السيادة ( سيدي )
السيادة ( سيدي )
السيادة
ولنبدأ من الأدلة بذكر قول الله عز وجل مطلقا على سيدنا يحيى عليه الصلاة والسلام لفظ (سيد) حيث قال ﴿أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا﴾( [1]) أفيصح إطلاق لفظ [السيد] على سيدنا يحيى عليه الصلاة والسلام دون سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وفضله عليه وعلى بقية الأنبياء وسائر المخلوقات معلوم من الدين بالضرورة؟!.
على أننا لو نظرنا إلى عموم الآيات لوجدناها داعية إلى احترامه وتقديره عليه الصلاة والسلام ومنها قوله جل جلاله: ﴿لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا﴾( [2]) وهذا أمر منه جل جلاله ولئن لم يكن الأمر للوجوب فلا أقل من أن يكون للندب وما تسويده صلى الله عليه وآله وسلم إلا ضرب من أضرب احترامه وتقديره وقد قال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما: كانوا يقولون يا محمد يا أبا القاسم فنهاهم الله عز وجل عن ذلك إعظاما لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك قال مجاهد وسعيد بن جبير وقال قتادة: أمر الله تعالى أن يهاب نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وأن يجل ويعظم وأن يسود (سيد) وقال مقاتل ومثله مالك عن زيد بن أسلم أمرهم أن يشرفوه( [3]).
وأما ما ورد من الأحاديث فها هو صلى الله عليه وآله وسلم يطلق على نفسه لفظ السيادة في الدنيا وينبئ عن سيادته يوم القيامة بشكل ظاهر جلي لا يقبل التأويل ولا التبديل فيما ينقله عنه:
1- سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه قائلا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة)( [4]) وفي رواية عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بزيادة: ولا فخر( [5]).
وفي رواية للبيهقي : «أنا سيد العالمين».
وفي رواية عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه : «أنا سيد الناس يوم القيامة»( [6]).
2- وعن سيدنا سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: مررنا بسيل فدخلت فاغتسلت فيه فخرجت محموما فنمي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لا رقى إلا في نفس أو حمة أو لدغة)( [7]).
فقد ناداه سيدنا سهل بلفظ يا سيدي ولم ينكر عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهذا دليل الإقرار وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقر أصحابه على ما فيه مخالفة شرعية.
3- هذا وقد صح إطلاقه صلى الله عليه وآله وسلم لفظ السيادة على عدد من أصحابه وأتباعه فمن ذلك ما روته سيدتنا عائشة رضي الله عنها في قصة مجيء سعد بن معاذ ليحكم في بني قريظة قالت: قال صلى الله عليه وآله وسلم : «قوموا إلى سيدكم فأنزلوه...»( [8]).
قال الخطابي في شرح هذا الحديث: وفيه من العلم أن قول الرجل لصاحبه: يا سيدي غير محظور إذا كان خيرا فاضلا وإنما جاءت الكراهة في تسويد الرجل الفاجر.
وفي رواية عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : (قوموا لسيدكم) من غير لفظة (أنزلوه)( [9]) وهذا القيام كان تعظيما لسيدنا سعد رضي الله عنه ولم يكن من أجل كونه مريضا وإلا قال: قوموا إلى مريضكم ولم يقل إلى سيدكم ولم يأمر الجميع بالقيام بل كان يأمر البعض.
4- وعن سيدنا أبي بكرة رضي الله عنه قالرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر والحسن بن علي على جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول: إن ابني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين( [10]).
5- وقال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعني بلالا( [11]).
وقال سيدنا أبي بكر يوم البيعة: بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بيده وبايعه الناس( [12]).
6- وورد في صحيح مسلم أن السيدة أم الدرداء تقول: أخبرني سيدي أبو الدرداء أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب مستجاب( [13]).
7- وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة( [14]).
8- وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين( [15]).
9- وقال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم : الحليم سيد في الدنيا وسيد في الآخرة( [16]).
10- وقال صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة الكريمة فاطمة الزهراء رضي الله عنها : (أما ترضين أن تكوني سيدة نساء الجنة)( [17]).
11- قال المقبري: كنا مع أبي هريرة رضي الله عنه فجاء الحسن بن علي رضي الله عنها فسلم فرد عليه القوم ومضى ومعنا أبو هريرة لا يعلم فقيل له: هذا حسن بن علي يسلم فلحقه فقال : وعليك يا سيدي فقيل له: تقول : يا سيد؟ فقال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إنه سيد)( [18]).
وحيث أطلق صلى الله عليه وآله وسلم لفظ السيد على السيدة فاطمة وعلى سيدنا سعد وسيدنا الحسن والحسين رضي الله عنها وسيدنا أبو بكر وسيدنا عمر وعلى الحليم مطلقا فإطلاقنا إياها عليه صلى الله عليه وآله وسلم أحق وأولى.
ولما مر من الأدلة قال جمهور المتأخرين من علماء أهل السنة والجماعة بجواز إطلاق لفظ السيادة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل قال بعضهم: أنه مندوب وحيث لم يأت ما يخصص هذه الأدلة والنصوص أو تقيدها فإنها تبقى على عمومها وإطلاقها فتشمل جميع الأوقات من صلاة وغيرها.
وها هو الإمام الفقيه ابن عابدين رضي الله عنه يقول في حاشيته موافقة لصاحب الدر وابن ظهيرة والرملي الشافعي في شرحه على منهاج النووي وغيرهم من العلماء قال: والأفضل الإتيان بلفظ السيادة.
وورد في كتاب الأذكار للإمام النووي رحمه الله تعالى في صفحة (4) وروينا عن السيد الجليل أبي علي الفضيل بن عياض رحمه الله قال: ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
الشاهد: حقق هذا الكتاب وخرج أحاديثه عبدالقادر أرناؤوط: في أسفل ص 4 رقم (2) حيث يقول: (2) فيه إطلاق السيد على غير الله تعالى وهو جائز وقيل بكراهته إذا كان بأل وهذا دليل على جواز إطلاق السيد على غير الله تعالى وهذا ما أقره الشيخ عبدالقادر أرناؤوط في كتاب الأذكار طبعة 1971 دار الملاح.
ويستحب أن يقول المصلي في التشهد وفي الصلاة الإبراهيمية (سيدنا) قبل ذكر اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونقول في الصلاة الإبراهيمية لفظ /سيدنا/ ذلك: لأن السنة لا تؤخذ من فعله صلى الله عليه وآله وسلم فقط بل تؤخذ أيضا من قوله وقد ثبتت السيادة بأحاديث كثيرة من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وقد ناداه الصحابي الجليل ابن مسعود في صيغة الصلاة حيث قال: (إذا صليتم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأحسنوا الصلاة عليه فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه قال: فقالوا له: فعلمنا قال، قولوا : اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك ...) الخ( [19]).
واستدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور.
وقد جاء في الدر المختار ورد المحتار ما ملخصه : وندب السيادة لأن زيادة الإخبار الواقع هو عين سلوك الأدب فهو افضل من تركه ذكره الرملي الشافعي أي في شرحه على منهاج النووي وذكر ذلك غيره أيضا أهـ.
وزيادة لفظ (سيدنا) فيها تأدب معه صلى الله عليه وآله وسلم والله تعالى يقول: ﴿فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون﴾( [20]).
والتعزير: التوقير والتعظيم( [21]).
فإثباتها مع ورودها في السنة موافق للقرآن الكريم واستدل قوم على ذلك أيضا بأن التأدب خير من الامتثال وهو استدلال حسن ودلائله من السنة ثابتة في البخاري ومسلم من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم لسيدنا علي (امح رسول الله) قال سيدنا علي لا والله لا أمحوك أبدا( [22]).
ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر رضي الله عنه : «ما منعك أن تثبت إذ أمرتك قال: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»( [23]).
وما يتناقله الناس من قولهم (لا تسيدوني في الصلاة) فهو موضوع مكذوب مفترى وليس بحديث قال الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة لا أصل له.
وهو لحن أيضا لأنه واوي العين من ساد يسود( [24])، فالأصح أن تقول (تسودوني).
وفي هذا القدر كفاية لمن يقبل الدليل والحمد لله رب العالمين.
................................................................................
( [1]) الآية (39) من سورة آل عمران.
( [2]) الآية (63) من سورة النور.
( [3]) تفسير ابن كثير ()ج3/ص306).
( [4]) رواه الإمام مسلم (5899) وأبو داود (4673) وأحمد (2/540).
( [5]) رواه الإمام أحمد (3/2) مطولا والترمذي (3148) مختصرا وأخرجه ابن ماجه (4308) .
( [6]) رواه الإمام البخاري (3340) ومسلم (479) والترمذي (2434) وأحمد (2/331) وابن ماجه (2307) وفي الشمائل (167) وابن أبي شيبة (11/444) وابن خزيمة في التوحيد ص (242 - 244) وابن حبان (6265) والبغوي (4332) والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (10/14957).
( [7]) رواه الإمام أحمد (3/486) وأبو داود (3888) والنسائي في عمل اليوم والليلة (257) والحاكم (4/413) وقال صحيح وأقره الذهبي.
( [8]) رواه الإمام أحمد بسند صحيح (3/22) والبخاري (.046) وفي الأدب المفرد (945) ومسلم (4571) وأبو داود (5215).
( [9]) رواه الإمام البخاري (3043) وأبو داود (5215) وأحمد (3/22).
( [10]) رواه الإمام البخاري (3/31) والترمذي (3773).
( [11]) رواه البخاري (3/32).
( [12]) رواه البخاري (3/11).
( [13]) رواه مسلم (15/39).
( [14]) رواه الترمذي (3768) وقال حديث حسن صحيح ورمز له السيوطي بالصحة.
( [15]) رواه الترمذي (3664).
( [16]) ذكره السيوطي في الجامع الصغير (3831).
( [17]) أخرجه الترمذي (3781).
( [18]) أخرجه الطبراني في الكبير (2596) ورجاله ثقات كما في مجمع الزوائد (15049).
( [19]) أخرجه ابن ماجه في سننه (1/293).
( [20]) سورة الأعراف الآية (157).
( [21]) مختار الصحاح مادة (ع ز ر).
( [22]) أخرجه البخاري (7/499) ومسلم (3/1409).
( [23]) أخرجه البخاري (2/167فتح ) ومسلم (1/316).
( [24]) المقاصد الحسنة (ص463 برقم 1292).
ولنبدأ من الأدلة بذكر قول الله عز وجل مطلقا على سيدنا يحيى عليه الصلاة والسلام لفظ (سيد) حيث قال ﴿أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا﴾( [1]) أفيصح إطلاق لفظ [السيد] على سيدنا يحيى عليه الصلاة والسلام دون سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وفضله عليه وعلى بقية الأنبياء وسائر المخلوقات معلوم من الدين بالضرورة؟!.
على أننا لو نظرنا إلى عموم الآيات لوجدناها داعية إلى احترامه وتقديره عليه الصلاة والسلام ومنها قوله جل جلاله: ﴿لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا﴾( [2]) وهذا أمر منه جل جلاله ولئن لم يكن الأمر للوجوب فلا أقل من أن يكون للندب وما تسويده صلى الله عليه وآله وسلم إلا ضرب من أضرب احترامه وتقديره وقد قال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما: كانوا يقولون يا محمد يا أبا القاسم فنهاهم الله عز وجل عن ذلك إعظاما لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك قال مجاهد وسعيد بن جبير وقال قتادة: أمر الله تعالى أن يهاب نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وأن يجل ويعظم وأن يسود (سيد) وقال مقاتل ومثله مالك عن زيد بن أسلم أمرهم أن يشرفوه( [3]).
وأما ما ورد من الأحاديث فها هو صلى الله عليه وآله وسلم يطلق على نفسه لفظ السيادة في الدنيا وينبئ عن سيادته يوم القيامة بشكل ظاهر جلي لا يقبل التأويل ولا التبديل فيما ينقله عنه:
1- سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه قائلا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة)( [4]) وفي رواية عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بزيادة: ولا فخر( [5]).
وفي رواية للبيهقي : «أنا سيد العالمين».
وفي رواية عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه : «أنا سيد الناس يوم القيامة»( [6]).
2- وعن سيدنا سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: مررنا بسيل فدخلت فاغتسلت فيه فخرجت محموما فنمي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لا رقى إلا في نفس أو حمة أو لدغة)( [7]).
فقد ناداه سيدنا سهل بلفظ يا سيدي ولم ينكر عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهذا دليل الإقرار وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقر أصحابه على ما فيه مخالفة شرعية.
3- هذا وقد صح إطلاقه صلى الله عليه وآله وسلم لفظ السيادة على عدد من أصحابه وأتباعه فمن ذلك ما روته سيدتنا عائشة رضي الله عنها في قصة مجيء سعد بن معاذ ليحكم في بني قريظة قالت: قال صلى الله عليه وآله وسلم : «قوموا إلى سيدكم فأنزلوه...»( [8]).
قال الخطابي في شرح هذا الحديث: وفيه من العلم أن قول الرجل لصاحبه: يا سيدي غير محظور إذا كان خيرا فاضلا وإنما جاءت الكراهة في تسويد الرجل الفاجر.
وفي رواية عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : (قوموا لسيدكم) من غير لفظة (أنزلوه)( [9]) وهذا القيام كان تعظيما لسيدنا سعد رضي الله عنه ولم يكن من أجل كونه مريضا وإلا قال: قوموا إلى مريضكم ولم يقل إلى سيدكم ولم يأمر الجميع بالقيام بل كان يأمر البعض.
4- وعن سيدنا أبي بكرة رضي الله عنه قالرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر والحسن بن علي على جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول: إن ابني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين( [10]).
5- وقال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعني بلالا( [11]).
وقال سيدنا أبي بكر يوم البيعة: بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بيده وبايعه الناس( [12]).
6- وورد في صحيح مسلم أن السيدة أم الدرداء تقول: أخبرني سيدي أبو الدرداء أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب مستجاب( [13]).
7- وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة( [14]).
8- وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين( [15]).
9- وقال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم : الحليم سيد في الدنيا وسيد في الآخرة( [16]).
10- وقال صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة الكريمة فاطمة الزهراء رضي الله عنها : (أما ترضين أن تكوني سيدة نساء الجنة)( [17]).
11- قال المقبري: كنا مع أبي هريرة رضي الله عنه فجاء الحسن بن علي رضي الله عنها فسلم فرد عليه القوم ومضى ومعنا أبو هريرة لا يعلم فقيل له: هذا حسن بن علي يسلم فلحقه فقال : وعليك يا سيدي فقيل له: تقول : يا سيد؟ فقال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إنه سيد)( [18]).
وحيث أطلق صلى الله عليه وآله وسلم لفظ السيد على السيدة فاطمة وعلى سيدنا سعد وسيدنا الحسن والحسين رضي الله عنها وسيدنا أبو بكر وسيدنا عمر وعلى الحليم مطلقا فإطلاقنا إياها عليه صلى الله عليه وآله وسلم أحق وأولى.
ولما مر من الأدلة قال جمهور المتأخرين من علماء أهل السنة والجماعة بجواز إطلاق لفظ السيادة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل قال بعضهم: أنه مندوب وحيث لم يأت ما يخصص هذه الأدلة والنصوص أو تقيدها فإنها تبقى على عمومها وإطلاقها فتشمل جميع الأوقات من صلاة وغيرها.
وها هو الإمام الفقيه ابن عابدين رضي الله عنه يقول في حاشيته موافقة لصاحب الدر وابن ظهيرة والرملي الشافعي في شرحه على منهاج النووي وغيرهم من العلماء قال: والأفضل الإتيان بلفظ السيادة.
وورد في كتاب الأذكار للإمام النووي رحمه الله تعالى في صفحة (4) وروينا عن السيد الجليل أبي علي الفضيل بن عياض رحمه الله قال: ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
الشاهد: حقق هذا الكتاب وخرج أحاديثه عبدالقادر أرناؤوط: في أسفل ص 4 رقم (2) حيث يقول: (2) فيه إطلاق السيد على غير الله تعالى وهو جائز وقيل بكراهته إذا كان بأل وهذا دليل على جواز إطلاق السيد على غير الله تعالى وهذا ما أقره الشيخ عبدالقادر أرناؤوط في كتاب الأذكار طبعة 1971 دار الملاح.
ويستحب أن يقول المصلي في التشهد وفي الصلاة الإبراهيمية (سيدنا) قبل ذكر اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونقول في الصلاة الإبراهيمية لفظ /سيدنا/ ذلك: لأن السنة لا تؤخذ من فعله صلى الله عليه وآله وسلم فقط بل تؤخذ أيضا من قوله وقد ثبتت السيادة بأحاديث كثيرة من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وقد ناداه الصحابي الجليل ابن مسعود في صيغة الصلاة حيث قال: (إذا صليتم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأحسنوا الصلاة عليه فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه قال: فقالوا له: فعلمنا قال، قولوا : اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك ...) الخ( [19]).
واستدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور.
وقد جاء في الدر المختار ورد المحتار ما ملخصه : وندب السيادة لأن زيادة الإخبار الواقع هو عين سلوك الأدب فهو افضل من تركه ذكره الرملي الشافعي أي في شرحه على منهاج النووي وذكر ذلك غيره أيضا أهـ.
وزيادة لفظ (سيدنا) فيها تأدب معه صلى الله عليه وآله وسلم والله تعالى يقول: ﴿فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون﴾( [20]).
والتعزير: التوقير والتعظيم( [21]).
فإثباتها مع ورودها في السنة موافق للقرآن الكريم واستدل قوم على ذلك أيضا بأن التأدب خير من الامتثال وهو استدلال حسن ودلائله من السنة ثابتة في البخاري ومسلم من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم لسيدنا علي (امح رسول الله) قال سيدنا علي لا والله لا أمحوك أبدا( [22]).
ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر رضي الله عنه : «ما منعك أن تثبت إذ أمرتك قال: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»( [23]).
وما يتناقله الناس من قولهم (لا تسيدوني في الصلاة) فهو موضوع مكذوب مفترى وليس بحديث قال الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة لا أصل له.
وهو لحن أيضا لأنه واوي العين من ساد يسود( [24])، فالأصح أن تقول (تسودوني).
وفي هذا القدر كفاية لمن يقبل الدليل والحمد لله رب العالمين.
................................................................................
( [1]) الآية (39) من سورة آل عمران.
( [2]) الآية (63) من سورة النور.
( [3]) تفسير ابن كثير ()ج3/ص306).
( [4]) رواه الإمام مسلم (5899) وأبو داود (4673) وأحمد (2/540).
( [5]) رواه الإمام أحمد (3/2) مطولا والترمذي (3148) مختصرا وأخرجه ابن ماجه (4308) .
( [6]) رواه الإمام البخاري (3340) ومسلم (479) والترمذي (2434) وأحمد (2/331) وابن ماجه (2307) وفي الشمائل (167) وابن أبي شيبة (11/444) وابن خزيمة في التوحيد ص (242 - 244) وابن حبان (6265) والبغوي (4332) والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (10/14957).
( [7]) رواه الإمام أحمد (3/486) وأبو داود (3888) والنسائي في عمل اليوم والليلة (257) والحاكم (4/413) وقال صحيح وأقره الذهبي.
( [8]) رواه الإمام أحمد بسند صحيح (3/22) والبخاري (.046) وفي الأدب المفرد (945) ومسلم (4571) وأبو داود (5215).
( [9]) رواه الإمام البخاري (3043) وأبو داود (5215) وأحمد (3/22).
( [10]) رواه الإمام البخاري (3/31) والترمذي (3773).
( [11]) رواه البخاري (3/32).
( [12]) رواه البخاري (3/11).
( [13]) رواه مسلم (15/39).
( [14]) رواه الترمذي (3768) وقال حديث حسن صحيح ورمز له السيوطي بالصحة.
( [15]) رواه الترمذي (3664).
( [16]) ذكره السيوطي في الجامع الصغير (3831).
( [17]) أخرجه الترمذي (3781).
( [18]) أخرجه الطبراني في الكبير (2596) ورجاله ثقات كما في مجمع الزوائد (15049).
( [19]) أخرجه ابن ماجه في سننه (1/293).
( [20]) سورة الأعراف الآية (157).
( [21]) مختار الصحاح مادة (ع ز ر).
( [22]) أخرجه البخاري (7/499) ومسلم (3/1409).
( [23]) أخرجه البخاري (2/167فتح ) ومسلم (1/316).
( [24]) المقاصد الحسنة (ص463 برقم 1292).
مواضيع مماثلة
» سيدي محمد الشريف و اخيه سيدي على الشريف
» سيدي علي بن عومر
» سيدي ناجم
» سيدي دحو بمعسكر
» الولي الصالح سيدي يحي
» سيدي علي بن عومر
» سيدي ناجم
» سيدي دحو بمعسكر
» الولي الصالح سيدي يحي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى