شأن الرزق......
صفحة 1 من اصل 1
شأن الرزق......
شأن الرزق
الآية الخامسة: في شأن الرزق قوله تعالى:
{وفي السماء رزقكم وما توعدون، فورب السماء والأرض انه لحق مثل ما أنكم تنطقون}.
وهذه الآية هي التي غسلت الشكوك من قلوب المؤمنين و أشرقت في قلوبهم أنوار اليقين، فأوردت على قلوبهم الزوائد ما تضمنته من الفوائد، وذلك أنها تضمنت ذكر الرزق، ومحله، والقسم عليه، والتشبيه له بأمر لا خفاء به، ولنتبع ذكر هذه الفوائد فائدة فائدة.
الفائدة الأولى: اعلم انه تعالى لما علم كثرة اضطراب النفوس في شأن الرزق كرر ذكره لما تكررت ورود عوارضه على القلوب، كما تكرر الحجة إذا علمت أن الشبهة متمكنة في نفس خصمك كما كرر تعالى الاستدلال على المعاد في آيات عديدة لما اضطربت فيه الملحدون واستبعدوا أن يعود الإنسان بعد أن تمزقت أوصاله واضمحل بناءه، وصار ترابا أو أكلته السباع والهوام فاحتج عليهم في كتابه العزيز حججا كثيرة منها قوله تعالى:
{وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال: مني يحي العظام وهو رميم؟ قل يحييها الذي أنشأها أول مرة}.
وبقوله في الآية الأخرى: {وهو أهون عليه}.
وبقوله تعالى: {أن الذي أحياها لمحيي الموتى}.
إلى غير ذلك وكذلك لما علم الحق شدة اضطراب النفوس في أمر ومنها أكد الحجة في ذلك في آيات عديدة منها: ما تقدم ذكره، الرزق ما لم نذكره.
فلما علم الحق تعالى ذلك من نفوس العباد.
وقال تارة: {أن الله هو الرزاق}.
وقال أخرى: {الله الذي خلقكم ثم رزقكم}.
وقال أخرى: {نحن نرزقك}.
وقال أخرى: {أمن هذا الذي يرزقكم إن امسك رزقه}.
وقال هاهنا: {وفي السماء رزقكم وما توعدون}.
ليبين محل الرزق، فتسكن إليه القلوب، وليس الضمان مع إبهام الحمل، كالضمان مع تبيينه، فكأنه تعالى يقول:
لم يكن يجب علينا أن نبين لكم محل رزقكم، لكم عندنا رزق نوصله لكم إذا جاء أبانه، وليس علينا بيانه، ولكن بلطفه ورحمته وفضله ومنته، بين محل الرزق ليكون ذلك ابلغ في ثقة النفوس به، وأقوى في دفع الشك.
وفيه فائدة أخرى: وهو انه تضمن تبيين المحل رفع همم الخلق، عن الخلق وان لا يطلبوا إلا من الملك الحق، وذلك إذا وقع في قلبك طمع في مخلوق، أو حوالة على سبب قال لك تعالى:
{وفي السماء رزقكم وما توعدون}.
أي يا هذا المتطلع للرزق من المخلوق الضعيف العاجز في الأرض ليس رزقك عنده وإنما رزقك عندي وأنا الملك القادر، ولأجل هذا انه لما سمع بعض الأعراب هذه الآية،نحر ناقته،وخرج فارا إلى الله تعالى وهو يقولسبحان الله، رزقي في السماء وأنا اطلبه في الأرض).
فانظر رحمك الله كيف فهم عن الله أن مراده بهذه الآية، أن يدفع همم عباده إليه، وان يكون رغبتهم فيما لديه، كما قال في الآية الأخرى: {وان من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم}.
لتجأش الهمم إلى بابه، ولتجنح القلوب إلى جنابه، فكن رحمك الله سماويا، ولا تكن سفليا ارضيا، ولذلك قال بعضهم:
إذا أعطشتك أكف اللئام *** كفتك القناعة شبعا وريا
فكن رجلا جسمه في الثر *** وهامة همته في الثريا
فان إراقة ماء الحياة *** دون إراقة ماء المحيا
وسمعت شيخنا أبا العباس رحمه الله يقول: (والله ما رأت العز إلا في رفع الهمم عن الخلق، وإذ أيها الأخ رحمك الله هاهنا قوله تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}.
فمن العزة التي اعز الله بها المؤمن رفع همته إلى مولاه، وثقته به، دون ما سواه، واستح من الله أن تكون بعد أن كساك حلة الإيمان وزينك بزينة العرفان، أن تستولي عليك الغاتلة والنسيان حتى تميل إلى الأكوان أو تطلب من غيره وجود إحسان، ولذلك قال بعضهم:
ابعد نفوذي في علوم الحقائق *** وبعد انبساطي في مواهب خالقي
وفي حين إشرافي على ملكوته*** أرى باسطا كفي إلى غير رازقي
فان كلفتك النفس الغافلة عن مولاها، بان ترفع حاجتك إلى المخلوقين، فارفعها إلى من يرفع ذلك المخلوق حاجته إليه، وهين على النفس أن تهين إيمانك لتحصيل هواها، وان تذللت لتبلغ معناها كما قال بعضهم:
تكلفت إذلال نفس لعزها *** وهان عليها أن أهان لتكرما
تقول سل المعروف يحيى بن أكثم *** فقلت سلي ربا لحيى بن أكثما
وقبيح بالمؤمن أن ينزل حاجته بغير الله مع علمه بوحدانيته وانفراده بربوبيته ويسمع قوله تعالى:
{أليس الله بكاف عبده}.
وذلك من كل أحد قبيح، ومن المؤمن أقبح، وليذكر قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}.
ومن العقود التي عاقدته عليها، أن لا ترفع حوائجك إلا إليه، ولا تتوكل إلا عليه، وذلك لازم إقرارك له بالربوبية يوم المقادير، يوم ألست بربكم؟ قالواٍ بلى:
فكيف تعرفه وتوحده هنالك وتجهله هنا؟ وقد تواتر عيك إحسانه، وغمرك فضله وامتنانه كما قال بعضهم:
في القلب لكم منزلة عليه *** لا نسكنها سعدى ولا لبناء
في الذر عرفتكم فهل يجمل بي *** أن أنكركم ولحيتي شمطاء
ورفع الهمة عن الخلق هو ميزان الفقراء، ومسبار الرجال وكما توزن الذوات كذلك توزن الأحوال والصفات:
{وأقيموا الوزن بالقسط} فيظهر الصادق بصدقه، والمدعي بمذقه: {ما كان ليذر المؤمنين على ما انتم عليه، حتى يميز الخبيث من الطيب}.
وقد ابتلى الله بحكمته ووجود منته، الفقراء الذين ليسوا بصادقين بإظهار ما كمنوا من الرغبة، وأسروا من الشهوة، فابتذلوا أنفسهم لأبناء الدنيا مباسطين لهم ملائمين لهم، موافقين لهم على مآدبهم، مدفوعين على أبوابهم فترى الواحد منهم يتزين كما يتزين العروس، مفتونون بإصلاح ظواهرهم غافلون عن إصلاح سرائرهم.
ولقد وسمهم الحق سبحانه وتعالى بسمة كشف بها عوراتهم واظهر أخبارهم فبد أن كان نسبته أن لو صدق مع الله أن يقال فيه عبد الكبير فأخرج عن هذه النسبة بعدم صدقه فصار يقال فيه:
شيخ الأمير، أولئك الكذابون على الله، الصادون للعباد عن حصبة أولياء الله لأن ما يشهده العموم فيهم، يحسبونه على كل منتسب إلى الله، صادق وغير صادق فهم حجب أهل التحقيق وسحب شموس أهل التوفيق، ضربوا طبولهم، ونشروا أعلامهم ولبسوا دروعهم، فإذا وقعت الحملة ولوا على أعقابهم، ناكسين ألسنتهم منطلقة بالدعوى، وقلوبهم خالية من التقوى، ألم يسمعوا قوله تعالى: {ليسأل الصادقين عن صدقهم}.
أترى إذا سأل الصادقين أيترك المدعين من غير سؤال؟
ألم يسمعوا قول الله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنت تعملون}. فهم في إظهار زي الصادقين، وعملهم عمل المعرضين كما قيل:
أما الخيام فإنها كخيامهم *** وأرى نساء الحي غير نسائها
لا والذي حجت قريش بيته *** مستقبلين اركن من بطحائها
ما أبصرت عيني خيام قبيلة *** إلا بكيت أحبتي بفنائها
فقد علمت رحمك الله أن رفع الهمة عن الخلق هو زينة أهل الطريق وسيمة أهل التحقيق، ولنا في هذا المعنى:
بكرت تلوم على زمان أجحفا *** فصدفت عنها علها أن تصدفا
لا تكثري عتبا لدهرك انه *** ما أن يطالب بالوفاء ولا الصفا
ما ضرني أن كنت فيه خاملا *** فالبدر بدر أن بدا أو إن خفا
الله يعلم أنني ذو همة *** تأبى الدنايا عفة وتطرفا
لم لا أصون عن الورى ديباجتي *** واريهم عز الملوك واشرفا
أأريهم أني الفقير إليهم *** وجميعهم لا يستطيع تصرفا
أم كيف اسأل رزقه من خلقه *** هذا لعمري أن فعلت هو الجفا
شكوى الضعيف إلى ضعيف مثله *** عجز أقام بحامليه على شفا
فاسترزق الله الذي إحسانه *** عم البرية منة وتلطفا
والجأ إليه تجده فيما ترتجي *** لا تعد عن أبوابه متحرفا
الفائدة الثانية:
يحتمل أن يكون قوله سبحانه وتعالى: {وفي السماء رزقكم} أن يكون المراد إثبات رزقكم أي إثباته في اللوح المحفوظ، فإن كان المراد كذلك، فهو تطمين للعباد، وإعلام لهم أن رزقكم، أي الشيء الذي منه رزقكم كتبناه عندنا وأثبتناه في كتابنا وقضيناه بآياتنا من بل وجودكم وعيناه من قبل ظهوركم.
فلأي شيء تضطربون؟ وما لكم إلي لا تسكنون؟ وبوعدي لا تتقون؟
ويحتمل أن يكون المراد {وفي السماء رزقكم}.
أي الشيء الذي منه رزقكم، وهو الماء كما قال تعالى:
{وجعلنا من الماء كل شيء حي، أفلا يؤمنون؟}.
وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو المطر.
فيكون قوله: {وفي السماء رزقكم} أي الشيء الذي منه أصل رزقكم، ولأن الماء في نفسه رزق.
الفائدة الثالثة: يمكن أن يكون مراد الحق سبحانه وتعالى بهذه الآية، تعجيز العباد عن دعوى القدرة على الأسباب لأن الله تعالى، لو امسك الماء عن الأرض، لتعطل سبب كل ذي سبب، من حارث وزارع، وتاجر، وخائط، وكاتب، وغير ذلك فكأنه يقول:
ليست أسبابكم هي الرازقة لكم ولكن أنا الرازق لكم وبيدي تيسير أسبابكم، أنا المنزل لكم ما به كانت أسبابكم، وتمت إكسابكم.
الفائدة الرابعة: في اقتران الرزق بالأمر الموعود، فائدة جليلة وذلك أن المؤمنين لما علموا أن ما وعدهم الحق لا بد من كونه، ولا قدرة لهم على تعجيله ولا تأجيله ولا حيلة لهم في جلبه، فكأنه سبحانه وتعالى يقول:
كما لا شك عندكم أن عندنا ما توعدون، كذلك لا يكن عندكم شك في أن عندنا ما ترزقون.
وكما أنكم على استعجال ما وعدنا قبل وقته عاجزون، كذلك انتم عاجزون عن أن تستعجلوا رزقا أجلته ربوبيتنا ووقته إلاهيتنا.
الفائدة الخامسة، قوله سبحانه وتعالى:
(فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون)
في ذلك حجة عظيمة على العباد أن يكون الوفي لوعد الذي لا يخلف الميعاد يقسم للعباد على ما ضمن لهم لعلمه بما النفوس منطوية عليه من الشك والاضطراب ووجوب الارتياب فلذلك قالت الملائكة حين سمعت هذه الآية:
(هلك بنو آدم، أغضبوا ربهم الجليل، حتى أقسم).
وقال بعضهم حين سمع هذه الآية:
(سبحان الله: من ألجأ الكريم إلى القسم؟).
ومن علمت ثقته بك لم تحتج إلى القسم معه، وإذا علمت اضطرابه في وعدك أقسمت له.
فهذه الآية: سرت أقواما، وأخجلت آخرين.
أما الذين سرتهم: فهم في المقام الأول، إذ يزيد بها إيمانهم،ويرسخ بها إيقانهم فينتصروا بها على وساوس الشيطان، وشكوك النفس.
وأما الذين أخجلتهم: فإنهم علموا أن الحق سبحانه وتعالى علم منهم عدم الثقة، ووجود الاضطراب فأقامهم مقام أهل الشك، فأقسم لهم فأخجلهم ذلك حياء منع، وذلك مما أفادهم الفهم عنه.
ورب شيء واحد أوجب سرور أقوام وحزن آخرين، على حسب تفاضل الإفهام، وواردات الإلهام، ألم ترى أنه أنزل قوله تعالى:
(اليوم أكملت لكم دينكم،وأتممت عليكم نعمتي، ورضين لكم الإسلام دينا).فرح بها الصحابة، وحزن بها أبو بكر رضي الله عنهم أجمعين لأنه فهم منها نعى رسول الله صلى اله عليه وسلم، فبكى وأخذ من ذلك أن الشيء إذا استتم خيف عليه من التراجع إلى وجود النقصان كما قال:
إذ تم شيء دنا نقصه *** توقع زوالا إذا قيل تم
إذا كنت في نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم
واعلم أن الأمر لا يتقاصر ما دام الرسول صلى الله عليه وسلم حياً وفرح الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، لظاهر البشارة التي فيها ولم ينفذوا لما نفذ إليه أبو بكر رضي الله عنه، فظهر لذلك سر قوله صلى الله عليه وسلم:
(ما سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة ولكن بشيء وقر في صدره).
والذي كان سابقاً هو بعينه هو الذي أوجب أن يفهم ما لم يفهم غيره.ومثل ذلك وله سبحانه وتعالى:
(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون).
وسمعت الشيخ أبا محمد المرجاني رحمه الله يقول:
(قوم سمعوا هذه الآية الكريمة، فاستبشروا بهذه المبايعة، فابيضت وجوههم سرورا بها،إذ أهلهم الحق أن يشتري منهم، وإذ أجل أقدارهم، إذ رضيهم للشراء، وسرورا بالثمن الجليل. والثواب الجزيل.
وقوم اصفرت وجوههم خجلا من الله تعالى، إذ اشترى منهم ما هو مالكه. فلولا أنه علم منهم وجود الدعوى الكامنة في أنفسهم ودعوى المالكية منهم لها،لما قال: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم.....).
فكان للذين ابيضت وجوههم جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما.
وكان للذين اصفرت وجوههم جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما).انتهى كلام الشيخ.
فلو سلم المؤمنون من بقايا المنازعة، ما أوقع عليهم مبايعة ولذلك قال الله تعالى:
(إن الله اشترى من المؤمنين....) ولم يقل:من الأنبياء والمرسلين ولذلك قال الشيخ أبو الحسن رحمه الله: النفوس على ثلاثة أقسام نفس لا تشتري لخستها، ونفس تشتري لكرامتها، ونفس لا يقع عليها الشراء لثبوت حريتها.
فالأولى: نفوس الكافرين،لا يقع عليها الشراء لخستها.
والثاني: نفوس المؤمنين، وقع عليها الشراء لكرامتها.
والثالث: نفوس الأنبياء والمرسلين، لم يقع عليها الشراء لثبوت حريتها.
الفائدة السادسة: وهو أنه تعالى أقسم بالربوبية الكاملة للسماء والأرض، ولم يقسم بغيرها من الأسماء، وذلك لأن الربوبية الكاملة للسماء والأرض لا ينبغي أن يشك في الثقة بها، ومن شأنهما كفالة هذا العالم العظيم، الذي أنت فيه، وإذا نسبت إليه كنت كلا شيء موجود فيه، فذلك أبلغ في وجود الثقة من أن يقول: فهو السميع، أو العليم، أو الرحمن، أو غير ذلك من الأسماء.فافهم.
الفائدة السابعة:قوله سبحانه وتعالى: (فورب السماء والأرض إنه لحق).
والحق هو ضد الباطل، والباطل هو المعلوم الذي لا ثبات له، والرزق والشك في الرزق، شك في الرزاق، حتى كان بعضهم ينبش المقابر ثم تاب، فقال لبعض العارفين: نبشت ألف قبر فوجدتهم كلهم محولة عن القبلة، فقال عارف ذلك الزمان: إنما حول وجوههم عن القبلة تهمة الرزق.
الفائدة الثامنة: قوله تعالىمثل ما أنكم تنطقون) تأكيد في إثبات الرزق، وتقرير لحقيقته، وأنه لا ينبغي أن يرتاب فيه مؤمن، ولا يشك فيه موقن، وأن ثبوته بمشهد بصائر القلوب كثبوت المنطق الظاهر بمشهد الأبصار فنقل المعنى إلى الصورة ومثل الغيب بالشهادة، وقطع شك العباد في أمر الرزق.
أي أفكما تنطقون، لا تشكون في ذلك، لما أثبته العيان، كذلك لا ترتابوا في أمر الرزق فقد أثبنه نور الإيمان.
فانظر رحمك الله اعتناء الحق سبحانه وتعالى بأمر الرزق وتكراره له، ونبين مواطنه، وتنظيره بالأمور المحسوسة التي لا يرتاب فيها شاهدها، وأقسامه على ذلك بالربوبية المحيطة بالسماء والأرض، وكذلك تكرر في كلام صاحب الشرع صلوات الله عليه، فقال:
(إن روح القدس نفث في روعي، أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب).
وقال عليه الصلاة والسلام: (لو توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا).
وقال عليه الصلاة والسلام: (طالب العلم تكفل الله رزقه) إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في ذلك.
الآية الخامسة: في شأن الرزق قوله تعالى:
{وفي السماء رزقكم وما توعدون، فورب السماء والأرض انه لحق مثل ما أنكم تنطقون}.
وهذه الآية هي التي غسلت الشكوك من قلوب المؤمنين و أشرقت في قلوبهم أنوار اليقين، فأوردت على قلوبهم الزوائد ما تضمنته من الفوائد، وذلك أنها تضمنت ذكر الرزق، ومحله، والقسم عليه، والتشبيه له بأمر لا خفاء به، ولنتبع ذكر هذه الفوائد فائدة فائدة.
الفائدة الأولى: اعلم انه تعالى لما علم كثرة اضطراب النفوس في شأن الرزق كرر ذكره لما تكررت ورود عوارضه على القلوب، كما تكرر الحجة إذا علمت أن الشبهة متمكنة في نفس خصمك كما كرر تعالى الاستدلال على المعاد في آيات عديدة لما اضطربت فيه الملحدون واستبعدوا أن يعود الإنسان بعد أن تمزقت أوصاله واضمحل بناءه، وصار ترابا أو أكلته السباع والهوام فاحتج عليهم في كتابه العزيز حججا كثيرة منها قوله تعالى:
{وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال: مني يحي العظام وهو رميم؟ قل يحييها الذي أنشأها أول مرة}.
وبقوله في الآية الأخرى: {وهو أهون عليه}.
وبقوله تعالى: {أن الذي أحياها لمحيي الموتى}.
إلى غير ذلك وكذلك لما علم الحق شدة اضطراب النفوس في أمر ومنها أكد الحجة في ذلك في آيات عديدة منها: ما تقدم ذكره، الرزق ما لم نذكره.
فلما علم الحق تعالى ذلك من نفوس العباد.
وقال تارة: {أن الله هو الرزاق}.
وقال أخرى: {الله الذي خلقكم ثم رزقكم}.
وقال أخرى: {نحن نرزقك}.
وقال أخرى: {أمن هذا الذي يرزقكم إن امسك رزقه}.
وقال هاهنا: {وفي السماء رزقكم وما توعدون}.
ليبين محل الرزق، فتسكن إليه القلوب، وليس الضمان مع إبهام الحمل، كالضمان مع تبيينه، فكأنه تعالى يقول:
لم يكن يجب علينا أن نبين لكم محل رزقكم، لكم عندنا رزق نوصله لكم إذا جاء أبانه، وليس علينا بيانه، ولكن بلطفه ورحمته وفضله ومنته، بين محل الرزق ليكون ذلك ابلغ في ثقة النفوس به، وأقوى في دفع الشك.
وفيه فائدة أخرى: وهو انه تضمن تبيين المحل رفع همم الخلق، عن الخلق وان لا يطلبوا إلا من الملك الحق، وذلك إذا وقع في قلبك طمع في مخلوق، أو حوالة على سبب قال لك تعالى:
{وفي السماء رزقكم وما توعدون}.
أي يا هذا المتطلع للرزق من المخلوق الضعيف العاجز في الأرض ليس رزقك عنده وإنما رزقك عندي وأنا الملك القادر، ولأجل هذا انه لما سمع بعض الأعراب هذه الآية،نحر ناقته،وخرج فارا إلى الله تعالى وهو يقولسبحان الله، رزقي في السماء وأنا اطلبه في الأرض).
فانظر رحمك الله كيف فهم عن الله أن مراده بهذه الآية، أن يدفع همم عباده إليه، وان يكون رغبتهم فيما لديه، كما قال في الآية الأخرى: {وان من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم}.
لتجأش الهمم إلى بابه، ولتجنح القلوب إلى جنابه، فكن رحمك الله سماويا، ولا تكن سفليا ارضيا، ولذلك قال بعضهم:
إذا أعطشتك أكف اللئام *** كفتك القناعة شبعا وريا
فكن رجلا جسمه في الثر *** وهامة همته في الثريا
فان إراقة ماء الحياة *** دون إراقة ماء المحيا
وسمعت شيخنا أبا العباس رحمه الله يقول: (والله ما رأت العز إلا في رفع الهمم عن الخلق، وإذ أيها الأخ رحمك الله هاهنا قوله تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}.
فمن العزة التي اعز الله بها المؤمن رفع همته إلى مولاه، وثقته به، دون ما سواه، واستح من الله أن تكون بعد أن كساك حلة الإيمان وزينك بزينة العرفان، أن تستولي عليك الغاتلة والنسيان حتى تميل إلى الأكوان أو تطلب من غيره وجود إحسان، ولذلك قال بعضهم:
ابعد نفوذي في علوم الحقائق *** وبعد انبساطي في مواهب خالقي
وفي حين إشرافي على ملكوته*** أرى باسطا كفي إلى غير رازقي
فان كلفتك النفس الغافلة عن مولاها، بان ترفع حاجتك إلى المخلوقين، فارفعها إلى من يرفع ذلك المخلوق حاجته إليه، وهين على النفس أن تهين إيمانك لتحصيل هواها، وان تذللت لتبلغ معناها كما قال بعضهم:
تكلفت إذلال نفس لعزها *** وهان عليها أن أهان لتكرما
تقول سل المعروف يحيى بن أكثم *** فقلت سلي ربا لحيى بن أكثما
وقبيح بالمؤمن أن ينزل حاجته بغير الله مع علمه بوحدانيته وانفراده بربوبيته ويسمع قوله تعالى:
{أليس الله بكاف عبده}.
وذلك من كل أحد قبيح، ومن المؤمن أقبح، وليذكر قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}.
ومن العقود التي عاقدته عليها، أن لا ترفع حوائجك إلا إليه، ولا تتوكل إلا عليه، وذلك لازم إقرارك له بالربوبية يوم المقادير، يوم ألست بربكم؟ قالواٍ بلى:
فكيف تعرفه وتوحده هنالك وتجهله هنا؟ وقد تواتر عيك إحسانه، وغمرك فضله وامتنانه كما قال بعضهم:
في القلب لكم منزلة عليه *** لا نسكنها سعدى ولا لبناء
في الذر عرفتكم فهل يجمل بي *** أن أنكركم ولحيتي شمطاء
ورفع الهمة عن الخلق هو ميزان الفقراء، ومسبار الرجال وكما توزن الذوات كذلك توزن الأحوال والصفات:
{وأقيموا الوزن بالقسط} فيظهر الصادق بصدقه، والمدعي بمذقه: {ما كان ليذر المؤمنين على ما انتم عليه، حتى يميز الخبيث من الطيب}.
وقد ابتلى الله بحكمته ووجود منته، الفقراء الذين ليسوا بصادقين بإظهار ما كمنوا من الرغبة، وأسروا من الشهوة، فابتذلوا أنفسهم لأبناء الدنيا مباسطين لهم ملائمين لهم، موافقين لهم على مآدبهم، مدفوعين على أبوابهم فترى الواحد منهم يتزين كما يتزين العروس، مفتونون بإصلاح ظواهرهم غافلون عن إصلاح سرائرهم.
ولقد وسمهم الحق سبحانه وتعالى بسمة كشف بها عوراتهم واظهر أخبارهم فبد أن كان نسبته أن لو صدق مع الله أن يقال فيه عبد الكبير فأخرج عن هذه النسبة بعدم صدقه فصار يقال فيه:
شيخ الأمير، أولئك الكذابون على الله، الصادون للعباد عن حصبة أولياء الله لأن ما يشهده العموم فيهم، يحسبونه على كل منتسب إلى الله، صادق وغير صادق فهم حجب أهل التحقيق وسحب شموس أهل التوفيق، ضربوا طبولهم، ونشروا أعلامهم ولبسوا دروعهم، فإذا وقعت الحملة ولوا على أعقابهم، ناكسين ألسنتهم منطلقة بالدعوى، وقلوبهم خالية من التقوى، ألم يسمعوا قوله تعالى: {ليسأل الصادقين عن صدقهم}.
أترى إذا سأل الصادقين أيترك المدعين من غير سؤال؟
ألم يسمعوا قول الله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنت تعملون}. فهم في إظهار زي الصادقين، وعملهم عمل المعرضين كما قيل:
أما الخيام فإنها كخيامهم *** وأرى نساء الحي غير نسائها
لا والذي حجت قريش بيته *** مستقبلين اركن من بطحائها
ما أبصرت عيني خيام قبيلة *** إلا بكيت أحبتي بفنائها
فقد علمت رحمك الله أن رفع الهمة عن الخلق هو زينة أهل الطريق وسيمة أهل التحقيق، ولنا في هذا المعنى:
بكرت تلوم على زمان أجحفا *** فصدفت عنها علها أن تصدفا
لا تكثري عتبا لدهرك انه *** ما أن يطالب بالوفاء ولا الصفا
ما ضرني أن كنت فيه خاملا *** فالبدر بدر أن بدا أو إن خفا
الله يعلم أنني ذو همة *** تأبى الدنايا عفة وتطرفا
لم لا أصون عن الورى ديباجتي *** واريهم عز الملوك واشرفا
أأريهم أني الفقير إليهم *** وجميعهم لا يستطيع تصرفا
أم كيف اسأل رزقه من خلقه *** هذا لعمري أن فعلت هو الجفا
شكوى الضعيف إلى ضعيف مثله *** عجز أقام بحامليه على شفا
فاسترزق الله الذي إحسانه *** عم البرية منة وتلطفا
والجأ إليه تجده فيما ترتجي *** لا تعد عن أبوابه متحرفا
الفائدة الثانية:
يحتمل أن يكون قوله سبحانه وتعالى: {وفي السماء رزقكم} أن يكون المراد إثبات رزقكم أي إثباته في اللوح المحفوظ، فإن كان المراد كذلك، فهو تطمين للعباد، وإعلام لهم أن رزقكم، أي الشيء الذي منه رزقكم كتبناه عندنا وأثبتناه في كتابنا وقضيناه بآياتنا من بل وجودكم وعيناه من قبل ظهوركم.
فلأي شيء تضطربون؟ وما لكم إلي لا تسكنون؟ وبوعدي لا تتقون؟
ويحتمل أن يكون المراد {وفي السماء رزقكم}.
أي الشيء الذي منه رزقكم، وهو الماء كما قال تعالى:
{وجعلنا من الماء كل شيء حي، أفلا يؤمنون؟}.
وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو المطر.
فيكون قوله: {وفي السماء رزقكم} أي الشيء الذي منه أصل رزقكم، ولأن الماء في نفسه رزق.
الفائدة الثالثة: يمكن أن يكون مراد الحق سبحانه وتعالى بهذه الآية، تعجيز العباد عن دعوى القدرة على الأسباب لأن الله تعالى، لو امسك الماء عن الأرض، لتعطل سبب كل ذي سبب، من حارث وزارع، وتاجر، وخائط، وكاتب، وغير ذلك فكأنه يقول:
ليست أسبابكم هي الرازقة لكم ولكن أنا الرازق لكم وبيدي تيسير أسبابكم، أنا المنزل لكم ما به كانت أسبابكم، وتمت إكسابكم.
الفائدة الرابعة: في اقتران الرزق بالأمر الموعود، فائدة جليلة وذلك أن المؤمنين لما علموا أن ما وعدهم الحق لا بد من كونه، ولا قدرة لهم على تعجيله ولا تأجيله ولا حيلة لهم في جلبه، فكأنه سبحانه وتعالى يقول:
كما لا شك عندكم أن عندنا ما توعدون، كذلك لا يكن عندكم شك في أن عندنا ما ترزقون.
وكما أنكم على استعجال ما وعدنا قبل وقته عاجزون، كذلك انتم عاجزون عن أن تستعجلوا رزقا أجلته ربوبيتنا ووقته إلاهيتنا.
الفائدة الخامسة، قوله سبحانه وتعالى:
(فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون)
في ذلك حجة عظيمة على العباد أن يكون الوفي لوعد الذي لا يخلف الميعاد يقسم للعباد على ما ضمن لهم لعلمه بما النفوس منطوية عليه من الشك والاضطراب ووجوب الارتياب فلذلك قالت الملائكة حين سمعت هذه الآية:
(هلك بنو آدم، أغضبوا ربهم الجليل، حتى أقسم).
وقال بعضهم حين سمع هذه الآية:
(سبحان الله: من ألجأ الكريم إلى القسم؟).
ومن علمت ثقته بك لم تحتج إلى القسم معه، وإذا علمت اضطرابه في وعدك أقسمت له.
فهذه الآية: سرت أقواما، وأخجلت آخرين.
أما الذين سرتهم: فهم في المقام الأول، إذ يزيد بها إيمانهم،ويرسخ بها إيقانهم فينتصروا بها على وساوس الشيطان، وشكوك النفس.
وأما الذين أخجلتهم: فإنهم علموا أن الحق سبحانه وتعالى علم منهم عدم الثقة، ووجود الاضطراب فأقامهم مقام أهل الشك، فأقسم لهم فأخجلهم ذلك حياء منع، وذلك مما أفادهم الفهم عنه.
ورب شيء واحد أوجب سرور أقوام وحزن آخرين، على حسب تفاضل الإفهام، وواردات الإلهام، ألم ترى أنه أنزل قوله تعالى:
(اليوم أكملت لكم دينكم،وأتممت عليكم نعمتي، ورضين لكم الإسلام دينا).فرح بها الصحابة، وحزن بها أبو بكر رضي الله عنهم أجمعين لأنه فهم منها نعى رسول الله صلى اله عليه وسلم، فبكى وأخذ من ذلك أن الشيء إذا استتم خيف عليه من التراجع إلى وجود النقصان كما قال:
إذ تم شيء دنا نقصه *** توقع زوالا إذا قيل تم
إذا كنت في نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم
واعلم أن الأمر لا يتقاصر ما دام الرسول صلى الله عليه وسلم حياً وفرح الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، لظاهر البشارة التي فيها ولم ينفذوا لما نفذ إليه أبو بكر رضي الله عنه، فظهر لذلك سر قوله صلى الله عليه وسلم:
(ما سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة ولكن بشيء وقر في صدره).
والذي كان سابقاً هو بعينه هو الذي أوجب أن يفهم ما لم يفهم غيره.ومثل ذلك وله سبحانه وتعالى:
(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون).
وسمعت الشيخ أبا محمد المرجاني رحمه الله يقول:
(قوم سمعوا هذه الآية الكريمة، فاستبشروا بهذه المبايعة، فابيضت وجوههم سرورا بها،إذ أهلهم الحق أن يشتري منهم، وإذ أجل أقدارهم، إذ رضيهم للشراء، وسرورا بالثمن الجليل. والثواب الجزيل.
وقوم اصفرت وجوههم خجلا من الله تعالى، إذ اشترى منهم ما هو مالكه. فلولا أنه علم منهم وجود الدعوى الكامنة في أنفسهم ودعوى المالكية منهم لها،لما قال: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم.....).
فكان للذين ابيضت وجوههم جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما.
وكان للذين اصفرت وجوههم جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما).انتهى كلام الشيخ.
فلو سلم المؤمنون من بقايا المنازعة، ما أوقع عليهم مبايعة ولذلك قال الله تعالى:
(إن الله اشترى من المؤمنين....) ولم يقل:من الأنبياء والمرسلين ولذلك قال الشيخ أبو الحسن رحمه الله: النفوس على ثلاثة أقسام نفس لا تشتري لخستها، ونفس تشتري لكرامتها، ونفس لا يقع عليها الشراء لثبوت حريتها.
فالأولى: نفوس الكافرين،لا يقع عليها الشراء لخستها.
والثاني: نفوس المؤمنين، وقع عليها الشراء لكرامتها.
والثالث: نفوس الأنبياء والمرسلين، لم يقع عليها الشراء لثبوت حريتها.
الفائدة السادسة: وهو أنه تعالى أقسم بالربوبية الكاملة للسماء والأرض، ولم يقسم بغيرها من الأسماء، وذلك لأن الربوبية الكاملة للسماء والأرض لا ينبغي أن يشك في الثقة بها، ومن شأنهما كفالة هذا العالم العظيم، الذي أنت فيه، وإذا نسبت إليه كنت كلا شيء موجود فيه، فذلك أبلغ في وجود الثقة من أن يقول: فهو السميع، أو العليم، أو الرحمن، أو غير ذلك من الأسماء.فافهم.
الفائدة السابعة:قوله سبحانه وتعالى: (فورب السماء والأرض إنه لحق).
والحق هو ضد الباطل، والباطل هو المعلوم الذي لا ثبات له، والرزق والشك في الرزق، شك في الرزاق، حتى كان بعضهم ينبش المقابر ثم تاب، فقال لبعض العارفين: نبشت ألف قبر فوجدتهم كلهم محولة عن القبلة، فقال عارف ذلك الزمان: إنما حول وجوههم عن القبلة تهمة الرزق.
الفائدة الثامنة: قوله تعالىمثل ما أنكم تنطقون) تأكيد في إثبات الرزق، وتقرير لحقيقته، وأنه لا ينبغي أن يرتاب فيه مؤمن، ولا يشك فيه موقن، وأن ثبوته بمشهد بصائر القلوب كثبوت المنطق الظاهر بمشهد الأبصار فنقل المعنى إلى الصورة ومثل الغيب بالشهادة، وقطع شك العباد في أمر الرزق.
أي أفكما تنطقون، لا تشكون في ذلك، لما أثبته العيان، كذلك لا ترتابوا في أمر الرزق فقد أثبنه نور الإيمان.
فانظر رحمك الله اعتناء الحق سبحانه وتعالى بأمر الرزق وتكراره له، ونبين مواطنه، وتنظيره بالأمور المحسوسة التي لا يرتاب فيها شاهدها، وأقسامه على ذلك بالربوبية المحيطة بالسماء والأرض، وكذلك تكرر في كلام صاحب الشرع صلوات الله عليه، فقال:
(إن روح القدس نفث في روعي، أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب).
وقال عليه الصلاة والسلام: (لو توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا).
وقال عليه الصلاة والسلام: (طالب العلم تكفل الله رزقه) إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في ذلك.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى