِّ))(5)...
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
______________________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) مَجْمُوعُ فَتَاوَى ابْن تَيْمِيَّة (13/80-81)، اعْتَنَى بِهَا وَخَرَّجَ أَحَادِيثَهَا: عَامِر الْـجَزَّار – أَنْوَر الْبَاز، دَارُ الْوَفَاء لِلنَّشْر وَالْتَّوْزيع-الْـمَنْصُورَة، الْطَّبعَة الْثَّالِثَة:1426هـ-2005م
(3) مَجْمُوعُ فَتَاوَى ابْن تَيْمِيَّة (3/191)
(4) دَرْءُ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالْنَّقْلِ لاِبْنِ تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي (7/177)، تَحْقِيق: الْدُّكْتُور مُحَمَّد رَشَاد سَالم، أَشْرَفَت عَلَى طِبَاعَتِهِ وَنَشْرِهِ إِدَارَة الثَّقَافَةِ وَالنَّشْرِ بِالْجَامِعَةِ-الْسَّعُودِيَّة، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَة:1411هـ-1991م
(5) الْتَّعْلِيقَاتُ الْبَازِيَّة عَلَى شَرْحِ ابْن أَبِي الْعِز عَلَى الْعَقِيدَةِ الْطَّحَاوِيَّة (1/413-414)، دَارُ ابْن الْأَثِيْر لِلنَّشْر وَالْتَّوْزِيْع: الْسُّعُودِيَّة، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1429هـ-2008م
رد: سلسلة افتراءات وجهالات وتلبيسات الدكتور الوهابي فركوس
#افتراءات_وجهالات_الدكتور_الوهابي_فركوس (15)
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((فأين أدعياءُ المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ #وكبارِ_أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل والفلسفة مِنَ الأشاعرة وغيرهم؟!))(1)؟!...
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْـمُتَهَوِّك: بَلْ كَانَ جَمَاعَة مِنْ كِبَارِ مُتَقَدِّمي عُلَمَاءِ الْسَّادَة الْـمَالِكِيَّةِ يَنْتَحِلُونَ "عِلْم الْكَلَامِ" لِلْدِّفَاعِ عَنْ حِيَاضِ عَقِيْدَة الْإِسْلَام، وَلَيْسَ الْأَمْر كَـمَا تُلَبِّس بِجَهْلِكَ الْفَاحِش؟!
وَيَتَوَجَّبُ هَا هُنَا الْتَّنْبِيه إِلَى أَنَّ كِبَار عُلَمَاء الْـمَالِكِيَّة كَانُوا رُؤُوسًا يُشَارُ إِلَيْهَا بِالْبَنَانِ فِي تَوْظِيفِ عِلْمِ الْكَلَام الْسُّنِّي لِلذَّبِّ عَنْ عَقِيدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَالَّتِي أَرْسَى قَوَاعِدهَا بَعْدُ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْـمَاتُرِيدِيَّةِ وَفُضَلَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
نَعَمْ؛ فَقَد عَقَد الْـمُؤَرِّخُ الْأَدِيْبُ الْـمُحَدِّثُ الْفَقِيْهُ أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث الْخُشَنِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ (ت:361هـ) بَابًا فِي كِتَابِهِ "طَبَقَات عُلَمَاء إِفْرِيْقِيَّة" عَنْوَنَهُ بِقَوْلِهِ: ((بَابُ تَسْمِيَة مَنِ #انْتَحَلَ_الْنَّظَرَ_وَتَحَلَّى_بِالْجَدَلِ_مِنْ_أَهْلِ_الْسُّنَّةِ، وَغَيْرِهِم: مِنْ طَبَقَةِ الْعُلَمَاءِ بِالْقَيْرَوَانِ))(2) وَذَكَرَ مِنْهُم مُحَمَّد بْن سَحْنُون (ت:256هـ) وَسَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ (ت:302هـ) وَغَيْرهم.
قَالَ الْخُشَنِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ (ت:361هـ) فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّد بْن سَحْنُون (ت:256هـ) مَا نَصُّهُ: ((وَمُحَمَّد بْن سَحْنُونٍ؛ كَانَتْ لَهُ أَوْضَاعٌ فِي الْـمُنَاظَرَةِ: فِي فِقْهِ الْفُقَهَاءِ، [وَ] فِي #كَلَامِ_الْـمُتَكَلِّميْنَ.
قَالَ لَهُ سُلَيْـمَانُ الْفَرَّاءُ الْـمَعْرُوف بِابْنِ أَبِي عُصْفُورٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؛ اللهُ سَمَّى نَفْسَهُ؟. -أَرَادَ بِذَلِكَ: أَنْ يَقُولَ لَهُ: نَعَمْ؛ فَيُثْبِتُ عَلَيْهِ الاِقْرَارُ بِحُدُوثِ الْأَسْـمَاءِ وَالْصِّفَاتِ-. فَقَالَ لَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ: "اللهُ سَـمَّى نَفْسَهُ لَنَا، #وَلَـمْ_يَزَلْ؛ وَلَهُ الْأَسْـمَاءُ الْحُسْنَى"))(3)
وَقَوْل الْإِمَام: ((وَلَـمْ يَزَلْ؛ وَلَهُ الْأَسْـمَاءُ الْحُسْنَى)) فِيْهِ تَقْرِيْرٌ لِأَصْلٍ عَظِيْمٍ فِي الْعَقِيْدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ أَلَا وَهُوَ وُجُوب قِدَمِ الْصِّفَاتِ الْإِلَهيَّةِ الْوُجُودِيَّة وَاسْتِحَالَةِ الْحُدُوثِ عَلَيْهَا، وَهَذَا الْأَصْلُ الْسُّنِّي يُصَادِمُ بِالْكُلِّيَةِ الْعَقِيدَة الْتَّيْمِيَّة الْقَائِمَةِ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَاتٍ حَادِثَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْـمَشِيئَةِ الْإِلَهِيَّةِ، يُحْدِثُهَا رَبُّهُم فِي ذَاتِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَمِنْهَا الاِسْتِوَاء أَيْ: الْجُلُوس عَلَى الْعَرْش بَعْد خَلْقِ الْعَرْشِ، وَالْنُّزُول وَالْـمَجِيء بِـمَعْنَى أَنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ يُحَرِّكُ نَفْسَهُ فِي الْأَحْيَازِ، وَغَيْرهَا مِنْ عَقَائِدِهِم الْوَثَنِيَّةِ.
وَقَالَ سَعِيْد بْنُ الْحَدَّاد (ت:302هـ): ((جَالَسْتُ #الْـمُتَكَلِّمِيْنَ، وَكُلِّ مَنْ لَقَيْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْـمِ، فَـمَا رَأَيْتُ مِنْهُم أَصَحَّ غَرِيْزَةً مِنْ #سَحْنُونٍ، وَكَانَ وَقُوراً مَهِيْبًا))(4) وَهَذَا مَا يُؤَكِّد بِـمَكَانٍ أَنَّ الْإِمَام مُحَمَّد بْن سَحْنُون كَانَ مِنْ كِبَارِ مُتَكلِّمَةِ أَهْل الْسُّنَّةِ.
وَقَالَ الْخُشَنِيُّ (ت:361هـ) فِي تَرْجَمَةِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ (ت:302هـ): ((وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ؛ #كَانَ_الْكَلَامُ_وَالْجَدَلُ_وَالْـمُنَاظَرَةُ_بَابَهُ. قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ الْفَرَّاءُ: يَا أَبَا عُثْـمَانَ؛ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا: إِذْ لَا مَكَانَ؟. فَقَالَ لَهُ: #الْسُّؤَالُ_مُحَالٌ: لِأَنَّ قَوْلَكَ: "أَيْنَ كَانَ؟" يَقْتَضِي الْـمَكَانَ؛ وَقَوْلَكَ: "إِذْ لَا مَكَانَ" يَنْفِي الْـمَكَانَ؛ فَهَذَا: "نَعَمْ"، "لَا"؟!. قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ رَبُّنَا: إِذْ لَا مَكَانَ؟. قَالَ لَهُ: الْسُّؤَالُ صَحِيْحٌ. ثُـمَّ أَجَابَهُ بِجَوَابٍ: لَـمْ أَحْفَظْهُ عَنْ حَاكِيهِ))(5) وَقَدْ أَوْضَح الْجَوَاب أَحْمَد بْنُ مُحَمَّد الْطَّلَمَنْكي (ت:429) فِي نُسْخَتِهِ عَلَى طَبَقَات الْخُشَنِيِّ، فَقَالَ: ((الْجَوَابُ: أَنَّهُ [تَعَالَى] #الآنَ_عَلَى_مَا_عَلَيْهِ_كَانَ_وَلَا_مَكَان))(6) وَفِي هَذِه الْقِصَّة أَكْبَر دَلِيْلٍ عَلَى كَوْن كِبَار عُلَمَاء الْـمَالِكِيَّة مِنَ الْقُدَامَى كَانُوا وللهِ الْحَمْد عَلَى عَقِيْدَةِ الْتَّنْزِيه أَيْ تَنْزِيه الله عَنِ الْجِهَةِ وَالْمَكَان وَغَيْرها مِن سِمَاتِ الْـمُحْدَثَاتِ، عَكْس مَا هُوَ مُقَرَّر عِنْدَ الْتَّيْمِيَّةِ الْـمُجَسِّمَةِ.
وَقَالَ الْخُشَنِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ (ت:361هـ) أَيْضًا: ((وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْد بْن مُحَمَّدٍ [بْنِ الْحَدَّادِ]: غَزِيْرُ الْتَّأْلِيفِ، كَثِيْرُ الْوَضْعِ؛ لَهُ كُتُبٌ مُؤَلَّفَةٌ فِي #فَنِّ_الْكَلَامِ، #وَالْجَدَلِ. وَلَهُ كُتُبٌ: فِي فَنِّ الْفِقْهِ وَالْـمَسَائِلِ. وَلَهُ كُتُبٌ: فِي الْنَّظَرِ))(7) وَقَالَ عَنْهُ الْـمَالِكِي: ((كَانَ عَالِمًا ثِقَة فِي الْفِقْهِ #وَالْكَلَامِ وَالْذَّبِّ عَنِ الْدِّيْنِ وَالْرَّدِّ عَلَى فِرَقِ الْـمُخَالِفِيْنَ لِلْجَمَاعَةِ، مِنْ أَذْهن الْنَّاسِ وَأَعْلَمهم بِمَا قَالَهُ الْنَّاس))( فَالْرَّجُلُ كَانَ مِنْ قُدَامَى نُظَّارِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ الْقَائِمِيْنَ عَلَى نُصْرَةِ عَقِيْدَة الْإِسْلَامِ بِعِلْـمِ الْكَلَامِ الْسُّنِّي.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض (ت:544هـ) فِي تَرْجَمَةِ "عَلِي بْن أَحْمَد بْن اسْمَاعِيل الْبَغْدَادِي" مَا نَصُّهُ: ((سَكَنَ مِصْر، وَكَانَ يَنْتَحِلُ مَذْهَب مَالِك بْن أَنَس وَيَقُولُ بِالِاعْتِزَالِ، وَكَانَ دَاعِيَة فِي ذَلِكَ، وَكَتَبَ إِلَى فُقَهَاءِ الْقَيْرَوَان رِسَالَةً مَعْرُوفَةً يَدْعُوهُم فِيْهَا إِلَى الِاعْتِزَالِ وَالْقَوْل بِالْقَدَرِ وَالْـمَخْلُوقِ، وَغَيْر ذَلِك مِنْ مَذَاهِبِهِم، وَيَقُولُ لَهُم: إِنَّ هَذَا لَهُوَ مَذْهَبُ مَالِك -رَحِمَهُ الله- وَيَذُمُّ لَهُم طَرِيقَة مُتَكَلِّمِي أَهْلِ الْسُّنَّةِ، وَمَذْهَب الْأَشْعَرِي وَيُبَدِّعهُ، فَجَاوَبَهُ فُقَهَاءُ الْقَيْرَوَان بِالاِنْكَارِ عَلَيْهِ، وَجَاوَبَهُ أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي زَيْدٍ -رَحِمَهُ الله- عَنْ كِتَابِهِ بِرِسَالَةٍ مَعْرُوفَةٍ، #ظَهَرَ_فِيْهَا_عِلْمُهُ_وَقُوَّتُهُ_فِي_الْكَلَامِ، وَالْرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَنَفَى عَنْ مَالِك وَأَصْحَابِهِ جَمِيع مَا نَسَبَ إِلَيْهِ. وَجَعَلَ يَحْتَجُّ عَلَى نَقْضِ قَوْله فِي الْقَدَرِ مِنْ كَلَامِ مَالِك الْبَدِيع فِي رِسَالَتِهِ فِي الْقَدَرِ إِلَى ابْنِ وَهْبٍ))(9) وَفِي هَذَا الْتَّقْرِيْر مَا يُؤَكِّدُ تَوْظِيف الْإِمَام ابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَاني (ت:386هـ) لِعِلْمِ الْكَلَامِ السُّنِّي لِلدِّفَاعِ عَنْ عَقِيْدَةِ الْإِسْلَامِ الْصَّحِيْحَةِ.
وَقَالَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر (ت:571هـ): ((وَمِنَ الْشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِيْنَ الْمَشَاهِيْرِ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي زَيْدٍ [الْقَيْرَوَانِي]، وَشُهْرَتُهُ تُغْنِي عَنْ ذِكْرِ فَضْلِهِ، اجْتَمَعَ فِيْهِ الْعَقْلُ وَالْدِّيْنُ وَالْعِلْمُ وَالْوَرَعُ، وَكَانَ يُلَقَّبُ بِـ: "مَالِكٍ الْصَّغِيْرِ"، وَخَاطَبَهُ مِنْ بَغْدَادَ رَجُلٌ مُعْتَزِلِيٌّ يُرَغِّبُهُ فِي مَذْهَبِ الاِعْتِزَالِ، وَيَقُولُ لَهُ: إِنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، فَجَاوَبَهُ بِجَوَابٍ مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ نِهَايَةً فِي عِلْمِ الْأُصُولِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ))(10)
وَقَالَ أَيْضًا: ((وَقَدْ قَرَأْتُ بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ بَقَاءٍ الْوَرَّاقِ الْمُحَدِّثِ الْمِصْرِيِّ رِسَالَةً كَتَبَ بِهَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ -وَكَانَ مُقَدَّمَ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهِ بِالْـمَغْرَبِ فِي زَمَانِهِ- إِلَى عَليِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَغْدَادِيِّ الْـمُعْتَزِلِيِّ جَوَابًا عَنْ رِسَالَةٍ كَتَبَ بِهَا إِلَى الْـمَالِكِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْقَيْرَوَانِ، يُظْهِرُ نَصِيحَتَهُمْ بِمَا يُدْخِلُهُمْ بِهِ فِي أَقَاوِيْلَ أَهْلِ الاِعْتِزَالِ، فَذَكَرَ الْرِّسَالَةَ بِطُولِهَا فِي جُزْءٍ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، فَمِنْ جُمْلَةِ جَوَابِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ لَهُ أَنْ قَالَ: وَنَسَبْتَ ابْنَ كُلَّابٍ إِلَى الْبِدْعَةِ؟!، ثُمَّ لَمْ تَحْكِ عَنْهُ قَوْلًا يُعْرَفُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ فَيُوسَمُ بِهَذَا الِاسْمِ، وَمَا عَلِمْنَا مَنْ نَسَبَ إِلَى ابْنِ كُلَّابٍ الْبِدْعَةَ، وَالَّذِي بَلَغَنَا أَنَّهُ يَتَقَلَّدُ الْسُّنَّةَ وَيَتَوَلَّى الْرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ -يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنِ سَعِيْدٍ بْنِ كُلَّابٍ-.
وَذَكَرْتَ الْأَشْعَرِيَّ فَنَسَبْتَهُ إِلَى الْكُفْرِ؟!، وَقُلْتَ: إِنَّهُ كَانَ مَشْهُوراً بالْكُفْرِ؟! وَهَذَا مَا عَلِمْنَا أَنَّ أَحَداً رَمَاهُ بِالْكُفْرِ غَيْرُكَ؟!، وَلَمْ تَذْكُرِ الَّذِي كُفِّرَ بِهِ، وَكَيْفَ يَكُونُ مَشْهُوراً بِالْكُفْرِ مَنْ لَمْ يَنْسِبْ هَذَا إِلَيْهِ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ فِي عَصْرِهِ وَلَا بَعْدَ عَصْرِهِ؟!، وَقُلْتَ: إِنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ وَلَمْ يَقْرُبْ أَحَداً مِنَ الْـمَالِكِيِّينَ وَلَا مِنْ آلِ حَمَّادَ بْنِ زَيْدٍ لِعِلْمِهِ أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ كَافِرٌ، وَلَمْ تَذْكُرْ مَا الَّذِي كَفَّرُوهُ بِهِ؟!.
ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ تَشْنِيعَ عَليِّ بْنِ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيِّ عَلَى الْأَشْعَرِيِّ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ، ثُمَّ قَالَ ابْن أَبِي زَيْدٍ فِي الْرَّدِّ عَلَى الْبَغْدَادِيِّ: وَالْقَارِئُ إِذَا تَلَا كِتَابَ اللَّهِ لَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ كَلَامَ هَذَا الْقَارِئِ كَلَامُ اللَّهِ عَلَى الْحَقِيْقَةِ؟! لَفَسَدَ هَذَا، لِأَنَّ كَلَامَ الْقَارِئِ مُحْدَثٌ وَيَفْنَى كَلَامُهُ وَيَزُوْلُ، وَكَلَامُ اللَّهِ #لَيْسَ_بِمُحْدَثٍ_وَلَا_يَفْنَى، وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَصِفَتُهُ لَا تَكُونُ صِفَةً لِغَيْرِهِ. وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ الْبُخَارِيِّ، وَدَاوُدَ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا، وَكَلَامُ مُحَمَّد بْنِ سَحْنُونَ إِمَامِ الْمَغْرِبِ، وَكَلَامُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ وَكَانَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِيْنَ مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَمِمَّنْ يَرُدُّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ))(11)
وَتَأَمَّل يَا عَبْد الله قَوْل الْإِمَام ابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِي (ت:386هـ): ((وَكَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِمُحْدَثٍ وَلَا يَفْنَى، وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَصِفَتُهُ لَا تَكُونُ صِفَةً لِغَيْرِهِ)) فَهَذَا دَلِيْلٌ عَلَى اتِّبَاعِهِ مَذْهب أَهْل الْسُّنَّة الْأَشَاعِرَة الْقَائِم عَلَى أَنَّ صِفَاته جَلَّ وَعَزَّ قَدِيمَة وَمِنْهَا صِفَة الْكَلَام، وَلَيْسَت بِـمُحْدَثَة الْبَتَّةَ.
فَكِبَار عُلَمَاء الْـمَالِكِيَّةِ مِنَ الْـمُتَقَدِّمِيْنَ كَمُحَمَّد بْنِ سَحْنُونَ (ت:256هـ)، وَسَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ (ت:302هـ) وَابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِي (ت:386هـ) وَغَيْرهم مِمَّنْ لَا يَتَّسِعُ الْـمَقَام لِذِكْرِهِم كَانُوا مِنْ مُتَكَلِّمَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ يَرُدُّونَ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ بِعِلْمِ الْكَلَام الْسُّنِّي، وَلَا يَصِحُّ بِحَالٍ الْقَوْل بِأَنَّهُم أَطْبَقُوا عَلَى مُنَابَذَةِ هَذَا الْعِلْم الْشَّرِيف جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا.
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
_______________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) قُضَاةُ قُرْطُبَة وَعُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة لِلْـمُؤَرِّخِ الْأَدِيْبِ وَالْـمُحَدِّثِ الْفَقِيْهِ أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِيِّ (ص:256)، عنى بِنَشْرِهِ وَصَحَّحَهُ وَرَاجَعَ أَصْله: الْسَّيِّد عِزَّت الْعَطَّار الْحَسَنِي، الْنَّاشِر: مَكْتَبَةُ الْخَانجِي بِالْقَاهِرَةِ، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَة: 1415هـ-1994م
(3) الْـمَصْدَر الْسَّابِق (ص:256)
(4) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك لِلْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (4/52)، تَحْقِيْق: الْدُّكْتُور عَبْد الْقَادِر الْصَّحْرَاوِي، مُحَمَّد بن شرِيْفَة، وَزَارة الأَوْقَاف وَالْشُّؤُون الْإِسْلاَمِيَّة: الْـمَمْلَكَة الـْمَغْرِبِيَّة، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَةِ: 1403هـ-1983م
(5) قُضَاةُ قُرْطُبَة وَعُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة لِلْـمُؤَرِّخِ الْأَدِيْبِ وَالْـمُحَدِّثِ الْفَقِيْهِ أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِيِّ (ص:257)، عنى بِنَشْرِهِ وَصَحَّحَهُ وَرَاجَعَ أَصْله: الْسَّيِّد عِزَّت الْعَطَّار الْحَسَنِي، الْنَّاشِر: مَكْتَبَةُ الْخَانجِي بِالْقَاهِرَةِ، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَة: 1415هـ-1994م
(6) عُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة تَأْلِيْف مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِي لِأَحْمَد بْن مُحَمَّد الْطَّلَمَنْكِي (هَامِش ص:199)، دَارُ الْكِتَاب اللُّبْنَانِي: بَيْرُت - لُبْنَان، طَبْعَة: 1920م
(7) قُضَاةُ قُرْطُبَة وَعُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة لِلْـمُؤَرِّخِ الْأَدِيْبِ وَالْـمُحَدِّثِ الْفَقِيْهِ أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِيِّ (ص:204)، عنى بِنَشْرِهِ وَصَحَّحَهُ وَرَاجَعَ أَصْله: الْسَّيِّد عِزَّت الْعَطَّار الْحَسَنِي، الْنَّاشِر: مَكْتَبَةُ الْخَانجِي بِالْقَاهِرَةِ، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَة: 1415هـ-1994م
( رِيَاضُ الْنُّفُوسِ لِأَبِي بَكْرٍ عَبْد الله بْن مُحَمَّد الْـمَالِكِي (2/58)، دَارُ الْغَرْبِ الْإِسْلَامِي: بَيْرُوت - لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَة: 1414هـ-1994م
(9) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (6/207-208)، وَزَارة الأَوْقَاف وَالْشُّؤُون الْإِسْلاَمِيَّة: الْـمَمْلَكَة الـْمَغْرِبِيَّة، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَة:1401هـ-1981م
(10) تَبْيِينُ كَذِبِ الْـمُفْتَرِي فِيْمَا نُسَبَ إِلَى الْإِمَام أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِي لِلْحَافِظ هِبَة الله ابْن عَسَاكِر (ص:122)، تَقْدِيْم وَتَعْلِيق: الْعَلَّامَة زَاهِد الْكَوْثَرِي، مَطْبَعَة الْتَّوْفِيق بِدِمَشْق: 1347هـ
(11) تَبْيِينُ كَذِبِ الْـمُفْتَرِي فِيْمَا نُسَبَ إِلَى الْإِمَام أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِي لِلْحَافِظ هِبَة الله ابْن عَسَاكِر (ص:406-407)، تَقْدِيْم وَتَعْلِيق: الْعَلَّامَة زَاهِد الْكَوْثَرِي، مَطْبَعَة الْتَّوْفِيق بِدِمَشْق: 1347هـ
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح: ((فأين أدعياءُ المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ ـ رحمه الله ـ #وكبارِ_أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في #ذمِّهم_لطريقة_أهل_الكلام والجدل والفلسفة مِنَ الأشاعرة وغيرهم؟!))(1)؟!...
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْـمُتَهَوِّك: بَلْ كَانَ جَمَاعَة مِنْ كِبَارِ مُتَقَدِّمي عُلَمَاءِ الْسَّادَة الْـمَالِكِيَّةِ يَنْتَحِلُونَ "عِلْم الْكَلَامِ" لِلْدِّفَاعِ عَنْ حِيَاضِ عَقِيْدَة الْإِسْلَام، وَلَيْسَ الْأَمْر كَـمَا تُلَبِّس بِجَهْلِكَ الْفَاحِش؟!
وَيَتَوَجَّبُ هَا هُنَا الْتَّنْبِيه إِلَى أَنَّ كِبَار عُلَمَاء الْـمَالِكِيَّة كَانُوا رُؤُوسًا يُشَارُ إِلَيْهَا بِالْبَنَانِ فِي تَوْظِيفِ عِلْمِ الْكَلَام الْسُّنِّي لِلذَّبِّ عَنْ عَقِيدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَالَّتِي أَرْسَى قَوَاعِدهَا بَعْدُ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْـمَاتُرِيدِيَّةِ وَفُضَلَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
نَعَمْ؛ فَقَد عَقَد الْـمُؤَرِّخُ الْأَدِيْبُ الْـمُحَدِّثُ الْفَقِيْهُ أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث الْخُشَنِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ (ت:361هـ) بَابًا فِي كِتَابِهِ "طَبَقَات عُلَمَاء إِفْرِيْقِيَّة" عَنْوَنَهُ بِقَوْلِهِ: ((بَابُ تَسْمِيَة مَنِ #انْتَحَلَ_الْنَّظَرَ_وَتَحَلَّى_بِالْجَدَلِ_مِنْ_أَهْلِ_الْسُّنَّةِ، وَغَيْرِهِم: مِنْ طَبَقَةِ الْعُلَمَاءِ بِالْقَيْرَوَانِ))(2) وَذَكَرَ مِنْهُم مُحَمَّد بْن سَحْنُون (ت:256هـ) وَسَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ (ت:302هـ) وَغَيْرهم.
قَالَ الْخُشَنِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ (ت:361هـ) فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّد بْن سَحْنُون (ت:256هـ) مَا نَصُّهُ: ((وَمُحَمَّد بْن سَحْنُونٍ؛ كَانَتْ لَهُ أَوْضَاعٌ فِي الْـمُنَاظَرَةِ: فِي فِقْهِ الْفُقَهَاءِ، [وَ] فِي #كَلَامِ_الْـمُتَكَلِّميْنَ.
قَالَ لَهُ سُلَيْـمَانُ الْفَرَّاءُ الْـمَعْرُوف بِابْنِ أَبِي عُصْفُورٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؛ اللهُ سَمَّى نَفْسَهُ؟. -أَرَادَ بِذَلِكَ: أَنْ يَقُولَ لَهُ: نَعَمْ؛ فَيُثْبِتُ عَلَيْهِ الاِقْرَارُ بِحُدُوثِ الْأَسْـمَاءِ وَالْصِّفَاتِ-. فَقَالَ لَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ: "اللهُ سَـمَّى نَفْسَهُ لَنَا، #وَلَـمْ_يَزَلْ؛ وَلَهُ الْأَسْـمَاءُ الْحُسْنَى"))(3)
وَقَوْل الْإِمَام: ((وَلَـمْ يَزَلْ؛ وَلَهُ الْأَسْـمَاءُ الْحُسْنَى)) فِيْهِ تَقْرِيْرٌ لِأَصْلٍ عَظِيْمٍ فِي الْعَقِيْدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ أَلَا وَهُوَ وُجُوب قِدَمِ الْصِّفَاتِ الْإِلَهيَّةِ الْوُجُودِيَّة وَاسْتِحَالَةِ الْحُدُوثِ عَلَيْهَا، وَهَذَا الْأَصْلُ الْسُّنِّي يُصَادِمُ بِالْكُلِّيَةِ الْعَقِيدَة الْتَّيْمِيَّة الْقَائِمَةِ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَاتٍ حَادِثَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْـمَشِيئَةِ الْإِلَهِيَّةِ، يُحْدِثُهَا رَبُّهُم فِي ذَاتِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَمِنْهَا الاِسْتِوَاء أَيْ: الْجُلُوس عَلَى الْعَرْش بَعْد خَلْقِ الْعَرْشِ، وَالْنُّزُول وَالْـمَجِيء بِـمَعْنَى أَنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ يُحَرِّكُ نَفْسَهُ فِي الْأَحْيَازِ، وَغَيْرهَا مِنْ عَقَائِدِهِم الْوَثَنِيَّةِ.
وَقَالَ سَعِيْد بْنُ الْحَدَّاد (ت:302هـ): ((جَالَسْتُ #الْـمُتَكَلِّمِيْنَ، وَكُلِّ مَنْ لَقَيْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْـمِ، فَـمَا رَأَيْتُ مِنْهُم أَصَحَّ غَرِيْزَةً مِنْ #سَحْنُونٍ، وَكَانَ وَقُوراً مَهِيْبًا))(4) وَهَذَا مَا يُؤَكِّد بِـمَكَانٍ أَنَّ الْإِمَام مُحَمَّد بْن سَحْنُون كَانَ مِنْ كِبَارِ مُتَكلِّمَةِ أَهْل الْسُّنَّةِ.
وَقَالَ الْخُشَنِيُّ (ت:361هـ) فِي تَرْجَمَةِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ (ت:302هـ): ((وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ؛ #كَانَ_الْكَلَامُ_وَالْجَدَلُ_وَالْـمُنَاظَرَةُ_بَابَهُ. قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ الْفَرَّاءُ: يَا أَبَا عُثْـمَانَ؛ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا: إِذْ لَا مَكَانَ؟. فَقَالَ لَهُ: #الْسُّؤَالُ_مُحَالٌ: لِأَنَّ قَوْلَكَ: "أَيْنَ كَانَ؟" يَقْتَضِي الْـمَكَانَ؛ وَقَوْلَكَ: "إِذْ لَا مَكَانَ" يَنْفِي الْـمَكَانَ؛ فَهَذَا: "نَعَمْ"، "لَا"؟!. قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ رَبُّنَا: إِذْ لَا مَكَانَ؟. قَالَ لَهُ: الْسُّؤَالُ صَحِيْحٌ. ثُـمَّ أَجَابَهُ بِجَوَابٍ: لَـمْ أَحْفَظْهُ عَنْ حَاكِيهِ))(5) وَقَدْ أَوْضَح الْجَوَاب أَحْمَد بْنُ مُحَمَّد الْطَّلَمَنْكي (ت:429) فِي نُسْخَتِهِ عَلَى طَبَقَات الْخُشَنِيِّ، فَقَالَ: ((الْجَوَابُ: أَنَّهُ [تَعَالَى] #الآنَ_عَلَى_مَا_عَلَيْهِ_كَانَ_وَلَا_مَكَان))(6) وَفِي هَذِه الْقِصَّة أَكْبَر دَلِيْلٍ عَلَى كَوْن كِبَار عُلَمَاء الْـمَالِكِيَّة مِنَ الْقُدَامَى كَانُوا وللهِ الْحَمْد عَلَى عَقِيْدَةِ الْتَّنْزِيه أَيْ تَنْزِيه الله عَنِ الْجِهَةِ وَالْمَكَان وَغَيْرها مِن سِمَاتِ الْـمُحْدَثَاتِ، عَكْس مَا هُوَ مُقَرَّر عِنْدَ الْتَّيْمِيَّةِ الْـمُجَسِّمَةِ.
وَقَالَ الْخُشَنِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ (ت:361هـ) أَيْضًا: ((وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْد بْن مُحَمَّدٍ [بْنِ الْحَدَّادِ]: غَزِيْرُ الْتَّأْلِيفِ، كَثِيْرُ الْوَضْعِ؛ لَهُ كُتُبٌ مُؤَلَّفَةٌ فِي #فَنِّ_الْكَلَامِ، #وَالْجَدَلِ. وَلَهُ كُتُبٌ: فِي فَنِّ الْفِقْهِ وَالْـمَسَائِلِ. وَلَهُ كُتُبٌ: فِي الْنَّظَرِ))(7) وَقَالَ عَنْهُ الْـمَالِكِي: ((كَانَ عَالِمًا ثِقَة فِي الْفِقْهِ #وَالْكَلَامِ وَالْذَّبِّ عَنِ الْدِّيْنِ وَالْرَّدِّ عَلَى فِرَقِ الْـمُخَالِفِيْنَ لِلْجَمَاعَةِ، مِنْ أَذْهن الْنَّاسِ وَأَعْلَمهم بِمَا قَالَهُ الْنَّاس))( فَالْرَّجُلُ كَانَ مِنْ قُدَامَى نُظَّارِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ الْقَائِمِيْنَ عَلَى نُصْرَةِ عَقِيْدَة الْإِسْلَامِ بِعِلْـمِ الْكَلَامِ الْسُّنِّي.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض (ت:544هـ) فِي تَرْجَمَةِ "عَلِي بْن أَحْمَد بْن اسْمَاعِيل الْبَغْدَادِي" مَا نَصُّهُ: ((سَكَنَ مِصْر، وَكَانَ يَنْتَحِلُ مَذْهَب مَالِك بْن أَنَس وَيَقُولُ بِالِاعْتِزَالِ، وَكَانَ دَاعِيَة فِي ذَلِكَ، وَكَتَبَ إِلَى فُقَهَاءِ الْقَيْرَوَان رِسَالَةً مَعْرُوفَةً يَدْعُوهُم فِيْهَا إِلَى الِاعْتِزَالِ وَالْقَوْل بِالْقَدَرِ وَالْـمَخْلُوقِ، وَغَيْر ذَلِك مِنْ مَذَاهِبِهِم، وَيَقُولُ لَهُم: إِنَّ هَذَا لَهُوَ مَذْهَبُ مَالِك -رَحِمَهُ الله- وَيَذُمُّ لَهُم طَرِيقَة مُتَكَلِّمِي أَهْلِ الْسُّنَّةِ، وَمَذْهَب الْأَشْعَرِي وَيُبَدِّعهُ، فَجَاوَبَهُ فُقَهَاءُ الْقَيْرَوَان بِالاِنْكَارِ عَلَيْهِ، وَجَاوَبَهُ أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي زَيْدٍ -رَحِمَهُ الله- عَنْ كِتَابِهِ بِرِسَالَةٍ مَعْرُوفَةٍ، #ظَهَرَ_فِيْهَا_عِلْمُهُ_وَقُوَّتُهُ_فِي_الْكَلَامِ، وَالْرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَنَفَى عَنْ مَالِك وَأَصْحَابِهِ جَمِيع مَا نَسَبَ إِلَيْهِ. وَجَعَلَ يَحْتَجُّ عَلَى نَقْضِ قَوْله فِي الْقَدَرِ مِنْ كَلَامِ مَالِك الْبَدِيع فِي رِسَالَتِهِ فِي الْقَدَرِ إِلَى ابْنِ وَهْبٍ))(9) وَفِي هَذَا الْتَّقْرِيْر مَا يُؤَكِّدُ تَوْظِيف الْإِمَام ابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَاني (ت:386هـ) لِعِلْمِ الْكَلَامِ السُّنِّي لِلدِّفَاعِ عَنْ عَقِيْدَةِ الْإِسْلَامِ الْصَّحِيْحَةِ.
وَقَالَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر (ت:571هـ): ((وَمِنَ الْشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِيْنَ الْمَشَاهِيْرِ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي زَيْدٍ [الْقَيْرَوَانِي]، وَشُهْرَتُهُ تُغْنِي عَنْ ذِكْرِ فَضْلِهِ، اجْتَمَعَ فِيْهِ الْعَقْلُ وَالْدِّيْنُ وَالْعِلْمُ وَالْوَرَعُ، وَكَانَ يُلَقَّبُ بِـ: "مَالِكٍ الْصَّغِيْرِ"، وَخَاطَبَهُ مِنْ بَغْدَادَ رَجُلٌ مُعْتَزِلِيٌّ يُرَغِّبُهُ فِي مَذْهَبِ الاِعْتِزَالِ، وَيَقُولُ لَهُ: إِنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، فَجَاوَبَهُ بِجَوَابٍ مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ نِهَايَةً فِي عِلْمِ الْأُصُولِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ))(10)
وَقَالَ أَيْضًا: ((وَقَدْ قَرَأْتُ بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ بَقَاءٍ الْوَرَّاقِ الْمُحَدِّثِ الْمِصْرِيِّ رِسَالَةً كَتَبَ بِهَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ -وَكَانَ مُقَدَّمَ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهِ بِالْـمَغْرَبِ فِي زَمَانِهِ- إِلَى عَليِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَغْدَادِيِّ الْـمُعْتَزِلِيِّ جَوَابًا عَنْ رِسَالَةٍ كَتَبَ بِهَا إِلَى الْـمَالِكِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْقَيْرَوَانِ، يُظْهِرُ نَصِيحَتَهُمْ بِمَا يُدْخِلُهُمْ بِهِ فِي أَقَاوِيْلَ أَهْلِ الاِعْتِزَالِ، فَذَكَرَ الْرِّسَالَةَ بِطُولِهَا فِي جُزْءٍ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، فَمِنْ جُمْلَةِ جَوَابِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ لَهُ أَنْ قَالَ: وَنَسَبْتَ ابْنَ كُلَّابٍ إِلَى الْبِدْعَةِ؟!، ثُمَّ لَمْ تَحْكِ عَنْهُ قَوْلًا يُعْرَفُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ فَيُوسَمُ بِهَذَا الِاسْمِ، وَمَا عَلِمْنَا مَنْ نَسَبَ إِلَى ابْنِ كُلَّابٍ الْبِدْعَةَ، وَالَّذِي بَلَغَنَا أَنَّهُ يَتَقَلَّدُ الْسُّنَّةَ وَيَتَوَلَّى الْرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ -يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنِ سَعِيْدٍ بْنِ كُلَّابٍ-.
وَذَكَرْتَ الْأَشْعَرِيَّ فَنَسَبْتَهُ إِلَى الْكُفْرِ؟!، وَقُلْتَ: إِنَّهُ كَانَ مَشْهُوراً بالْكُفْرِ؟! وَهَذَا مَا عَلِمْنَا أَنَّ أَحَداً رَمَاهُ بِالْكُفْرِ غَيْرُكَ؟!، وَلَمْ تَذْكُرِ الَّذِي كُفِّرَ بِهِ، وَكَيْفَ يَكُونُ مَشْهُوراً بِالْكُفْرِ مَنْ لَمْ يَنْسِبْ هَذَا إِلَيْهِ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ فِي عَصْرِهِ وَلَا بَعْدَ عَصْرِهِ؟!، وَقُلْتَ: إِنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ وَلَمْ يَقْرُبْ أَحَداً مِنَ الْـمَالِكِيِّينَ وَلَا مِنْ آلِ حَمَّادَ بْنِ زَيْدٍ لِعِلْمِهِ أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ كَافِرٌ، وَلَمْ تَذْكُرْ مَا الَّذِي كَفَّرُوهُ بِهِ؟!.
ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ تَشْنِيعَ عَليِّ بْنِ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيِّ عَلَى الْأَشْعَرِيِّ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ، ثُمَّ قَالَ ابْن أَبِي زَيْدٍ فِي الْرَّدِّ عَلَى الْبَغْدَادِيِّ: وَالْقَارِئُ إِذَا تَلَا كِتَابَ اللَّهِ لَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ كَلَامَ هَذَا الْقَارِئِ كَلَامُ اللَّهِ عَلَى الْحَقِيْقَةِ؟! لَفَسَدَ هَذَا، لِأَنَّ كَلَامَ الْقَارِئِ مُحْدَثٌ وَيَفْنَى كَلَامُهُ وَيَزُوْلُ، وَكَلَامُ اللَّهِ #لَيْسَ_بِمُحْدَثٍ_وَلَا_يَفْنَى، وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَصِفَتُهُ لَا تَكُونُ صِفَةً لِغَيْرِهِ. وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ الْبُخَارِيِّ، وَدَاوُدَ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا، وَكَلَامُ مُحَمَّد بْنِ سَحْنُونَ إِمَامِ الْمَغْرِبِ، وَكَلَامُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ وَكَانَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِيْنَ مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَمِمَّنْ يَرُدُّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ))(11)
وَتَأَمَّل يَا عَبْد الله قَوْل الْإِمَام ابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِي (ت:386هـ): ((وَكَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِمُحْدَثٍ وَلَا يَفْنَى، وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَصِفَتُهُ لَا تَكُونُ صِفَةً لِغَيْرِهِ)) فَهَذَا دَلِيْلٌ عَلَى اتِّبَاعِهِ مَذْهب أَهْل الْسُّنَّة الْأَشَاعِرَة الْقَائِم عَلَى أَنَّ صِفَاته جَلَّ وَعَزَّ قَدِيمَة وَمِنْهَا صِفَة الْكَلَام، وَلَيْسَت بِـمُحْدَثَة الْبَتَّةَ.
فَكِبَار عُلَمَاء الْـمَالِكِيَّةِ مِنَ الْـمُتَقَدِّمِيْنَ كَمُحَمَّد بْنِ سَحْنُونَ (ت:256هـ)، وَسَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ (ت:302هـ) وَابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِي (ت:386هـ) وَغَيْرهم مِمَّنْ لَا يَتَّسِعُ الْـمَقَام لِذِكْرِهِم كَانُوا مِنْ مُتَكَلِّمَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ يَرُدُّونَ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ بِعِلْمِ الْكَلَام الْسُّنِّي، وَلَا يَصِحُّ بِحَالٍ الْقَوْل بِأَنَّهُم أَطْبَقُوا عَلَى مُنَابَذَةِ هَذَا الْعِلْم الْشَّرِيف جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا.
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى...
_______________
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي عَلَى الْرَّابِط:
https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
(2) قُضَاةُ قُرْطُبَة وَعُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة لِلْـمُؤَرِّخِ الْأَدِيْبِ وَالْـمُحَدِّثِ الْفَقِيْهِ أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِيِّ (ص:256)، عنى بِنَشْرِهِ وَصَحَّحَهُ وَرَاجَعَ أَصْله: الْسَّيِّد عِزَّت الْعَطَّار الْحَسَنِي، الْنَّاشِر: مَكْتَبَةُ الْخَانجِي بِالْقَاهِرَةِ، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَة: 1415هـ-1994م
(3) الْـمَصْدَر الْسَّابِق (ص:256)
(4) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك لِلْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (4/52)، تَحْقِيْق: الْدُّكْتُور عَبْد الْقَادِر الْصَّحْرَاوِي، مُحَمَّد بن شرِيْفَة، وَزَارة الأَوْقَاف وَالْشُّؤُون الْإِسْلاَمِيَّة: الْـمَمْلَكَة الـْمَغْرِبِيَّة، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَةِ: 1403هـ-1983م
(5) قُضَاةُ قُرْطُبَة وَعُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة لِلْـمُؤَرِّخِ الْأَدِيْبِ وَالْـمُحَدِّثِ الْفَقِيْهِ أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِيِّ (ص:257)، عنى بِنَشْرِهِ وَصَحَّحَهُ وَرَاجَعَ أَصْله: الْسَّيِّد عِزَّت الْعَطَّار الْحَسَنِي، الْنَّاشِر: مَكْتَبَةُ الْخَانجِي بِالْقَاهِرَةِ، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَة: 1415هـ-1994م
(6) عُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة تَأْلِيْف مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِي لِأَحْمَد بْن مُحَمَّد الْطَّلَمَنْكِي (هَامِش ص:199)، دَارُ الْكِتَاب اللُّبْنَانِي: بَيْرُت - لُبْنَان، طَبْعَة: 1920م
(7) قُضَاةُ قُرْطُبَة وَعُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة لِلْـمُؤَرِّخِ الْأَدِيْبِ وَالْـمُحَدِّثِ الْفَقِيْهِ أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِيِّ (ص:204)، عنى بِنَشْرِهِ وَصَحَّحَهُ وَرَاجَعَ أَصْله: الْسَّيِّد عِزَّت الْعَطَّار الْحَسَنِي، الْنَّاشِر: مَكْتَبَةُ الْخَانجِي بِالْقَاهِرَةِ، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَة: 1415هـ-1994م
( رِيَاضُ الْنُّفُوسِ لِأَبِي بَكْرٍ عَبْد الله بْن مُحَمَّد الْـمَالِكِي (2/58)، دَارُ الْغَرْبِ الْإِسْلَامِي: بَيْرُوت - لُبْنَان، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِيَة: 1414هـ-1994م
(9) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (6/207-208)، وَزَارة الأَوْقَاف وَالْشُّؤُون الْإِسْلاَمِيَّة: الْـمَمْلَكَة الـْمَغْرِبِيَّة، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَة:1401هـ-1981م
(10) تَبْيِينُ كَذِبِ الْـمُفْتَرِي فِيْمَا نُسَبَ إِلَى الْإِمَام أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِي لِلْحَافِظ هِبَة الله ابْن عَسَاكِر (ص:122)، تَقْدِيْم وَتَعْلِيق: الْعَلَّامَة زَاهِد الْكَوْثَرِي، مَطْبَعَة الْتَّوْفِيق بِدِمَشْق: 1347هـ
(11) تَبْيِينُ كَذِبِ الْـمُفْتَرِي فِيْمَا نُسَبَ إِلَى الْإِمَام أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِي لِلْحَافِظ هِبَة الله ابْن عَسَاكِر (ص:406-407)، تَقْدِيْم وَتَعْلِيق: الْعَلَّامَة زَاهِد الْكَوْثَرِي، مَطْبَعَة الْتَّوْفِيق بِدِمَشْق: 1347هـ
مواضيع مماثلة
» الرد الوفي على منهج الوهابي (جذور البلاء)
» الوهابي فركوس أصلحنا الله وإياه، يدلس في نقولاته عن العلماء
» راي الدكتور على جمعة في الاحباش
» راي الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي في الاحبش
» الرد الوفي على منهج الوهابي (جذور البلاء)
» الوهابي فركوس أصلحنا الله وإياه، يدلس في نقولاته عن العلماء
» راي الدكتور على جمعة في الاحباش
» راي الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي في الاحبش
» الرد الوفي على منهج الوهابي (جذور البلاء)
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى